بازگشت

موقف أبي سفيان


وعمد أبوسفيان إلي اعلان المعارضة لحكومة أبي بكر، فقد وقف علي الامام أمير المؤمنين يحفزه علي مناجزة أبي بكر، ويعده بنصرته وهو يقول: " إني لاري عجاجه لا يطفئها الا دم يا آل عبد مناف، فيم أبوبكر من أموركم؟ اين المستضعفان؟ ". اين الاذلان؟ علي والعباس؟!! ما بال هذا الامر في أقل حي من قريش؟ ثم قال لعلي: ابسط يدك أبايعك فوالله لئن شئت لاملانها عليه خيلا ورجالا، وتمثل بشعر المتلمس:



ولن يقيم علي خسف يراد به

الا الاذلان عير الحي والوتد



هذا علي الخسف مربوط برمته

وذا يشج فلا يبكي له أحد



لقد استغل أبوسفيان العنصرية القبيلة لاحداث الثورة والانقلاب علي حكومة أبي بكر لكن الامام كان يفقه دوافعه، ويعرف ذاتياته فلم يستجب له، وانما نهره وأغلظ له في القول قائلا: " والله ما أردت بهذا إلا الفتنة وانك والله طالما بغيت للاسلام شرا لا حاجة لنا في نصيحتك.. " [1] .


وراح أبوسفيان يشتد في اثارة الفتنة، ويدعو الامام إلي اعلان الثورة علي أبي بكر وكان ينشد:



بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم

ولا سيما تيم بن مرة أو عدي



فما الامر إلا فيكم وإليكم

وليس لها إلا أبوحسن علي



أبا حسن فاشدد بها كف حازم

فانك بالامر الذي يرتجي علي [2] .



ومن المقطوع به أنه لم تكن معارضة أبي سفيان عن ايمان منه بحق الامام (ع) وإنما كانت ظاهرية أراد بها الكيد للاسلام، والبغي عليه وقد أعرض الامام عنه ولم يعن بعواطفه الكاذبة، فان علاقة أبي بكر مع أبي سفيان كانت وثيقة للغاية فقد روي البخاري أن أبا سفيان اجتاز علي جماعة من المسلمين منهم أبوبكر وسلمان وصهيب وبلال فقال بعضهم: " أما أخذت سيوف الله من عتق عدو الله مأخذها؟ ". فزجرهم أبوبكر وقال لهم: " أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟!! " ومضي مسرعا إلي النبي (ص) يخبره بمقالة القوم فرد عليه الرسول صلي الله عليه وآهل قائلا: " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد غضبت الله " [3] .

ودلت هذه البادرة علي مدي الصلة الوثيقة بينهما، وقد جهد أبوبكر في خلافته علي استمالة أبي سفيان، وكسب وده فقد استعمله عاملا علي ما بين آخر حد للحجاز، وآخر حد من نجران [4] كما عين ولده يزيد واليا علي الشام ومنذ ذلك اليوم قد علا نجم الامويين وقويت شوكتهم:



پاورقي

[1] تاريخ ابن الاثير 2 / 220.

[2] شرح النهج 6 / 7.

[3] صحيح البخاري 2 / 362.

[4] شرح النهج 6 / 10 - 11.