رثاء عوف بن عبدالله
و أنشد عوف بن عبدالله بن الأحمر قصيدة طويلة يحرض فيها الشيعة علي القيام علي قتلة الحسين بن علي عليهماالسلام و يرثيه فيها، أولها:
صحوت و ودعت الصبا و الغوانيا
و قلت لأصحابي أجيبوا المناديا
و قولوا له اذ قام يدعو الي الهدي
و قتل العدا لبيك لبيك داعيا
و قودوا الي الأعداء كل طمرة
عيوف و قودوا السابحات المذاكيا
و سيروا الي القوم المحلين حسبة
و هزوا الحراب نحوهم و العواليا
ألسنا بأصحاب الخريبة و الأولي
قتلنا بها التيمي حزان باغيا
و نحن سمونا لابن هند بجحفل
كركن دبا تزجي اليه الدواهيا
فلما التقينا بين الضرب أينا
بصفين كان الأضرع المتفاديا
دلفنا فأفلينا صدورهم بها
غداة اذ زرقا ظماء صواديا
و ملنا رجالا بالسيوف عليهم
نشق بها هاماتهم والتراقيا
فذدناهم من كل وجه و جانب
و حزناهم حوز الرعا المثاليا
زويناهم حتي أزلنا صفوفهم
فلم نر الا مستخفا و كابيا
و حتي ظللت ما أري من مغفل
و أصبحت القتلي جميعا ورئيا
و حتي أعاذوا بالمصاح واتقوا
بها وقعات يختطفن المحاميا
فدع ذكر ذا لا تيأسن من ثوابه
وتب واعن للرحمن ان كنت عانيا
الأوانع خير الناس اما و والدا
حسينا لأهل الدين ان كنت ناعيا
ليبك حسينا كل ما ذر شارق
و عند غسوق الليل من كان باكيا
ليبك حسينا من رعي الدين والتقي
و كان لتضعيف المثوبة راجيا
ليبك حسينا كل غان و يابس
و أرملة لم تعدم الدهر لاجيا
ليبك حسينا مملق و خصاصة
عديم و أيتام تشكي المواليا
لحا الله قوما أشخصوه و غروا
فلم ير يوم البأس منهم محاميا
ولا موفيا بالوعد اذ حمس الوغا
و لا زاجرا عنه المضلين ناهيا
و لا قائلا: لا تقتلوه فتسحتوا
و من يقتل الزاكين يلقي المخازيا
فلم يك الا ناكبا أو مقاتلا
و ذا فجرة يسعي عليه معاديا
سوي عصبة لم يعظم القتل عندهم
يشبهها الراءون أسدا ضواريا
و قوه بأيديهم و حر وجوههم
و باعوا الذي يفني بما كان باقيا
و أضحا حسين للرماح درية
فغودر مسلوبا لدي الطف ثاويا
قتيلا كأن لم يغن بالناس ليلة
جزا الله قوما أسلموه الجوازيا
فيا ليتني اذ ذاك كنت شهدته
فضاربت عنه الشانئين الأعاديا
و دافعت عنه ما استطعت مجاهدا
و أعملت سيفي فيهم و سنانيا
ولكن قعدت في معاشر ثبطوا
و كان قعودي ضلة من ضلاليا
فما تنسني الأيام من نكباتها
فاني لن ألفي له الدهر ناسيا
و يا ليتني غودرت فيمن أجابه
و كنت له من مفظع القتل فاديا
و يا ليتني أخطرت عنه باسرتي
و أهلي و خلاني جميعا و ماليا
سقي الله قبرا ضمن المجد و التقي
بغربية الطف الغمام الغواديا
فتي حين سيم الخسف لم يقبل التي
تذل العزيز أو تجر المخازيا
ولكن مضي لم يملأ الموت نحره
فبورك مهديا شهيدا و هاديا
ولو أن صديقا تزيل وفاته
حصون البلاد و الجبال الرواسيا
لزالت جبال الأرض من عظم فقده
و أضحي له الحصن المحضض خاويا
و قد كسفت شمس الضحي لمصابه
و أضحت له الآفاق حمرا بواديا
فيا أمة تاهت و ضلت عن الهدي
أنيبوا فأرضوا الواحد المتعاليا
و توبوا الي التواب من سوء صنعكم
و الا تتوبوا تلقوا الله غانيا
و كونوا شراة بالسيوف و بالقنا
تفوزوا و قدما فاز من كان شاريا
و فتيان صدق دون آل نبيهم
أصيبوا و هم كانوا الولاة الأدانيا
و اخواننا الأولي اذا الليل جنهم
تلوا طول الفرقان ثم المثانيا
أصابهم أهل الشناءة و العدا
فحتي متي لا نبعث الجيش غازيا
و حتي متي لا أعتلي بمهند
قذا ابن وقاص و أدرك ثاريا
و اني زعيم أن تراخت منيتي
بيوم لهم منا يشيب النواصيا [1] .
المحلي، الحدائق الوردية، 132 - 131 / 1
وروي المرزباني في معجم الشعراء ص 277 ط دار الكتب العلمية بيروت قال:
شهد [عوف] مع علي عليه السلام صفين، و له قصيدة طويلة رثي فيها الحسين عليه السلام و حض الشيعة علي الطلب بدمه، و كانت هذه المرثية تخبأ أيام بني أمية [مخافة منهم و] انما خرجت بعد [زوال ملكهم] [2] - كذا قال ابن الكلبي؟ - [و] منها:
و نحن سمونا لابن هند بجحفل
كرجل الدبي يزجي اليه الدواهيا [3] .
فلما التقينا بين الضرب أينا
بصفين كان الأضرع المتوانيا [4] .
ليبك حسينا كلما ذر شارق
و عند غسوق الليل من كان باكيا [5] .
لحا الله قوما أشخصوه و عردوا [6] .
فلم ير يوم البأس منهم محاميا
و لا موفيا بالعهد اذ حمس الوغي [7] .
و لا زاجرا عنه المضلين ناهيا
فيا ليتني اذ كان كنت شهدته
فضاربت عنه الشانئين الأعاديا
و دافعت عنه ما استطعت مجاهدا
و أعملت سيفي فيهم و سنانيا
و هكذا رواها السيد الأمين رفع الله مقامه في ترجمة الرجل من أعيان الشيعة:ج 43 ص 337 عدا ما بين المعقوفات فانها زيادات توضيحية منا.
المحمودي، زفرات الثقلين، 119 - 118 / 1
پاورقي
[1] [و سيأتي بتمامه في 8 / عند قيام التوابين].
[2] و ما أکثر ما أخفي من ضجيج المظلومين و معالي الصديقين في أيام طواغيط الأموية و العباسية.
[3] سمونا: شخصنا و خرجنا اليه، و الجحفل: الجيش الکبير. الدبي: الجراد. يزجي: يسوق و الدواهي: المصائب.
[4] الأضرع: الأذل. و المتواني: الضعيف، الکليل.
[5] ذر شارق: طلع شارق. و الشارق يراد به الشمس هاهنا. و غسوق الليل: ظلمة أوله.
[6] لحا الله قوما: قبحهم و لعنهم. و أشخصوه: أخرجوه. و عردوا: هربوا.
[7] حمس: اشتد. والوغي: الحرب.
صحوت: استيقظت من نومة السکر. و الصبا: عمل الجهال. و الغواني: الجميلات من النساء.