بازگشت

دعاؤه يوم عرفة


وهو من أجل أدعية أئمة أهل البيت (ع) وأكثرها استيعابا لالطاف الله ونعمه علي عباده وقد روي هذا الدعاء الشريف بشر وبشير الاسديان قالا: كنا مع الحسين بن علي (ع) عشية عرفة، فخرج (ع) من فسطاطه متذللا خاشعا، فجعل يمشي هونا هونا حتي وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه، في ميسرة الجبل مستقبل البيت، ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين، وقال: " الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صانع، وهو الجواد الواسع، فطر أجناس البدائع، واتقن بحكمته الصنائع لا تخفي عليه الطلائع، ولا تضيع عند الودائع، ورأيش كل قانع، وراحم كل ضارع، منزل المنافع، والكتاب الجامع بالنور الساطع، وهو للدعوات سامع، وللكربات دافع، وللدرجات رافع، وللجبابرة قامع، فلا إله غيره، ولا شئ يعدله، وليس كمثله شئ، وهو السميع البصير، اللطيف الخبير، وهو علي كل شئ قدير. اللهم إني أرغب إليك، وأشهد بالربوبية لك، مقرا بأنك ربي وإليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا، وخلقتني من التراب، ثم أسكنتني الاصلاب آمنا لريب المنون، واختلاف الدهور والسنين، فلم أزل ظاعنا من صلب إلي رحم، في تقادم من الايام الماضية والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك لي (أو بي) وإحسانك إلي في دولة أئمة الكفر الذين نقضوا عهدك، وكذبوا رسلك، لكنك أخرجتني رأفة منك وتحننا، - علي خ ل - للذي سبق لي من الهدي الذي


له يسرتني، وفيه أنشأتني ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك، وسوابغ نعمك، فابتدعت خلقي من يمني وأسكتني في ظلمات ثلاث بين لحم ودم وجلد، لم تشهدني خلقي (لم تشهرني بخلقي - خ ل -) ولم تجعل إلي شيئا من أمري، لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخري ورزقتني من أنواع المعاش وصنوف الرياش بمنك العظيم الاعظم علي، واحسانك القديم إلي حتي اذا أتممت علي جميع النعم، وصرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني إلي (علي - خ ل -) ما يقربني اليك، ووفقتني لما يزلفني لديك فان دعوتك أجبتني، وأن أطعتك شكرتني، وإن شكرتك زدتني [1] كل ذلك اكمال (لا - خ ل -) لانعمك علي، واحسانك الي فسبحانك سبحانك من مبدئ معيد حميد مجيد تقدست أسماؤك وعظمت آلاؤك فأي نعمك أحصي عددا ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدي إلي الدنيا تاما سويا وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا وعطفت علي قلوب الحواضن الامهات وكفلتني الامهات الرواحم (الرحائم - خ ل -)، وكلاتني من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة والنقصان فتعاليت يا رحيم يا رحمن حتي إذا استهللت ناطقا بالكلام أتممت علي سوابغ الانعام وربيتني زائدا في كل عام، حتي إذا اكتملت فطرتي واعتدلت مرتي [2] .

أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك وروعتني بعجائب حكمتك وأيقظتني لما ذرأت في سمائك وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني لشكرك وذكرك وأوجبت علي طاعتك وعبادتك وفهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل مرضاتك ومننت علي - في جميع ذلك - بعونك ولطفك، ثم إذ


خلقتني من خير الثري يا إلهي فاي نعمك أحصي عددا وذكرا، أم أي عطاياك أقوم بها شكرا وهي يارب أكثر من أن يحصيها العادون، أو يبلغ علما بها الحافظون، ثم ما صرفت ودرأت [3] عني اللهم - من الضر والضراء - أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء وأنا أشهد يا الهي بحقيقة ايماني وعقد عزمات يقيني وخالص صريح توحيدي، وباطن مكنون ضميري وعلائق مجاري نور بصري وأسارير صفحة جبيني [4] وخرق مسارب [5] نفسي وخذاريف [6] .

مارن عريني ومسارب سماخ [7] (صماخ - خ ل -) سمعي وما ضمت وأطبقت عليه شفتاي، وحركات لفظ لساني، ومغرز [8] حنك فمي وفكي ومنابت [9] أضراسي ومساغ [10] مطعمي ومشربي وحمالة [11] أم رأسي وبلوغ فارغ حبائل (وبلوغ حبائل) عنقي وما اشتمل عليه تامور [12] صدري وحمائل


حبل وتيني [13] ونياط حجاب قلبي [14] وأفلاذ حواشي كبدي [15] وما حوته شراسيف أضلاعي [16] وحقاق مفاصلي [17] وقبض عواملي، وأطراف أناملي ولحمي ودمي وشعري وبشري وعصبي وقصبي [18] وعظامي ومخي وعروقي وجميع جوارحي، وما انتسج علي ذلك أيام رضاعي، وما أقلت الارض مني [19] ونومي ويقظتي [20] وسكوني، وحركات ركوعي وسجودي - ان لو حاولت واجتهدت - مدي الاعصار والاحقاب [21] لو عمرتها - أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك، ما استطعت ذلك إلا بمنك الموجب


علي به شكرك أبدا جديدا، وثناء طارفا عتيدا [22] أجل: ولو حرصت أنا والعادون من أنامك أن نحصي مدي انعامك سالفه (لفة - خ ل -) وآنفه ما حصرناه عددا، ولا أحصيناه أمدا، هيهات أني ذلك!!! وأنت المخبر في كتابك الناطق، والنبأ الصادق (وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها " [23] .

صدق كتابك اللهم وأنباؤك وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم: من وحيك، وشرعت لهم وبهم من دينك، غير أني - يا إلهي - أشهد بجهدي وجدي، ومبلغ طاعتي ووسعي، وأقول مؤمنا موقنا: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فيكون موروثا، ولم يكن له شريك في ملكه فيضاده فيما ابتدع ولا ولي من الذل فيرفده فيما صنع [24] فسبحانه سبحانه (لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا) وتفطرتا [25] سبحان الله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، الحمد لله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين، وصلي الله علي خيرته محمد خاتم النبيين، وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم ". وأخذ الحسين (ع) يدعو الله وقد جرت دموع عينيه علي سحنات وجهه الشريف وهو يقول: " اللهم اجعلني أخشاك، كأني أراك، واسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك [26] وبارك لي في قدرك، حتي لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت، اللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين


في قلبي، والاخلاص في عملي، والنور في بصري، والبصيرة في ديني، ومتعني بجوارحي، واجعل سمعي وبصري الوارثين مني، وانصرني علي من ظلمني، وأرني فيه ثاري ومآربي [27] وأقر بذلك عيني اللهم اكشف كربتي واستر عورتي، وأغفر لي خطيئتي، واخسأ شيطاني [28] وفك رهاني، واجعل لي - يا إلهي - الدرجة العليا في الآخرة والاولي، اللهم لك الحمد كما خلقتني، فجعلتني سميعا بصيرا ولك الحمد كما خلقتني، فجعلتني خلقا (حيا - خ ل -) سويا رحمة بي وقد كنت عن خلقي غنيا، رب بما برأتني فعدلت فطرتي رب بما انشأتني فاحسنت صورتي، رب بما أحسنت إلي وفي نفسي عافيتي، رب بما كلاتني ووفقتني رب بما أنعمت علي فهديتني، رب بما أوليتني ومن كل خير أعطيتني، رب بما أطعمتني وسقيتني، رب بما أغنيتني وأفنيتني، رب بماأعنتني وأعززتني، رب بما ألبستني من سترك الصافي ويسرت لي من صنعك الكافي، صل علي محمد وآل محمد وأعني بوائق الدهور [29] وصروف الليالي والايام، ونجنا من أهوال الدنيا وكربات الآخرة، وأكفني شر ما يعمل الظالمون في الارض، اللهم ما أخاف فاكفني، وما أحذر فقني وفي نفسي وديني فاحرسني، وفي سفري فاحفظني، وفي أهلي ومالي فأخلفني [30] وفيما رزقتني فبارك لي، وفي نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني ومن الشر الجن والانس فسلمني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني وبعملي


فلا تبتلني، ونعمك فلا تسلبني، وإلي غيرك فلا تكلني [31] إلهي إلي من تكلني؟ إلي قريب فيقطعني أم إلي بعيد فيتجهمني [32] أم إلي المستضعفين لي وأنت ربي ومليك أمري أشكو اليك غربتي، وبعد داري، وهواني علي من ملكته أمري إلهي، فلا تحلل علي غضبك فان لم تكن غضبت علي فلا بالي سواك، سبحانك غير أن عافيتك أوسع لي، فأسألك يا رب بنور وجهك الذي أشرقت له الارض والسموات، وكشف به الظلمات وصلح به أمر الاولين والآخرين أن لا تميتني علي غضبك، ولا تنزل بي سخطك، لك العتبي [33] حتي ترضي قبل ذلك، لا إله إلا أنت رب البلد الحرام، والمشعر الحرام، والبيت العتيق الذي أحللته البركة وجعلته للناس أمنا، يا من عفا عن عظيم الذنوب بحمله، يا من أسبغ النعماء بفضله [34] .

يا من أعطي الجزيل بكرمه، يا عدتي في شدتي [35] يا صاحبي في وحدتي يا غياشي في كربتي، يا ولي في نعمتي، يا إلهي وإله آبائي: ابراهيم، واسماعيل واسحاق ويعقوب، ورب جبرئيل وميكائيل واسرافيل، ورب محمد خاتم النبيين وآله المنتجبين منزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان، ومنزل كهيعص وطه ويس القرآن الحكيم، أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها [36] وتضيق بي الارض يرحبها ولو لا رحمتك لكنت من الهالكين


وأنت مقيل عثرتي [37] ولولا سترك إياي لكنت من المفضوحين، وأنت مؤيدي بالنصر علي أعدائي ولولا نصرك إياي (لي - خ ل -) لكنت من المغلوبين، يا من خص نفسه بالسمو والرفعة، فأولياؤه بعزه يعتزون، يا من جعلت له الملوك نير المذلة علي أعناقهم [38] فهم من سطواته خائفون يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وغيب ما تأتي به الازمنة والدهور، يا من لا يعلم كيف هو إلا هو، يا من لا يعلم ما هو إلا هو، يا من لا يعلمه إلا هو (يا من لا يعلم ما يعلمه إلا هو - خ ل -) يا من كبس الارض علي الماء [39] وسد الهواء بالسماء [40] ، يا من له أكرم الاسماء، ياذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر ومخرجه من الجب [41] وجاعله بعد العبودية ملكا، يا راده علي يعقوب بعد أن أبيضت عيناه من الحزن فهو كظيم يا كاشف الضر والبلوي عن أيوب وممسك يدي ابراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه وفناء عمره، يا من استجاب لزكريا فوهب له يحيي، ولم يدعه فردا وحيدا، يا من أخرج يونس من بطن الحوت، يا من فلق البحر لبني اسرائيل فأنجاهم وجعل فرعون وجنوده من المغرقين، يا من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته، يا من لم يجعل علي من عصاه من خلقه، يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود،


وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه، ويعبدون غيره وقد حادوه ونادوه [42] .

وكذبوا رسله، يا الله يا الله يا بدئ يا بديع لا ندلك، يا دائما لا نفاد لك [43] .

يا حيا حين لا حي يا محي الموتي، يا من هو قائم علي كل نفس بما كسبت، يا من قل له شكري فلم يحرمني، وعظمت خطيئتي فلم يفضحني، ورآني علي المعاصي فلم يشهرني، يا من حفظني في صغري، يا من رزقني في كبري، يا من أياديه عندي لا تحصي ونعمه لا تجازي، يا من عارضني بالخير والاحسان وعارضته بالاسائة والعصيان، يا من هداني للايمان من قبل أن أعرف شكر الامتنان، يا من دعوته مريضا فشفاني، وعريانا فكساني، وجائعا فاشبعني، وعطشانا فأرواني وذليلا فاعزني، وجاهلا فعرفني، ووحيدا فكثرني، وغائبا فردني، ومقلا فاغناني، ومنتصرا فنصرني، وغنيا فلم يسلبني، وأمسكت عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد والشكر، يا من أقال عثرتي ونفس كربتي، وأجاب دعوتي، وستر عورتي، وغفر ذنوبي، وبلغني طلبتي، ونصرني علي عدوي، وان أعد نعمك ومننك وكرائم منحك لا أحصيها، أنت الذي أجملت، أنت الذي أفضلت، أنت الذي أكملت، أنت الذي رزقت، أنت الذي وفقت، أنت الذي أعطيت، أنت الذي اغنيت، أنت الذي اقنيت [44] ، أنت الذي آويت، أنت الذي كفيت، أنت الذي هديت، أنت الذي عصمت أنت الذي سترت، أنت الذي غفرت، أنت الذي أقلت، أنت


الذي مكنت، أنت الذي أعززت، أنت الذي أعنت، أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت، أنت الذي نصرت. أنت الذي شفيت، أنت الذي عافيت، أنت الذي أكرمت، تباركت وتعاليت فلك الحمد دائما، ولك الشكر واصبا أبدا ثم أنا - يا إلهي - المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أسأت، أنا الذي أخطأت، أنا الذي هممت، أنا الذي جهلت، أنا الذي غفلت، أنا الذي سهوت، أنا الذي اعتمدت، أنا الذي تعمدت أنا الذي وعدت، أنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت أنا الذي اعترفت بنعمتك علي وعندي، وأبوء بذنوبي فاغفرها لي [45] .

يا من لا تضره ذنوب عباده وهو الغني عن طاعتهم، والموفق من عمل صالحا منهم بمعونته ورحمته، فلك الحمد إلهي وسيدي، إلهي أمرتني فعصيتك ونهيتني فارتكبت نهيك، فاصبحت لا ذا براءة (لي - خ ل -) فاعتذر ولا ذا قوة فانتصر فبأي شئ استقبلك (استقيلك - خ ل -) يا مولاي ابسمعي أم ببصري أم بلساني أم بيدي أم برجلي، أليس كلها نعمك عندي وبكلها عصيتك؟ يا مولاي فلك الحجة والسبيل علي يا من سترني من الآباء والامهات أن يزجروني، ومن العشائر والاخوان أن يعبروني ومن السلاطين أن يعاقبوني، ولو اطلعوا يا مولاي علي ما اطلعت عليه مني إذا ما انظروني، ولرفضوني وقطعوني، فها أنا ذا يا إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حصير حقير، لا ذو برائة فاعتذر ولا ذو قوة فانتصر، ولا حجة فاحتج بها، ولا قائل لم اجترح [46] ولم أعمل سوء، وما عسي الجحود ولو جحدت يا مولاي ينفعني، كيف واني ذلك، وجوارحي كلها شاهدة علي بما قد علمت وعلمت يقينا غير ذي شك انك سائلي من عظائم الامور


وأنك الحكم العدل الذي لا تجور، وعدلك مهلكي، ومن كل عدلك مهربي فان تعذبني - يا إلهي - فبذنوبي بعد حجتك علي، وإن تعف عني فبحلمك وجودك وكرمك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الراجين، لا اله الا انت سبحانك إني كنت من الراغبين، لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من المهللين، لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من السائلين، لا إلا أنت سبحانك اني كنت من المسبحين لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من المكبرين، لا اله الا أنت سبحانك ربي ورب آبائي الاولين، اللهم هذا ثنائي عليك ممجدا واخلاصي لذكرك موحدا، واقراري بآلائك معددا وان كنت مقرا أني لم أحصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها إلي حادث ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني وبرأتني من أول العمر من الاغناء بعد الفقر، وكشف الضر، وتسبيب اليسر، ودفع العسر، وتفريج الكرب، والعافية في البدن والسلامة في الدين ولو رفدني علي قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الاولين والآخرين ما قدرت ولا هم علي ذلك تقدست وتعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تحصي آلاؤك، ولا يبلغ ثناؤك، ولا تكافي نعماؤك، صل علي محمد وآل محمد واتمم علينا نعمك واسعدنا بطاعتك، سبحانك لا اله الا أنت. اللهم انك تجيب المضطر وتكشف السوء، وتغيث المكروب، وتشفي السقيم وتغني الفقير، وتجبر الكسير، وترحم الصغير، وتعين الكبير، وليس دونك ظهير، ولا فوقك قدير، وأنت العلي الكبير يا مطلق المكبل الاسير يا رازق الطفل الصغير، يا عصمة الخائف المستجير، يا من لا شريك له ولا وزير صل علي محمد وآله محمد، وأعطني في هذه العشية أفضل ما أعطيت وأنلت


أحدا من عبادك، ومن نعمة توليها، وآلاء تجددها، وبلية تصرفها، وكربة تكشفها، ودعوة تسمعها، وحسنة تتقبلها، وسيئة تتغمدها، انك لطيف بما تشاء خبير، وعلي كل شئ قدير، اللهم انك أقرب من دعي وأسرع من أجاب وأكرم من عفا وأوسع من أعطي، وأسمع من سئل، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ليس كمثلك مسؤول، ولا سواك مأمول دعوتك فاجبتني، وسألتك فأعطيتني، ورغبت اليك فرحمتني، ووثقت بك فنجيتني، وفزعت اليك فكفيتني اللهم فصل علي محمد عبدك ورسولك ونبيك وعلي آله الطيبين الطاهرين أجمعين وتمم لنا نعماءك وهنئنا عطاءك واكتبنا لك شاكرين ولآلائك ذاكرين آمين آمين رب العالمين اللهم يا من ملك فقدر، وقدر فقهر وعصي فستر، واستغفر فغفر يا غاية الطالبين الراغبين، ومنتهي أمل الراجين، يا من أحاط بك شئ علما، وسع المستقيلين رأفة ورحمة وحلما، اللهم انا نتوجه اليك في هذهه العشية التي شرفتها وعظمتها، بمحمد نبيك ورسولك، وخيرتك من خلقك، وأمينك علي وحيك البشير النذير، السراج المنير الذي أنعمت به علي المسلمين، وجعلته رحمة للعالمين، اللهم فصل علي محمد وآله محمد، كما محمد أهل لذلك منك يا عظيم، فصل وعلي آله المنتجبين الطيبين الطاهرين أجمعين، وتغمدنا بعفوك عنا، فاليك عجت [47] الاصوات بصنوف اللغات فاجعل لنا اللهم في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين عبادك ونورا تهدي به، ورحمة تنشرها وبركة تنزلها، وعافية تجللها ورزقا تبسطه يا أرحم الراحمين، اللهم إقبلنا في هذا الوقت منجحين مفلحين، مبرورين غانمين [48] .


ولا تجعلنا من القانطين [49] ولا تخلنا من رحمتك، ولا تحرمنا ما نؤمله من فضلك، ولا تجعلنا من رحمتك محرومين ولا لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين ولا تردنا خائبين، ولا من بابك مطرودين، يا أجود الاجودين، وأكرم الاكرمين، إليك أقبلنا موقنين، ولبيتك الحرام آمين قاصدين [50] .

فاعنا علي مناسكنا، واكمل لنا حجنا، واعف عنا، وعافنا فقد مددنا اليك أيدينا، فهي بذلة الاعتراف موسومة، اللهم فاعطنا في هذه العشية ما سألناك واكفنا ما استكفيناك، فلا كافي لنا سواك، ولا رب لنا غيرك نافذ فينا حكمك محيط بنا علمك، عدل فينا قضاؤك، أقض لنا الخير، واجعلنا من أهل الخير، اللهم أوجب لنا بجودك عظيم الاجر، وكريم الذخر، ودوام اليسر، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ولا تهلكنا مع الهالكين ولا تصرف عنا رأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته وشكرك فزدته، وتاب اليك فقبلته وتنصل [51] .

اليك من ذنوبه كلها فغفرتها له ياذا الجلال والاكرام، اللهم تضرعنا (وفقنا - خ ل -) وسددنا (واعصمنا - خ ل -) واقبل تضرعنا، يا خير من سئل، ويا أرحم من استرحم، يا من لا يخفي عليه اغماض الجفون ولا لحظ العيون، ولا ما استقر في المكنون ولا ما أنطوت عليه مضمرات القلوب، ألا كل ذلك قد أحصاه علمك ووسعه حلمك، سبحانك وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح لك السموات السبع، والارضون ومن فيهن، وان من شئ الا يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد، وعلو الجد، ياذا الجلال والاكرام والفضل والانعام، والايادي الجسام، وأنت


الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم، اللهم أوسع علي من رزقك الحلال، وعافني في بدني وديني، وآمن خوفي واعتق رقبتي من النار، اللهم لا تمكر بي ولا تستدرجني [52] ولا تخدعني، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس (ثم رفع بصره إلي السماء وقال برفيع صوته): يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، صلي علي محمد وآل محمد السادة الميامين [53] وأسألك اللهم حاجتي التي ان اعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، اسألك فكاك رقبتي من النار لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك الملك ولك الحمد، وأنت علي كل شئ قدير يا رب يا رب ". وأثر هذا الدعاء تأثيرا عظيما في نفوس من كان مع الامام، فاتجهوا بقلوبهم وعواطفهم نحوه يستمعون دعاءه، وعلت أصواتهم بالبكاء معه، وذهلوا عن الدعاء لانفسهم في ذلك المكان الذي يستحب فيه الدعاء، ويقول الرواة: ان الامام استمر يدعو حتي غربت الشمس، فأفاض إلي (المزدلفة) وفاض الناس معه [54] .


پاورقي

[1] يشير (ع) إلي قوله تعالي في سورة ابراهيم - الآية 7 - " لئن شکرتم لازيدنکم ".

[2] المرة: بکسر الميم: قوة الخلق وشدته، أصالة العقل.

[3] الدرأ: الدفع.

[4] أسارير أسرار وهي جمع السر بالکسر والضم: خطوط الجبهة.

[5] مسارب النفس: مجاريها في العروق والاعضاء، وخرقها: منافذها.

[6] خذاريف جمع خذروف: القطعة، والمارن: مالان من الانف.

[7] مسارب الصماخ: ملتوياتها وقنواتها التي تصل منها الهواء إلي السامعة.

[8] المغرز: موضع الغرز، ومغرز الفکين: محل اتصالهما بالجسم.

[9] المنابت: جمع منبت محل النبت، والاضراس جمع ضرس بالکسر الاسنان الخمسة أو الاربعة من کل جانب من جوانب الفک.

[10] مساغ: مصدر ميمي: الذي سهل ولان وهنأ.

[11] الحمالة: علاقة السيف لانها تحمله. وحمالة أم الرأس الرابطة التي ترتبط أم الرأس وهو: المخ بالبدن حتي لا يتزحزح عن محله.

[12] التامور: الوعاء.

[13] الوتين: عرق في القلب يجري منه الدم إلي کافة العروق وحمائله مواضع اتصاله بالجسم.

[14] نياط القلب: عرقه الغليظ الذي إذا قطع مات الشخص.

[15] الافلاذ: جمع فلذة بالکسرة: القطعة، أي قطع أطراف الکبد التي تعمل لاخذ الغذاء، وتقسيمه إلي الاخلاط الاربعة.

[16] شراسيف: جمع شرسوف بالضم: طرف الضلع المشرف علي البطن وهو القلب والرئتان وما إليهما من الاعضاء الرئيسية.

[17] الحقائق: بالکسر جمع حق بالضم: النقر التي هي الاقفال للقبض والبسط.

[18] العصب: الاطناب المنتشرة في الجسم الذي بها يتحرک الانسان والقصب: کل شئ مجوف مثل الانبوب ومنه القصب الذي يخرج منه النفس.

[19] أقل: رفع.

[20] اليقظة بالتحريک: خلاف النوم.

[21] الاحقاب جمع حقب بضمتين: الدهر، السنة أو السنون، ثمانون سنة أو أکثر.

[22] الطارف: المستحدث، العتيد: الجسيم.

[23] سورة ابراهيم: آية 34.

[24] رفده، وأرفده: أعطاه.

[25] تفطر: انشق.

[26] اللهم خر لي " أي اختر لي أصلح الامرين.

[27] الثار، من ثأر من باب منع: الدم، والمآرب جمع مأرب بتثليث الراء: الحاجة.

[28] خسأ من باب منع: طرد.

[29] بوائق جمع بائقة: الشر والغائلة.

[30] أي عوضني.

[31] من وکل يکل من باب ضرب التفويض والتسليم إلي الغير.

[32] تجهمه: استقبله بوجه کريه عبوس.

[33] العتبي بالضم: الرضا.

[34] أسبغ عليه النعم: وسع وأتم عليه جميع ما يحتاجه.

[35] العدة بالضم: ما يستعد به الانسان من مال أو سلاح.

[36] الکهف بالفتح: الملجأ، والعي: العجز.

[37] مقيل العثرة: الذي يصفح عن الذنوب ومنه الحديث: " من اقال مؤمنا أقاله الله يوم القيامة ".

[38] النير: الخشبة التي توضع علي عنق الثور.

[39] الکبس علي الشئ: الشد والضغط عليه.

[40] وهو الغلا الجوي الذي يمنع من تسرب الهواء من الارض.

[41] الجب: البئر والحفرة العميقتين.

[42] حاده: غضبه وأظهر العداوة له، نادوه: أي جعلوا له ندا وشريکا.

[43] النفاد: الفناء والانقطاع.

[44] أقناه الله: أي أعطاه بقدر ما يکفيه.

[45] باء يبوء: بالذنب: اعترف وتکلم به.

[46] الاجتراح: الارتکاب والاکتساب.

[47] عج: صاح وارتفع صوته.

[48] البر بالکسر: الصلاح والطاعة، والغانم: هو الذي يفوز وينال الغنيمة.

[49] القنوط بالضم: اليأس.

[50] آمين بالتشديد: قاصدين.

[51] تنصل: خرج وتبرأ.

[52] الاستدراج من الله للعبد أن يفعل شيئا بالنسبة إلي العبد حتي لا يوفق أن يتوب ويرجع إلي خالقه.

[53] الميامين جمع ميمون: ذو اليمين والبرکة.

[54] زاد المعاد للمجلسي، البلد الامين للکفعمي، بلاغة الامام الحسين، الاقبال لابن طاووس وفيه زيادة علي هذا الدعاء.