بازگشت

عبدالله بن سعد


واستعمل عثمان أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح علي مصر فجعل بيده صلاته وخراجه [1] وكان من اخطر المشركين، وأكثرهم عداءا للنبي (ص) وسخرية منه، وكان يقول مستهزءا بالنبي (ص): إني أصرفه حيث أريد، وقد أهدر النبي دمه، وإن وجد متعلقا بأستار


الكعبة، وقد هرب بعد فتح مكة فاستجار بعثمان فغيبه، وبعدما اطمأن أهل مكة أتي به عثمان إلي النبي، فصمت (ص) طويلا ثم آمنه وعفا عنه، فلما انصرف عثمان التفت النبي إلي أصحابه، قال لهم: ما صمت إلا ليقوم اليه بعضكم ليضرف عنقه، فقال له رجل من الانصار: هلا أومأت الي يا رسول الله؟ فقال: إن النبي لا ينبغي أن تكون له خائنة الاعين [2] .

ولما ولي عبد الله مصر ساس المصرين سياسة عنف وجور وكلفهم فوق ما يطيقون، وأظهر الكبرياء والجبروت، فضجروا منه، فخف خيارهم إلي عثمان يشكونه اليه، فبعث اليه رسالة يستنكر فيها سيرته وسياسته في القطر، ولم يستجب ابن أبي سرح لعثمان، وراح مصرا علي غيه واعتدائه علي الناس، وعمد إلي من شكاه لعثمان فقلته، وشاع التذمر والسخط عليه فتشكل وفد كبير من المصريين وكان عددهم فيما يقول الرواة: سبع مائة شخص فخفوا إلي عثمان، وقد نزلوا في الجامع وشكوا إلي الصحابة ما صنع بهم ابن أبي سرح فانبري طلحة إلي عثمان فكلمه بكلام قاسي، وارسلت اليه عائشة تطالبه بانصاف القوم، وكلمه الامام أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: " إنما يسألك القوم رجلا مكان رجل، وقد ادعوا قبله دما، فاعزله عنهم واقض بينهم، فان وجب عليه حق فانصفهم منه... ". واستجاب - علي كره - للقوم، وقال لهم: " اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه " فاشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر، فكتب عهده إلي مصر ووجه معه عدة من المهاجرين والانصار ينظرون فيما بينهم وبين


ابن ابي سرح [3] ونزحوا عن المدينة فلما بلغوا إلي الموضع المعروف (بحمس) واذا بقادم من يثرب تأملوه فاذاهو ورش غلام عثمان فتفحصوا عنه، وفتشوه واذا به يحمل رسالة من عثمان إلي ابن أبي سرح يأمره فيها بالتنكيل بالقوم، وتأملوا في الكتاب فاذا به بخط مروان فقفلوا راجعين إلي يثرب وقد صمموا علي خلع عثمان أو قتله [4] .


پاورقي

[1] الولاة والقضاة (ص 11).

[2] تفسير القرطبي 7 / 40، سنن أبي داود 2 / 220.

[3] أنساب الاشراف 5 / 26.

[4] حياة الامام الحسن 1 / 250.