بازگشت

ولاة أبي بكر


كان جهاز الحكم الاداري في عهد أبي بكر خاضعا لارادة عمر بن الخطاب فهو المخطط لسياسة الدولة، والواضع لبرامجها الداخلية والخارجية قد وثق به أبوبكر، وأسند اليه جميع مهام حكومته، فلم يعقد أي عقد أو يقطع أي عهد إلا عن رأيه، ومشورته، كما لم يوظف أي عامل إلا بعد عرضه عليه. أما تعيين الولاة علي الاقطار والاقاليم الاسلامية، أو اسناد أي منصب حساس من مناصب الجيش فانه لا يمنح لاحد إلا بعد احراز الثقة به والاخلاص منه للحكم القائم، والتجاوب مع مخططاته السياسية، فمن كانت له أدني ميول معاكسة لرغبات الدولة، فانه لا يرشح لاي عمل من اعمالها ويقول المؤرخون: إن أبا بكر عزل خالد بن سعيد بن العاص عن قيادة الجيش الذي بعثه لفتح الشام، ولم يكن هناك أي موجب لعزله إلا أن عمر نبهه علي ميوله لعلي وبين له موافقه يوم السقيفة التي كانت مناهضة لابي بكر [1] .

ولم يعهد أبوبكر بأي عمل أو منصب لاحد من الهاشميين، وقد كشف عمر الغطاء عن سبب حرمانهم في حواره مع ابن عباس من انه يخشي اذا مات وأحد الهاشميين واليا علي قطر من الاقطار الاسلامية ان يحدث في شأن الخلافة ما لا يحب [2] .

كما حرم الانصار من وظائف الدولة، وذلك لميولها الشديد إلي علي


عليه السلام، أما عماله وولاته فقد كان معظمهم من الاسرة الاموية وهم: 1 - أبوسفيان: استعمله عاملا له علي ما بين آخر حد للحجاز وآخر عهد من نجران [3] .

2 - يزيد بن أبي سفيان: استعمل يزيد بن أبي سفيان واليا علي الشام [4] ويقول المؤرخون انه خرج مودعا له إلي خارج يثرب. 3 - عتاب بن أسيد: عين أبوبكر عتاب بن أسيد بن أبي العاص واليا علي مكة [5] .

4 - عثمان بن أبي العاص: جعله واليا علي الطائف [6] ومنذ ذلك اليوم علا نجم الامويين، واستردوا كيانهم بعد ان فقدوه في ظل الاسلام. وأبدي المراقبون لسياسة أبي بكر دهشتهم من حرمان بني هاشم من التعيين في وظائف الدولة ومنحها للعنصر الاموي الذي ناهض النبي (ص) وناجزه في جميع المواقف، يقول العلائلي: " فلم يفز بنو تيم بفوز أبي بكر بل فاز الامويون وحدهم، لذلك صبغوا الدولة بصبغتهم، وآثروا في سياستها، وهم بعيدون عن الحكم كما يحدثنا المقريزي في رسالته " النزاع والتخاصم " [7] .

ان القابليات الدبلوماسية والاحاطة بشؤون الادارة والحكم، والمعرفة


بشؤون الدين كان متوفرة عند الكثيرين من المهاجرين والانصار من صحابة النبي (ص) فكان الاجدر تعيين هؤلاء في مناصب الدولة، وابعاد الاسرة الاموية عنها لوقاية المجتمع الاسلامي من مكائدها وشرورها.


پاورقي

[1] شرح النهج 1 / 135.

[2] مروج الذهب المطبوع علي هامش ابن الاثير 5 / 135.

[3] فتوح البلدان للبلاذري (ص 103).

[4] تاريخ ابن الاثير 2 / 289.

[5] الاصابة 2 / 444.

[6] تاريخ ابن الاثير 2 / 289.

[7] الامام الحسين (ص 191).