بازگشت

آية المودة


وفرض الله علي المسلمين مودة أهل البيت (ع) قال تعالي: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور " [1] .

ذهب جمهور المسلمين إلي أن المراد بالقربي هم علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين وان اقتراف الحسنة إنما هي في مودتهم ومحبتهم، وفيما يلي بعض ما أثر في ذلك: 1 - روي ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم؟ قال (ص): " علي وفاطمة وابناهما " [2] .

2 - روي جابر بن عبد الله قال: جاء اعرابي إلي النبي (ص) فقال: يا محمد اعرض علي الاسلام، فقال (ص): تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، قال الاعرابي: تسألني عليه أجرا؟


قال (ص) لا إلا المودة في القربي. الاعرابي: قرباي أم قرباك؟ الرسول (ص): قرباي. الاعرابي: هات أبايعك. فعلي من لا يحبك، ولا يحب قرباك لعنة الله. قال (ص): (آمين) [3] .

3 - روي ابن عباس قال: لما نزل قوله تعالي: " قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي "، قال قوم في نفوسهم: ما يريد إلا أن يحثنا علي قرابته من بعده فأخبر جبرئيل النبي (ص) انهم اتهموه، فأنزل " أم يقولون افتري علي الله كذبا "، فقال القوم: يا رسول الله انك صادق فنزل " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " [4] .

4 - احتجاج العترة الطاهرة بأنها نزلت فيهم فقد خطب سبط الرسول صلي الله عليه وآله الاول وريحانته الاما الحسن (ع) فقال في جملة خطابه: " وأنا من أهل البيت الذين أفترض الله مودتهم علي كل مسلم فقال تبارك وتعالي: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت " [5] .

واحتج بها سيد الساجدين والعابدين الامام علي بن الحسين (ع) لما جئ به أسيرا إلي الطاغية يزيد وأقيم علي درج دمشق انبري اليه رجل من أهل الشام فقال له: " الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، وقطع قرني الفتنة ".


فنظر اليه الامام فرأه مغفلا قد خدعته الدعايات المضللة وحادت به عن الطريق القويم فقال له: " اقرأت القرآن؟ ". " نعم ". " اقرأت آل حم؟ ". " قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم ". " ما قرأت (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي)؟ ". فذهل الرجل ومشت الرعدة باوصاله وسارع يقول: " وانكم لانتم هم؟ ". " نعم " [6] .

وقال الامام أمير المؤمنين (ع): فينا آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرأ " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي " [7] .

كلمة الفخر الرازي. وعلق الفخر الرازي علي هذه الآية مشيدا بآل النبي (ص) قال ما نصه: " واذا ثبت هذا - يعني اختصاص الآية بآل البيت (ع) - وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعطيم قال ويدل عليه وجوه: " الاول ": قوله تعالي: " إلا المودة في القربي " ووجه الاستدلال به ما سبق وهو ما ذكره من قبل أن آل محمد (ص) هم الذين يؤول أمرهم اليه فكل من كان أمرهم اليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بهم وبين رسول الله (ص)


أشد التعلقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل. " الثاني ": لا شك أن النبي (ص) كان يحب فاطمة (ع) قال (ص): " فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها " وثبت بالنقل المتواتر عن محمد (ص) أنه كان يحب عليا والحسن والحسين عليهم السلام، واذا ثبت ذلك وجب علي كل الامة مثله لقوله تعالي: " واتبعوه لعلكم تهتدون ". ولقوله تعالي: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " ولقوله: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله " ولقوله سبحانه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". " الثالث ": إن الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله: " اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد وارحم محمدا وآل محمد " واجب... [8] .

ان مودة أهل البيت (ع) من أهم الواجبات الاسلامية، ومن أقدس الفروض الدينية يقول الامام محمد بن ادريس الشافعي:



يا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله



كفاكم من عظيم القدر انكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له [9] .



وقال ابن العربي:



رأيت ولائي آل طه فريضة

علي رغم أهل البعد يورثني القربي



فما طلب المبعوث أجرا علي الهدي

بتبليغه إلا المودة في القربي



ويقول شاعر الاسلام الكميت:



وجدنا لكم في آل حم آية

تأولها منا تقي ومعرب



إن في مودة آل البيت (ع) أداءا لاجر الرسالة، وصلة للرسول


الاعظم (ص) وشكرا له علي ما لاقاه من عظيم العناء والجهد في سبيل انقاذ المسلمين من الشرك، وتحرير عقولهم من الخرافات، وقد جعل تعالي حق نبيه العظيم علي هذه الامة أن توالي عترته، وتكن لها المودة والولاء.


پاورقي

[1] سورة آل حم الشوري: آية 23.

[2] مجمع الزوائد 7 / 103، ذخائر العقبي (ص 25)، نور الابصار (ص 101)، الدر المنثور.

[3] حلية الاولياء 3 / 201.

[4] الصواعق المحرقة (ص 102).

[5] حياة الامام الحسن 1 / 68.

[6] تفسير الطبري 25 / 16.

[7] کنز العمال 1 / 218، الصواعق المحرقة (ص 101).

[8] تفسير الرازي في ذيل تفسير آية المودة في سورة الشوري.

[9] الصواعق المحرقة (ص 88).