بازگشت

الرافة والعطف


ومن صفات أبي الاحرار أنه كان شديد الرأفة بالناس يمد يده لكل ذي حاجة، ويسعف كل ذي لهفة، ويجير كل من استجار به، وقد فزع مروان اليه والي أخيه وهو من ألد أعدائهم، بعد فشل واقعة الجمل، وطلب منهما أن يشفعا له عند أبيهما، فخفا اليه وكلماه في شأنه وقالا له: " يبايعك يا أمير المؤمنين ". فقال (ع): " أولم يبايعني قبل قتل عثمان لا حاجة لي في بيعته انها كف يهودية، لو بايعني بيده لغدر بسبابته، أما أن له امرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبوالاكبش الاربعة، وستلقي الامة من ولده يوما أحمر ". وما زالا يلطفان به حتي عفا عنه، إلا أن هذا الوغد قد تنكر لهذا المعروف وقابل السبطين بكل ما يملك من وسائل الشر والمكروه، فهو الذي منع جنازة الامام الحسن أن تدفن بجواز جده، وهو الذي أشار علي


الوليد بقتل الامام الحسين إن امتنع من البيعة ليزيد، كما اظهر السرور والفرح بمقتل الامام (ع) وحسب مروان أنه من تلك الشجرة التي لم تثمر إلا الخبيث الدنس وما يضر الناس. ومن ألوان تلك الصور الخالدة لعطف الامام ورأفته بالناس أنه لما استقبله الحر بجيشه البالغ ألف فارس، وكان قد أرسل لمناجزته وقتاله فرأه الامام وقد أشرف علي الهلاك من شدة العطش فلم تدعه أريحيته ولا سمو ذاته أن لا يقوم بانقاذهم، فأمر (ع) غلمانه وأهل بيته أن يسقوا القوم عن آخرهم، ويسقوا خيولهم فسقوهم عن آخرهم، وكان فيهم علي بن الطعان المحاربي الذي اشتد به العطش فلم يدر كيف يشرب فقام (ع) بنفسه فسقاه، وكانت هذههه البادرة من أروع ما سجل في قاموس الانسانية من الشرف والنيل.