بازگشت

مراقبة الولاة


وكان - فيما أجمع عليه المؤرخون - يتفقد شؤون ولاته وعماله، ويرسل العيون لتحري أعمالهم فان رأي منهم خيانة أو تقصيرا في واجبات أحد منهم عزله وأنزل به أقصي العقوبات، وقد بلغه ان ابن هرمة قد خان سوق الاهواز فكتب إلي عامله: " اذا قرأت كتابي فنح ابن هرمة عن السوق وأوقفه للناس، واسجنه وناد عليه، واكتب إلي أهل عملك تعلمهم رأيي فيه، ولا تأخذك فيه غفلة ولا تفريط فتهلك عند الله، وأعزلك أخبث عزلة - واعيذك منه - فاذا كان يوم الجمعة فاخرجه من السجن، واضربه خمسة وثلاثين سوطا، وطف به إلي الاسواق، فمن أتي عليه بشاهد فحلفه مع شاهده، وادفع إليه من مكسبه ما شهد به عليه، ومر به إلي السجن مهانا مقبوحا منبوحا " [1] .

انها صرامة العدل التي تحسم الخيانة، وتقضي علي الرشوة، ولا تدع أي مجال للسرقة من الشعب... وقد تحري كل بادرة تصدر من ولاته وقد بلغه أن عامله علي البصرة قد دعي إلي وليمة قوم من أهلها، فكتب اليه يلومه علي ذلك، وقد حاء في رسالته: " أما بعد: يابن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلي مأدبه فاسرعت اليها تستطاب لك الالوان، وتنقل اليك الجنان، وما ظننت انك تجيب إلي طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر


إلي ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه " [2] .

ان الانسانية علي ما جربت من تجارب وبلغت من رقي وابداع في أنظمة الحكم والادارة فانها لم تستطع أن تنشأ مثل هذا النظام الذي يدعو الموظف إلي الترفع ورفض كل دعوة توجه إليه خوفا من تركه للحق واستجابته لدواعي الخيانة والغرور.


پاورقي

[1] البحار 16 / 26.

[2] نهج البلاغة محمد عبده 3 / 78.