بازگشت

رمي عمرو بن خالد الطهوي الامام الحسين بالسهم


[رمي عمرو بن خالد الطهوي الامام بالسهم، وطلب ريحانة رسول الله ثوبا زهيدا كي يلبسه تحت ثيابه حتي لا

يجرده لئام شيعة آل أبي سفيان بعد شهادته، وخرقه عليه السلام الثوب الذي أتي به ثم لبسه تحت ثيابه، ثم غلو أتباع ابن مرجانة في اللئوم وتجريد ريحانة النبي عن الثوب!!!]

276 - [1] أخبرنا أبو محمد ابن الاكفاني، أنبأنا عبد العزيز الكتاني، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون ابن راشد، أنبأنا أبو زرعة، أنبأنا سعيد بن سليمان، عن عباد بن العوام: عن حصين قال: أدركت ذاك حين مقتل الحسين، قال: فحدثني سعد بن عبيدة قال: فرأيت الحسين وعليه جبة برود، ورماه رجل يقال له: عمرو بن خالد الطهوي بسهم فنظرت إلي السهم معلقا بجبته.

277 - [2] أخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون، أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، أنبأنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني سنة خمس وعشرين، أنبأنا جرير: عن ابن أبي ليلي قال: قال الحسين بن علي حين أحس بالقتل: ابغوني ثوبا لا يرغب فيه [3] أجعله تحت ثيابي [حتي] لا أجرد!!! فقيل


له: تبان [4] فقال: ذاك لباس من ضربت عليه الذلة!!! فأخذ ثوبا فخرقه


فجعله تحت ثيابه، فلما قتل جرد صلوات الله عليه ورضوانه.



پاورقي

[1] ورواهما ابن العديم في الحديث: 129 - 130 من مقتل الحسين في کتاب بغية الطلب ص 26 ط 1.

[2] ورواهما ابن العديم في الحديث: 129 - 130 من مقتل الحسين في کتاب بغية الطلب ص 26 ط 1.

[3] کذا في أصلي کليهما، وفي المعجم الکبير: ايتوني ثوبا لا يرغب فيه أحد.

[4] التبان - کرمان -: سراويل صغير مقدار شبر. وهذا المعني رواه مرسلا في الحديث: 42 من ترجمة الامام الحسين من أنساب الاشراف: ج 1، ص 493 / أو الورق 247 / أ / وفي ط 1: ج 3 ص 201 قال: ولما بقي الحسين بن ثلاثة نفر - أو أربعة - دعا سراويل محشوة فلبسها، فذکروا أن بحر ابن کعب التيمي سلبه إياها حين قتل، فکانت يداه في الشتاء تنضحان الماء وفي الصيف تيبسان فکأنهما عودان.

ورواه أيضا الطبراني في الحديث: 84 من ترجمة الامام الحسين من المعجم الکبير: ج 1 / الورق 128 / عن علي بن عبد العزيز، عن اسحاق بن اسماعيل الطالقاني عن جرير، عن ابن أبي ليلي..

ورواه عنه في باب مناقب الامام الحسين من مجمع الزوائد: ج 9 ص 193، وقال: ورجاله إلي قائله ثقات.

ورواه أيضا الطبري في سيرة الامام الحسين من تاريخه: ج 4 ص 244 وفي ط الحديث: ج 5 ص 451 عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم..

أقول: وبهذا الحديث: 276 يتم ما في أصلي کليهما من تاريخ دمشق ما رواه المصنف حول الحوادث الجارية بين الامام الحسين وبين أعدائه من ابتداء ما دعاه الوليد بن عتبة إلي بيعة يزيد إلي يوم شهادة الامام وهو يوم عاشوراء.

والقارئ النبيه يري النقص الفاحش فيه واضحا وعدم اتساق المطالب وانسجام الکلام جليا، کما تنبه لذلک الشيخ عبد القادر بدران صاحب تهذيب تاريخ دمشق فاستدرکه برواية ابن حجر في الاصابة لهذه القصة عن عمار بن معاوية الدهني، عن الامام الباقر عليه السلام.

وهل هذا من أجل أن المصنف يطوي خصوص المبادئ المنتهية إلي شهادة الامام الحسين؟ - أو عموم ما جري بين أهل البيت وبين أعدائهم - سترا علي مخازي المبطلين؟! أو أن مشايخ المصنف بخلوا من روايتهم للمصنف ما دار بين الامام وأعدائه تحفظا علي کرامة سلفهم؟!! أو أنهم رووا للمصنف إجمال ما جري بين الامام وبين أعدائه ورواه المصنف عنهم وأودعه في هذه الترجمة ولکن المتأخرين رأوا أن هذه الاجمال أيضا يفصح عن نفاق أعداء أهل البيت وکيدهم للاسلام، فمدوا أياديهم الخائنة إلي ما کتبه المصنف فحذفوا منه ما يدل الناس وينبههم علي خروج مناوئي أهل البيت عن صف المؤمنين بالله وبما جاء به رسول الله صلي الله عليه وآله! والامر الاول: غير ملائم لانصاف المصنف وصدقه وأمانته. والامر الثاني: وإن کان محتملا في خصوص المقام ومحققا في کثير من المقامات غير أنه يبعده ما نذکره في الامر الثالث. والامر الثالث هو المستشم المستآنس من جهات الجهة الاولي: استقراء خصوص تاريخ دمشق فإنه يغني عن استقراء غيره فانهم عمدوا في مواضع کثيرة منه إلي حذف خصائص أهل البيت الدالة علي أنهم علي الحق وأن مخالفيهم مخالف للحق. وأسقطوا أيضا منه في المقامات متعددة مخازي أعداء أهل البيت مما يدل بنحو الوضوح علي إخلادهم إلي الدنيا واختيارهم إياها علي الآخرة، وأنهم لا يرجون لله وقارا ولا يقيمون للدين وزنا.

الجهة الثانية: تبحر المصنف في العلوم النقلية، وروايته مقدمة مقتل الامام بإسناده المنتهي إلي أسانيد ابن سعد، فإنه يبعد کل البعد اقتصار المصنف علي خصوص مقدمة مقتل الامام بلا أي بحث عن مقتله، وإن حمل أحد هذا علي عاتق مشايخ المصنف فيبعد أيضا إقناعهم المصنف بذلک واقتناعه به بلا أي استفسار عنهم ثم سکوته من غير تنبيه وإشارة منه إلي جهة اکتفائه بذلک.

الجهة الثالثة: ما ذکره المصنف في ترجمة محرز بن حريث من تاريخ دمشق کما يجئ لفظه في ختام ما ننقله عن ابن سعد وکذلک ما ذکره في ترجمة: ام محمد بنت الحسن زوج علي بن الحسين من تاريخ دمشق قسم النساء ص 547 قال: قدم بها مع أهل بيتها حين قتل الحسين من العراق إلي دمشق. لما ذکر. تقدم ذکر ورودها في ترجمة عمها الحسين.

وکيف کان فنحن نکمل نقص هذا السفر الجليل بما رواه ابن سعد - مع ما فيه من مواقع النظر - إنقاذا لحقائقه من التلف، ولکونه أوفق لمرام المصنف فنقول وبالاسانيد المتقدمة تحت الرقم: 254 ص 196، قال ابن سعد: وانظر ما يرتبط بهانئ رحمه الله في شرح المختار: 178 من قصار نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد: ج 18، ص 407 وبعده ايضا قصة مرتبطة بالامام الحسين حول اخذه ما بعثه والي اليمن إلي معاوية وکتاب معاوية إليه. قالوا: وقد کان الحسين قدم مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلي الکوفة، وأمره أن ينزل علي هانئ بن عروة المرادي وينظر إلي اجتماع الناس عليه ويکتب إليه بخبرهم. فقدم مسلم بن عقيل الکوفة مستخفيا وأتته الشيعة فأخذ بيعتهم وکتب إلي الحسين بن علي: إني قدمت الکوفة فبايعني منهم إلي أن کتبت إليک ثمانية عشر ألفا فعجل القدوم فإنه ليس دونها مانع. فلما أتاه کتاب مسلم أغذ السير حتي انتهي إلي زبالة، فجاءت رسل أهل الکوفة إليه بديوان فيه أسماء مأة ألف. وکان النعمان بن بشير الانصاري علي الکوفة في آخر خلافة معاوية، فهلک [معاوية] وهو عليها فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان علي الحسين فکتب إلي عبيدالله بن زياد بن أبي سفيان!!! وهو علي البصرة، فضم إليه الکوفة وکتب إليه بإقبال الحسين إليها، فإن کان لک جناحان فطر حتي تسبق [الحسين] إليها. فأقبل [عبيدالله إلي الکوفة] متعمما متنکرا حتي دخل السوق، فلما رأته السفلة وأهل السوق خرجوا يشتدون بين يديه وهم يظنون أنه حسين، وذاک إنهم کانوا يتوقعونه فجعلوا يقولون لعبيدالله: يا ابن رسول الله الحمد لله الذي أراناک.

وجعلوا يقبلون يده ورجله. فقال عبيدالله: لشد ما فسد هؤلاء. ثم مضي حتي دخل المسجد فصلي رکعتين ثم صعد المنبر وکشف عن وجهه، فلما رآه الناس مال بعضهم علي بعض وأقشعوا عنه.

وبني عبيدالله بن زياد تلک الليلة بأهله ام نافع بنت عمارة بن عقبة بن أبي معيط. وأتي تلک الليلة برسول الحسين بن علي [و] قد کان أرسله إلي مسلم بن عقيل [وکان] يقال له: عبد الله بن يقطر فقتله.

وکان قدم مع عبيدالله من البصرة شريک بن الاعور الحارثي وکان شيعة لعلي فنزل أيضا علي هانئ بن عروة، فاشتکي شريک فکان عبيدالله يعوده في منزل هانئ ومسلم بن عقيل هناک لا يعلم به.

فهيئوا لعبيدالله ثلاثين رجلا يقتلونه إذا دخل عليهم. وأقبل عبيدالله فدخل علي شريک يسأل به، فجعل شريک يقول: ما تنظرون بسلمي أن تحيوها؟ اسقوني ولو کان فيها نفسي.

فقال عبيدالله: ما يقول؟ قالوا: يهجر! وتحشحش القوم في البيت فأنکر عبيدالله ما رأي منهم فوثب فخرج، ودعا مولي لهانئ بن عروة کان في الشرطة فسأله فأخبره الخبر فقال: أولا.

ثم مضي حتي دخل القصر، وأرسل إلي هانئ بن عروة وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة، فقال [له]: ما حملک علي أن تجير عدوي وتنطوي عليه؟ فقال [هانئ]: يا ابن أخي إنه جاء حق هو أحق من حقک وحق أهل بيتک.

فوثب عبيدالله وفي يده عنزة فضرب بها رأس هانئ حتي خرج الزج واغترز في الحائط، ونثر دماغ الشيخ فقتله مکانه. وبلغ الخبر مسلم بن عقيل فخرج في نحو أربع مأة من الشيعة!!! فما بلغ القصر إلا وهو في نحو من ستين رجلا فغربت الشمس واقتتلوا قريبا من الرحبة، ثم دخلوا المسجد وکثرهم أصحاب عبيدالله بن زياد وجاء الليل فهرب مسلم حتي دخل علي امرأة من کندة يقال لها: طوعة فاستجار بها.

وعلم بذلک محمد بن الاشعث بن قيس فأخبر به عبيدالله بن زياد، فبعث إلي مسلم فجئ به فأنبه وبکته وأمر بقتله. فقال [مسلم]: دعني أوصي. قال: نعم. فنظر [مسلم] إلي عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال: إني لي إليک حاجة، وبيني وبينک رحم.

فقال عبيدالله: انظر في حاجة ابن عمک. فقام إليه فقال [له مسلم]: يا هذا إنه ليس ها هنا رجل من قريش غيرک، وهذا الحسين بن علي قد أطلک، فأرسل إليه رسولا فلينصرف فإن القوم قد غروه وخدعوه وکذبوه، وإنه إن قتل لم يکن لبني هاشم بعده نظام، وعلي دين أخذته منذ قدمت الکوفة فاقضه عني واطلب جثتي من ابن زياد فوارها.

فقال له ابن زياد: ما قال لک؟ فأخبره [عمر] بما قال! فقال: قل له: أما مالک فهو لک لا نمنعک منه، وأما حسين فإن ترکنا لم نرده، وأما جثته فإذا قتلناه لم نبال ما صنع به. ثم أمر به فقتل، فقال عبد الله بن الزبير الاسدي في ذلک: [ف‍] إن کنت لا تدرين بالموت فانظري - إلي هانئ في السوق وابن عقيل تري جسدا قد غير الموت لونه - ونضح دم قد سال کل مسيل أصابهما أمر الامام!!! فأصبحا - أحاديث من يهوي بکل سبيل تري بطلا قد هشم السيف وجهه - وآخر يهوي عن طمار قتيل أيرکب أسماء الهماليج آمنا - وقد طلبته مذجح بقتيل فإن أنتم لم تثأروا لاخيکم - فکونوا بغايا أرضيت بقليل يعني أسماء بن خارجة الفزاري [و] کان عبيدالله بن زياد بعثه وعمرو بن الحجاج الزبيدي إلي هانئ بن عروة فأعطياه العهود والمواثيق فأقبل معهما حتي دخل علي عبيد الله بن زياد فقتله. قال: وقضي عمر بن سعد دين مسلم بن عقيل وأخذ جثته فکفنه ودفنه.

وأرسل رجلا إلي الحسين فحمله علي ناقة وأعطاه نفقة وأمره أن يبلغه ما قال مسلم بن عقيل. فلقيه علي أربع مراحل فأخبره. وبعث عبيدالله برأس مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة إلي يزيد بن معاوية. وبلغ الحسين قتل مسلم وهانئ فقال له ابنه علي الاکبر: يا أبة ارجع فإنهم أهل [نکث] وغدر] و [قد تبين] غدرهم وقلة وفائهم ولا يفون لک بشئ. فقالت بنو عقيل لحسين: ليس هذا بحين رجوع وحرضوه علي المضي، فقال الحسين لاصحابه: قد ترون ما يأتينا وما أري القوم إلا سيخذلوننا فمن أحب أن يرجع فليرجع. فانصرف عنه [الذين] صاروا إليه في طريقه وبقي في أصحابه الذين خرجوا معه من مکة، ونفير قليل [ممن] صحبه في الطريق فکانت خيلهم اثنين وثلاثين فرسا.

قال: وجمع عبيدالله المقاتلة وأمر لهم بالعطاء وأعطي الشرط، ووجه حصين بن تميم الطهوي إلي القادسية وقال له: أقم بها فمن أنکرته فخذه.

وکان حسين قد وجه قيس بن مسهر الاسدي إلي مسلم بن عقيل قبل أن يبلغه قتله، فأخذه حصين فوجه به إلي عبيدالله، فقال له عبيدالله: قد قتل الله مسلما فقم في الناس فاشتم الکذاب ابن الکذاب!!!

فصعد قيس المنبر فقال: أيها الناس إني ترکت الحسين بن علي ب‍ الحاجر وأنا رسوله إليکم وهو يستنصرکم. فأمر به عبيدالله فطرح من فوق القصر فمات.

ووجه الحصين بن تميم الحر بن يزيد اليربوعي من بني رياح في ألف إلي الحسين وقال: سايره ولا تدعه يرجع حتي يدخل الکوفة وجعجع به.

ففعل ذلک الحر بن يزيد. فأخذ الحسين طريق العذيب حتي نزل الجوف مسقط النجف ما يلي المائتين فنزل قصر أبي مقاتل [کذا] فخفق خفقة ثم انتبه يسترجع وقال: إني رأيت في المنام آنفا فارسا يسايرنا ويقول: القوم يسرون والمنايا تسري إليهم.

فعلمت أنه نعي إلينا أنفسنا. ثم سار حتي نزل کربلاء فاضطرب فيه، ثم قال: أي منزل نحن به؟ قالوا: بکربلاء. فقال: يوم کرب وبلاء.

فوجه إليه عبيدالله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف وقد کان استعمله قبل ذلک علي الري وهمذان، وقطع ذلک البعث معه، فلما أمره بالمسير إلي الحسين تأبي ذلک وکرهه واستعفي منه، فقال له ابن زياد: أعطي الله عهدا لئن لم نسر إليه و [لم] تقدم عليه لاعزلنک من عملک وأهدم دارک وأضرب عنقک! قال: إذا أفعل.

فجاءته بنو زهرة [و] قالوا: [له]: ننشدک الله أن تکون أنت الذي تلي هذا من حسين فتبقي عداوة بيننا وبين بني هاشم!!! فرجع إلي عبيدالله فاستعفاه فأبي أن يعفيه، فصمم وسار إليه.

و [کان] مع حسين يؤمئذ خمسون رجلا، وأتاهم من الجيش عشرون رجلا وکان معه من أهل بيته تسعة عشر رجلا. فلما رأي الحسين [أن] عمر بن سعد قد قصد له فيمن معه، قال: يا هؤلاء اسمعوا يرحمکم الله ما لنا ولکم؟ ما هذا بکم يا أهل الکوفة؟ قالوا: خفنا طرح العطاء!!! قال: ما عند الله من العطاء خير لکم يا هؤلاء دعونا فلنرجع من حيث جئنا. قالوا: لا سبيل إلي ذلک! قال: فدعوني أمضي الي الري فأجاهد ديلم. قالوا: لا سبيل إلي ذلک!

قال: فدعوني أذهب إلي يزيد بن معاوية فأضع يدي في يده (وانظر ما تقدم في تعليق الحديث: (273 و 274) في ص 219 و 220.) قالوا: لا ولکن ضع يدک في يد عبيدالله بن زياد!!! قال: أما هذه فلا. قالوا: ليس لک غيرها!!! وبلغ ذلک عبيدالله فهم أن يخلي عنه وقال: والله ما عرض لشئ من عملي وما أراني إلا مخل سبيله يذهب حيث شاء - وإنما کان همة عبيدالله أن يثبت علي العراق - [ف‍] قال شمر ابن ذي الجوشن الضباني: إنک والله إن فعلت [هذا] وفاتک الرجل لا تستقيلها أبدا.

فکتب [عبيدالله] إلي عمر بن سعد: الآن حين تعلقته حبالنا - يرجو النجاة ولات حين مناص فناهضه. وقال لشمر بن ذي الجوشن. سر أنت إلي عمر بن سعد، فإن مضي لما أمرته وقاتل حسينا [فکن معه] وإلا فاضرب عنقه وأنت علي الناس. قال: وجعل الرجل والرجلان يتسللون إلي الحسين من الکوفة فبلغ ذلک عبيدالله فخرج فعسکر بالنخيلة، واستعمل علي الکوفة عمرو بن حريث، وأخذ الناس بالخروج إلي النخيلة وضبط الجسر فلم يترک أحدا يجوزه.

وعقد عبيدالله لحصين بن تيمم الطهوي علي ألفين ووجهه إلي عمر بن سعد مددا له. وقدم شمر بن ذي الجوشن الضبابي علي عمر بن سعد بما أمره به عبيدالله عشية الخميس لتسع خلون من المحرم سنة إحدي وستين بعد العصر فنودي في العسکر فرکبوا [وزحفوا نحو معسکر الحسين] والحسين جالس أمام بيته محتبيا، فنظر إليهم قد أقبلوا [إليه] فقال للعباس بن علي بن أبي طالب: القهم فسلهم ما بدا لهم؟ [فاستقبلهم العباس] فسألهم فقالوا: أتانا کتاب الامير يأمرنا أن نعرض عليک أن تنزل علي حکمه أو نناجزک!! فقال: انصرفوا عنا العشية حتي ننظر ليلتنا هذه فيما عرضتم، فانصرف عمر.

وجمع حسين أصحابه في ليلة عاشوراء ليلة الجمعة فحمد الله وأثني عليه، وذکر النبي صلي الله عليه وسلم وما أکرمه الله به من النبوة، وما أنعم به علي أمته وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتلوکم غدا وقد أذنت لکم جميعا فأنتم في حل مني وهذا الليل قد غشيکم فمن کانت له منکم قوة فليضم رجلا من أهل بيتي إليه وتفرقوا في سوادکم - (حتي يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا علي ما أسروا في أنفسهم نادمين) - [52 / المائدة]. فإن القوم إنما يطلبوني فإذا رأوني لهوا عن طلبکم.

فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدک، لا والله لا نفارقک حتي يصيبنا ما أصابک. وقال ذلک أصحابه جميعا.

فقال [لهم الحسين]: أثابکم الله علي ما تنوون الجنة. فلما أصبح [الحسين عليه السلام] يومه الذي قتل فيه رحمة الله عليه قال: أللهم أنت ثقتي في کل کرب، ورجائي في کل شدة، وأنت لي في کل أمر نزل بي ثقة [وعدة] وأنت ولي کل نعمة وصاحب کل حسنة.

ثم قال الحسين لعمر وأصحابه: لا تعجلوا [علي] حتي أخبرکم خبري: والله ما أتيتکم حتي أتتني کتب أماثلکم: بأن السنة قد أميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عطلت.

فاقدم لعل الله تبارک وتعالي يصلح بک أمة محمد صلي الله عليه وسلم: فأتيتکم فإذکرهتم ذلک فأنا راجع عنکم. وارجعوا إلي أنفسکم فانظروا هل يصلح لکم قتلي؟ أو يحل لکم دمي؟.

ألست ابن بنت نبيکم؟ وابن ابن عمه وابن أول المؤمنين إيمانا؟ أو ليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي؟ أو لم يبلغکم قول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في وفي أخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني [فلا تظلموني ولا تکونوا ظهيرا للمجرمين] وإلا فاسألوا جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأنس بن مالک وزيد بن أرقم. فقال شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله علي حرف إن کان يدري ما تقول!!!

فأقبل الحر بن يزيد - أحد بني رياح بن يربوع - علي عمر بن سعد فقال: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: نعم. قال: أما لکم في واحدة من هذه الخصال التي عرض [عليکم الحسين] رضي؟ قال: لو کان الي فعلت.

فقال: سبحان الله ما أعظم هذا أن يعرض ابن بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم عليکم ما يعرض فتأبونه؟!! ثم مال [الحر] إلي الحسين فقاتل معه حتي قتل، ففي ذلک يقول الشاعر [وهو] المتوکل الليثي: ونعم الحر حر بني رياح - وحر عند مختلف الرماح ونعم الحر ناداه حسين - فجاد بنفسه عند الصباح وقال الحسين: أما والله يا عمر ليکونن لما تري يوما يسؤوک.

ثم رفع الحسين يده مدا إلي السماء فقال: اللهم إن أهل العراق غروني وخدعوني وصنعوا بحسن بن علي ما صنعوا اللهم شتت عليهم أمرهم وأحصهم عددا.

وناوش عمر بن سعد حسينا، فکان أول من قاتل مولي لعبيدالله بن زياد يقال له: سالم، نصل من الصف فخرج إليه عبد الله بن تميم بن (کذا في الاصل، وفي أنساب الاشراف: ج 3 ص 190، ط 1: وخرج يسار مولي زياد، وسالم مولي ابن زياد فدعوا إلي المبارزة، فقال عبد الله بن عمير الکلبي [للحسين]: أبا عبد الله إئذن لي أخرج إليهما [فأذن له] فخرج رجل آدم طوال شديد الساعدين، بعيد ما بين المنکبين فشد عليهما فقتلهما...) فقتله، والحسين جالس عليه جبة خز دکناء وقد وقعت النبال عن يمينه وعن شماله، وابن له - ابن ثلاث سنين - بين يديه فرماه عقبة بن بشر الاسدي فقتله.

ورمي عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بکر بن الحسين بن علي فقتله فقال سليمان بن قتة: وعند غني قطرة من دماءنا - وفي أسد أخري تعد وتذکر قال: ولبس حسين لامته وأطاف به أصحابه يقاتلون دونه حتي قتلوا جميعا، وحسين عليه عمامة سوداء وهو مختضب بسواد، يقاتل قتال الفارس الشجاع.

قال: ودعا رجل من أهل الشام علي بن الحسين الاکبر - وامه آمنة بنت أبي مرة بن عروة ابن مسعود الثقفي وامها بنت أبي سفيان بن حرب - فقال: إن لک بأمير المؤمنين قرابة ورحما، فإن شئت آمناک وامض حيث ما أحببت؟! فقال [علي الاکبر]: أما والله لقرابتي من رسول الله صلي الله عليه وسلم أولي أن ترعي من قرابة أبي سفيان: ثم کر عليه وهو يقول: أنا علي بن حسين بن علي - نحن وبيت الله أولي بالنبي من شمر وعمر وابن الدعي قال: فأقبل عليه رجل من عبد القيس يقال له: مرة بن منقذ بن النعمان فطعنه [فسقط] فحمل فوضع قريبا من أبيه، فقال له [الحسين]: قتلوک يا بني علي الدنيا بعدک العفاء. وضمه أبوه إليه حتي مات، فجعل الحسين يقول: اللهم [إن أهل الکوفة] دعونا لينصرونا فخذلونا وقتلونا.

اللهم فاحبس عنهم قطر السماء، وامنعهم برکات الارض، فإن متعتهم إلي حين ففرقهم شيعا واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا.

وجاء صبي من صبيان الحسين يشتد حتي جلس في حجر الحسين فرماه رجل بسهم فأصاب ثغرة نحره فقتله، فقال الحسين: أللهم إن کنت حبست عنا النصر [آجلا] فاجعل ذلک لما هو خير في العاقبة وانتقم لنا من القوم الظالمين.

وخرج القاسم بن الحسن بن علي - وهو غلام عليه قميص ونعلان - فانقطع شسع نعله اليسري فحمل عليه عمرو بن سعد الازدي فضربه فسقط ونادي: يا عماه.

فحمل عليه الحسين فضربه فاتقاها بيده فقطعها من المرفق فسقط [الرجل] وجاءت خيل الکوفيين ليحملوه وحمل عليهم الحسين فجالوا ووطئوه حتي مات.

ووقف الحسين علي القاسم فقال: عز علي عمک أن تدعوه فلا يجيبک، أو يجيبک فلا ينفعک [هذا] يوم کثر واتره وقل ناصره، وبعدا لقوم قتلوک. ثم أمر به فحمل ورجلاه تخطان علي الارض حتي وضع مع علي بن الحسين.

وعطش الحسين فاستسقي - وليس معهم ماء - فجاءه رجل بماء فتناوله ليشرب، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه فجعل يتلقي الدم بيده ويحمد الله.

وتوجه نحو المسناة يريد الفرات، فقال رجل من بني أبان بن دارم: حولوا بينه وبين الماء. فعرضوا له لفحالوا بينه وبين الماء وهو أمامهم! فقال الحسين: اللهم أظمه.

ورماه الاباني بسهم فأثبته في حنکه، فانتزع السهم وتلقي الدم فملا کفه وقال: اللهم إني أشکو إليک ما فعل هؤلاء. فما لبث الاباني إلا قليلا حتي رئي وإنه ليؤتي بالقلة أو العس - إن کان ليروي عدة - فيشربه فإذا نزعه عن فيه قال: اسقوني فقد قتلني العطش! فما زال بذلک حتي مات.

وجاء شمر بن ذي الجوشن فحال بين الحسين وبين ثقله فقال الحسين: رحلي لکم عن ساعة مباح [کذا] فامنعوه [ما دمت حيا] من [رذا] لکم وطغامکم وکونوا في دنياکم أحرارا إذا لم يکن لکم دين.

فقال شمر: ذلک لک يا ابن فاطمة. قال: فلما قتل أصحابه وأهل بيته بقي الحسين عامة النهار لا يقدم عليه أحد إلا انصرف [عنه] حتي أحاطت به الرجالة. [قال]: فما رأينا مکثورا قط أربط جأشا منه، إن کان ليقاتلهم قتال الفارس الشجاع، وإن کان ليشد عليهم فينکشفون عنه انکشاف المعزي شد فيها الاسد.

فمکث [الحسين] مليا من النهار والناس يتدافعونه ويکرهون الاقدام عليه، فصاح بهم شمر بن ذي الجوشن: ثکلتکم امهاتکم ماذا تنظرون به؟!! اقدموا عليه.

فکان أول من انتهي إليه زرعة بن شريک التميمي فضرب کتفه اليسري وضربه حسين علي عاتقه فصرعه. وبرز له سنان بن أنس النخعي فطعنه في ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره فخر الحسين صريعا، ثم نزل إليه ليحتز رأسه، ونزل معه خولي بن يزيد الاصبحي فاحتز رأسه ثم أتي به عبيدالله بن زياد فقال: أوقر رکابي فضة وذهبا - أنا قتلت الملک المحجبا قتلت خير الناس اما وأبا - وخيرهم إذ ينسبون نسبا فلم يعطه عبيدالله شيئا.

قال: ووجدوا بالحسين ثلاثا وثلاثين جراحة، ووجدوا في ثوبه مأة وبضعة عشر خرقا من السهام وأثر الضرب. وقتل [في] يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدي وستين وله يؤمئذ ست وخمسون سنة وخمسة أشهر.

وکان جعفر بن محمد يقول: قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وقتل مع الحسين اثنان وسبعون رجلا. وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا.

و [هذه أسماء من] قتل [من بني هاشم وأولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام] مع الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما:

1 - الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قتله سنان بن أنس النخعي، وأجهز عليه وحز رأسه الملعون خولي بن يزيد الاصبحي.

2 - والعباس بن علي بن أبي طالب الاکبر، قتله زيد بن رقاد الجنبي وحکيم السنبسي من طئ.

3 - وجعفر بن علي بن أبي طالب الاکبر، قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.

4 - وعبد الله بن علي بن أبي طالب، قتله [أيضا] هانئ بن ثبيت الحضرمي.

5 - وعثمان بن علي بن أبي طالب، رماه خولي بن يزيد بسهم فأثبته، وأجهز عليه رجل من بني أبان بن دارم.

6 - وأبو بکر ابن علي بن أبي طالب، يقال: إنه قتل في ماقية.

7 - ومحمد بن علي بن أبي طالب الاصغر، وامه ام ولد قتله رجل من بني أبان بن دارم.

8 - وعلي بن الحسين الاکبر، قتله مرة بن النعمان العبدي.

9 - وعبد الله بن الحسين قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.

10 - وجعفر بن الحسين.

11 - وأبو بکر بن الحسين علي، قتلهما عبد الله بن عقبة الغنوي.

12 - وعبد الله بن الحسن، قتله حرملة الکاهلي من بني أسد.

13 - والقاسم بن الحسن قتله [عمرو بن سعد الازدي].

14 - وعون بن عبد الله بن جعفر، قتله عبد الله بن قطبة الطائي.

15 - ومحمد بن عبد الله بن جعفر، قتله عامر بن نهشل التميمي.

16 - ومسلم بن عقيل بن أبي طالب قتله عبيدالله بن زياد بالکوفة صبرا.

17 - وجعفر بن عقيل قتله بشر بن حوط الهمداني. ويقال: [قتله] عروة بن عبد الله الخثعمي.

18 - وعبد الرحمان بن عقيل قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهني وبشر بن حوط.

19 - وعبد الله بن عقيل وامه ام ولد، قتله عمرو بن الصبح الصدائي.

20 - وعبد الله بن عقيل الآخر - وامه ام ولد - قتله عمرو بن صبح الصدائي. ويقال: قتله أسيد بن مالک الحضرمي.

21 - ومحمد ابن أبي سعيد ابن عقيل قتله لقيط الجهني.

22 - ورجل من آل [أبي] لهب لم يسم لنا.

23 - ورجل من آل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقال له: أبو الهياج وکان شاعرا.

وسليمان مولي الحسين بن علي قتله سليمان بن عوف الحضرمي.

ومنجح مولي الحسين بن علي.

وعبد الله بن يقطر رضيع الحسين. قتل بالکوفة، رمي به من فوق القصر فمات، وهو الذي قيل فيه: وآخر يهوي من طمار قتيل.

وکان من قتل معه رضي الله عنه من سائر الناس من قبائل العرب من القبيلة الرجل والرجلان والثلاثة ممن صبر معه.

وقد کان ابنا عبد الله بن جعفر لجآ إلي امرأة عبد الله بن قطبة الطائي ثم النبهاني وکانا غلامين لم يبلغا.

وقد کان عمر بن سعد أمر مناديا فنادي: من جاء برأس فله ألف درهم. فجاء ابن قطبة إلي منزله فقالت له امرأته: إن غلامين لجآ إلينا فهل لک أن تشرف بهما فتبعث بهما إلي أهلهما بالمدينة؟ قال: نعم أرنيهما. فلما رآهما ذبحهما وجاء برؤوسهما إلي عبيدالله بن زياد فلم يعطه شيئا، فقال عبيدالله: وددت أنه کان جاءني بهما حيين فمننت بهما علي أبي جعفر يعني عبد الله بن جعفر. وبلغ ذلک عبد الله بن جعفر فقال: وددت أنه کان جاءني بهما فأعطيته ألفي ألف.

ولم يفلت من أهل بيت الحسين بن علي الذين [کانوا] معه إلا خمسة نفر: علي بن الحسين الاصغر، وهو أبو بقية ولد الحسين بن علي اليوم، وکان مريضا فکان مع النساء. وحسن بن حسن بن علي، وله بقية.

وعمرو بن حسن بن علي، ولا بقية له. والقاسم بن عبد الله بن جعفر. ومحمد بن عقيل الاصغر. فإن هؤلاء استضعفوا فقدم بهم وبنساء الحسين بن علي وهن: زينب وفاطمة ابنتا علي بن أبي طالب.

وفاطمة وسکينة ابنتا الحسين بن علي. والرباب بنت أنيف الکلبية امرأة الحسين بن علي وهي ام سکينة وعبد الله المقتول ابني الحسين بن علي. وام محمد بنت حسن بن علي امرأة علي بن الحسين.

وموالي لهم ومماليک عبيد وإماء قدم بهم علي عبيدالله بن زياد مع رأس الحسين بن علي ورؤوس من قتل معه رضي الله عنه وعنهم. ولما قتل الحسين بن علي رضي الله عنه انتهب ثقله فأخذ سيفه الفلافس النهشلي.

وأخذ سيفا آخر [له] جميع بن الخلق الاودي. وأخذ سراويله بحر - الملعون - ابن کعب التميمي فترکه مجردا. وأخذ قطيفته قيس بن الاشعث بن قيس الکندي فکان يقال له قيس قطيفة. وأخذ نعليه الاسود بن خالد الاودي.

وأخذ عمامته جابر بن يزيد. وأخذ برنسه - وکان من خز - مالک بن نسير الکندي. وأخذ رجل من أهلي العراق حلي فاطمة بنت الحسين وهو يبکي!! فقالت: لم تبکي؟ فقال: أسلب ابنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أبکي؟! فقالت: دعه. قال: إني أخاف أن يأخذه غيري!!!

وکان علي بن الحسين الاصغر مريضا نائما علي فراش، فقال شمر بن ذي الجوشن الملعون: اقتلوا هذا. فقال له رجل من أصحابه: سبحان الله أيقتل فتي حدثا مريضا لم يقاتل؟! وجاء عمر بن سعد فقال: لا تعرضوا لهؤلاء النسوة، ولا لهذا المريض. قال علي بن الحسين: فغيبني رجل منهم وأکرم نزلي واحتضنني وجعل يبکي کلما خرج ودخل حتي کنت أقول: إن يکن عند أحد من الناس وفاء فعند هذا، إلي أن نادي منادي ابن زياد: ألا من وجد علي بن الحسين فليأت به فقد جعلنا فيه ثلاث مأة درهم. قال: فدخل والله علي وهو يبکي وجعل يربط يدي إلي عنقي وهو يقول: أخاف!!! فأخرجني والله إليهم مربوطا حتي دفعني إليهم وأخذ ثلاث مأة درهم وأنا أنظر إليها [کذا].

فأخذت فأدخلت علي ابن زياد فقال: ما اسمک؟ قلت: علي بن الحسين. قال: أو لم يقتل الله عليا؟! قال: قلت: کان لي أخ يقال له: علي [وکان] أکبر مني قتله الناس. قال: بل الله قتله. قلت: - (الله يتوفي الانفس حين موتها) فأمر بقتله فصاحت زينب بنت علي: يا ابن زياد حسبک من دمائنا أسألک بالله إن قتلته إلا قتلتني معه. فترکه. وأمر عمر بن سعد بثقل الحسين أن يدخل الکوفة إلي عبيدالله بن زياد، وبعث إليه برأسه مع خولي بن يزيد الاصبحي.

فلما حمل النساء والصبيان فمروا بالقتلي صرخت امرأة منهم: يا محمداه هذا حسين بالعراء، مزمل بالدماء، وأهله ونساؤه سبايا. فما بقي صديق ولا عدو إلا أکب باکيا!!! ثم قدم بهم علي عبيدالله بن زياد، فقال عبيدالله: من هذه؟

فقالوا: زينب بنت علي بن أبي طالب. فقال: کيف رأيت الله صنع بأهل بيتک؟

قالت: کتب عليهم القتل فبرزوا إلي مضاجعهم وسيجمع الله بيننا وبينک وبينهم.

قال: الحمد لله الذي قتلکم وأکذب حديثکم.

قالت: الحمد لله الذي أکرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا.

فلما وضعت الرؤس بين يدي عبيدالله بن زياد جعل يضرب بقضيب معه علي في الحسين وهو يقول: يفلقن هاما من أناس أعزة - علينا وهم کانوا أعق وأشأما فقال له زيد بن أرقم: لو نحيت هذا القضيب فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم کان يضع فاه علي موضع هذا القضيب.

قالوا: وأمر عبيدالله برأس الحسين فنصب. وأمر بحبس من قدم به عليه من بقية أهل الحسين معه في القصر. فقال [له] ذکوان أبو خالد: خل بيني وبين هذه الرؤس فأدفنها. ففعل فکفنها ودفنها بالجبانة. ورکب إلي أجسادهم فکفنهم ودفنهم.

وکان زهير بن القين قد قتل مع الحسين فقالت امرأته لغلام له يقال له: شجرة: انطلق فکفن مولاک. قال: فجئت فرأيت حسينا ملقي فقلت: أکفن مولاي وأدع حسينا!؟ [قال:] فکفنت حسينا ثم رجعت فقلت ذلک لها، فقالت: أحسنت. وأعطتني کفنا آخر وقالت: انطلق فکفن مولاک. ففعلت. وأقبل عمر بن سعد فدخل الکوفة فقال: ما رجع رجل إلي أهله بشر مما رجعت به!! أطعت ابن زياد وعصيت الله وقطعت الرحم.

قال: وقدم رسول من قبل يزيد بن معاوية يأمر عبيدالله أن يرسل إليه بثقل الحسين ومن بقي من ولده وأهل بيته ونسائه. فاستسلفهم أبو خالد ذکوان عشرة ألف درهم فتجهزوا بها (وأيضا قال ابن سعد في الحديث: 110 من الترجمة: أخبرنا علي بن محمد، عن حباب ابن موسي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين قال: حملنا من الکوفة إلي يزيد بن معاوية فغصت طرق الکوفة بالناس يبکون!! فذهب عامة الليل ما يقدرون أن يجوزوا بنا لکثرة الناس، فقلت: هؤلاء الذين قتلونا وهم الآن يبکون!!!

وروي أيضا الدارقطني في عنوان باب محفر ومحفن ولکن نسب ذيل الکلام إلي محفن وانه جري بينه وبين معاوية کما في المؤتلف والمختلف ج 4 ص 2140 وعلقناه علي الحديث: 1109 من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 ص 76 ط 2 وراجع انساب الاشراف ج 3 ص.)

وقد کان عبيدالله بن زياد لما قتل الحسين بعث زحر بن قيس الجعفي إلي يزيد بن معاوية يخبره بذلک. فقدم عليه فقال [له يزيد]: ما وراؤک؟ قال: يا أمير المؤمنين أبشر بفتح الله ونصره!!!

ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته وفي سبعين من شيعته فسرنا إليهم فخيرناهم الاستسلام والنزول علي حکم عبيدالله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال علي الاستسلام فناهضناهم عند شروق الشمس وأحطنا بهم من کل ناحية، ثم جردنا فيهم السيوف اليمانية، فجعلوا يبرقطون إلي غير وزر، ويلوذون منا بالآکام والامر والحفر لوذا کما لاذ الحمائم من صقر فنصرنا الله عليهم فوالله يا أمير المؤمنين ما کان إلا جزر جزور أو نومة قائل حتي کفي [الله] المؤمنين مؤنتهم!!! فأتينا علي آخرهم فهاتيک أجسادهم مطرحة مجردة وخدودهم معفرة ومناخرهم مرملة تسفي عليهم الريح ذيولها بقي شبشب [کذا] تنتابهم عرج الضباع زوارهم العقبان والرخم!!! قال: فدمعت عينا يزيد!!

وقال: کنت أرضي من طاعتکم بدون قتل الحسين!! وقال: کذلک [تکون] عاقبة البغي والعقوق!!!

ثم تمثل يزيد: من يذق الحرب يجد طعمها - مرا وتترکه بجعجاع قال: وقدم برأس الحسين محفز بن ثعلبة العائذي -

[من] عائذة قريش - علي يزيد فقال: أتيتک يا أمير المؤمنين برأس أحمق الناس وألامهم!!! فقال يزيد: ما ولدت ام محفز. أحمق وألام! لکن [کان] الرجل لم يقرأ کتاب الله!!!: - (تؤتي الملک من تشاء وتنزع الملک ممن تشاء - وتعز من تشاء وتضل من تشاء) .

ثم قال بالخيزرانة بين شفتي الحسين وأنشأ يقول: يفلقن هاما من رجال أعزة - علينا وهم کانوا أعق وأظلما - والشعر لحصين بن حمام المري - فقال له رجل من الانصار حضره: ارفع قضيبک هذا فإني رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبل الموضع الذي [قضيبک] وضعته عليه (وبعده في الطبقات الکبري هکذا: قال [ابن سعد]: أخبرنا کثير بن هشام، قال: حدثنا جعفر ابن برقان، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد، قال: لما أتي يزيد بن معاوية برأس الحسين بن علي جعل ينکت بمخصرة معه سنه ويقول: ما کنت أظن أبا عبد الله يبلغ هذا السن؟!)

قال: ثم أتي يزيد بن معاوية بثقل الحسين ومن بقي من أهله ونسائه فأدخلوا عليه [و] قد قرنوا في الحبال فوقفوا بين يديه فقال له علي بن الحسين: أنشدک بالله يا يزيد ما ظنک برسول الله صلي الله عليه وسلم لو رآنا مقرنين في الحبال أما کان يرق لنا؟! فأمر يزيد بالحبال فقطعت وعرف الانکسار فيه.

وقالت له سکينة بنت حسين: يا يزيد بنت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - سبايا؟ فقال: يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليک! وقال: أقسمت بالله لو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه، ولکن فرقت بينه وبينه سمية.

وقال [أيضا]: قد کنت أرضي من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين فرحم الله أبا عبد الله عجل عليه ابن زياد، أما والله لو کنت صاحبه ثم لم أقدر علي دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري لاحببت أن أدفعه عنه، ولوددت اني أتيت به سلما.

ثم أقبل علي علي بن حسين فقال: أبوک قطع رحمي ونازعني سلطاني فجزاه الله جزاء القطيعة والاثم.

فقام رجل من أهل الشام فقال: إن سباءهم لنا حلال!!!

فقال علي بن حسين: کذبت ولؤمت، ما [کان] ذاک لک إلا أن تخرج من ملتنا وتأتي بغير ديننا!. فأطرق يزيد مليا ثم قال للشامي: اجلس.

ثم أمر بالنساء فأدخلن علي نسائه، وأمر نساء آل أبي سفيان فأقمن المأتم علي الحسين ثلاثة أيام، فما بقيت منهن أمرأة إلا تلقتنا تبکي وتنحب وتحن علي حسين ثلاثا.

وبکت ام کلثوم بنت عبد الله بن عامر بن کريز علي حسين وهي يومئذ عند يزيد بن معاوية، فقال يزيد: حق لها أن تعول علي کبير قريش وسيدها. وقالت فاطمة بنت علي لامرأة يزيد: ما ترک لنا شئ. فأبلغت يزيد ذلک فقال يزيد: ما أتي إليهم أعظم ثم ما ادعوا شيئا ذهب لهم إلا أضعفه لهم.

ثم دعا بعلي بن حسين وحسن بن حسن وعمرو بن حسن فقال لعمرو بن حسن - وهو يومئذ ابن إحدي عشرة سنة -: أتصارع هذا؟ يعني خالد بن يزيد.

قال: لا ولکن أعطني سکينا وأعطه سکينا حتي أقاتله فضمه إليه يزيد وقال: شنشنة أعرفها من أخزم، هل تلد الحية إلا حية. قال: وبعث يزيد برأس الحسين إلي عمرو بن سعيد بن العاص وهو عامل له يومئذ علي المدينة، فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إلي! فقال مروان: اسکت. ثم تناول الرأس فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبته فقال: يا حبذا بردک في اليدين - ولونک الاحمر في الخدين کأنما بات بمسجدين والله لکأني أنظر إلي أيام عثمان!

وسمع عمرو بن سعيد الصيحة من دور بني هاشم فقال: عجت نساء بني زبيد عجة - کعجيج نسوتنا غداة الارنب - والشعر لعمر [و] بن معد يکرب في وقعة کانت بين بني زبيد، وبين بني الحرث بن کعب - ثم خرج عمرو بن سعيد إلي المنبر فخطب الناس ثم ذکر حسينا وما کان من أمره وقال: والله لوددت أن رأسه في جسده وروحه في بدنه يسبنا ونمدحه، ويقطعنا کعادتنا وعادته!

فقام ابن أبي حبيش - أحد بني أسد بن عبدالعزي بن قصي - فقال: أما لو کانت فاطمة حية لاحزنها ما تري! فقال عمرو: اسکت - لا سکت - أتنازعني فاطمة وأنا من عقر ظبائها؟ والله إنه لابننا وإن امه لابنتنا!!! أجل والله لو کانت [فاطمة] حية لاحزنها قتله ثم لم [تلم] من قتله يدفع عن نفسه!!! فقال ابن أبي حبيش: إنه ابن فاطمة، وفاطمة بنت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي.

ثم أمر عمرو بن سعيد برأس الحسين فکفن ودفن بالبقيع عند قبر امه. وقال عبد الله بن جعفر: لو شهدته لاحببت أن أقتل معه. ثم قال: عز علي بمصرع حسين.

ثم بعث (من قوله: ثم بعث - إلي قوله - ومتي شاؤا کان مقدما في الاصل علي قوله: وبعث يزيد برأس الحسين إلي عمرو بن سعيد.. وأخرناه لانه أوفق.) يزيد إلي المدينة فقدم عليه بعدة من ذوي السن من موالي بني هاشم ثم من موالي بني علي وضم إليهم بعدة من موالي أبي سفيان، ثم بعث بثقل الحسين ومن بقي من نسائه وأهله وولده معهم وجهزهم بکل شئ ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر لهم بها.

وقال لعلي بن حسين: إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمک ونعرف لک حقک فعلت. وإن أحببت أن أردک إلي بلادک وأصلک؟ قال: بل تردني إلي بلادي.

فرده إلي المدينة ووصله، وأمر الرسل الذين وجههم معهم أن ينزلوا حيث شاوؤا ومتي شاؤا. وبعث بهم مع محرز بن حريث الکلبي ورجل من بهراء، وکانا من أفاضل أهل الشام.(وهذا المعني ذکره ابن عساکر في ترجمة محرز من تاريخ دمشق: ج 54 ص 543 وفي النسخة الظاهرية، ج 19 / الورق... ثم قال: وتقدم ذلک في ترجمة الحسين.

أقول: قد سبرنا ترجمة الامام الحسين من نسخة ترکيا والظاهرية وکتبناها حرفية فلم نجد لما أشار إليه ابن عساکر عينا ولا أثرا فيستکشف من ذلک أن النواصب عمدوا إلي الترجمة فحذفوا منها ما رواه المصنف في مقتل الحسين عليه السلام، سترا علي مخازي بني أمية و معاندة لاهل البيت عليهم السلام!!! وليس هذا بأول مشاقاتهم وخياناتهم للحق والحقيقة، ولهم مواقف جمة في معاندة الحق ووضع الايادي الخائنة علي التصرف في ودائع العلماء!!!.).