بازگشت

استئثاره بالاموال


واستنزف عثمان بيوت الاموال فاصطفي منها لنفسه وعياله ما شاء، ويقول المؤرخون: انه كانت في بيوت الاموال جواهر ثمينة لا تقدر قيمتها فأخذها، وحلي بها بناته ونساءه [1] وقد بالغ هو بالذات في البذخ والسرف إلي حد لم يألفه المسلمون، فقد أشاد دارا في يثرب فبناها بالحجر والكلس وجعل أبوابها من الساج والعرعر، واقتني اموالا، وجنانا وعيونا بالمدينة [2] وكان ينضد اسنانه بالذهب، ويتلبس باثواب الملوك، وانفق الكثير من بيت المال في عمارة ضياعه ودوره [3] ولما قتل وجد عند خازنه ثلاثون الف الف درهم، وخمسون ومائة الف دينار، وترك الف بعير وصدقات ببراديس وخيبر ووادي القري ما قيمتها مائتا الف دينار [4] .


ان السياسة المالية التي انتهجها عثمان قد خلقت الطبقية وعادت بالاضرار البالغة علي المسلين يقول محمد كرد علي: " لقد أوجدت هذه السياسة المالية طبقتين من الناس الاولي الطبقة الفاحشة في الثراء التي لا عمل لها إلا اللهو والتبطل، والاخري الطبقة الكادحة التي تزرع الارض، وتعمل في الصناعة وتشقي في سبيل اولئك السادة، ومن أجل الحصول علي فئات موائدهم، وترتب علي فقدان التوازن في الحياة الاقتصادية انعدام الاستقرار في الحياة السياسية والاجتماعية علي السواء، وقد سارت الدولة الاموية في أيام حكمها علي هذه السياسة فاخضعت المال للتيارات السياسية، وجعلوه سلاحا ضد أعدائهم، ونعيما مباحا لانصارهم " [5] .

وبهذا العرض الموجز ينتهي بنا الحديث عن سياسته المالية التي شذت عما الزم به الاسلام من التحرج في أموال الدولة ووجوب انفاقها علي مكافحة الفقر وتطرير الحياة الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد.


پاورقي

[1] الانساب 5 / 36.

[2] مروج الذهب 1 / 334.

[3] السيرة الحلبية 2 / 87.

[4] طبقات ابن سعد 3 / 53.

[5] الادارة الاسلامية " ص 82 ".