رثاء السيد الحميري و كثير بن عبدالرحمان
و قال كثير بن عزة فيه، و كان رافضيا يقول بالرجعة:
ألا [1] ان الأئمة من قريش
ولاة الحق [2] أربعة سوآء
علي و الثلاثة من بنيه
هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط ايمان و بر
و سبط غيبته كربلاء [3] .
و سبط لا يذوق الموت حتي
يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يري عنهم [4] زمانا
برضوي عند عسل و ماء
ابن قتيبة، عيون الأخبار، 145 - 144 /2 مثله ابن عبدربه، العقد الفريد، 220 / 2 (ط دارالفكر)؛ الخوارزمي، مقتل الحسين، 129 / 2
و ذكر التميمي - و هو علي بن اسماعيل - عن أبيه قال: كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد اذ استأذن آذنه للسيد، فأمره بايصاله، و أقعد حرمه خلف ستر.و دخل فسلم و جلس. فاستنشده فأنشده قوله:
امرر علي جدث الحسي
ن فقل لأعظمه الزكيه
يا أعظما [5] لا زلت من
وطفاء [6] ساكبة رويه
و اذا [7] مررت بقبره
فأطل به وقف المطيه
و ابك المطهر للمطه
ر و المطهرة النقيه
كبكاء معولة أتت
يوما لواحدها المنيه [8] .
قال: فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحدر علي خديه، وارتفع الصراخ و البكاء [9] من داره، حتي أمره بالامساك فأمسك [10] . قال: فحدثت أبي بذالك لما انصرفت؛ فقال لي: ويلي علي الكيساني الفاعل ابن الفاعل! يقول:
فاذا مررت بقبره
فأطل به وقف المطيه
فقلت: يا أبت، و ماذا يصنع؟ قال: أو لا ينحر! أو لا يقتل نفسه! فثكلته أمه!
أبوالفرج، الأغاني، 241 - 240 / 7 عنه: القمي، نفثة المصدور (ملحق بنفس المهموم)، /671 - 670؛ الأمين، أعيان الشيعة، 586 / 1؛ المحمودي، زفرات الثقلين، 249 - 248 /1
و قال التميمي و حدثني أبي قال: قال لي فضيل الرسان [11] :
انشد جعفر بن محمد قصيدة السيد:
لام عمرو باللوي مربع
دارسة أعلامه بلقع
فسمعت النحيب من داره. فسألني لمن هي، فأخبرته أنها للسيد، و سألني عنه فعرفته و فاته؛ فقال: رحمه الله. قلت: اني رأيته يشرب النبيذ في الرستاق؛ قال: أتعني الخمر؟ قلت نعم. قال: و ما خطر ذنب عندالله أن يغفره لمحب علي!.
أبوالفرج، الأغاني، 242 - 241 / 7
أخبرني الحسن بن محمد بن الجمهور القمي [12] ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبوداوود المسترق راوية السيد:
أنه حضر يوما و قد ناظره محمد بن علي بن النعمان المعروف بشيطان الطاق [13] في الامامة، فغلبه محمد في دفع ابن الحنفية عن الامامة؛ فقال السيد:
ألا يا أيها الجدل [14] المعني
لنا، ما نحن ويحك و العناء!
أتبصر ما تقول و أنت كهل
تراك عليك من ورع رداء [15] .
ألا ان الأئمة من قريش
ولاة الحق أربعة سواء
علي و الثلاثة [16] من بنيه
هم أسباطه و الأوصياء
فأني في وصيته اليهم
يكون الشك منا و المراء
بهم [17] أوصاهم و دعا اليه
جميع الخلق لو سمع الدعاء
فسبط سبط ايمان و حلم
و سبط غيبته كربلاء
سقي جدثا تضمنه ملث
هتوف الرعد مرتجز رواء [18] .
تظل مظلة منها عزال [19]
عليه و تغتدي أخري ملاء
و سبط لا يذوق الموت حتي
يقود الخيل يقدمها اللواء
من البيت المحجب في سراة
شراة لف بينهم الاخاء
عصائب ليس دون أغر أجلي
بمكة قائم لهم انتهاء
- و هذه الأبيات بعينها تروي لكثير - ذكر ذلك ابن أبي سعد، فقال: و أخبرني أحمد بن عبدالعزيز، قال: حدثنا علي بن محمد النوفلي، قال: حدثني ابراهيم بن هاشم العبدي
البصري قال:
رأيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم في المنام و بين يديه السيد الشاعر و هو ينشد:
أجد بآل فاطمة البكور
فدمع العين منهمر غزير
حتي أنشده اياها علي آخرها و هو يسمع. قال: فحدثت هذا الحديث رجلا جمعتني و اياه طوس [20] عند قبر علي بن موسي الرضا، فقال لي: والله لقد كنت علي خلاف فرأيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم في المنام و بين يديه رجل ينشد:
أجد بآل فاطمة البكور
الي آخرها؛ فاستيقظت من نومي و قد رسخ في قلبي من حب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما كنت أعتقده.
أخبرني وكيع، قال: حدثني اسحاق بن محمد، قال: حدثنا أبوسليمان الناجي و محمد ابن حليم [21] الأعرج قالا:
كان السيد اذا استنشد شيئا من شعره لم يبدأ بشي ء الا بقوله:
أجد بآل فاطمة البكور
فدمع العين منهمر غزير
قال اسحاق: و سمعت العتبي يقول: ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره.
أبوالفرج، الأغاني، 247 - 245 / 7
الحميري:
بكت الأرض فقده و بكته
باحمرار له نواحي السماء
بكتا فقده أربعين صباحا
كل يوم عند الضحي و المساء
ابن شهر آشوب، المناقب، 54 / 4
الحميري:
في حرام من الشهور أحلت
حرمة الله و الحرام حرام
و له أيضا:
كربلاء يا دار كرب و بلاء
و بها سبط النبي قد قتلا
ابن شهر آشوب، المناقب، 86 / 4 عنه: المحمودي، زفرات الثقلين، 248 /1
قال ابن حماد [22] :
لست أنساه حين أيقن بالمو
ت دعاهم و قام فيهم [23] خطيبا
ثم قال ارجعوا الي أهلكم فل
يس سواي أري لهم مطلوبا
فأجابوه و العيون سكوب
وحشاهم قد شب منها لهيبا [24] .
أي عذر لنا غدا حين نلقي
جدك المصطفي و نحو حروبا
ابن شهرآشوب، المناقب، 99 / 4 عنه: المحمودي، زفرات الثقلين، 352 /1
قال قرة بن قيس التميمي: نظرت الي النسوة لما مررن بالحسين عليه السلام صحن و لطمن خدودهن فاعترضتهن علي فرس فما رأيت منظرا من نسوة قط أحسن منهن.
و يحسن ايراد السيد الحميري في سبط النبي:
امرر علي جدث الحسين
و قل لأعظمه الزكية
يا أعظما لا زلت من
وطفاء ساكبة روية
و اذا مررت بقبره
فأطل به وقف المطية
وابك المطهر للمطهر
و المطهرة التقية
كبكاء معولة أتت
يوما لواحدها المنية
ابن نما، مثير الأحزان، /44
وروي أبوالفرج المرواني في أخبار السيد الحميري من كتاب الأغاني، ج 7، ص 240، قال:
و ذكر التميمي - و هو علي بن اسماعيل - عن أبيه قال:
كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام اذ استأذن آذنه للسيد؛ فأمره بايصاله [اليه] وأقعد حرمه خلف ستر، فدخل فسلم و جلس، فاستنشده فأنشده قوله:
أمرر علي جدث الحسين
[...] [25] .
[ما لذ عيش بعد رض
ك بالجياد الأعوجيه
قبر تضمن طيبا
آباؤه خير البريه
آباؤه أهل الرياسة
و الخلافة و الوصيه
و الخير والشيم المهذبة
المطيبة الرضيه]
فاذا مررت بقبره
[...]
[والعن صدي عمر بن سعد
والملمع بالنقيه
شمر بن جوشن الذي
طاحت به نفس شقيه
جعلوا ابن بنت نبيهم
غرضا كما ترمي الدريه [26] .
لم يدعهم لقتاله
الا الجعالة والعطيه
لما دعوه لكي تحكم
فيه أولاد البغيه
أولاد أخبث من مشي
مرحا و أخبثهم سجيه
فعصاهمو و أبت له
نفس معززة أبيه
فغدوا له بالسابغات
عليهمو و المشرفيه [27] .
و البيض و اليلب اليما
ني و الطوال السمهريه [28] .
و همو ألوف و هو في
سبعين نفس هاشميه
فلقوه في خلف لأح
مد مقبلين من الثنيه
مستيقنين بأنهم
سيقوا لأسباب المنيه
يا عين فابكي ما حيي
ت علي ذوي الذمم الوفيه
لا عذر في ترك البكا
ء دما و أنت به حريه]
و الأبيات ذكرت - بزيادات الأشطر التي وضعناها بين المعقوفين - فيما جمع باسم ديوان السيد الحميري، ص 469، نقلا عن أعيان الشيعة: ج 12، ص 275، و الأغاني: ج 7، ص 240، و تاريخ الاسلام السياسي: ج 2، ص 146.
و أيضا قال السيد الحميري:
توفي النبي عليه السلام
و لما تغيب في الملحد [29]
أزالوا الوصية عن أقربيه
الي الأبعد الأبعد الأبعد
و كادا مواليه من بعده
فيا عين جودي و لا تجمدي
و أولاد بنت رسول الاله
يضامون فيها و لم تكمد [30] .
فهم بين قتلي و مستضعف
و منعفر في الثري مفصد [31] .
و له رحمه الله أيضا:
أليس عجيبا أن آل محمد
قتيل و باق هائم و أسير
تنام الحمام الورق عند هجوعها
ونومهم عند الرقاد زفير [32] .
المحمودي، زفرات الثقلين، 250 - 248 / 1
پاورقي
[1] [في العقد الفريد مکانه: «في ذلک يقول الشاعر: ألا...»، و في الخوارزمي: «و لکثير بن عبدالرحمان الشهير بکثير عزة: ألا..»].
[2] [العقد الفريد: «العدل»].
[3] الي هنا حکاه في العقد الفريد].
[4] [الخوارزمي: «فيهم»].
[5] [نفس المهموم: «أأعظما»].
[6] وطفاء: بينة الوطف. و الوطف في السحاب: أن يکون في وجهه کالحمل الثقيل، أو هو استرخاء في جوانبه لکثرة مائه.
[7] [الزفرات: «فاذا»].
[8] [لم هنا حکاه عنه في الزفرات].
[9] [لم يرد في أعيان الشيعة].
[10] [الي هنا حکاه عنه في نفثة المصدور و أعيان الشيعة].
[11] هو فضيل الرسان ابنالزبير من أصحاب محمد بن علي و أبيخالد الواسطي، ومنصور بن أبيالأسود، و کان من متکلمي الزيدية.
[12] کذا في کتاب الديارات للشابشتي و معجم البلدان لياقوت أثناء کلامهما علي «دير قني» و هو منسوب الي قم. و قم (بضم القاف و تشديد الميم): مدينة بين أصبهان و ساوة. و في الأصول: «العمي» بالعين المهملة، و هو تحريف. [و هو الصحيح: نسبة الي بني العم قبيلة بالبصرة و غيره تصحيف].
[13] الطاق: حصن بطبرستان. و به سکن محمد هذا، و اليه تنسب الطائفة الشيطانية من غلاة الشيعة.
[14] الجدل: الشديد الخصومة.
[15] في أ، د، م: «رواء» بالواو.
[16] الثلاثة: يعني بهم محمد ابن الحنفية و الحسن و الحسين.
[17] کذا في الأصول.
[18] ألث المطر الثاثا: دام أياما لا يقلع. وارتجز الرعد: تتابع صوته. و الرواء: الکثير المروي.
[19] العزالي: جمع عزلاء و هي مصب الماء من الراوية و القربة في أسفلها حيث يستفرغ ما فيها من الماء. يقال: أرسلت السماء عزاليها أي کثر مطرها، يشبه اتساع المطر و اندفاقه بما يخرج منها.
[20] طوس: مدينة بخراسان بينها و بين نيسابور نحو عشرة فراسخ، بها قبر هارون الرشيد.
[21] في أ، د، م: «حکيم» بالکاف.
[22] [في الزفرات مکانه: «قال السيد الحميري هذه الأبيات کما في الغدير 272 / 2 عن لسان الميزان، 438 /1 و أعيان الشيعة، 131 /12: ولکن الحافظ ابنشهرآشوب رحمه الله نسب الأبيات الي ابنحماد...»].
[23] [في المطبوع: «فهم»].
[24] سکب الماء: انصب. و شب النار: أوقدها.
[25] [ما في داخل المعقوفتين في ص 1089 تم ارجاعه الي الأغاني].
[26] الدرية: الصيد الذي يصاد بخدعة.
[27] السابغات: جمع سابغة: واسعة. طويلة، و هي من صفات الدروع و الرماح. و المشرفية: السيوف المصنوعة من قري عربية تسمي المشارف.
[28] اليلب - علي زنة السبب، و واحدتها يلبة -:الترسة أو الدروع اليمانية من الجلود. و قيل: جلود يخرز بعضها الي بعض و تلبس علي الرؤوس خاصة. و السمهرية: الرماح الصلبة.
[29] الظاهر أن هذا هو الصواب، و في أصلي: «فلما تغيب في الملحد» و الملحد: القبر. و القصة من ضروريات فن التاريخ.
[30] کذا في أصلي، و لعل الصواب: «يضامون فيها و يستکمد»؟.
[31] منعفر: متمرغ. و الثري: التراب أو الندي منه. و مفصد: مشقوق العروق.
[32] الورق: جمع الأوراق، و حمام الورق: الذي يضرب لونه الي الخضرة: و الهجوع - کهجوم - النوم أو نوم الليل.