بازگشت

حامل اللواء


قد شاع هذا اللقب بين الناس، فتعرفه المسلمون القدماء بحامل لواء الحسين عليه السلام، و تسميه عوام العرب اليوم: بالبيرغجي - و هذه نسبة تركية، و تطلق عليه الفرس لفظ (علم دار حسين). و قد كان هذا اللقب، و هو حمل اللواء، أشهر ألقاب العباس الأكبر عليه السلام، و أيسرها ذكرا، لأن ذلك قد صدر من أخيه الامام الحسين عليه السلام فعلا و قولا. أما الفعل، فقد دفع اليه لواءه الأعظم باتفاق حملة الأثر، و أهل العلم بالخبر. و أما القول، فقد تكرر منه عليه السلام مرارا منها لما أراد الحملة، قال: أنت حامل لوائي، و منها لما وقف عليه صريعا. و سنورد جميع ذلك في فصل مقتله عليه السلام. و قد أكثر الشعراء من مدحه بحمل


اللواء، كقول بعضهم عاقدا قول الحسين عليه السلام:



لمن اللوا أعطي و من هو جامع

شملي و في ضنك الزحام يقيني



في أشعار كثيرة يأتي بعضها في تأبينه عليه السلام

[...] الحرب التي شهدها الحسين عليه السلام بنفسه:

و هي التي استشهد فيها، و هي وقعة كربلاء، تلك الفاجعة العظمي، و الوقعة الكبري التي بقيت ذكراها علي مر الأحقاب. فقد كان عليه السلام منذ خروجه من الحجاز عقد لواء، و دفعه الي أخيه أبي الفضل العباس الأكبر عليه السلام، ذلك البطل العلوي العظيم، فحمله بين يديه الي حين التحام تلك الحرب التي جلبت لأمية خزي الأبد، و جرت اليها شؤم الدهر، فهاجم قوات الأعداء المحدقة بهم مرارا عديدة، و استنقذ بعض أنصارهم الذين طوقهم الأعداء. و كان أبوالفضل عليه السلام لا يقف في حملته دون أن ينتهي الي مركز عميد عسكر الأعداء، ليرعب بتلك الهجمات قلوب أمراء القوات المعادية، و يذكرهم بالشجاعة العلوية، التي لم تغب عنهم ذكراها أيام كافحوا معه أهل الجمل و صفين. و قد قيل في تأبينه:



لك موقف بالطف أنسي أهله

حرب العراق بملتقي صفين



فلم يزل أبوالفضل العباس عليه السلام، علي شدة الخطر، مبتهجا مرتاحا، و وجوه الأعداء كالحة مقطبة لحراجة الموقف، و فظاعة المعترك، و يعود رافلا بالحديد، مغيرا علي جواده المحلق كنسر الجو، منقضا علي حرس الشرائع، و تلك القوات المتكدسة علي ضفافها، فيصدم تلك الحامية، و يشق صفوفها المتراصة، و يخترق خطوطها المحصنة، و ينزل بعد امتلاك المشرعة الي الماء، فيملي ء السقاء لعطاشي آل الرسول.

و عقد الحسين عليه السلام رايتين، دفع أحدهما لقائد الجبهة اليمني زهير بن القين البجلي، و الأخري لقائد الجبهة اليسري حبيب بن مظاهر الأسدي. و في رواية المرندي، أن الحسين عليه السلام عقد رايات كثيرة، ذكرنا ذلك في كتابنا «أعلام النهضة الحسينية».


و قد أكثر الشعراء في مراثيه عليه السلام من ذكر اللواء، كقول بعضهم عن لسان الحسين عليه السلام:



لمن اللوا أعطي و من هو جامع

شملي و في ضنك الزحام يقيني



سيأتي في فصل شهادته، في الجزء الثالث، الروايات و حكايات المؤرخين في حملة لواء الحسين عليه السلام، و ما قاله الحسين عليه السلام.

و من ألقاب العباس عليه السلام، العميد و السفير، و هما من الألقاب المشهورة، و يأتي ذكر هما في الجزء الثالث في وظائفه.

و من ألقاب العباس الأكبر عليه السلام ما هو دون ما تقدم في الشهرة، منها: الصابر و المحتسب، و المواسي، و الطيار. أما الصبر و الاحتساب، فأمر ظاهر. فانه عليه السلام صبر علي الظلمأ، و حد السلاح، و احتسب نفسه العزيزة و نفوس اخوته الأشقاء و أولاده الأعزاء في ذات الله؛ ففدي بنفسه و بهم، أخاه الامام، و احتسب جميع ما أصابه في ذات الله. و أما المواساة، فسنذكرها في صفاته، و جميع هذه الخصال جاء مدحه بها عن لسان أئمة أهل البيت عليهماالسلام في زيارته و غيرها.

المظفر، بطل العلقمي، 107 - 106، 73 - 72 / 2