بازگشت

احقاد و اضغان


وشئ آخر كان السبب في انهزام الانصار هو شيوع الاحقاد والاضغان فيما بينهم. لقد كانت هناك ثورات وأحقاد بين الاوس والخزرج منذ عهد بعيد أدت إلي اراقة الدماء واشاعة الفرقة والعداء فيما بينهم، وكان آخر أيام حروبهم - فيما يقول المؤرخون - هو يوم (بغاث) وذلك قبل ان يهاجر النبي (ص) إلي يثرب بست سنين، ولما أطل النبي (ص) عليهم عمل جاهدا علي نشر المحبة والوئام فيما بينهم، واذابة الاحقاد والاضغان ولكنها لم تزل كامنة في نفوسهم، تظهر في كثير من الاحيان حينما تحدث عوامل التنافس فيما بينهم حسب ما نص عليه المؤرخون، وقد ظهرت بشكل سافر يوم السقيفة، فقد حقد خضير بن أسيد زعيم الاوس علي سعد حينما رشحه القوم لمنصب الخلافة فكان يقول لقومه: " لئن وليتموها سعدا عليكم مرة واحدة لا زالت لهم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم فيها نصيبا أبدا فقوموا فبايعوا أبا بكر... " [1] .

ودل ذلك علي مدي الحقد الكامن في نفوس الاوس للخزرج فان سعدا ان ولي الحكم مرة واحدة فتكون بذلك فضيلة للخزرج علي الاوس وهذا مما يثفل علي زعيم الاوس، وفعلا قد انبري مع قومه فبايع أبا بكر ولولاه لما تم الامر له. ومضافا إلي ذلك فان بعض الاوس ممن كانوا يحقدون علي سعد، ويستكثرون عليه هذا المنصب فان بشير بن سعد الخزرجي كان من أهم


المنافسين له فانحاز مع الخزرج فبايع أبا بكر، وأفسد علي سعد أمره. وعلي أي حال فان هذا الاختلاف والتشاحن مما أوجب أن يفلت الامر من أيدي الانصار ويظفر به المهاجرون من قريش.


پاورقي

[1] تاريخ ابن الاثير 2 / 224.