بازگشت

الشوري


نحن أمام كارثة مذهلة، ومفزعة امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا


وأخلدت لهم الفتن والمصاعب، وجرت لهم الويلات والخطوب، والقتهم في شر عظيم، تلك هي قصة الشوري التي حكت عن تآمر مفضوح في اقضاء الامام أمير المؤمنين عن ساحة الحكم، وتسليمه إلي بني أمية ارضاءا للعواطف القرشية المترعة بالحقد والكراهية للامام. ونحن - يعلم الله - لم نكن نقصد بهذه البحوث الا دراسة الاحداث التي عاشها الامام الحسين وهي - فيما نعتقد - مصدر الفتنة الكبري التي أدت إلي مجزرة كربلا الرهيبة، وغيرها من الاحداث التي غيرت منهج الحياة الكريمة في الاسلام. وعلي أي حال فان عمر لما يئس من حياته، وأيقن بدنو الاجل المحتوم منه أخذ بمعن النظر ويطيل التفكير فيمن يتولي شؤون الحكم من بعده، وقد تذكر أقطاب حزبه الذين شاركوه في تمهيد الامر لابي بكر فرأي أنهم قد اقتطفتهم المنية فراح يصعد أهاته وحسراته، ويبدي أساه عليهم قائلا: " لو كان أبوعبيدة حيا لاستخلفته لانه أمين هذه الامة، ولو كان سالم مولي أبي حذيفة حيا لاستخلفته لانه شديد الحب لله تعالي... ". ولماذا لم يستعرض عمر الاحياء من الذين ساهموا في بناء الاسلام؟ كسيد العترة الطاهرة الامام أمير المؤمنين (ع) والصفوة الطيبة من صحابة النبي (ص) كعمار بن ياسر وأبي ذر وغيرهم من الانصار ليرشحهم لهذا المنصب الخطير!! لقد انطلق يفتش في قائمة الاموات فتمني حياة أبي عبيدة، وسالم ليقلدهما رئاسة الدولة، مع العلم أنه لم تكن لهما أية سابقة من الجهاد والخدمة في سبيل الاسلام. وطلب منه القوم أن يعين أحدا من بعده ليتولي شؤون المسلمين فأبي وقال:


" أكره أن اتحملها حيا وميتا! ". ولكنه لم يلبث أن نقض رأيه، فانتخب أعضاء الشوري الستة، وفوض اليهم أمر الامة، كما فرض رأيهم علي جميع المسلمين، وبذلك فقد تحمل الخلافة حيا، وميتا يقول ابن أبي الحديد: " وأي شئ يكون من التحمل أكثر من هذا!! وأي فرق بين أن يتحملها، بان ينص علي واحد بعينه، وبين أن يفعل ما فعله من الحصر والترتيب.... " [1] .


پاورقي

[1] شرح النهج 12 / 260.