بازگشت

اما سقاية العباس


فقد تكررت منه مرارا، منها: ليلة العاشر، نفذ بأمر أخيه الحسين عليه السلام لطلب الماء.


و منها يوم العاشر قبل مقتله سمع صراخ العائلة و ضجة الصبية من الظمأ، فاستأذن سيده الحسين عليه السلام، فأذن له. و منها يوم العاشر أيضا، و لكن ساعة مقتله. و قد قال له الحسين عليه السلام: احمل معك القربة، و في هذه النوبة تمكن من الوصول الي المشرعة و مل ء القربة، لكنه لم يتمكن من ايصال الماء الي العائلة، لأن حرس الماء قد تداعوا عليه من كل صوب، و أحاطوا به من كل وجه، فقطعوا عليه خط الرجعة، و علموا أن سلامة القربة تحثه علي اختراق تلك الصفوف، و أن الجموع مهما تراكمت و تكاتفت عليه، سيشقها نافذا الي الحسين عليه السلام، و أنه يصل الي مقصده لا محالة، فرأوا من المستحيل صده عن مقصده الا باراقة ماء القربة، فان اراقة ماءها يوجب ضعف عزيمته، و يوهن عزمه، و ينهك قوي نهضته، فتعمدوا القربة، و جعلوها هدفا و رشقوه رشقا متواصلا، فأصابها بعض السهام المحددة نحوها، فشقها و أريق الماء، فكانت هي السبب لأن يقف هدفا للسهام، و غرضا للأسنة و الظباة، و آثر حينئذ المنية علي مواجهة العائلة اللهيفة التي ترقب طلوعه عليها بالمنعش و المنقذ من لهفة الصدا، و رأي أن موتة الحر الكريم أيسر من ايراد حجج الاعتذار، و هذه القصة الأخيرة نوردها مفصلة في حديث شهادته في الجزء الثالث.