بازگشت

تمهيد


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي سيدنا محمد و آله الطاهرين، واللعن الدائم علي أعدائهم أجمعين.

و بعد، فان الكثير قد ألف في أهل البيت عليهم السلام، والكثير قد جعل جل اهتماماته هو البحث و التنقيب حول أهل البيت عليهم السلام، جهودهم مشكورة، و مساعيهم محمودة.

ولكن القليل منهم ممن نذر حياته للعمل في خدمة أهل البيت عليهم السلام، و كانت عنده حالة الذوبان في الهدف فامتزجا و صارا كيانا واحدا لايتجزأ و لايفارق أحدهما الآخر.

و من هؤلاء القلة المحقق العلامة السيد عبدالعزيز الطباطبائي رضوان الله عليه، الذي وقف عمره الشريف في خدمة أهل البيت عليهم السلام و احياء تراثهم و ضبط فضائلهم و تصحيحها، فكرس وقته للعمل الدؤوب للوصول الي بغيته الي رسمها في مخيلته منذ نعومة أظفاره والي أن وافاه الأجل، والتي هي خدمة أهل بيت النبوة صلوات الله و سلامه عليهم، هذه البغية و هذا الهدف الذي كان يعيشه طول عمره الشريف لم يفارقه طرفة عين، حتي أنه عاش الفكرة و حتي أن الفكرعاشته.

فكان رضوان الله عليه يسير نحو هدفه بكل الطرق والأساليب من تأليف، و كتابة مقال، و تربية جيل للسير علي هذا النهج، و الأخذ بأيدي المبتدئين ليعرفهم الطريق، و جمع


المعلومات علي بطاقات منظمة منتقاة من أهم المصادر و ذلك لأعماله العلمية و أعمال المراجعين الي مكتبته التي ما كادت تخلو من باحثين و محققين صباح مساء، و استنساخ الكتب و الأبحاث المتعلقة بأهل البيت عليهم السلام في حلة و ترحاله، و من ثم تحقيقها أو وضعها باختيار المحققين للاستفادة منها.

و من هذه الكتب المستنسخة كتابنا الحاضر، الذي استنسخه المحقق الطباطبائي قدس سره بخط جميل و دقة عديمة النظير، و ذلك في احدي سفراته الي تركيا في مكتبة طوپ قپوسراي في اسلامبول، والكتاب آنذاك لم يطبع بعد، ثم قابله و صححه و كان من أمله أن يقدمه للطبع بعد تحقيقه والتعليق عليه، كما فعله قدس سره في ترجمة الامام الحسن (عليه السلام) و ترجمة الامام الحسين (عليه السلام) لابن سعد، و كلاهما لم يكونا قد طبعا في الطبقات الكبري.

ولكن هذا الكتاب «ترجمة الامام الحسين (عليه السلام)» الذي انتقاه م كتاب «بغية الطلب» لابن العديم وان كان غير مطبوع وقت الاستنساخ، الا أن طبع الكتاب فيما بعد جعل المحقق الطباطبائي يتواني في تحقيقه، كما أن انشغاله بتربية المحققين الذين جعل جل وقته لهم لمساعدتهم في التحقيق و تعليم طرقه والأخذ بأيديهم في هذا المجال مما جعل الكثير من مشاريعه تتأخر، حتي وافاه الأجل ولم تر أكثرها النور، ولكنه ربي جيلا سار علي هذا النهج، و لا نبالغ ان قلنا ان الحركة العلمية التراثية في عصرنا الحاضر مرهونة بجهوده و مدينة اليه.