بازگشت

مقاتل بن سليمان


أما مقاتل بن سليمان بن بشير الازدي الخراساني، فهو كصاحبه عكرمة كان متهما في دينه، وذكر المترجمون له ما يلي: 1 - إنه كان كذابا، قال النسائي: كان مقاتل يكذب [1] وكذلك


قال وكيع: وقال اسحاق بن ابراهيم الحنظلي: أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم نظير - يعني في البدعة والكذب -: جهم ومقاتل، وعمر بن صبح، وقال خارجة بن مصعب: كان جهم ومقاتل عندنا فاسقين فاجرين [2] .

ومع اتهامه بالكذب لا يصح الاعتماد علي روايته، ويسقط حديثه عن الاستدلال به. 2 - إنه كان متهما في دينه، وكان يقول بالتشبيه، قال ابن حبان: كان مقاتل يأخذ عن اليهود والنصاري علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان مشبها يشبه الرب سبحانه بالمخلوقين وكان يكذب في الحديث [3] .

وقد استحل بعض الاخيار دمه يقول خارجة: لم استحل دم يهودي ولا ذمي، ولو قدرت علي مقاتل بن سليمان في موضع لا يرانا فيه أحد لقتلته [4] .

3 - عرف مقاتل بالنصب والعداء لامير المؤمنين (ع) وكان دأبه صرف فضائل الامام (ع) وقد أثر عن الامام أنه كان يقول: " سلوني قبل أن تفقدوني " فأراد مقاتل أن يجاريه في ذلك فكان يقول: " سلوني عما دون العرش " فقام إليه رجل فقال له: إخبرني عن النملة أين أمعاؤها فسكت ولم يطق جوابا [5] وقال مرة: سلوني عما دون العرش فقام إليه رجل فقال له: إخبرني من حلق رأس آدم حين حج؟ فحار ولم يطق جوابا [6] .


وهذه البوادر تدل علي فساد آرائه، وعدم التعويل علي أي حديث من أحاديثه. وهن استدلالهما: واستدل عكرمة ومقاتل بسياق الآية علي أنها نزلت في نساء النبي صلي الله عليه وآله ولا تشمل أهل بيته، وقد عرض الامام شرف الدين بصورة موضوعية إلي ابطال ذلك، قال رحمه الله: ولنا في رده وجوه: " الاول ": إنه اجتهاد في مقابل النصوص الصريحة، والاحاديث المتواترة الصحيحة. " الثاني ": إنها لو كانت خاصة في النساء - كما لا يزعم هؤلاء - لكان الخطاب في الآية بما يصلح للاناث، ولقال عز من قائل: عنكن ويطهركن، كما في غيرهما في آياتهن، فتذكير ضمير الخطاب فيها دون غيرها من آيات النساء كاف في رد تضليلهم. " الثالث ": إن الكلام البليغ يدخله الاستطراد والاعتراض وهو تخلل الجملة الاجنبية بين الكلام المتناسق، كقوله تعالي في حكاية خطاب العزيز لزوجته إذ يقول لها: " إنه من كيدكن ان كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك " فقوله: " يوسف أعرض عن هذا " مستطرد بين خطابيه معها - كما تري - ومثله قوله تعالي: " ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون " فقوله: " وكذلك يفعلون " مستطرد من جهة الله تعالي بين كلام بلقيس، ونحوه قوله عز من قائل: " فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. وإنه لقرآن


كريم " تقديره أفلا أقسم بمواقع النجوم. إنه لقرآن كريم، وما بينهما استطراد علي استطراد وهذا كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب وغيرهم من البلغاء. وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات النساء، فتبين بسبب استطرادها أن خطاب الله لهن بتلك الاوامر والنواهي والنصائح والآداب لم يكن إلا لعناية الله تعالي بأهل البيت " أعني الخمسة " لئلا ينالهم " ولو من جهتهن " لوم أو ينسب إليهم " ولو بواسطة " هناة أو يكون عليهم للمنافقين " ولو بسببهن " سبيل ولو لا هذا الاستطراد ما حصلت النكتة الشريفة التي عظمت بها بلاغة الذكر الحكيم، وكمل اعجازه الباهر كما لا يخفي [7] .

ورأي الامام شرف الدين رأي وثيق فقد قطع به تأويل المتأولين، ودحض به أو هام المعاندين، وتمت به الحجة علي المناوئين.


پاورقي

[1] ميزان الاعتدال 4 / 173.

[2] تهذيب التهذيب 10 / 281.

[3] تهذيب التهذيب 10 / 284، ميزان الاعتدال 4 / 175.

[4] تهذيب التهذيب 10 / 281.

[5] تهذيب التهذيب 10 / 283.

[6] وفيات الاعيان.

[7] الکلمة الغراء في تفضيل الزهراء (ع) (ص 196 - 197).