بازگشت

استنجاده بمعاوية


ولما تبين للثوار أنه لم يقلع عن سياسته، وانه جاد في سيرته لا يغير منها ولا يبدل أحاطوا به، وطالبوه بالاستقالة من منصبه فلم يستجب لهم ورأي أن يستنجد بمعاوية ليبعث له قوة عسكرية تحميه من الثوار، وقد كتب اليه هذه الرسالة: " أما بعد: فان أهل المدينة قد كفروا، وخلعوا الطاعة، ونكثوا البيعة فابعث الي من قبلك مقاتلة أهل الشام علي صعب وذلول... " [1] .

وحمل الكتاب مسور بن مخرمة، ولما قرأه معاوية قا له مسور: " يا معاوية: إن عثمان مقتول فانظر فيما كتب به اليك.. ". وصارحه معاوية بالواقع وبما اتطوت عليه نيته قائلا: " يا مسور: إني مصرح ان عثمان بدأ فعمل بما يحب الله ورسوله ويرضاه ثم غير فغير الله عليه، أفيتهيأ لي أن أرد ما غير الله عزوجل " [2] .

ولم يستجب معاوية له، وكان فيما يقول المؤرخون: يترقب مصرعه ليتخذ من دمه وسيلة للظفر بالملك والسلطان، وقد تنكر لالطافه، وأياديه عليه وعلي اسرته، يقول الدكتور محمد طاهر دروش:


" واذا كان هناك وزر في قتل عثمان فوزره علي معاوية، ودمه في عنقه، ومسؤوليته عن ذلك لا تدفع، فهو اولي الناس به، وأعظم الرجال شأنا في دولته، وقد دعاه فيمن دعا، يستشيره في هذا الامر وهو داهية الدهاة فما نهض اليه برأيه، ولا دافع عنه بجنده، وكأنه قد استطال - كما استطال غيره - حياته فترك الايام ترسم بيدها مصيره، وتحدد نهايته فاذا جاز لاحد أن يظن بعلي أو بطلحة والزبير وغيرهم تقصيرا في حق عثمان فمعاوية هو المقصر، واذا جاز ان يلام أحد غير عثمان فيما جري فمعاوية هو الملوم... ". وعلي أي حال فان معاوية لما ابطأ عن اجابته، بعث عثمان رسالة إلي يزيد بن كرز والي أهل الشام يستحثهم علي القدوم اليه لانقاذه من الثوار ولما انتهي اليهم كتابه نفروا إلي اجابته تحت قيادة يزيد القسري إلا ان معاوية أمره بالاقامة بذي (خشب) وان لا يتجاوزه فاقام الجيش هناك حتي قتل عثمان. وكتب عثمان رسائل اخري إلي أهل الامصار والي من حضر الموسم في مكة يطلب منهم القيام بنجدته الا انهم لم يستجيبوا له لعلمهم بالاحداث التي ارتكبها.


پاورقي

[1] الکامل لابن الاثير 5 / 67، تاريخ اليعقوبي 2 / 152.

[2] الفتوح 2 / 218.