بازگشت

من هو يزيد؟ و هل يجوز لعنه؟


عبدالله بن حنظلة الغسيل: [...] أخبرنا [1] محمد بن عمر، قال: ثنا اسماعيل بن ابراهيم ابن عبدالرحمان بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي، عن أبيه، قال: و أخبرنا ابن أبي ذئب، عن صالح بن أبي حسان، قال: و حدثنا سعيد بن محمد، عن عمرو بن يحيي، عن عباد ابن تميم، عن عمه عبدالله بن زيد، و عن غيرهم [2] أيضا كل قد حدثني قالوا [3] : لما وثب أهل المدينة ليالي الحرة، فأخرجوا بني أمية عن المدينة، و أظهروا عيب يزيد بن معاوية و خلافه [4] . أجمعوا علي عبدالله بن حنظلة،فأسندوا أمرهم اليه، فبايعهم علي الموت، و قال: يا قوم! اتقوا [5] الله وحده لا شريك له، فوالله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء، أن رجلا ينكح الأمهات و البنات و الأخوات و يشرب الخمر، ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا. فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي. [6] .

ابن سعد، الطبقات، 47، 46 / 5 عنه: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 296 - 295/ 29؛ الفيروزآبادي، فضائل الخمسة، 389 / 3

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا أبوعبدالرحمان، ثنا حيوة، أخبرني بشير بن أبي عمرو الخولاني أن الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أباسعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: يكون خلف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات،


فسوف يلقون غيا، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، و يقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن، و منافق، و فاجر. قال بشير: فقلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة؟ فقال: المنافق كافر به، و الفاجر يتأكل به، و المؤمن يؤمن به.

ابن حنبل، المسند، 39 - 38 / 3

باب قول النبي صلي الله عليه و آله: هلاك أمتي علي يدي أغيلمة سفهاء: حدثنا موسي بن اسماعيل، حدثنا عمرو بن يحيي بن سعيد بن عمرو [7] بن سعيد، قال: أخبرني جدي، قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي صلي الله عليه و آله بالمدينة و معنا مروان، قال أبوهريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: هلكة أمتي علي يدي غلمة من قريش. فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمة. فقال أبوهريرة: لو شئت أن أقول بني فلان و بني فلان لفعلت، فكنت أخرج مع جدي الي بني مروان حين ملكوا بالشام فاذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا: عسي هؤلاء أن يكونوا منهم. قلنا: أنت أعلم.

البخاري، الصحيح، 60 / 9 عنه: الفيروزآبادي، فضائل الخمسة، 387 / 3

و ذكر أبوهارون العبدي، قال: رأيت أباسعيد الخدري، و لحيته بيضاء، و قد خف جانباها، و بقي وسطها، فقلت: «يا أباسعيد، ما حال لحيتك؟».

فقال: «هذا فعل ظلمة أهل الشام يوم الحرة، دخلوا علي بيتي، فانتهبوا ما فيه حتي أخذوا قدحي الذي كنت أشرب فيه الماء، ثم خرجوا، و دخل علي بعدهم عشرة نفر، و أنا قائم أصلي، فطلبوا البيت، فلم يجدوا فيه شيئا، فأسفوا لذلك، فاحتملوني من مصلاي، و ضربوا بي الأرض، و أقبل كل رجل منهم علي ما يليه من لحيتي، فتنفه، فما تري منها خفيفا فهو موضع النتف، و ما تراه عافيا فهو ما وقع في التراب، فلم يصلوا اليها، و سأدعها كما تري أوافي بها ربي». [8]

الدينوري، الأخبار الطوال، / 269 - 268 (ط منشورات الرضي)


دخل أبوحمزة الخارجي [9] مكة - و هو أحد نساك الا باضية و خطبائهم، و اسمه يحيي ابن المختار - فصعد منبرها متوكئا علي قوس له عربية، فحمد الله و أثني عليه ثم قال:

أيها الناس! ان رسول الله صلي الله عليه و آله كان لايتأخر و لا يتقدم الا باذن الله و أمره و وحيه، أنزل الله كتابا بين له فيه ما يأتي و ما يتقي، و لم يك في شك من دينه، و لا في شبهة من أمره، ثم قبضه الله و قد علم المسلمين معالم دينهم، و ولي أبابكر صلاتهم، فولاه المسلمون أمر دنياهم حين ولاه رسول الله أمر دينهم، فقاتل أهل الردة، و عمل بالكتاب و السنة، فمضي لسبيله رحمة الله عليه.

ثم ولي عمر بن الخطاب رحمه الله، فسار بسيرة صاحبه، و عمل بالكتاب و السنة، و جبي الفي ء، و فرض الأعطية، و جمع الناس في شهر رمضان، و جلد في الخمر ثمانين، و غزا العدو في بلادهم، و مضي لسبيله رحمة الله عليه.

ثم ولي عثمان بن عفان، فسار ست سنين بسيرة صاحبيه؛ و كان دونهما، ثم سار في الست الأواخر بما أحبط به الأوائل، ثم مضي لسبيله.

ثم ولي علي بن أبي طالب، فلم يبلغ من الحق قصدا، و لم يرفع له منارا، ثم مضي لسبيله.

ثم ولي معاوية بن أبي سفيان لعين رسول الله و ابن لعينه، فاتخذ عبادالله خولا، و مال


الله دولا، و دينه دغلا، ثم مضي لسبيله، فالعنوه لعنه الله.

ثم ولي يزيد بن معاوية: يزيد الخمور، يزيد القرود، و يزيد الفهود، الفاسق في بطنه، المأبون في فرجه، فعليه لعنة الله و ملائكته. [...]

الجاحظ، البيان و التبيين، 80 - 79 / 2

و ولي يزيد عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة، فأتاه ابن مينا عامل صوافي معاوية، فأعلمه أنه أراد حمل ما كان يحمله في كل سنة من تلك الصوافي من الحنطة و التمر، و أن أهل المدينة منعوه من ذلك، فأرسل عثمان الي جماعة منهم، فكلمهم بكلام غليظ، فوثبوا به و بمن كان معه بالمدينة من بني امية، فأخرجوهم من المدينة و أتبعوهم يرجمونهم بالحجارة، فلما انتهي الخبر الي يزيد بن معاوية، وجه الي مسلم بن عقبة، فأقدمه من فلسطين و هو مريض، فأدخله منزله، ثم قص عليه القصة، فقال: يا أميرالمؤمنين! وجهني اليهم، فوالله لأدعن أسفلها أعلاها، يعني مدينة الرسول صلي الله عليه و آله، فوجهه في خمسة آلاف الي المدينة، فأوقع بأهلها (وقعة الحرة)، فقاتله أهل المدينة قتالا شديدا و خندقوا علي المدينة، فرام ناحية من نواحي الخندق، فتعذر ذلك عليه، فخدع مروان بعضهم، فدخل و معه مائة فارس، فاتبعه الخيل حتي دخلت المدينة، فلم يبق بها كثير أحد الا قتل، و أباح حرم رسول الله صلي الله عليه و آله حتي ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن [10] .

ثم أخذ الناس علي أن يبايعوا علي أنهم عبيد يزيد بن معاوية، فكان الرجل من قريش يؤتي به فيقال: بايع آية أنك عبد ليزيد، فيقول لا، فيضرب عنقه. [11] .

اليعقوبي، التاريخ، 237 - 236 / 2 (ط الحيدرية)


و كان سعيد بن المسيب يسمي سني يزيد بن معاوية بالشؤوم، في السنة الاولي قتل الحسين بن علي عليه السلام و أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و الثانية استبيح حرم رسول الله صلي الله عليه و آله و انتهكت حرمة المدينة، و الثالثة سفك الدماء في حرم الله و حرقوا الكعبة. [12] .

اليعقوبي، التاريخ، 240 / 2 (ط الحيدرية)

ثم ملك معاوية بن يزيد بن معاوية - و امه ام هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة - أربعين يوما (و قيل) بل أربعة أشهر، و كان له مذهب جميل، فخطب الناس، فقال: أما بعد: حمد الله و الثناء عليه، أيها الناس: انا بلينا بكم و بليتم بنا، فما نجهل كراهتكم لنا، و طعنكم علينا، ألا و ان جدي معاوية بن أبي سفيان نازع الأمر من كان أولي به منه في القرابة برسول الله صلي الله عليه و آله و أحق في الاسلام سابق المسلمين، و أول المؤمنين و ابن عم رسول رب العالمين، و أبا بقية خاتم المرسلين، فركب منكم ما تعلمون و ركبتم منه مالا تنكرون، حتي أتته منيته، و صار رهنا بعمله، ثم قلد أبي و كان غير خليق للخير،


فركب هواه، واستحسن خطأه، و عظم رجاؤه، فأخلفه الأمل، و قصر عنه الأجل،فقلت منعته و انقطعت مدته، و صار في حفرته رهينا بذنبه، و أسيرا بجرمه. ثم بكي و قال: ان أعظم الامور علينا علمنا بسوء مصرعه، و قبح منقلبه، و قد قتل عترة الرسول صلي الله عليه و آله، و أباح الحرمة، و حرق الكعبة، و ما أنا المتقلد أموركم، و لا المتحمل تبعاتكم، فشأنكم أمركم، فوالله لئن كانت الدنيا مغنما لقد نلنا منها حظا، و ان تكن شرا فحسب آل سفيان ما أصابوا منها. فقال له مروان بن الحكم: سنها فينا سنة عمرية، فقال: ما كنت أتقلدكم حيا و ميتا، و متي صار ابن يزيد مثل عمر، و من لي برجل مثل رجال عمر. [13] .

اليعقوبي، التاريخ، 241 - 240 / 2 (ط الحيدرية)


حدثنا الحكم بن موسي، حدثنا يحيي بن حمزة، عن [14] هشام بن الغاز، عن مكحول [15] ، عن أبي عبيدة، عن النبي صلي الله عليه و آله، قال: لا يزال هذا الأمر قائما بالقسط حتي يثلمه رجل من بني أمية.

أبويعلي، المسند، 176 - 175 / 2 رقم 870 مثله ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 246 / 66

حدثنا [16] الحكم بن موسي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن مكحول، [17] عن أبي عبيدة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: لا يزال أمر [18] أمتي قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له: يزيد. [19] .

أبويعلي، المسند، 176 / 2 رقم 871 عنه: الخوارزمي، مقتل الحسين، 180 / 2؛ الهيثمي، مجمع الزوائد، 242 - 241 / 5؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، / 208

و تحدث الناس أن الكتاب الذي أمر المعتضد بانشائه بلعن معاوية يقرأ بعد صلاة الجمعة علي المنبر، فلما صلي الناس الجمعة بادروا الي المقصورة ليسمعوا قراءة الكتاب فلم يقرأ.

فذكر أن المعتضد أمر باخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بانشائه بلعن معاوية، فأخرج له من الديوان، فأخذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب، و ذكر أنها نسخة الكتاب الذي أنشي للمعتضد بالله:


بسم الله الرحمن الرحيم. الحمدلله العلي العظيم، الحليم الحكيم، العزيز الرحيم، المنفرد بالوحدانية، الباهر بقدرته، الخالق بمشيئته و حكمته؛ الذي يعلم سوابق [20] الصدور، و ضمائر القلوب، لايخفي عليه خافية، و لا يغرب عنه مثقال ذرة في السماوات العلا، و لا في الأرضين السفلي؛ قد أحاط بكل شي ء علما، و أحصي كل شي ء عددا، و ضرب [21] لكل شي ء أمدا، و هو العليم الخبير. والحمدلله الذي برأ خلقه لعبادته، و خلق عباده لمعرفته، علي سابق علمه في طاعة مطيعهم، و ماضي أمره في عصيان عاصيهم؛ فبين لهم ما يأتون و ما يتقون، و نهج لهم سبل النجاة، و حذرهم مسالك الهلكة، و ظاهر عليهم الحجة، و قدم اليهم المعذرة، واختار لهم دينه الذي ارتضي لهم، و أكرمهم به، و جعل المعتصمين بحبله و المتمسكين بعروته أولياءه و أهل طاعته، و العاندين عنه و المخالفين له أعداءه و أهل معصيته؛ ليهلك من هلك عن بينة، و يحيا من حي عن بينة، و ان الله لسميع عليم. والحمد لله الذي اصطفي محمدا رسوله من جميع بريته، و اختاره لرسالته، وابتعثه بالهدي و الدين المرتضي الي عباده أجمعين، و أنزل عليه الكتاب المبين المستبين، و تأذن له بالنصر [22] والتمكين، و أيده بالعز و البرهان المتين، فاهتدي به من اهتدي، و استنقذ به من استجاب له من العمي، و أضل من أدبر و تولي، حتي أظهر الله أمره، و أعز نصره، و قهر من خالفه، و أنجز له وعده، و ختم به رسله [23] ، و قبضه مؤديا لأمره، مبلغا لرسالته، ناصحا لأمته، مرضيا مهتديا الي أكرم مآب المنقلبين، و أعلي منازل أنبيائه المرسلين، و عباده الفائزين؛ فصلي الله عليه أفضل صلاة و أتمها، و أجلها و أعظمها، و أزكاها و أطهرها؛ و علي آله الطيبين.

والحمدلله الذي جعل أميرالمؤمنين و سلفه الراشيدن المهتدين، ورثه خاتم النبيين و سيد المرسلين و القائمين بالدين، و المقومين لعباده المومنين، و المستحفظين ودائع الحكمة، و مواريث النبوة، و المستخلفين في الأمة، و المنصورين بالعز و المنعة، و التأييد و الغلبة؛


حتي يظهر الله دينه علي الدين كله و لو كره المشركون.

و قد انتهي الي أميرالمؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم، و فساد قد لحقهم في معتقدهم، و عصبية قد غلبت عليها أهواؤهم، و نطقت بها ألسنتهم، علي غير معرفة و لا روية، و قلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة و لا بصيرة، و خالفوا السن المتبعة، الي الأهواء المبتدعة، قال الله عزوجل: (و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله ان الله لا يهدي القوم الظالمين) [24] ، خروجا عن الجماعة، و مسارعة الي الفتنة و ايثارا للفرقة، و تشتيتا للكلمة و اظهارا لموالاة [25] من قطع الله عنه الموالاة، و بتر منه العصمة، و أخرجه من الملة، و أوجب عليه اللعنة، و تعظيما لمن صغر الله حقه، و أوهن أمره، و أضعف ركنه، من بني أمية الشجرة الملعونة، و مخالفة لمن استنقذهم الله به من الهلكة، و أسبع عليهم به النعمة؛ من أهل بيت البركة و الرحمة، قال الله عز و جل: (يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) [26] . فأعظم أميرالمؤمنين ما انتهي اليه من ذلك، ورأي في ترك انكاره حرجا عليه في الدين، و فسادا لمن قلده الله أمره من المسلمين، و اهمالا لما أوجبه الله عليه من تقويم المخالفين و تبصير الجاهلين، و اقامة الحجة علي الشاكين، و بسط اليد علي المعاندين.

و أميرالمؤمنين يرجع اليكم معشر الناس بأن الله عزوجل لما ابتعث محمدا بدينه، و أمره أن يصدع بأمره، بدأ بأهله و عشيرته، فدعاهم الي ربه، و أنذرهم و بشرهم، و نصح لهم و أرشدهم، فكان من استجاب له وصدق قوله و اتبع أمره نفر يسير من بني أبيه، من بين مؤمن بما أتي به من ربه، و بين ناصر له و ان لم يتبع دينه؛ اعزازا له، و اشفاقا عليه، لماضي علم الله فيمن اختار منهم، و نفذت مشيئته فيما يستودعه اياه من خلافته و ارث نبيه؛ فمؤمنهم مجاهد بنصرته و حميته، يدفعون من نابذة، و ينهرون من عاره و عانده [27] ،


و يتوثقون له ممن كانفه و عاضده، و يبايعون له من سمح بنصرته، و يتجسسون له أخبار أعدائه، و يكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأي العين؛ حتي بلغ المدي، و حان [28] وقت الاهتداء، فدخلوا في دين الله و طاعته و تصديق رسوله، و الايمان به، بأثبت بصيرة، و أحسن هدي و رغبة، فجعلهم الله أهل بيت الرحمة، و أهل بيت الدين [29] - أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا - و معدن الحكمة، وورثة النبوة و موضع الخلافة، و أوجب لهم الفضيلة، و ألزم العباد لهم الطاعة.

و كان ممن عانده و نابذه، و كذبه و حاربه من عشيرته، العدد [30] الأكثر، و السواد الأعظم؛ يتلقونه بالتكذيب و التثريب، و يقصدونه بالأذية و التخويف [31] ، و يبادونه بالعداوة، و ينصبون له المحاربة، و يصدون عنه من قصده، و ينالون بالتعذيب من اتبعه. و أشدهم في ذلك عداوة و أعظمهم له مخالفة، و أولهم في كل [32] حرب و مناصبة، لايرفع علي الاسلام راية الا كان صاحبها و قائدها و رئيسها، في كل مواطن الحرب [33] ، من بدر و أحد و الخندق و الفتح... أبوسفيان بن حرب و أشياعه من بني أمية، الملعونين في كتاب الله، ثم الملعونين علي لسان رسول الله في عدة مواطن، و عدة مواضع، لماضي علم الله فيهم و في أمرهم، و نفاقهم و كفر أحلامهم [34] ؛ فحارب مجاهدا، و دافع مكابدا، و أقام منابذا حتي قهره السيف، و علا أمر الله و هم كارهون؛ فتقول بالاسلام غير منطو عليه، و أسر


الكفر [35] غير مقلع عنه، فعرفه بذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و المسلمون، و ميز له المؤلفة قلوبهم، فقبله و ولده علي علم منه؛ فمما لعنهم الله به علي لسان نبيه صلي الله عليه و آله، و أنزل به كتابا قوله: (والشجرة الملعونة في القرآن و نخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا) [36] . و لا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني امية.

و منه قول الرسول عليه السلام و قد رآه مقبلا علي حمار و معاوية يقود به و يزيد ابنه يسوق به: «لعن الله القائد و الركب و السائق». و منه ما يرويه الرواة من قوله: يا بني عبد مناف! تلقفوها تلقف الكرة، فما هناك [37] جنة و لا نار. و هذا كفر صراح يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت (الذين كفروا من بني اسرائيل علي لسان داود و عيسي ابن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون) [38] . و منه ما يروون من وقوفه علي ثنية أحد بعد ذهاب بصره، و قوله لقائده: هاهنا ذببنا محمدا و أصحابه. و منه الرؤيا التي رآها النبي صلي الله عليه و آله فوجم لها، فما رئي ضاحكا بعدها، فأنزل الله: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس) [39] ؛ فذكروا أنه رأي نفرا من بني أمية ينزون علي منبره. و منه طرد رسول الله صلي الله عليه و آله الحكم بن أبي العاص لحكايته اياه، و ألحقه الله بدعوة رسوله آية باقية حين رآه يتخلج، فقال له: «كن كما أنت»، فبقي علي ذلك سائر عمره،الي ما كان من مروان في افتتاحه أول فتنة كانت في الاسلام، واحتقابه لكل دم حرام سفك فيها أو أريق بعدها.

و منه ما أنزل الله علي نبيه [40] في سورة القدر [41] : (ليلة القدر خير من ألف شهر) [42] ، من [43] ملك بني امية. و منه أن رسول الله صلي الله عليه و آله دعا بمعاوية ليكتب بأمره بين يديه، فدافع


بأمره، واعتل بطعامه، فقال النبي: «لا أشبع الله بطنه»، فبقي لا يشبع، و يقول: والله ما أترك [44] الطعام شبعا؛ ولكن اعياء [45] . و منه أن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: «يطلع من هذا الفج رجل من امتي يحشر علي غير ملتي»، فطلع معاوية. و منه أن رسول الله صلي الله عليه و آله، قال: «اذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه». و منه الحديث المرفوع المشهور أنه قال:«ان معاوية في تابوت من نار في اسفل درك منها ينادي: يا حنان يا منان، الآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين.

و منه انبراؤه بالمحاربة لأفضل المسلمين في الاسلام مكانا، و أقدمهم اليه سبقا، و أحسنهم فيه أثرا و ذكرا؛ علي بن أبي طالب، ينازعه حقه بباطله، [46] و يجاهد أنصاره بضلاله و غواته، و يحاول ما لم يزل هو و أبوه يحاولانه، من اطفاء نور الله و جحود دينه، و يأبي الله الا أن يتم نوره و لو كره المشركون. يستهوي أهل الغباوة [47] ، و يموه علي أهل الجهالة بمكره و بغيه، الذين قدم رسول الله صلي الله عليه و آله الخبر عنهما، فقال لعمار: «تقتلك الفئة الباغية تدعوهم الي الجنة و يدعونك الي النار»، مؤثرا للعاجلة [48] ، كافرا بالآجلة، خارجا من ربقة الاسلام، مستحلا للدم الحرام، حتي سفك في فتنته، و علي سبيل ضلالته ما لا يحصي عدده من خيار المسلمين الذابين عن دين الله و الناصرين لحقه، مجاهدا لله، مجتهدا في أن يعصي الله فلايطاع، و تبطل أحكامه فلا تقام، و يخالف دينه فلايدان. و أن تعلو كلمة الضلالة، و ترتفع دعوة الباطل؛ و كلمة الله هي العليا، و دينه المنصور، و حكمه المتبع النافذ، و أمره الغالب، و كيد من حاده المغلوب الداحض [49] ؛ حتي احتمل أوزار تلك الحروب و ما اتبعها، و تطوق تلك الدماء و ما سفك بعدها، و سن سنن الفساد التي عليه اثمها و اثم من عمل بها [50] الي يوم القيامة [51] ، و أباح المحارم لمن ارتكبها، و منع الحقوق أهلها؛ و اغتره الاملاء، و استدرجه


الامهال، والله له بالمرصاد.

ثم مما أوجب الله له به اللعنة، قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة و التابعين و أهل الفضل و الديانة؛ مثل عمرو بن الحمق، و حجر بن عدي، فيمن قتل [من] أمثالهم، في أن تكون [52] له العزة و الملك و الغلبة، ولله العزة و الملك و القدرة، والله عزوجل يقول: (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما) [53] .

و مما استحق به اللعنة [54] من الله و رسوله [55] ادعاؤه زياد بن سمية، جرأة علي الله؛ والله يقول: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عندالله) [56] و رسول الله صلي الله عليه و آله، يقول: «ملعون من ادعي الي غير أبيه، أو انتمي الي غير مواليه»، و يقول: «الولد للفراش و للعاهر الحجر»، فخالف حكم الله عزوجل و سنة نبيه صلي الله عليه و آله جهارا، و جعل الولد لغير الفراش، [57] و العاهر لايضره عهره، فأدخل بهذه الدعوة من محارم الله و محارم رسوله في أم حبيبة زوجة النبي صلي الله عليه و آله و في غيرها من سفور وجوه ما قد حرمه الله، و أثبت بها قربي قد باعدها الله، و أباح بها ما قد حظره الله، مما لم يدخل علي الاسلام خلل مثله، و لم ينل الدين تبديل شبهه [58] .

و منه ايثاره بدين الله، و دعاؤه عباد الله الي ابنه يزيد المتكبر الخمير،صاحب الديوك والفهود و القرود، و أخذه البيعة له علي خيار المسلمين بالقهر و السطوة و التوعيد و الاخافة و التهدد و الرهبة، و هو يعلم سفهه و يطلع علي خبثه و رهقه، و يعاين سكرانه [59] و فجوره و كفره. فلما تمكن منه ما مكنه منه، و وطأه له، و عصي الله و رسوله فيه، طلب بثأرات


المشركين و طوائلهم عند المسلمين، فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الاسلام أشنع منها، و لا أفحش؛ مما ارتكب من الصالحين فيها، و شفي بذلك [60] عبد [61] نفسه و غليله [62] ، و ظن أن قد انتقم من أولياء الله، و بلغ النوي [63] لأعداء الله، فقال مجاهرا بكفره و مظهرا لشركه:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



قد قتلنا القرم [64] من ساداتكم

و عدلنا ميل بدر فاعتدل



فأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا: يا يزيد لاتشل [65] .



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



و لعت [66] هاشم بالملك فلا [67] .

خبر جاء، و لا وحي نزل



هذا هو المروق من الدين، وقول من لا يرجع الي الله و لا الي دينه و لا الي كتابه و لا الي رسوله، و لا يؤمن بالله و لا بما جاء من عند الله.

ثم من أغلظ ما انتهك، و أعظم ما اخترم، سفكه دم الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله مع موقعه من رسول الله صلي الله عليه و آله و مكانه منه و منزلته من الدين و الفضل، و شهادة رسول الله صلي الله عليه و آله له، و لأخيه بسيادة شباب أهل الجنة، اجتراء علي الله، و كفرا بدينه، و عداوة لرسوله، و مجاهدة لعترته [68] ، و استهانة بحرمته، فكأنما يقتل به و بأهل بيته قوما من كفار أهل الترك و الديلم، لا يخاف من الله نقمة، و لا يرقب منه سطوة، فبتر الله عمره، واجتث أصله و فرعه، و سلبه ما تحت يده، و أعد له من عذابه و عقوبته ما استحقه


من الله [69] بمعصيته.

هذا الي ما كان من بني مروان من تبديل كتاب الله و تعطيل أحكامه، و اتخاذ مال الله دولا بينهم، و هدم بيته، و استحلال حرامه، و نصبهم المجانيق عليه، و رميهم اياه بالنيران، لا يألون له احراقا و اخرابا، و لما حرم الله منه استباحة و انتهاكا، و لمن لجأ اليه قتلا و تنكيلا [70] ، و لمن أمنه الله به اخافة و تشريدا؛ حتي اذا حقت عليهم كلمة العذاب، و استحقوا من الله الانتقام، و ملئوا الأرض بالجور و العدوان، و عملوا عبادالله بالظم و الاقتسار، و حلت عليهم السخطة، و نزلت بهم من الله السطوة، أتاح الله لهم من عترة نبيه، و أهل وراثته من استخلصهم منهم بخلافته؛ مثل ما أتاح الله من أسلافهم المؤمنين و آبائهم المجاهدين لأوائلهم الكافرين، فسفك الله بهم دماءهم مرتدين، كما سفك، بآبائهم دماء آباء الكفرة المشركين؛ و قطع الله دابر القوم الظالمين، والحمدلله رب العالمين. و مكن الله المستضعفين، ورد الله الحق الي أهله المستحقين، كما قال جل شأنه: (و نريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين) [71] .

واعلموا أيها الناس! أن الله عزوجل انما أمر ليطاع، و مثل ليتمثل، و حكم ليقبل، و ألزم الأخذ بسنة نبيه صلي الله عليه و آله ليتبع؛ و ان كثيرا ممن ضل فالتوي، وانتقل من أهل الجهالة و السفاه ممن اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله؛ و قد قال الله عزوجل: (فقاتلوا أئمة الكفر) [72] .

فانتهوا معاشر الناس عما يسخط الله عليكم، و راجعوا ما يرضيه عنكم، و ارضوا من


الله بما اختار لكم، والزموا ما أمركم به، و جانبوا ما نهاكم عنه، واتبعوا الصراط المستقيم، الحجة البينة، والسبل الواضحة، و أهل بيت الرحمة؛ الذين هداكم الله بهم بديئا، و استنقذكم بهم من الجور و العدوان أخيرا، و أصاركم الي الخفض و الأمن و العز بدولتهم، و شملكم الصلاح في أديانكم و معايشكم في أيامهم، و العنوا من لعنه الله و رسوله، و فارقوا من لا تنالون القربة من الله الا بمفارقته.

اللهم العن أباسفيان بن حب، و معاوية ابنه، و يزيد بن معاوية، و مروان بن الحكم و ولده؛ اللهم العن أئمة الكفر، وقادة الضلالة، و أعداء الدين، و مجاهدي الرسول، و مغيري الأحكام، و مبدلي الكتاب، و سفاكي الدم الحرام. [...] [73] .

الطبري، التاريخ، 62 - 54 / 10 عنه: التستري، بهج الصباغة، 197 - 194 / 3


قال: فاختلطوا [أهل الشام و أهل المدينة] واقتتلوا، فوقعت الهزيمة علي أهل المدينة، فقتل منهم مقتلة عظيمة، [74] فأما المقتل فقيل [75] انهم لما انهزموا أخذهم السيف، فقتل من أولاد المهاجرين ألف و ثلاثمائة و قتل من أبناء الأنصار ألف و سبعمائة، و من العبيد و الموالي و سائر الناس ثلاثة آلاف و خمسمائة؛ قتلك ستة آلاف و خمسمائة رجل. و دخل أهل الشام الي المدينة بالسيف، فجعلوا يقتلون كل من يقدرون عليه من صغير و كبير، ثم وضعوا الغارة علي أهل المدينة، فأغاروا عليها ثلاثة أيام ولياليها، و فجروا بالنساء. قال أبوسعيد الخدري: فوالله ما سمعنا الأذان بالمدينة منذ ثلاثة أيام الا من قبر النبي صلي الله عليه [76] و آله و سلم.

قال: و مسلم بن عقبة المري قد وضع له سرير علي باب المسجد و كل من أتي به ضرب عنقه.

ابن أعثم، الفتوح، 296 - 295 / 5

من حد من الأشراف في الخمر و شهر بها:

منهم يزيد بن معاوية، و كان يقال له: يزيد الخمور.

ابن عبدربه، العقد الفريد، 55 / 8 (ط دارالفكر)

و كاتب يزيد بن معاوية: سرجون بن منصور.

ابن عبدربه، العقد الفريد، 218 / 4 (ط دارالفكر)

ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: ثلاث هن فخر


المؤمن و زينه في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و يأسه مما في أيدي الناس، و ولايته الامام من آل محمد صلي الله عليه و آله، قال: و ثلاثة هم شرار الخلق ابتلي بهم خيار الخلق: أبوسفيان أحدهم قاتل رسول الله صلي الله عليه و آله و عاداه، و معاوية قاتل عليا عليه السلام و عاداه، و يزيد ابن معاوية (لعنه الله) قاتل الحسين بن علي عليهماالسلام و عاداه حتي قتله.

الكليني، الفروع من الكافي، 234 / 8 رقم 311

و بويع يزيد بن معاوية، فكانت أيامه ثلاث سنين و ثمانية أشهر الا ثماني ليال، و أخذ يزيد لابنه معاوية بن يزيد البيعة علي الناس قبل موته، ففي ذلك يقول عبدالله بن همام السلولي:



تلقفها يزيد عن أبيه

فخذها يا معاوي عن يزيدا



لقد علقت بكم فتلقفوها

و لا ترموا بها الغرض البعيدا [77] .



و هلك يزيد بحوارين من أرض دمشق لسبع [78] عشرة ليلة خلت من صفر سنة أربع و ستين، و هو ابن ثلاث و ثلاثين سنة، و في ذلك يقول رجل من عنزة:



يا أيها القبر بحوارينا

ضممت شر الناس أجمعينا



و قد رثاه الأخطل النصراني، فقال من قصيدة:



لعمري لقد دلي الي اللحد خالد

جنازة لانكس الفؤاد و لا غمر [79] .



مقيم بحوارين ليس يريمها

سقته الغوادي من ثوي و من قبر



في أبيات.

المسعودي، مروج الذهب، 63 / 3

و ذكر عدة من الأخباريين و أهل السير: أن عبدالملك بن مروان دخل علي يزيد،فقال: أريضة لك الي جانب أرض لي، ولي فيها سعة، فأقطعنيها، فقال: يا عبدالملك! انه


لا يتعاظمني كبير، و لا أجزع [80] من صغير، فأخبرني عنها و الا سألت غيرك، فقال: ما بالحجاز أعظم منها قدرا، قال: قد أقطعتك، فشكره عبدالملك و دعا له، فلما ولي قال يزيد: ان الناس يزعمون أن هذا يصير خليفة، فان صدقوا فقد صانعناه، و ان كبوا فقد وصلناه.

وكان يزيد صاحب طرب و جوارح و كلاب و قرود و فهود، و منادمة علي الشراب، و جلس ذات يوم علي شرابه، و عن يمينه ابن زياد، و ذلك بعد قتل الحسين، فأقبل علي ساقيه، فقال:



اسقني شربة تروي مشاشي

ثم مل فاسق مثلها ابن زياد [81] .



صاحب السر و الأمانة عندي

و لتسديد مغنمي و جهادي



ثم أمر المغنين، فغنوا [به].

و غلب علي أصحاب يزيد و عماله ما كان يفعله من الفسوق، و في أيامه ظهر الغناء بمكة و المدينة، و استعملت الملاهي، و أظهر الناس شرب الشراب، و كان له قرد يكني بأبي قيس يحضره مجلس منادمته، و يطرح له متكأ، و كان قردا خبيثا و كان يحمله علي أتان وحشية قد ريضت و ذللت لذلك بسرج و لجام و يسابق بها الخيل يوم الحلبة، فجاء في بعض الأيام سابقا، فتناول القصبة و دخل الحجرة قبل الخيل، و علي أبي قيس قباء من الحرير الأحمر و الأصفر مشمر، و علي رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان بشقائق، و علي الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش ملمع بأنواع من الألوان، فقال في ذلك بعض شعراء الشام في ذلك اليوم.



تمسك أباقيس بفضل عنانها

فليس عليها ان سقطت ضمان



ألا من رأي القرد الذي سبقت به

جياد أميرالمؤمنين أتان



و في يزيد و تملكه و تجبره و انقياد الناس الي مكه، يقول الأحوص:




ملك تدين له الملوك مبارك

كادت لهيبته الجبال تزول



تجبي له بلخ و دجلة كلها

و له الفرات و ما سقي و النيل



و قيل: ان الأحوص قال هذا في معاوية بعد وقائه يرثيه.

المسعودي، مروج الذهب، 78 - 76 / 3

و لما شمل الناس جور يزيد و عماله، و عمهم ظلمه، و ما ظهر من فسقه: من قتله ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنصاره، و ما أظهر من شرب الخمور، و سيره سيرة فرعون، بل كان فرعون أعدل منه في رعيته، و أنصف منه لخاصته و عامته؛ أخرج أهل المدينة عامله عليهم - و هو عثمان بن محمد بن أبي سفيان - و مروان بن الحكم، و سائر بني أمية، و ذلك عند تنسك ابن الزبير و تألهه، و اظهار الدعوة لنفسه، و ذلك في سنة ثلاث و ستين، و كان اخراجهم لما ذكرنا من بني أمية و عامل يزيد عن اذن ابن الزبير [82] فاغتنمها مروان منهم؛ اذ لم يقبضوا عليهم و يحملوهم الي ابن الزبير، فحثوا السير نحو الشام، و نمي فعل أهل المدينة ببني أمية و عامل يزيد الي يزيد، فسير اليهم بالجيوش من أهل الشام عليهم مسلم بن عقبة المري الذي أخاف المدينة و نهبها، و قتل أهلها، و بايعه أهلها علي أنهم عبيد ليزيد، و سماها نتنة، و قد سماها رسول الله صلي الله عليه و آله طيبة، و قال: «من أخاف المدينة أخافه الله» فسمي مسلم هذا (لعنه الله) بمجرم و مسرف؛ لما كان من فعله، و يقال: ان يزيد حين جرد هذا الجيش و عرض عليه أنشأ يقول:



أبلغ أبابكر اذا الأمر انبري

و أشرف القوم علي وادي القري



أجمع السكران من قوم تري

يريد بهذا القول عبدالله بن الزبير، و كان عبدالله يكني بأبي بكر، و كان يسمي يزيد السكران الخمير، و كتب الي ابن الزبير:



أدعو الهك في السماء فانني

أدعو عليك رجال عك و أشعر



كيف النجاة أباخبيب منهم

فاحتل لنفسك قبل أتي العسكر




و لما انتهي الجيش من المدينة الي الموضع المعروف بالحرة و عليهم مسرف خرج الي حربه أهلها عليهم عبدالله بن مطيع العدوي و عبدالله بن حنظلة الغسيل [83] الأنصاري، و كانت وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من الناس من بني هاشم و سائر قريش و الأنصار و غيرهم من سائر الناس؛ فممن قتل من آل أبي طالب اثنان [84] : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، و جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب؛ و من بني هاشم من غير آل أبي طالب: الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، و حمزة بن عبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، و العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبدالمطلب، و بضع و تسعون رجلا من سائر قريش، و مثلهم من الأنصار، و أربعة آلاف من سائر الناس ممن ادركه الاحصاء، دون من لم يعرف.

و بايع الناس علي أنهم عبيد ليزيد، و من أبي ذلك أمره مسرف علي السيف، غير علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب السجاد، و علي بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب، و في وقعة الحرة يقول محمد بن أسلم:



فان تقتلونا يوم حرة واقم

فنحن علي الاسلام أول من قتل



و نحن تركناكم ببدر أذلة

و أبنا بأسياف لنا منكم تفل



و نظر الناس الي علي بن الحسين السجاد و قد لاذ بالقبر و هو يدعو، فأتي به الي مسرف و هو مغتاظ عليه، فتبرأ منه و من آبائه، فلما رآه و قد أشرف عليه ارتعد، و قام له، واقعده الي جانبه، و قال له: سلني حوائجك، فلم يسأله في أحد ممن قدم الي السيف الا شفعه فيه، ثم انصرف عنه، فقيل لعلي: رأيناك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال: قلت: اللهم رب السماوات السبع و ما أظللن، و الأرضين السبع و ما أقللن، رب العرش العظيم، رب محمد و آله الطاهرين، أعوذ بك من شره، و أدرأ بك في نحره، أسألك أن تؤتيني خيره، و تكفيني شره، و قيل لمسلم: رأيناك تسب هذا الغلام و سلفه، فلما أتي به


اليك رفعت منزلته، فقال: ما كان ذلك لرأي مني، لقد ملئ قلبي منه رعبا.

و أما علي بن عبدالله [بن العباس] فان أخواله من كندة منعوه منه، و أناس من ربيعة كانوا في جيشه، فقال علي في ذلك:



أبي العباس قرم بني لؤي

و أخوالي الملوك بنو وليعه [85] .



هم منعوا ذماري يوم جاءت

كتائب مسرف و بي اللكيعه



أرادني التي لا عز فيها

فحالت دونه أيدي ربيعه [86] .



و لما نزل بأهل المدينة ما وصفنا من القتل و النهب و الرق و السبي و غير ذلك مما عنه أعرضنا من مسرف خرج عنها يريد مكة في جيوشه من أهل الشام؛ ليوقع بابن الزبير و أهل مكة، بأمر يزيد، و ذلك في سنة أربع و ستين [87] . [...]

المسعودي، مروج الذهب، 80 - 78 / 3

و ليزيد و غيره أخبار عجيبة، و مثالب كثيرة: من شرب الخمر، و قتل ابن [بنت] الرسول، و لعن الوصي، و هدم البيت و احراقه، و سفك الدماء و الفسق و الفجور، و غير ذلك مما قد ورد في الوعيد باليأس من غفرانه، كوروده فيمن جحد توحيده و خالف رسله [88] ، و قد أتينا علي الغرر من ذلك فيما [تقدم و] سلف من كتبنا، والله ولي التوفيق.

المسعودي، مروج الذهب، 81 / 3

و قد بعث يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المزني الي المدينة لست ليال بقين من ذي الحجة سنة ست و ستين، فقتل مسلم بن عقبة بالمدينة خلقا من أولاد المهاجرين و الأنصار، و استباح المدينة ثلاثة أيام نهبا و قتلا، فسميت هذه الوقعة وقعة الحرة.


و توفي يزيد بن معاوية بحوارين قرية من قري دمشق لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع و ستين و هو يومئذ ابن ثمان و ثلاثين، و قد قيل: ان يزيد بن معاوية سكر ليلة و قام يرقص فسقط علي رأسه و تناثر دماغه فمات، و صلي عليه ابنه معاوية بن يزيد، و كان نقش خاتم يزيد «آمنت بالله مخلصا»و قبره بدمشق.

ابن حبان، الثقات (السيرة النبوية)، 313 / 2، السيرة النبوية (ط بيروت)، / 562 - 561

قال هارون: و حدثني داوود بن عبدالله بن أبي الكرام، و أخرج الي خط ابن فضالة النحوي بهذا الخبر:

أن أباحمزة بلغه أن أهل المدينة يعيبون أصحابه لحداثة أسنانهم، و خفة أحلامهم، فبلغه ذلك عنهم؛ فصعد المنبر؛ و عليه كساء غليظ؛ و هو متنكب قوسا عربية فحمدالله، و أثني عليه و صلي علي نبيه صلي الله عليه و آله و آله، ثم قال: يا أهل المدينة! قد بلغتني مقالتكم في أصحابي، و لولا معرفتي بضعف رأيكم و قلة عقولكم لأحسنت أدبكم، ويحكم! ان رسول الله صلي الله عليه و آله أنزل عليه الكتاب، و بين له فيه السنن، و شرع له فيه الشرائع، و بين له فيه ما يأتي و ما بذر، فلم يكن يتقدم الا بأمر الله، و لا يحجم الا عن أمر الله، حتي قبضه الله اليه - صلي الله عليه و آله - و قد أدي الذي عليه، لم يدعكم من أمركم في شبهة، ثم قال من بعده أبوبكر؛ فأخذ بسنته، و قاتل أهل الردة؛ و شمر في أمر الله؛ حتي قبضه الله اليه و الأمة عنه راضون، رحمة الله عليه و مغفرته؛ ثم ولي بعده عمر؛ فأخذ بسنة صاحبيه، و جند الأجناد؛ و مصر الأمصار، وجبي الفي ء؛ فقسمه بين أهله؛ و شمر عن ساقه، و حسر عن ذراعه، و ضرب في الخمر ثمانين، و قام في شهر رمضان، و غزا العدو في بلادهم؛ وفتح المدائن و الحصون؛ حتي قبضه الله اليه و الامة عنه راضون، رحمة الله عليه و رضوانه و مغفرته، ثم ولي من بعده عثمان بن عفان فعمل في ست سنين بسنة صاحبيه؛ ثم أحدث أحداثا أبطل آخر منها أولا، واضطرب حبل الدين بعدها، فطلبها كل امرئ لنفسه، و أسر كل رجل منهم سريرة أبداها الله عنه؛ حتي مضوا علي ذلك، ثم ولي علي بن أبي طالب، فلم يبلغ من الحق قصدا؛ و لم يرفع له منارا و مضي؛ ثم ولي معاوية بن أبي سفيان لعين رسول الله


صلي الله عليه و آله و ابن لعينه، و حلف من الأعراب، و بقية من الأحزاب، مؤلف طليق، فسفك الدم الحرام، واتخذ عباد الله خولا، و مال الله دولا، و بغي دينه عوجا و دغلا، و أحل الفرج الحرام، و عمل بما يشتهيه؛ حتي مضي لسبيله، فعل الله به و فعل، ثم ولي بعده ابنه يزيد: يزيد الخمور، و يزيد الصقور، و يزيد الفهود، و يزيد الصيود، و يزيد القرود، فخالف القرآن، واتبع الكهان، و نادم القرد، و عمل بما يشتهيه حتي مضي علي ذلك لعنه الله، و فعل به و فعل، ثم ولي مروان بن الحكم طريد لعين رسول الله - صلي الله عليه و آله و سلم - و ابن لعينه؛ فاسق في بطنه و فرجه، فالعنوه و العنوا آباءه. ثم تداولها بنو مروان بعده؛ أهل بيت اللعنة، طرداء رسول الله - صلي الله عليه و اله - و قوم من الطلقاء ليسوا من المهاجرين و الأنصار و لا التابعين لهم باحسان، فأكلوا مال الله أكلا، و لعبوا بدين الله لعبا، واتخذوا عباد الله عبيدا، يورث ذلك الأكبر منهم الأصغر. فيا لها أمة، ما أضيعها و أضعفها! والحمدلله رب العالمين، ثم مضوا علي ذلك من أعالهم و استخفافهم بكتاب الله تعالي؛ قد نبذوه وراء ظهورهم، لعنهم الله؛ فالعنوهم كما يستحقون؛ [...] أرباب لهم، فملكوا الأمر، و تسلطوا فيه تسلط ربوبية، بطشهم بطش الجبابرة، يحكمون بالهوي، و يقتلون علي الغضب، و يأخذون بالظن، و يعطلون الحدود بالشفاعات، و يؤمنون الخونة و يقصون ذوي الأمانة، و يأخذون الصدقة في غير وقتها علي غير فرضها، و يضعونها في غير موضعها، فتلك الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل الله، فالعنوهم، لعنهم الله!

أبوالفرج، الأغاني، 243 - 240 / 23

و كان الوليد يصيب من الشراب و يبعث الي ابن سيحان فيشرب معه، و ابن سيحان لا يظن أن مروان يفعل به الذي فعله، و قد كان مدحه ابن سيحان و وصله مروان، ولكن مروان أراد فضيحة الوليد [...] فأمر [مروان] صاحب شرطته، فضربه الحد ثم أرسله، فجلس ابن سيحان في بيته لا يخرج حياء من الناس، فجاءه عبدالرحمان بن الحارث بن هشام في ولده و كان له جليسا، فقال له: ما يجلسك في بيتك؟ قال: الاستحياء من الناس. قال: اخرج أيها الرجل. و كان عبدالرحمان قد حمل له معه كسوة، فقال له: البسها ورح معنا الي المسجد فهذا أحري أن يكذب به مكذب، به مكذب، ثم ترحل الي أميرالمؤمنين فتخبره بما


صنع بك الوليد فانه يصلك و يبطل هذا الحد عنك؛ فراح مع عبدالرحمان في جماعة ولده متوسطا لهم حتي دخل المسجد فصلي ركعتين، ثم تساند مع عبدالرحمان الي الأسطوانة؛ فقائل يقول: لم يضرب، و قائل يقول: أنا رأيته يضرب، و قائل يقول: عزر أسواطا.

فمكث أياما ثم رحل الي معاوية فدخل الي يزيد فشرب معه و كلم يزيد أباه معاوية في أمره فدعا به فأخبره بقصته و ما صنعه به مروان، فقال: قبح الله الوليد ما أضعف عقله! أما استحيا من ضربك فيما شرب! و أما مروان فاني كنت لا أحسبه يبلغ هذا منك مع رأيك فيه و مودتك له، ولكنه أراد أن يضع الوليد عند و لم يصب، و قد صير نفسه في حد كنا ننزهه عنه، صار شرطيا! ثم قال لكاتبه: اكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله معاوية أميرالمؤمنين الي الوليد بن عتبة. أما بعد، فالعجب لضربك ابن سيحان فيما تشرب منه، ما زدت علي أن عرفت أهل المدينة ما كنت تشربه مما حرم عليك، فاذا جاءك كتابي هذا فأبطل الحد عن ابن سيحان، و طف به في حلق المسجد و أخبرهم أن صاحب شرطك تعدي عليه و ظلمه، و أن أميرالمؤمنين قد أبطل ذلك عنه، أليس ابن سيحان الذي يقول:



و اني امرؤ انمي الي أفضل الوري

عديدا اذا ارفضت عصا المتحلف



الي نضد [89] من عبد شمس كأنهم

هضاب أجا [90] أركانها لم تقصف



ميامين يرضون الكفاية ان كفوا

ويكفون ما ولا بغير تكلف



غطارفة [91] ساسوا البلاد فأحسنوا

سياستها حتي أقرت لمردف [92] .



فمن يك منهم موسرا يفش فضله

و من يك منهم معسرا يتعفف






و ان تبسط النعمي لهم يبسطوا بها

أكفا سباطا [93] نفعها غيرمقرف [94] .



و ان تزو عنهم لا يضجوا و تلفهم

قليلي التشكي عندها و التكلف



اذا انصرفوا للحق يوما تصرفوا

اذا الجاهل الحيران لم يتصرف



سموا فعلوا فوق البرية كلها

ببنيان عال من منيف و مشرف



قال: و كتب له بأن يعطي أربعمائة شاة و ثلاثين لقحة مما يوطن السيالة [95] و أعطاه هو خمسمائة دينار، و أعطاه يزيد مائتي دينار. ثم قدم بكتاب معاوية الي الوليد، فطاف به في المسجد، و أبطل ذلك الحد عنه، و أعطاه ما كتب به له معاوية. و كتب معاوية الي مروان يلومه فيما فعله بابن سيحان، و ما أراده بذلك. و دعا الوليد عبدالرحمان بن سيحان الي أن يعود للشرب معه؛ فقال: والله لا ذقت معك شرابا أبدا.

أبوالفرج، الأغاني، 250 - 248 / 2

قال: و أول شعر قاله جرير في زمن معاوية، قال لابنه:



فردي جمال البين ثم تحملي

فما لك فيهم من مقام ولا ليا



لقد قادني الجيران يوما و قدتهم

و فارقت حتي ما تصب جماليا



و اني لمغرور أعلل بالمني

ليالي أرجو أن مالك ماليا



بأي سنان تطعن القرم بعدما

نزعت سنانا من قناتك ماضيا



بأي نجاد تحمل السيف بعدما

قطعت القوي من محمل كان باقيا



قال: و كان يزيد بن معاوية عاتب أباه بهذه الأبيات و نسبها الي نفسه؛ لأن جريرا


لم يكن شعره شهر حينئذ. فقدم جرير علي يزيد في خلافته فاستوذن له مع الشعراء، فأمر يزيد ألا يدخل عليه شاعر الا من عرف شعره؛ فقال جرير: قولوا له: أنا القائل:



فردي جمال الحي ثم تحملي

فما لك فيهم من مقام ولا ليا



فأمر بادخاله. فلما أنشده قال يزيد: لقد فارق أبي الدنيا و ما يحسب الا أني قائلها، و أمر له بجائزة و كسوة.

أبوالفرج، الأغاني، 51 - 50 / 8

أخبرني أحمد بن عبدالعزيز الجوهري، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني المدائني، قال: قدم سلم بن زياد علي يزيد، فنادمه، فقال له ليلة: ألا أوليك خراسان؟ قال: بلي و سجستان. فعقد له في ليلته فقال:



اسقني شربة فرو عظامي

ثم عد واسق مثلها ابن زياد



موضع السر والأمانة مني

و علي ثغر مغنمي و جهادي



أبوالفرج، الأغاني، 292 / 15

حدثنا [96] الحسن بن العباس الرازي، ثنا سليم بن منصور بن عمار، ثنا أبي(ح)، و حدثنا أحمد بن يحيي بن خالد بن حبان [97] الرقي، ثنا عمرو بن بكير بن بكار القعنبي، ثنا مجاشع [98] ابن عمرو، قالا: ثنا عبدالله بن لهيعة، عن أبي قبيل، حدثني عبدالله [99] بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال: [100] خرج علينا رسول الله صلي الله عليه و آله متغير [101] اللون فقال:


«اي [102] محمد أوتيت [103] فواتح الكلام و خواتمه [104] ، [105] فأطيعوني مادمت بين أظهركم فاذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عزوجل أحلوا حلاله، و حرموا حرامه، أتتكم الموتة، أتتكم بالروح و الراحة، كتاب من الل سبق، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم. كلما ذهب رسل جاء رسل [106] تناسخت النبوة فصارت ملكا، رحم الله من أخذها بحقها و خرج منها كما دخلها، أمسك يا معاذ واحص»، قال: فلما بلغت خمسة [107] ، قال: «يزيد لا يبارك [108] الله في يزيد»، [109] ثم ذرفت عيناه صلي الله عليه و آله، ثم قال [110] : «نعي الي حسين [111] و أتيت بتربته، و أخبرت بقاتله، والذي نفسي بيده لا يقتل [112] بين ظهراني قم لا يمنعوه [113] الا خالف الله بين صدورهم و قلوبهم، و سلط عليهم شرارهم و ألبسهم شيعا»، [114] ثم قال [115] : «واها [116] لفراخ آل محمد صلي الله عليه و آله من خليفة مستخلف مترف يقتل خلفي و خلف الخلف [117] أمسك يا معاذ» فلما بلغت عشرة، قال: «الوليد اسم فرعون هادم شرائع الاسلام [118] بين يديه رجل من أهل [119] بيت


يسل الله [120] سيفه [121] فلا غماد له، واختلف [122] الناس فكانوا هكذا» و شبك بين أصابعه، ثم قال: «بعد العشرين و مائة [123] موت سريع و قتل [124] ذريع ففيه هلاكهم، ويلي عليهم رجل من ولد العباس [125] ».

الطبراني، المعجم الكبير، 129 / 3 رقم 39 - 38 / 2، 2861 (ط بيروت)، مقتل الحسين، / 69 - 68 عنه: الشجري، الأمالي، 169 / 1؛ الخوارزمي، مقتل الحسين 161 - 160 / 1؛ الهيثمي، مجمع الزوائد، 190 - 189 / 9؛ المتقي الهندي، كنز العمال [126] ، 167 - 166 / 11؛ الفيروزآبادي، فضال الخمسة، 388 / 3؛ دانشيار، حول البكاء، / 56 - 55؛ مثله المحلي، الحدائق الوردية، 118 - 117 / 1

حدثني الناقد أبوالحسين أحمد بن عبدالله بن علي قال: حدثني جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن عبدالرحمان الغنوي، عن سليمان [127] قال: و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل الي رسول الله صلي الله عليه و آله يعزيه بولده [128] الحسين عليه السلام و يخبره ثواب الله اياه، و يحمل اليه تربته مصروعا عليها مذبوحا مقتولا جريحا [129] طريحا مخذولا؟ فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: اللهم اخذل من خذله، و اقتل من قتله، واذبح من ذبحه، و لا تمتعه بما طلب.

قال عبدالرحمان: فوالله [130] لقد عوجل الملعون يزيد، و لم يتمتع بعد قتله [131] بما طلب.

قال عبدالرحمان: [132] و لقد أخذ مغافصة، بات سكرانا و أصبح ميتا [133] متغيرا، كأنه مطلي


بقار، أخذ علي أسف.

ابن قولويه، كامل الزيارات، / 62 - 61 عنه: المجلسي، البحار، 309 / 45، 237- 236 / 44؛ البحراني، العوالم، 621 / 17؛ البهبهاني، الدمعة الساكبة، 181 - 180 / 5؛ الدربندي، أسرارالشهادة، / 106؛ القمي، نفس المهموم، / 606

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحي العطار، و أحمد بن ادريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري، عن السياري، عن الحكم بن سالم، عمن حدثه، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: انا و آل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا: صدق الله و قالوا: كذب الله.

قاتل أبوسفيان رسول الله صلي الله عليه و آله، و قاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام، و قاتل يزيد ابن معاوية الحسين بن علي عليهماالسلام، و السفياني يقاتل القائم عليه السلام.

الصدوق، معاني الأخبار، / 346 عنه: المجلسي، البحار، 190 / 52، 165 / 33

و مما نقموا عليه: أن فقهاء الأمة اجتمعوا فيما نقلوا أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يقسم الخمس من الغنائم في بني هاشم علي ما فرضه الله، و أن الأول [134] لما ادعي أن الخمس للمسلمين، ادعاه من بايعه معه، ثم استوفي الخيل و السلاح، فقسمها بين المسلمين [135] لم يسأل البينة، كما سئل العباس و فاطمة عليهاالسلام، فنحي بني هاشم، عن جميع ما كان لهم، و أزال أمرهم، و أطمع فيهم الطلقاء و أبناء الطلقاء، حتي مضت سنته، و بطلت سنة رسول الله، و جاء من بعدهما معاوية وابنه، فوثبا علي حق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فاحتازاه، ثم قتلا ولديه، و أباحا حريمه، فلما كان من محمد بن أبي بكر الاحتجاج عليه، قال: يا محمد! أبوك مهد مهاده و ثني لملكه و سادة، ووافقه [136] علي ذلك فاروقه، فان يكن ما نحن فيه حقا فأبوك أوله، و ان يكن باطلا، فأبوك أساسه، فعب أباك بما بدا لك، أودع، في كلام كثير.


ثم أفضي الأمر الي يزيد بن معاوية، فقام مقام رسول الله، فوثب بما سنه له أبوه، و سنه الحبران الفاضلان بزعمهم علي ابن رسول الله، و سيد شباب أهل الجنة، في جماعة من ولد أبيه الذين هم ولد رسول الله من بني هاشم، و سبي بنات رسول الله سوقا الي الشام كما تساق سبايا الروم و الخزر، و الأمة تنظر، لا معين يعين، و لامنكر ينكر.

ثم أباح المدينة حرم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أياما و لياليا لأهل الشام، حتي افتض فيها ألف بكر من بنات المهاجرين و الأنصار و [كان] الملعون يتمثل بقول ابن الزبعري:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



لأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا: يا يزيد لا تشل



قد جزيناهم ببدر بعدما

قوم القتل فاعتدل



لست للشيخين ان لم أنتقم [137] .

من بني أحمد ما كان فعل



ان يكن أحمد حقا مرسلا

لم يكن عترته الله خذل



فحقق عدو الله و ابن عدوه، أنه قد طلب ثاره من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنه أدركه بمن أصيب من أهل بيته يوم بدر و ذلك بما سنه الحبران الفاضلان، فما فاتت خصلة من الخصال تركوها و لم يأتوها، لقد بقيت آثار كسري قائمة الي غايتنا هذه [138] ، و آثار رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم دارسة، و لقد اصطفوا أمواله بعده، و هدموا نبوته، و قتلوا ولده، و سبوا بناته، و أخذوا خمسه، و هدموا مسجده، و عمروا فيه آثارهم، وزوقوه و شيدوه، خلافا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و كسروا منبره، و خالفوا عليه بالزيادة، و هدموا عليه بيت ربه مرتين من بعده، و استحلوا حرمه و حرم ربه، و أباحوه، و غيروا سنته، و أبدعوا في دينه، و دخلوا عليه بيته بغير اذنه، فهذه الأشياء كلها مما سنه الحبران الفاضلان.

الطبري، المسترشد، / 511 - 509 رقم 196


حدثنا أبوعبدالله الاصبهاني، ثنا الحسن بن الجهم، ثنا الحسين بن الفرج، ثنا محمد ابن عمر، قال: كان معقل بن سنان بن مطهر بن عركي بن فتيان بن صبي بن بكر بن أشجع شهد الفتح مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فحدثني أبوعبدالرحمان بن عثمان بن زياد الأشجعي، عن أبيه كان [139] معقل بن سنان الأشجعي قد صحب النبي صلي الله عليه و آله و سلم و حمل لواء قومه يوم الفتح [...] فاجتمع معقل بن سنان و مسلم بن عقبة الذي يعرف بمسرف، فقال معقل لمسرف - و قد كان آنسه و حادثه الي أن ذكر معقل يزيد بن معاوية - فقال معقل: اني خرجت كرها لبيعة هذا الرجل، و قد كان من القضاء و القدر خروجي اليه، هو رجل يشرب الخمر، ويزني بالحرم، ثم نال منه و ذكر خصالا كانت فيه. [...]

الحاكم، المستدرك، 522 / 3 عنه: الفيروزآبادي، فضائل الخمسة، 390- 389 / 3

(أخبرنا) أبوالعباس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا [140] ابن عون، عن خالد بن الحويرث، عن عبدالله بن عمرو (رضي الله عنهما) عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم، قال: الآيات خرزات منظومات في سلك يقطع السلك فيتبع بعضها بعضا، قال خالد بن الحويرث: [141] كنا نادين بالصباح، و هناك عبدالله بن عمرو [142] و كان هناك امرأة من بني المغيرة، يقال لها فاطمة، فسمعت عبدالله بن عمرو يقول: ذاك يزيد ابن معاوية، فقالت: أكذاك [143] يا عبدالله بن عمرو [144] تجده مكتوبا في الكتاب. قال: لا أجده باسمه ولكن أجد رجلا من شجرة معاوية بسفك الدماء و يستحل الأموال، و ينقض هذا البيت حجرا حجرا فان كان ذلك و أنا حي، و الا فاذكريني، قال: و كان منزلها علي أبي قبيس فلما كان زمن الحجاج و ابن الزبير و رأت البيت ينقض، قالت: رحم الله عبدالله بن عمرو قد كان حدثنا بهذا.

الحاكم، المستدرك، 474 - 473 / 4 عنه: الذهبي، تلخيص المستدرك، 474 / 4


(و منها) ما حدثناه أبوبكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا حجاج بن محمد، ثنا شعبة، عن أبي حمزة، قال: سمعت حميد بن هلال يحدث عن عبدالله بن مطرف، عن أبي برزة الأسلمي، قال: كان أبغض الأحياء الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بنوأمية و بنو حنيفة و ثقيف. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين و لم يخرجاه.

الحاكم، المستدرك، 481 - 480 / 4 عنه: الذهبي، تلخيص المستدرك، 481 - 480 / 4

(أخبرني) أبوعبدالله الصنعاني بمكة، ثنا اسحاق بن ابراهيم، أنبأ عبدالرزاق، أنبأ معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، قال [145] : لما جاءت بيعة يزيد بن معاوية، قلت: لو خرجت الي الشام فتنحيت من شهر هذه البيعة [146] فخرجت حتي قدمت [147] الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف فجئته فاذا رجل فاسد العينين عليه خميصة و اذا هو عبدالله بن عمرو ابن العاص (رضي الله عنهما)، فلما رآه نوف أمسك عن الحديث، فقال له عبدالله: حدث [148] بما كنت تحدث به [149] ، قال: أنت أحق بالحديث مني أنت صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال: ان هؤلاء قد منعونا عن الحديث يعين الأمراء. قال: اعزم عليك الا ما حدثتنا حديثا سمعته من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال: سمعته يقول انها ستكون هجرة بعد هجرة يجتاز الناس الي مهاجر ابراهيم لا يبقي في الأرض الا شرار أهلها تلفظهم أرضهم و تقذرهم أنفسهم والله يحشرهم الي النار مع القردة و الخنازير، تبيت معهم اذا باتوا و تقيل معهم اذا قالوا و تأكل من تخلف. قال: و سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: سيخرج أناس [150] من أمتي من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج منهم قرن قطع حتي يخرج الدجال في بقيتهم.

الحاكم، المستدرك، 487 - 486 / 4 عنه: الذهبي، تلخيص المستدرك، 487 - 486 / 4

(أخبرني) محمد بن المؤمل بن الحسن، حدثنا الفضل بن محمد، ثنا نعيم بن حماد، ثنا


الوليد بن مسلم، عن أبي رافع [151] اسماعيل بن رافع، عن أبي نضرة، [152] قال: قال أبوسعيد [153] الخدري رضي الله عنه، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم [154] : ان أهل بيتي سيلقون من [155] بعدي من أمتي قتلا و تشريدا و ان أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية و بنو المغيرة و بنو مخزوم. [156] هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه [157] .

الحاكم، المستدرك، 487 / 4 عنه: الذهبي، تلخيص المستدرك، 487 / 4؛ الفيروزآبادي، فضائل الخمسة، 377 - 376، 351 / 3

و ولد معاوية أميرالمؤمنين بن أبي سفيان: عبدالله، لا عقب له، لم يكن له الا ابنة تزوجها عبدالله بن يزيد بن معاوية؛ و يزيد أميرالمؤمنين؛ و كان قبيح الآثار في الاسلام؛ قتل أهل المدينة، و أفاضل الناس، و بقية الصحابة -رضي الله عنهم - يوم الحرة، في آخر دولته؛ و قتل الحسين - رضي الله عنه - و أهل بيته في أول دولته؛ و حاصر ابن الزبير - رضي الله عنه - في المسجد الحرام، و استخف بحرمة الكعبة و الاسلام؛ فأماته الله في تلك الأيام، و قد كان غزا في أيام أبيه القسطنطينية و حاصرها.

ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، 112 / 1

أخبرنا أبوعبدالله الحافظ، حدثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي ابن عفان، حدثنا أبوأسامة، عن مجالد، عن عامر قال: لما رجع علي رضي الله عنه من صفين، قال: يا أيها الناس! لا تكروهوا امارة معاوية فانه لو فقدتموه لقد رأيتم الرؤوس تنزو من كواهلها كالحنظل.

أخبرنا أبوعبدالله الحافظ، و أبوبكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: حدثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب، أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا ابن جابر، عن عمير بن هانئ، أنه حدثه قال: كان أبوهريرة عشي في سوق


المدينة و هو يقول: اللهم لا تدركني سنة الستين و يحكم تمسكوا بصدغي معاوية. اللهم لا تدركني امارة الصبيان.

و هما انما يقولان مثل هذا الشي ء سمعاه من النبي صلي الله عليه و آله.

أخبرنا أبوالحسن علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا محمد بن العباس المؤدب، حدثنا هوذة بن خليفة، حدثنا عوف، عن أبي خلدة، عن أبي العالية قال: لما كان يزيد بن أبي سفيان أميرا بالشام غزا الناس فغنموا و سلموا، فكان في غنيمتهم جارية نفيسة، فصارت لرجل من المسلمين في سهمه، فأرسل اليه يزيد، فانتزعها منه و أبوذر يومئذ بالشام قال: فاستغاث الرجل بأبي ذر علي يزيد، فانطلق معه، فقال ليزيد: رد علي الرجل جاريته - ثلاث مرات - قال أبوذر: أما والله لئن فعلت، لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: ان أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية، ثم ولي عنه فلحقه يزيد، فقال: أذكرك بالله أنا هو. قال: اللهم لا، ورد علي الرجل جاريته.

قلت: يزيد بن أبي سفيان كان من أمراء الأجناد بالشام في أيام أبي بكر و عمر.لكن سميه يزيد بن معاوية يشبه أن يكون هو - والله أعلم -.

و في هذا الاسناد ارسال بين أبي العالية و أبي ذر.

و قد روي من وجه آخر كما أخبرنا: [158] أبوالحسين بن الفضل، أخبرنا عبدالله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، أخبرنا عبدالرحمان بن عمرو الحراني، حدثنا محمد بن سليمان، عن ابن غنيم البعلبكي عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: لا يزال هذا الأمر معتدلا قائما بالقسط حتي يثلمه رجل من بني امية [159] .


البيهقي، دلائل النبوة، 467 - 466 / 6 عنه: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق،33 / 72

(ما رواه) محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن سليمان بن رشيد، عن الحسن بن علي الخزاز، قال: دخل علي بن أبي حمزة علي أبي الحسن الرضا عليه السلام، فقال له: أنت امام؟ قال: نعم. فقال له: اني سمعت جدك جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول: لا يكون الامام الا وله عقب. فقال: أنسيت يا شيخ أو تناسيت، ليس هكذا قال جعفر، انما قال جعفر: لا يكون الامام الا وله عقب الا الامام الذي يخرج عليه الحسين ابن علي عليهماالسلام فانه لا عقب له.

فقال له: صدقت جعلك فداك هكذا سمعت جدك يقول.

الطوسي، الغيبة، / 135 - 134

فان قيل: هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو آمر به؟ قلنا: هذا لم يثبت أصلا، فلا يجوز أن يقال انه قتله أو أمر به مالم يثبت، فضلا عن اللعنة،لأنه لا تجوز نسبة مسلم الي كبيرة من غير تحقيق. نعم يجوز أن يقال قتل ابن ملجم عليا و قتل أبولؤلؤة عمر، فان ذلك ثبت متواترا. فلا يجوز أن يرمي مسلم بفسق أو كفر من غير تحقيق. قال صلي الله عليه و آله و سلم: «لا يرمي رجل رجلا بالكفر و لا يرميه بالفسق الا ارتدت عليه ان لم يكن صاحبه كذلك» [160] ، و قال صلي الله عليه و آله و سلم: «ما شهد رجل علي رجل بالكفر الا باء به أحدهما، ان كان كافرا فهو كما قال، و ان لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره اياه» [161] . و هذا معناه أن يكفره و هو يعلم أنه مسلم، فان ظن أنه كافر ببدعة أو غيرها كان مخطئا لا كافرا. و قال معاذ: قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أنهاك أن تشتم مسلما أو تعصي اماما عادلا، و التعرض للأموات


أشد» [162] ، قال مسروق: دخلت علي عائشة رضي الله عنها فقالت: ما فعل فلان لعنه الله؟ قلت: توفي. قالت: رحمه الله. قلت: و كيف هذا؟ قالت: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «لا تسبوا الأموات، فانهم قد أفضوا الي ما قدموا» [163] . و قال عليه السلام: «لا تسبوا الأموات فتؤذوا به الأحياء» [164] و قال عليه السلام: «أيها الناس احفظوني في أصحابي و اخواني و أطهاري و لا تسبوهم، أيها الناس اذا مات الميت فاذكروا منه خيرا» [165] .

فان قيل: فهل يجوز أن يقال: قاتل الحسين لعنه الله؟ أو الآمر بقتله لعنه الله؟ قلنا: الصواب أن يقال: قاتل الحسين ان مات قبل التوبة لعنه الله، لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة، فان وحشيا قاتل حمزة عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قتله و هو كافر، ثم تاب عن الكفر و القتل جميعا و لا يجوز أن يلعن، و القتل كبيرة و لا تنتهي الي رتبة الكفر، فاذا لم يقيد بالتوبة و اطلق، كان فيه خطر و ليس في السكوت خطر فهو أولي.

و انما أوردنا هذا لتهاون الناس باللعنة و اطلاق اللسان بها. و المؤمن ليس بلعان، فلا ينبغي أن يطلق اللسان باللعنة الا علي من مات علي الكفر، أو علي الأجناس المعروفين بأوصافهم دون الأشخاص المعينين. فالاشتغال بذكر الله أولي، فان لم يكن ففي السكوت سلامة. [166] .

الغزالي، احياء علوم الدين، 126 - 125 / 3


و أخبرني سيد الحفاظ هذا قال: و باسنادي الي أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أريت في منامي رجلا من أهل بيتي دعا الي الله و عمل صالحا، و غير المنكر، و أنكر الجور فصلب، فعلي صالبه لعنة الله.

و أخبرني سيد الحفاظ هذا قال: أخبرني أبوعلي الحداد، أخبرنا أبونعيم، أخبرنا ابن حيان، حدثنا موسي بن هارون، حدثنا زهير بن حرب، حدثني أبومعاوية، عن محمد بن قيس بن البراء، عن عبدالله بن بدر الخطمي، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: من أحب أن يبارك في أجله، و أن يمتع بما خوله الله تعالي فليخلفني في أهلي خلافة حسنة، و من لم يخلفني فيهم بتلك عمره، و ورد علي يوم القيامة مسودا وجهه. قال: فكان كما قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فان يزيد بن معاوية لم يخلفه في أهله خلافة حسنة؛ فبتك عمره، و ما بقي بعد الحسين عليه السلام الا قليلا، و كذلك عبيدالله بن زياد لعنهما الله.

الخوارزمي، مقتل الحسين، 85 / 2

أخبرني أبومنصور هذا، أخبرنا أبوعلي الحداد، أخبرنا أبونعيم الحافظ، أخبرنا العتابي، أخبرنا أبوبكر بن عاصم، حدثنا عبيدالله بن معاذ، حدثني أبي، حدثني عوف، عن المهاجر بن مخلد، عن أبي العالية، عن أبي ذر، أنه قال ليزيد بن معاوية: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: أول من يبدل ديني رجل من بني أمية.

الخوارزمي، مقتل الحسين، 180 / 2

قال: فلما بعث يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري أميرا علي أهل الشام، لمحاربة عبدالله و من بالمدينة من قبل ابن الزبير و الحصين بن نمير السكوني بعده أن حدث به حدث الموت، لأن مسلما كان مريضا، فكانت الوقعة بالحرة، و أقام بعدها بالمدينة، فقتل من أولاد المهاجرين ألفا و ثلاثمائة، و من أولاد الأنصار ألفا و سبعمائة، و من العبيد و الموالي


ثلاثة آلاف، و نهب المدينة ثلاثة أيام بلياليها، حتي قال أبوسعيد الخدري: والله ما سمعنا الأذان بالمدينة ثلاثة أيام الا من قبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم.

الخوارزمي، مقتل الحسين، 183 - 182 / 2

أنبأنا أبوالفرج غيث بن علي، نا أبوبكر الخطيب، أنا أبونعيم الحافظ، نا سليمان بن أحمد، نا محمد بن زكريا الغلابي، نا [167] ابن عائشة، عن أبيه قال: كان يزيد بن معاوية في حداثته صاحب شراب يأخذ مأخذ الأحداث، فأحس معاوية بذلك، فأحب أن يعظه في رفق، فقال: يا بني! ما أقدرك علي أن تصير الي حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءك و قدرك. ثم قال [168] : يا بني! اني منشدك أبياتا فتأدب بها، و احفظها، فأنشده:



انصب نهارا في طلاب العلا

واصبر علي هجر الحبيب القريب



حتي اذا الليل أتي بالدجي

و اكتحلت بالغمض عين الرقيب



فباشر الليل بما تشتهي

فانما الليل نهار الأريب



كم فاسق تحسبه ناسكا

قد باشر الليل بأمر عجيب



غطي عليه الليل أستاره

فبات في أمن و عيش خصيب



ولذة الأحمق مكشوفة

يشقي بها كل عدو غريب



في الكتاب الذي أخبرنا ببعضه أبوبكر محمد بن شجاع، أنا أبوعمرو بن منده، أنا الحسن بن محمد بن أحمد، أنا أحمد بن محمد بن عمر، نا ابن أبي الدنيا، أخبرني أبوعبدالله، عن علي بن محمد، عن غسان بن عبدالحميد، عن جعفر بن عبدالرحمان بن المسور قال: قدم عبدالله بن عباس وافدا علي معاوية، فأمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه، فأتاه في منزله، فرحب به ابن عباس وحدثه، فلما خرج قال ابن عباس: اذا ذهبت بنو ذهب حلماء [169] الناس.

ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 183 / 69، مختصر ابن منظور، 23 - 22 / 28


أنبأنا أبوالفرج غيث بن علي، أنا ابوبكر الخطيب، أنا أبونعيم الحافظ، ثنا سليمان ابن أحمد، نا محمد بن موسي بن حماد البربري، نا يعقوب بن ابراهيم، نا عمي علي بن صالح، عن ابن داب قال: بعث معاوية جيشا الي الروم، فنزلوا منزلا يقال له الفرقدونة، فأصابهم بها الموت [و غلاء] شديد، فكبر ذلك علي معاوية، فاطلع يوما علي ابنه يزيد و هو يشرب الخمر و عنده قينة تغنيه:



أهون عليك بما تلقي جموعهم

بالفرقدونة من وعك و من موم



اذا اتكأت علي الأنماط مرتفعا

بدير مران عندي أم كلثوم



فقال معاوية: أقسم عليك يا يزيد لترتحلن حتي تنزل مع القوم و الا خلعتك، فتهيا يزيد للرحيل، و كتب الي أبيه:



تحني لا تزال تعد دينا

ليقطع وصل حبلك من حبالي



فيوشك أن يريحك من بلائي

نزولي في المهالك و ارتحالي



ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 184 / 69

قرأت علي أبي منصور بن خيرون، عن أبي محمد الجوهري و أبي جعفر بن المسلمة، عن أبي عبيدالله عمر بن عمران بن موسي المرزباني، قال الأقيبل القيني و كان أسود و هو شامي اتهم بقتيل فقدم الي يزيد بن معاوية لضرب عنقه، فقال له يزيد: يا أقيبل أنشدني قصيدتك التي و صفت الخمر، فأنشده اياها و فيها:



كنت اذا صحت و في الكأس وردة

لها في عظام الشاربين دبيب



تريك القذي من دنها و هي دونه

لوجهك منها في الاناء قطوب



فجرت بينهما في ذلك محاورة ثم أنشده:



فما القيد أبكاني و لا القتل شفني

ولا أنني من خشية الموت أجزع



سوي أن قوما كنت أخشي عليهم

اذا مت أن يعطوا الذي كنت أمنع



فأطلقه، ثم جني جناية فحبسه الحجاج، فهرب من الحبس، و لحق بعبدالملك معتاذا


بقبر مروان، و قال:



اني أعوذ بقبر لست مخفره

ولن أعوذ بقبر بعد مروان



ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 147 / 9

آخر ما تكلم به يزيد بن معاوية: اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه، و لم أرده،و أحكم بيني و بين عبيدالله بن زياد.

ابن عساكر، مختصر ابن منظور، 29 / 28

[أما بعد فقد] سألني في بعض مجالس الوعظ عن يزيد بن معاوية و ما فعل في حق الحسين صلوات الله عليه، و ما أمر به من نهب المدينة، فقال لي: أيجوز أن يلعن؟! فقلت: يكفيه ما فيه و السكوت أصلح! فقال: قد علمت أن السكوت أصلح ولكن هل تجوز لعنته؟! فقلت: قد أجازها العلماء الورعون منهم الامام أحمد بن حنبل. [...]

قلنا: انكاره علي من استجاز ذم المذموم و لعن الملعون من جهل صراح، فقد استجازه كبار العلماء منهم الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، و قد ذكر أحمد في حق يزيد ما يزيد علي اللعنة.

و أنبأنا أبوبكر محمد بن عبدالباقي البزاز، عن ابن اسحاق البرمكي، عن أبي بكر عبدالعزيز بن جعفر، حدثنا أحمد بن محمد الخلال، حدثنا محمد بن علي،حدثنا مهنا بن يحيي، قال:

سألت أحمد [بن حنبل] عن يزيد بن معاوية؟ فقال: هو الذي فعل بالمدينة ما فعل، قلت: و ما فعل؟ قال: نهبها. قلت: فنذكر عنه الحديث؟ قال: لا يذكر عنه الحديث ولا [كرامة] لا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثا. قال: و من كان معه حين فعل ما فعل؟ قال: أهل الشام.

و ذكر القاضي أبويعلي محمد بن الحسين بن الفراء في كتابه المعتمد في الأصول، عن أبي جعفر العكبري، [قال:] حدثنا أبوعلي الحسين بن الجندي، قال: حدثنا أبوطالب ابن شهاب العكبري، قال: سمعت أبابكر محمد بن العباس قال:


سمعت صالح بن أحمد بن حنبل يقول: قلت لأبي: ان قوما ينسبوننا الي توالي يزيد؟! فقال: يا بني و هل يتوالي يزيد أحد يؤمن بالله؟ فقلت: فلم لا تلعنه؟ فقال: و متي رأيتني ألعن شيئا؟ لم يلعن من لعنه الله تعالي في كتابه، فقلت: و أين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقرئ: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم) [22 - 21 محمد: 47]، فهل يكون فساد أعظم من القتل؟

و صنف القاضي أبوالحسين محمد بن القاضي أبي يعلي ابن الفراء كتابا فيه بيان من يستحق اللعن، و ذكر فيهم يزيد و قال: الممتنع من ذلك اما أن يكون غير عالم بجواز ذلك، أو منافقا يريد أن يوهم بذلك، و ربما استفز الجهال بقوله: «المؤمن لا يكون لعانا».

قال: و هذا محمول علي من لا يستحق اللعن.

نقلت هذا من خط القاضي أبي الحسين و تصنيفه.

فصل: واعلم أنه جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب معشار عشر فعل يزيد. أخبرنا ابن الحصين، قال: أنبأنا ابن المذهب، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبدالله ابن أحمد، قال: حدثني أبي، حدثنا عبدالرحمان، حدثنا سفيان،عن منصور، عن ابراهيم، عن علقمة، عن عبدالرحمان، قال:

لعن الواشمات و المستوشمات و المتنمصات و المتفلجات للحسن.

قال أحمد و حدثنا يحيي، عن عبيدالله، قال: حدثني نافع، عن عبدالله - و هو ابن عمر - قال: قال: لعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة.

قال أحمد: و عن هشيم قال: أنبأنا أبوبشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر: ان رسول الله صلي الله عليه عليه لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا.

هذه الأحاديث متفق علي صحتها، أخرجها البخاري و مسلم.

و أخرج البخاري من حديث ابن عباس، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: أنه لعن المخنثين من الرجال و المترجلات من النساء.


و من حديث أبي جحيفة: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعن الواشمة و المستوشمة و آكل الربا و مؤكله و لعن المصورين.

و أخرج مسلم من حديث جابر قال: لعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم آكل الربا و مؤكله و شاهديه و كاتبه.

أخبرنا ابن الحصين، قال: أنبأنا ابن المذهب، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبدالله بن أحمد، قال: حدثي أبي، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن اسحاق عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة:

عن ابن عباس قال: قال النبي صلي الله عليه: ملعون من سب أباه، ملعون من سب امه، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من غير تخوم الأرض، ملعون من كمه أعمي عن طريق، ملعون من وقع علي بهيمة، ملعون من عمل بعمل قوم لوط.

قال أحمد: و حدثنا وكيع، حدثنا عبدالعزيز بن عمر [بن عبدالعزيز]، عن أبي طعمة [هلال] مولاهم، و عن عبدالرحمان بن عبدالله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لعنت الخمر علي عشرة وجوه، لعنت الخمر بعينها و شاربها و ساقيها و بائعها و مبتاعها و عاصرها و معتصرها و حاملها و المحمولة الي و آكل ثمنها.

واعلم أن الأحاديث في هذا الباب كثيرة، مثل لعن من تولي غير مواليه، و لعن زوارات القبور و غير ذلك.

ابن الجوزي، الرد علي المتعصب العنيد، / 28 - 13، 6

قلت: ليس العجب من فعل عمر بن سعد و عبيدالله بن زياد، و انما العجب من خذلان يزيد، و ضربه بالقضيب علي ثنية الحسين، و [170] اعادته [رأسه الشريف] الي المدينة - و قد تغيرت ريحه - لبلوغ الغرض الفاسد [171] أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج؟! أو ليس في الشرع أنهم [172] يصلي عليهم و [173] يدفنون؟!


و أما قوله: لي أن [174] أهبهم فأمر لا يقع [175] لفاعله و معتقده الا اللعنة [176] .و لو أنه احترم الرأس حين وصوله، و صلي عليه، و لم يتركه في طست، و لم يضربه بقضيب ما الذي كان يضره، و قد حصل مقصوده من القتل؟ ولكن أحقاد جاهلية، و دليلها ما تقدم من انشاده [شعر ابن الزبعري]:

ليت أشياخي ببدر شهدوا...

ابن الجوزي، الرد علي المتعصب العنيد، / 53 - 52 عنه: القمي، نفس المهموم، / 436

و لما دخلت سنة اثنين و ستين ولي يزيد عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة، فبعث الي يزيد وفدا من المدينة فلما رجع الوفد أظهروا شتم يزيد و قالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر و يعزف بالطنابير، و يلعب بالكلاب، و انا نشهدكم أنا قد خلعناه.

و قال المنذر: والله لقد أجازني بمأة ألف درهم و أنه لا يمنعني ما صنع الي أن أصدقكم عنه، و الله انه يشرب الخمر، و انه ليسكر حتي يدع الصلاة.

ثم بايعوا عبدالله بن حنظلة الغسيل و أخرجوا عثمان بن محمد عامل يزيد.

و كان ابن حنظلة يقول: يا قوم! والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء.

ان الرجل ينكح الأمهات و البنات و الأخوات، و يشرب الخمر و يدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا.

قال أبوالحسن المدائني - و كان من الثقات -: أتي أهل المدينة المنبر، فخلعوا يزيد، فقال عبدالله بن عمرو بن حفص المخزومي: قد خلعت يزيد كما خلعت عمامتي - و نزعها عن رأسه - و اني لأقول هذا و قد وصلني و أحسن جائزتي ولكن عدو الله سكير.

فبلغ الخبر الي يزيد، فبعث الي مسلم بن عقبة [و كان معاوية أوصاه، به، و بعثه


بجيش جرار الي المدينة] فقال له: ادع القوم ثلاثا فان أجابوك و الا فقاتلهم، فاذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا، و ما فيها من مال أو سلاح أو طعام فهو للجند، فاذا مضت الثلاث فأكفف عنهم.

فأباحها مسلم بن عقبة ثلاثا يقتلون الرجال [177] و يقعون علي النساء!

و كلمت امرأة مسلم بن عقبة في ولدها و كان قد أسر، فقال: عجلوه لها. فضربت عنقه.

ثم دعا مسلم الناس الي البيعة ليزيد، و قال: بايعوا علي أنكم خول له و أموالكم له! فقال يزيد بن عبدالله بن زمعة: نبايع علي كتاب الله. فأمر به، فضرب عنقه.

وجي ء بسعيد بن المسيب الي مسلم، فقالوا: بايع. فقال: أبايع علي سيرة أبي بكر و عمر. فأمر بضرب عنقه فشهد رجل أنه مجنون فخلي عنه.

و ذكر محمد بن سعد في الطبقات: أن مروان بن الحكم [كان] يحرض مسلم بن عقبة علي أهل المدينة، و نهبها ثلاثا، فلما قدم مروان علي يزيد شكر له ذلك و أدناه.

و ذكر المدائني في كتاب الحرة عن الزهري أنه قال: كان القتلي في يوم الحرة سبعمأة من وجوه الناس: قريش و الأنصار و المهاجرين و وجوه الموالي، و من لا يعرف من عبد و أمة و امرأة عشرة آلاف.

أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا المبارك بن عبدالجبار، قال: أنبأنا أبوالحسن محمد بن عبدالواحد، قال: أنبأنا أبوبكر أحمد بن ابراهيم بن شاذان، قال: أنبأنا أحمد ابن محمد بن شيبة البزاز، قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخزاز، قال: أنبأنا أبوالحسن المدائني، عن أبي عبدالرحمان القرشي، عن خالد الكندي عن عمته أم الهيثم بنت يزيد قالت:

رأيت امرأة من قريش فعرض لها أسود. فعانقته و قبلته فقتلت: يا أمة الله! أتفعلين هذا بهذا الأسود؟ قالت: هو ابني وقع علي أبوه يوم الحرة فولدت هذا.


و عن المدائني، عن أبي مرة، قال: قال هشام بن حسان: ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج.

قلت: من أراد أن ينظر الي العجائب فلينظر الي ماجري يوم الحرة علي أهل المدينة باطلاق يزيد أصحابه في النهب.

و الكتاب سماعنا من الشيخ أبي الفضل بن ناصر، و هو أجزاء فلم نر التطويل.

و قال: أخبرنا ابن الحصين [178] قال: أنبأنا ابن المذهب، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبدالله بن أحمد، قال: حدثني أبي قال: أنبأنا أنس بن عياض [الليثي أبوضمرة]، قال: حدثني يزيد بن حصيفة، عن عبدالله بن عبدالرحمان بن أبي صعصعة، عن عطاء ابن يسار:

عن السائب بن خلاد: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين،لا يقبل الله تعالي منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا.

أخبرنا عبدالأول قال: أنبأنا الداوودي، قال: أنبأنا ابن عين، قال: أنبأنا الغريري، قال: حدثنا البخاري، قال: حدثنا حسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل، عن جعيد:

عن عائشة [بنت سعد] قالت: سمعت سعدا قال: سمعت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول: لا يكيد أهل المدينة أحد الا أنماع كما ينماع الملح في الماء.

و قد أخرجه مسلم بمعناه: لا يريد أحد أهل المدينة بسوء الا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء.

و أخرج مسلم من حديث أبي هريرة، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: اللهم بارك لأهل المدينة في مدهم.

و قال: من أراد أهلها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء.


و قد زعم الخصم أن المراد بالحديث: من أخافها بغير تأويل.

و هذا الذي قد علمه هذا المغفل من معني الحديث لا شك أنه خفي عن الامام أحمد -رضي الله عنه - حتي قال: أليس قد أخاف أهل المدينة؟!

و ما علم أحمد أنه كان بتأويل؟!

ثم نقدر أنه يجوز اخافتها لموضع الخروج عليه - و ان كان لنا في هذا كلام - أفيجوز أن يأمر باباحتها و نهبها ثلاثا؟ و قد ذكرنا أنه أمر بذلك.

ثم أليس قد رضي ما جري و لم ينكر؟ لا بل شكر مروان بن الحكم علي ذلك علي ما سبق ذكره، ان الاعتذار عن هذا أقبح منه.

فصل: كانت وقعة الحرة في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث و ستين، فلما دخلت سنة أربع و ستين، و قد فرغ مسلم بن عقبة من قتال أهل المدينة - و انهاب جنده أموالهم - سار متوجها الي مكة لقتال ابن الزبير، فمات في الطريق.

و كان لحماقته المتوفرة يقول عند موته: اللهم اني لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا اله الا الله، أحب الي من قتال أهل المدينة، و لئن دخلت النار بعدها اني لشقي.

ثم دعا حصين بن نمير السكوني فقال له: [ان] أميرالمؤمنين ولاك بعد فأسرع السير و لا تؤخر ابن الزبير الا ثلاثا حتي تناجزه.

فمضي [حصين بن نمير] حتي حاصر ابن الزبير، و ضيق عليه أربعة و ستين يوما جري فيها قتال شديد، و قذفت الكعبة بالمجانيق يوم السبت ثالث ربيع الأول، و أخذ رجل قبسا في رأس رمح، فطارت به الريح فاحترقت البيت.

فجاءهم نعي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر، فكان بين الحرة و بين موته ثلاثة أشهر، و لقد ذاب كما يذوب الرصاص كما روينا عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في حق من يقصد أهل المدينة بسوء.

فصل: فأما ما احتج به هذا الشيخ مناضلا عن يزيد فمن الحجج التي لا تصلح أن تسمي شبهة أنه قال:


ما ذكرتموه عن أحمد في أنه أجاز لعنة يزيد، واحتج بقوله تعالي: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم)[22 محمد: 47] فان الآية نزلت في منافقي اليهود فكيف يجعلها أحمد عامة في أهل التوحيد؟!

قلنا: بلغ من أمرك أن ترد علي أحمد؟!

ثم جوابك من ثلاثة أوجه:

أحدها: ان هذا انما نقلته من تفسير مقاتل بن سليمان، و مقاتل بن سليمان كذاب باجماع المحدثين لا يدري ما يقول.

قال وكيع: مقاتل بن سليمان كذاب.

و قال السعدي: كان دجالا جورا.

و قال البخاري: مقاتل لا شي ء ألبتة.

و قال زكريا الساجي: كذاب متروك الحديث.

و قال الرازي: متروك الحديث.

و قال أبوعبدالرحمان النسائي: الكذابون المعروفون بوضع الحديث علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أربعة: ابن أبي يحيي بالمدينة، و الواقدي ببغداد، و مقاتل بن سليمان بخراسان، و محمد ابن سعيد بالشام.

و قال ابن حبان: كان مقاتل يأخذ [من] اليهود و النصاري علم القرآن الذي يوافق كتبهم! و كان يكذب مع ذلك.

و الثاني: انا قد ذكرنا أن أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - فسره بولاية المسلمين فكيف قدمت كلام مقاتل الكذاب علي كلام أحمد؟! و أي ولاية لليهود؟!

والثالث: انها لو نزلت في اليهود لم يضرنا، اذ الحكم أعلم من السبب فنزول الآية في حق قوم لا يمنع من عموم حكمها و الخطاب بها.

قال هذا الشيخ: كيف يظن بالامام أحمد مع كونه يقول: كيف أقول ما لم يقل. أنه يذهب عليه قولنا هذا لصحابة ابن عمر، و أنه بايع يزيد، أفتراه يستجيز أن يعدل عما


فعل ابن عمر؟

قلنا: يا قليل العلم بالسير! قد ذكرنا أن ابن عمر لما سمع ببيعة يزيد هرب الي مكة و أنه قيل له عند البيعة: ان أنكرت قتلناك. فبايع ضرورة.

قال هذا الشيخ: فقد روي أبوطالب قال: سألت أحمد بن حنبل عمن قال: لعن الله يزيد بن معاوية؟ فقال: لأتكلم في هذا، الامساك أحب الي.

والجواب: ان هذه الرواية لا تناقض الاولي، لأن هذه تدل علي [أن] اشتغال الانسان بنفسه أولي من ذكر غيره ولو علي جواز اللعنة [179] كما قلنا في تقديم التسبيح علي لعنة ابليس.

و ينبغي أن يعلم أن أبابكر الخلال و صاحبه عبدالعزيز و القاضي أبايعلي [180] وابنه أباالحسين أعرف بالمذهب منك، و قد ذكرنا روايتهم و اختيارهم، فان كنت ما سمعت بذلك فاسمع وانظر في كتبهم تري جواز ذلك.

و قد لعن أحمد بن حنبل من يستحق اللعن، فقال أحمد في رسالة «مسدد»: قالت الواقفة الملعونة و المعتزلة الملعونة...

وروي الخلال في كتاب السنة: قال عبدالله بن أحمد الحلبي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: علي الجهمية لعنة الله.

و كان الحسن يلعن الحجاج. و [كان] أحمد يقول: الحجاج رجل سوء.

قال هذا الشيخ: قد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم في حق معاوية: اللهم اجعله هاديا واهد به.

قال: و من هو هاد لا يجوز أن يطعن عليه فيما اختاره من ولاية يزيد.

قلنا: اعرف أولا صحة الحديث، ثم ابن عليه، و لعلنا ان بينا تظننا نتعصب علي معاوية؟! ولكنا نوضحه للمستفيدين:


أخبرنا به علي بن عبيدالله الزاغوني، قال: أنبأنا علي بن أحمد بن البيري [181] ، قال: أنبأنا أبوعبدالله بن بطة العكبري، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا محمد بن اسحاق، قال: أخبرني هشام بن عمار، قال: حدثنا عبدالعزيز بن الوليد بن سليمان القرشي، عن أبيه:

ان عمر بن الخطاب ولي معاوية بن أبي سفيان فقالوا: ولي حديث السن، فقال: تلومونني؟ قد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: اللهم اجعله هاديا واهد به.

أخبرنا علي بن عبيدالله، قال: أنبأنا علي بن البشري، قال: أنبأنا أبوعبدالله بن بطة، قال: حدثنا القاقلاي [كذا] و ابن مخلد، قالا: أنبأنا محمد بن اسحاق، قال: حدثنا يحيي ابن معين، قال: حدثنا أبوسهر، قال: أخبرني سعيد بن عبدالعزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبدالرحمان بن أبي عميرة،قال:

سمعت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يدعو لمعاوية، فقال: اللهم اجعله هاديا مهديا.

[و] مدار الطريقين علي محمد بن اسحاق بن حب اللؤلوئي البلخي و كان كذابا يبغض أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب.

كان قتيبة بن سعيد يذكره بأسوأ الذكر، و يقول: حدثت أنه بالكوفة شتم أميرالمؤمنين، فأرادوا أخذه فهرب.

و قال أبوعلي صالح بن محمد الحافظ: كان محمد بن اسحاق كذابا يضع للكلام اسنادا و يروي أحاديث مناكير.

و قال ابن حبان: يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات، لا يكتب حديثه الا للاعتبار.

و حكي هذا الشيخ عن بعض المحدثين أنه قال: ولاية يزيد ثبت برضي الجميع الا خمسة: عبدالرحمان بن أبي بكر، و ابن عمر، وابن الزبير، والحسين، و ابن عباس.


والجواب: كيف رويت عن ابن عمر أنه ما رضي و أنت تحتج بأنه بايع؟! فما يفهم هذا الشيخ ما ينقل؟!

واعلم أنه ما رضي ببيعة يزيد أحد ممن يعول عليه حتي العوام أنكروا ذلك، غير أنهم سكتوا خوفا علي أنفسهم [182] .

و العلماء يحكمون بصحة الامامة اذا وقعت قهرا لموضع الضرورة و قد انعقد اجماع الفقهاء علي أن الامامة واجبة لأن انتظام أمر الدين و الدنيا مقصود شرعا و لا تحصل الا بامام مطاع، فوجب نصب الامام.

و بيانه: أن الآدمي لابد أن يخالطه جنسه، و الطباع تقصد الظلم، فلا بد من وزعة لتسلم الدنيا و الدين.

و أجمع العلماء علي أنه لا يجوز التنصيص علي امام بالتشهي [183] و أنه لابد له من صفات، و صفات الامام و شروط الامامة جمعها الحسين عليه السلام ليقاربه فيها أحد من أهل زمانه.

قال الفقهاء: و لا تجوز ولاية المفضول علي الفاضل الا أن يكون هناك مانع من خوف فتنة أو يكون الفاضل غير عالم بالسياسة.

و يدل علي تقديم الأفضل: أن في الصحيحين من حديث عمر: أن أبابكر يوم السقيفة أخذ بيد عمر، و بيد أبي عبيدة بن الجراح و قال: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم. قال عمر: كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني من ذلك اثم أحب الي من أن أتأمر علي قوم فيهم أبوبكر.

هذا حديث متفق علي صحته، و قد ذكرنا عن هذا الجاهل أنه قال: حديث السقيفة ليس في الصحيح. و ما هذا قول من له أنس بالحديث.


و لما ولي أبوبكر عمر دخل عليه جماعة، فقالوا: ما أنت قائل لربك اذا سألك عن استخلافك عمر و قد تري غلظته؟! فقال أبوبكر: اجلسوني أبالله تخوفونني؟ أقول: اللهم اني استخلفت عليهم خير أهلك.

و اذا ثبت أن الصحابة كانوا يطلبون الأفضل و [ما] يرونه الأحق أفيشك أحد أن الحسين أحق بالخلافة من يزيد؟ لابل من هو، دون الحسين في المنزلة كعبدالرحمان بن أبي بكر، و عبدالله بن عمر، و عبدالله بن الزبير، و عبدالله بن عباس.

و ما في هؤلاء الا من له صحبة و نسب و نجدة و كفاية و ورع و علم وافر لا يقاربهم يزيد، فبأي وجه يستحق التقديم؟ و ما رضي ببيعة يزيد عالم و لا جاهل.

ولو قيل لأجهل الناس: أيهما أصلح الحسين أو يزيد؟ لقال الحسين.

فبان بما ذكرنا أن ولاية يزيد كانت قهرا، و انما سكت الناس خوفا.

و من جملة من خرج و لم يبايع ابن عمر، فلما خاف علي نفسه بايع.

فنظر هذا الشيخ الي صورة المبايعة و نسي أنها كانت عن اكراه. و كتب أهل العراق الي الحسين: أن أقبل الينا نبايعك. رأي أنه الأحق، و ظن فيهم النصرة، فخذلوه.

و لذلك تولي ابن الزبير الخلافة لأنه رآي أنه الأحق.

و هذا الشيخ لا يفرق بين وال مستحق و وال غير مستحق يصبر [الناس] علي [ولايته] ضرورة. [...]

قال الخصم: فذهب قوم الي أن الحسين كان خارجيا.

قلنا: انما يقال [فلان] خارجي لمن خرج علي مستحق، و انما خرج الحسين لدفع الباطل و اقامة الحق.

و نقلت من خط ابن عقيل قال: قال رجل: كان الحسين خارجيا

فبلغ ذلك من قلبي فقلت: لو عاش ابراهيم ابن رسول الله صلح أن يكون نبيا، فهب أن الحسن و الحسين نزلا عن رتبة ابراهيم مع كون النبي صلي الله عليه و آله و سلم قد سماهما ابنيه فلا يصيب [184] .


ولد ولده أن يكون اماما بعده؟!

فأما تسميته خارجيا و اخراجه من الامامة لأجل صون بني امية هذا مالايقتضيه عقل و لادين.

قال ابن عقيل: و متي حدثتك نفسك بوفاء الناس فلا تصدق! هذا رسول الله أكبر الناس حقوقا علي الخق، هداهم و علمهم و أشبع جائعهم و أعز ذليلهم و وعدهم الشفاعة في الآخرة و قال: (لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي) [23 / الشوري 42] فقتلوا أصحابه و أهلكوا أولاده.

قال الخصم: هلا سكتم عن يزيد احتراما لأبيه؟!

قلنا: ما سكت أحمد بن حنبل و لا الخلال و لا غلامه أبوبكر عبدالعزيز، و [لا] القاضي أبويعلي و لا ابنه أبوالحسين و هو شيخك فهلا وافقت شيخك؟ و ما ردك عن موافقته الا أحد أمرين: اما الجهل بالحال، و [اما] أن يكون المقصود: خالف تعرف.

ثم لا يختلف الناس أن سعد بن أبي وقاص من العشرة المشهود لهم بالجنة، و من أهل بدر، و من أصحاب الشوري و ما سكت الناس عن ابنه عمر - لعنه الله - ما فعل بالحسين فالدين لا يحتمل المحاباة.

واحتج هذا الشيخ بأن يزيد كان كريما، و أنه أعطي عبدالله بن جعفر أربعة آلاف ألف.

قلنا: ما مدحت به هو الذم لأنه تبذير في بيت مال المسلمين و ليس بماله، فمن فعل ذلك كان مذموما لا ممدوحا، و انما كان يعطي الناس ليسكتوا عنه.

قال: فقد كان [يزيد] من القرن الثاني و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: خيركم قرني ثم الذين يلونهم.

قلنا: انما أشار عليه السلام الي عموم القرن لا الي ما يندر من الفساق و قد كان في القرن الثاني الحجاج و غيره من الظلمة، و من المبتدعة كمعبد الجهني.

قال هذا الشيخ: فقد روي أن قوما دخلوا علي يزيد و هو يقرأ في المصحف.


قلنا: علي هذا نقطع التفكر في جواب هذه الحجة! نسأل الله عزوجل أن يمتعنا بعقولنا، و يحفظنا من موافقة أهوائنا، انه قريب مجيب.

ابن الجوزي، الرد علي المتعصب العنيد، / 88 - 83، 71 - 53

ذكر علماء السير علي الحسن البصري أنه قال: قد كانت في معاوية هنات لو لقي أهل الأرض ببعضها لكافهم، و ثوبه علي هذا الأمر و اقتطاعه من غير مشورة من المسلمين؛ و ادعاؤه زيادا. و قتله حجر بن عدي و أصحابه، و بتوليته مثل يزيد علي الناس.

قال: و قد كان معاوية يقول: لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي.

و ذكر جدي أبوالفرج في كتاب (الرد علي المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد) و قال: سألني سائل فقال: ما تقول في يزيد بن معاوية؟ فقلت له: يكفيه ما به؛ فقال: أتجوز لعنه؟ فقلت: قد أجاز العلماء الورعون منهم أحمد بن حنبل، فانه ذكر في حق يزيد ما يزيد علي اللعنة.

قال جدي، و أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالباقي البزاز، أنبأنا أبواسحاق البرمكي، أنبأنا أبوبكر عبدالعزيز بن جعفر، أنبأنا أحمد بن محمد بن الخلال، حدثنا محمد بن علي، عن مهنا بن يحيي، قال: سألت أحمد بن حنبل عن يزيد بن معاوية فقال: هوالذي فعل ما فعل، قلت: ما فعل؟ قال: نهب المدينة. قلت: فنذكر عنه الحديث؟ قال: لا؛ و لا غرامة، لا ينبغي لأحد أن يكتب عنه الحديث.

و حكي جدي أبوالفرج، عن القاضي أبي يعلي بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول) باسناده الي صالح بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: أن قوما ينسبوننا الي توالي يزيد؟ فقال: يا بني و هل يتوالي يزيد أحد يؤمن بالله؟فقلت: فلم لا تلعنه؟ فقال: و ما رأيتني لعنت شيئا يا بني، لم لا تلعن من لعنه الله في كتابه. فقلت: و أين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقال: في قوله تعالي: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم) [185] . فهل يكون فساد أعظم من


القتل؟ و في رواية: لما سأله صالح فقال: يا بني ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه و ذكره.

قال جدي: و صنف القاضي أبويعلي كتابا، ذكر فيه بيان من يستحق اللعن، و ذكر منهم يزيد، و قال في الكتاب المذكور: الممتنع من جواز لعن يزيد أما أن يكون غير عالم بذلك أو منافقا يريد أن يوهم بذلك، و ربما استفز الجهال بقوله عليه السلام: «المؤمن لا يكون لعانا».

قال القاضي: و هذا محمول علي من لا يستحق اللعن، فان قيل: فقوله تعالي: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض)، نزلت في منافقي اليهود، فقد أجاب جدي عن هذا في الرد علي المتعصب، و قال الجواب: ان الذي نقل هذا مقاتل بن سليمان، ذكره في تفسيره، و قد أجمع عامة المحدثين علي كذبه؛ كالبخاري و وكيع و الساجي و السدي و الرازي و النسائي و غيرهم، و قال: فسرها أحمد بأنها في المسلمين، فكيف يقبل قول أحمد أنها نزلت في المنافقين؛ فان قيل: فقد قالي النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له، و يزيد أول من غزاها». قلنا: فقد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «لعن الله من أخاف مدينتي»، و الآخر ينسخ الأول.

قال أحمد في المسند: حدثنا أنس بن عياض، حدثني يزيد بن حفصة، عن عبدالله بن عبدالرحمان بن أبي صعصعة، عن عطاء بن يسار، عن السايب بن خلاد: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا».

و قال البخاري، حدثنا حسين بن حريث، أنبأنا أبوالفضل، عن جعيدة، عن عائشة قالت: سمعت سعدا يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «لا يكيد أهل المدينة الا أن ماع كما يماع الملح في الماء».

و أخرجه مسلم أيضا بمعناه، و فيه: لا يريد أهل المدينة أحد بسوء الا أذابه الله في النار ذوب الرصاص؛ و لا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة و سبي أهلها و نهبها و أباحها. و تسمي وقعة الحرة. و سببه ما رواه الواقدي و ابن اسحاق و هشام بن محمد: أن جماعة


من أهل المدينة و فدوا علي يزيد سنة اثنتين و ستين بعد ما قتل الحسين، فرأوه يشرب الخمر، و يلعب بالطنابير والكلاب، فلما عادوا الي المدينة أظهروا سبه، و خلعوه و طردوا عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان، و قالوا: قدمنا من عند رجل لا دين له يسكر و يدع الصلاة، و بايعوا عبدالله بن حنظلة الغسيل؛ و كان حنظلة يقول: يا قوم! والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء، رجل ينكح الامهات و البنات و الأخوات، و يشرب الخمر، و يدع الصلاة، و يقتل أولاد النبيين. والله لو يكون عندي أحد من الناس لأبلي الله فيه بلاء حسنا. فبلغ الخبر الي يزيد، فبعث اليهم مسلم بن عقبة المري في جيش كثيف من أهل الشام، فأباحها ثلاثا، و قتل ابن الغسيل و الأشراف، و أقام ثلاثا ينهب الأموال و يهتك الحريم.

قال ابن سعد: و كان مروان بن الحكم يحرض مسلم بن عقبة علي أهل المدينة، فبلغ يزيد، فشكر مروان و قربه، و أدناه، و وصله.

و ذكره المدايني في كتاب (الحرة) عن الزهري، قال: كان القتلي يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش و الأنصار و المهاجرين و وجوه الموالي؛ و أما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة، فعشرة آلاف. و خاض الناس في الدماء حتي وصلت الدماء الي قبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و امتلأت الروضة و المسجد. قال مجاهد: التجأ الناس الي حجرة رسول الله و منبره و السيف يعمل فيهم.

و كانت وقعة الحرة سنة ثلاث و ستين في ذي الحجة، فكان بينها و بين موت يزيد ثلاثة أشهر، ما أمهله الله بل أخذه أخذ القوي، و هي ظالمة و ظهرت فيه الآثار النبوية و الاشارات المحمدية.

و ذكر أبوالحسن المدائني، عن أم الهيثم بنت يزيد، قالت: رأيت امرأة من قريش تطوف بالبيت، فعرض لها أسود فعانقته و قبلته، فقلت لها: ما هذا منك؟ قالت: هذا ابني من يوم الحرة وقع علي أبوه فولدته.

و ذكر أيضا المدائني، عن أبي قرة، قال: قال هشام بن حسان: ولدت ألف امرأة بعد


الحرة من غير زوج، و غير المدائني يقول: عشرة آلاف امرأة.

و قال الشعبي: أليس قد رضي يزيد بذلك و أمر به، و شكر مروان بن الحكم علي فعله، ثم سار مسلم بن عقبة من المدينة الي مكة، فمات في الطريق، فأوصي الي الحصين بن نمير، فضرب الكعبة المجانيق و هدمها و أحرقها.

سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص، / 163 - 161

و قال جدي: ليس العجب من قتال ابن زياد الحسين، و تسليطه عمربن سعد علي قتله و الشمر، و حمل الرؤوس اليه، و انما العجب من خذلان يزيد، و ضربه بالقضيب ثناياه، و حمل آل رسول الله سبايا علي أقتاب الجمال، و عزمه علي أن يدفع فاطمة بنت الحسين الي الرجل الذي طلبها، و انشاده أبيات ابن الزبعري: (ليت أشياخي ببدر شهدوا)، و رده الرأس الي المدينة. و قد ظن أنه تغيرت ريحه، و ما كان مقصوده الا الفضيحة و اظهار رايحة الرأس. أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج أليس باجماع المسلمين. أن الخوارج و البغاة يكفنون و يصلي عليهم و يدفنون؛ و كذا قول يزيد لي: أن أسبيكم لما طلب الرجل فاطمة بنت الحسين، قولا يقنع لقائله و فاعله باللعنة، ولو لم يكن في قلبه أحقاد جاهلية، و أضغان بدرية لاحترم الرأس لما وصل اليه و لم يضربه بالقضيب، و كفنه، و أحسن الي آل رسول الله.

قلت: ولذي يدل علي هذا [186] أنه استدعي ابن زياد [187] اليه و أعطاه أموالا كثيرة و تحفا عظيمة، و قرب مجلسه و رفع منزلته، و أدخله علي نسائه، و جعله نديمه، و سكر ليلة و قال للمغني: غن. ثم قال يزيد بديهيا [188] :



اسقني شربة تروي فؤادي [189] .

ثم مل فاسق مثلها ابن زياد






صاحب السر [190] و الأمانة عندي

و لتسديد مغنمي و جهادي



قاتل الخارجي أعني حسينا

و مبيد الأعداء و الحساد [191] .



و قال ابن عقيل: و مما يدل علي كفره و زندقته فضلا عن سبه و لعنه: أشعاره التي أفصح بها بالالحاد، و أبان عن خبث الضمائر و سوء الاعتقاد. فمنها قوله في قصيدته التي أولها:



علية هاتي واعلني و ترنمي

بذلك أني لا أحب التناجيا



حديث أبي سفيان قدما سمي بها

الي أحد حتي أقام البواكيا [...]



سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص، / 164 - 163 عنه: القمي، نفس المهموم، / 463 - 462؛ المازندراني، معالي السبطين، 187 / 2؛ الأمين، أعيان الشيعة، 618 / 1؛ الزنجاني، وسيلة الدارين، / 397

وروي الزبير بن بكار في «الموفقيات»، ورواه جميع الناس ممن عني بنقل الآثار و السير [192] عن الحسن البصري: أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه الا واحدة منهن لكانت موبقة: [...]

و استخلافه بعده ابنه يزيد، سكيرا خميرا [193] ، يلبس الحرير، و يضرب بالطنابير.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 262 / 2 عنه: القندوزي، ينابيع المودة، 27 / 2

فهذا مجموع ما ذكره المفسرون، و ما سمعته من أفواه الناس في هذا الموضع، و يغلب علي ظني أنه أراد معني آخر؛ و ذلك أن عادة العرب أن تكني الانسان اذا أرادت تعظيمه بما هو مظنة التعظيم، كقولهم: أبوالهول، و أبوالمقدام،و أبوالمغوار، فاذا أرادت تحقيره و الغض منه كنته بما يستحقر و يستهان به،كقولهم في كنية يزيد بن معاوية: أبوزنة، يعنون القرد، و كقولهم في كنية سعيد بن حفص البخاري المحدث: أبوالفار، و كقولهم للطفيلي: أبولقمة، و كقولهم لعبدالملك: أبوالذبان لبخره.


ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 280 / 7

وروي الزبير أيضا، عن سداد بن عثمان، قال: سمعت عوف بن مالك في أيام عمر، يقول: يا طاعون خذني. فقلنا له: لم تقول هذا؛ و قد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «ان المؤمن لا يزيده طول العمر الا خيرا»! قال: اني أخاف ستا: خلافة بني أمية، و امارة السفهاء من أحداثهم، و الرشوة في الحكم، و سفك الدم الحرام، و كثرة الشرط، و نشئا ينشأ يتخذون القرآن مزامير.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 17 / 9

وروي نصر، عن الحكم بن ظهير، عن اسماعيل، عن الحسن، قال: و حدثنا الحكم أيضا، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبدالله بن مسعود،قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «اذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب علي منبري فاضربوا عنقه»، فقال الحسن: فوالله ما فعلوا و لا أفلحوا.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 32 / 4

وروي المسيب بن نجبة الفزاري، قال: قال علي عليه السلام: من وجدتموه من بني أمية في ماء فغطوا علي صماخه، حتي يدخل الماء في فيه.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 104 / 4

و من الكتب المستحسنة، الكتاب الذي كتبه المعتضد بالله أبوالعباس أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل علي الله. [...]

و منه الرؤيا التي رآها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فوجم لها. قالوا: فما رئي بعدها ضاحكا، رأي نفرا من بني أمية ينزون علي منبره نزوة القردة.

و منها طرد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الحكم بن أبي العاص لمحاكاته اياه في مشيته، و ألحقه الله بدعوة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم آفة باقية حين التفت اليه فرآه يتخلج يحكيه، فقال: كن كما أنت،فبقي علي ذلك سائر عمره.

هذا الي ما كان من مروان ابنه في افتتاحه أول فتنة كانت في الاسلام، و احتقابه [194] كل دم حرام سفك فيها أو أريق بعدها.


و منها ما أنزل الله تعالي علي نبيه صلي الله عليه و آله و سلم، ليلة القدر خير من ألف شهر! قالوا: ملك بني أمية.

و منها أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم دعا معاوية ليكتب بين يديه،فدافع بأمره واعتل بطعامه؛ فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «لا أشبع الله بطنه». فبقي لا يشبع و هو يقول: والله ما أترك الطعام شبعا ولكن اعياء.

و منها أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر علي غير ملتي»؛ فطلع معاوية.

و منها أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «اذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه».

و منها الحديث المشهور المرفوع أنه صلي الله عليه و آله و سلم قال: «ان معاوية في تابوت من نار، في أسفل درك من جهنم، ينادي: يا حنان يا منان. فيقال له (الآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين) [195] .

و منها افتراؤه بالمحاربة لأفضل المسلمين في الاسلام مكانا، و أقدمهم اليه سبقا، و أحسنهم فيه أثرا و ذكرا، علي بن أبي طالب، ينازعه حقه بباطله، و يجاهد أنصاره بضلاله و أعوانه، و يحاول ما لم يزل هو و أبوه يحاولانه، من اطفاء نورالله، و جحود دينه (و يأبي الله الا أن يتم نوره و لو كره الكافرون) [196] ؛ و يستهوي أهل الجهالة، و يموه لأهل الغباوة بمكره و بغية اللذين قدم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الخبر عنهما، فقال لعمار بن ياسر: «تقتلك الفئة الباغية؛ تدعوهم الي الجنة و يدعونك الي النار»، مؤثرا للعاجلة، كافرا بالآجلة؛ خارجا من ربقة [197] الاسلام، مستحلا للدم الحرام؛ حتي سفك في فتنته، و علي سبيل غوايته و ضلالته ما لا يحصي عدده من أخيار المسلمين، الذابين عن دين الله، و الناصرين لحقه، مجاهدا في عداوة الله، مجتهدا في أن يعصي الله فلا يطاع، و تبطل أحكامه فلا تقام،


و يخالف دينه. فلابد و أن تعلو كلمة الضلال و ترتفع دعوة الباطل، و كلمة الله هي العليا، و دينه المنصور، و حكمه النافذ، و أمره الغالب، و كيد من عاداه و حاده المغلوب الداحض؛ حتي احتمل أوزار تلك الحروب و ما تبعها؛ و تطوق تلك الدماء و ما سفك بعدها، و سن سنن الفساد التي عليه اثمها و اثم من عمل بها، و أباح المحارم لمن ارتكبها، و منع الحقوق أهلها، و غرته الآمال، و استدرجه الامهال.

و كان مما أوجب الله عليه به اللعنة قتله من قتل صبرا [198] من خيار الصحابة و التابعين، و أهل الفضل و الدين، مثل عمرو بن الحمق الخزاعي، و حجر بن عدي الكندي، فيمن قتل من أمثالهم، علي أن تكون له العزة و الملك و الغلبة، ثم ادعاؤه زياد ابن سمية أخا، و نسبته اياه الي أبيه، والله تعالي يقول: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) [199] ، و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «ملعون من ادعي الي غير أبيه، أو انتمي الي غير مواليه». و قال: «الولد للفراش و للعاهر الحجر»، فخالف حكم الله تعالي و رسوله جهارا، و جعل الولد لغير الفراش و الحجر لغير العاهر، فأحل بهذه الدعوة من محارم الله و رسوله في أم حبيبة أم المؤمنين و في غيرها من النساء من شعور و وجوه قد حرمها الله، و أثبت بها من قربي قد أبعدها الله، ما لم يدخل الدين خلل مثله، و لم ينل الاسلام تبديل يشبهه.

و من ذلك ايثره لخلافة الله علي عباده ابنه يزيد، السكير الخمير صاحب الديكة و الفهود و القردة، و أخذ البيعة له علي خيار المسلمين بالقهر و السطوة و التوعد و الاخافة، و التهديد و الرهبة، و هو يعلم سفهه، و يطلع علي رهقه و خبثه؛ و يعاين سكراته و فعلاته، و فجوره و كفره. فلما تمكن - قاتله الله - فيما تمكن منه، طلب بثارات المشركين و طوائلهم عند المسلمين،فأوقع بأهل المدينة في وقعة الحرة الوقعة التي لم يكن في الاسلام أشنع منها و لا أفحش، فشقي عند نفسه غليله؛ و ظن أنه قد انتقم من أولياء الله، و بلغ الثأر لأعداء الله؛ فقال مجاهرا بكفره، و مظهرا لشركه:




ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل [200] .



قول [201] من لا يرجع الي الله و لا الي دينه و لا الي رسوله و لا الي كتابه، و لا يؤمن بالله و بما جاء من عنده.

ثم أغلظ ما انتهك، و أعظم ما اجترم، سفكه دم الحسين بن علي عليه السلام، مع موقعه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و مكانه منزلته من الدين و الفضل، و الشهادة له و لأخيه بسيادة شباب أهل الجنة؛ اجتراء علي الله، و كفرا بدينه، و عداوة لرسوله، و مجاهرة لعترته، و استهانة لحرمته، كأنما يقتل منه و من أهل بيته قوما من كفرة الترك و الديلم، و لا يخاف من الله نقمة، و لا يراقب منه سطوة، فتبر الله عمره، أخبث أصله و فرعه، و سلبه ما تحت يده، و أعد له من عذابه و عقوبته، ما تسحقه من الله بمعصيته.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 179 - 175، 171 / 15

فقال أبوجعفر رحمه الله: قد كنت منذ أيام علقت بخطي كلاما وجدته لبعض الزيدية في هذا المعني نقضا وردا علي أبي المعالي الجويني فيما اختاره لنفسه من هذا الرأي، و أنا أخرجه اليكم لأستغني بتأمله عن الحديث علي ما قاله هذا الفقيه، فاني أجد ألما يمنعني من الاطالة في الحديث؛ لا سيما اذا خرج مخرج الجدل و مقاومة الخصوم. ثم أخرج من بين كتبه كراسا قرأناه في ذلك المجلس و استحسنه الحاضرون، و أنا أذكر هاهنا خلاصته.

قال: لولا أن الله تعالي أوجب معاداة أعدائه، كما أوجب موالاة أوليائه، و ضيق علي المسلمين تركها اذا دل العقل عليها، أو صح الخبر عنها بقوله سبحانه: (لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو


اخوانهم أو عشيرتهم) [202] ، و بقوله تعالي: (ولو كانوا يؤمنون بالله و النبي و ما أنزل اليه ما اتخذوهم أولياء) [203] ، و بقوله سبحانه: (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) [204] ؛ و لاجماع المسلمين علي أن الله تعالي فرض عداوة أعدائه، و ولاية أوليائه، و علي أن: البغض في الله واجب،و الحب في الله واجب - لما تعرضنا لمعاداة أحد من الناس في الدين، و لا البراءة منه، و لكانت عداوتنا للقوم تكلفا. لو ظننا أن الله عزوجل يعذرنا اذا قلنا: يا رب غاب أمرهم عنا، فلم يكن لخوضنا في أمر قد غاب عنا معني، لاعتمدنا علي هذا العذر، و واليناهم، ولكنا نخاف أن يقول سبحانه لنا: ان كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم، فلم يغب عن قلوبكم و أسماعكم؛ قد أتتكم به الأخبار الصحيحة التي بمثلها ألزمتم أنفسكم الاقرار بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم و موالاة من صدقه، و معاداة من عصاه و جحده، و امرتم بتدبر القرآن و ما جاء به الرسول، فهلا حذرتم من أن تكونوا من أهل هذه الآية غدا:(ربنا انا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيلا) [205] !

فأما لفظة اللعن فقد أمر الله تعالي بها، و أوجبها، ألا تري الي قوله: (أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون) [206] ، فهو اخبار معناه الأمر، كقوله: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [207] ؛ و قد لعن الله تعالي العاصين بقوله: (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل علي لسان داود) [208] ،و قوله: (ان الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة و أعد لهم عذابا مهينا) [209] ، و قوله: (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا و قتلوا تقتيلا) [210] ، و قال


الله تعالي لابليس: (و ان عليك لعنتي الي يوم الدين) [211] ، و قال: (ان الله لعن الكافرين و أعد لهم سعيرا) [212] .

فأما قول من يقول: «أي ثواب في اللعن! و ان الله تعالي لا يقول للمكلف لم لم تلعن؟ بل قد يقول له: لم لعنت؟ و أنه لو جعل مكان لعن الله فلانا، اللهم اغفر لي لكان خيرا له، و لو أن انسانا عاش عمره كله لم يلعن ابليس لم يؤاخذ بذلك»؛ فكلام جاهل لا يدري ما يقول؛ اللعن طاعة، و يستحق عليها الثواب اذا فعلت علي وجهها، و هو أن يلعن مستحق اللعن لله و في الله، لا في العصبية و الهوي، ألا تري أن الشرع قد ورد بها في نفي الولد، و نطق بها القرآن، و هو أن يقول الزوج في الخامسة: (أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين) [213] فلو لم يكن الله تعالي يريد أن يتلفظ عباده بهذه اللفظة و أنه قد تعبدهم بها، لما جعلها من معالم الشرع، و لما كررها في كثير من كتابه العزيز، و لما قال في حق القائل: (و غضب الله عليه و لعنه) [214] ، و ليس المراد من قوله: «و لعنه» الا الأمر لنا بأن نلعنه، و لو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا أن نلعنه، لأن الله تعالي قد لعنه، أفيلعن الله تعالي انسانا و لا يكون لنا أن نلعنه! هذا ما لا يسوغ في العقل؛ كما لا يجوز أن يمدح الله انسانا الا ولنا أن نمدحه، و لا يذمه الا و لنا أن نذمه؛ و قال تعالي: (هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله) [215] ، و قال: (ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) [216] ، و قال عزوجل: (و قالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم و لعنوا بما قالوا) [217] . و كيف يقول القائل: ان الله تعالي لا يقول للمكلف: لم لم تلعن؟ ألا يعلم هذا القائل أن الله تعالي


أمر بولاية أوليائه، و أمر بعداوة أعدائه، فكما يسأل عن التولي يسأل عن التبري! ألا تري أن اليهودي اذا أسلم يطالب بأن يقال له: تلفظ بكلمة الشهادتين، ثم قل: برئت من كل دين يخالف دين الاسلام. فلابد من البراءة، لأن بها يتم العمل! ألم يسمع هذا القائل قول الشاعر:



تود عدوي ثم تزعم أنني

صديقك، ان الرأي عنك لعازب



فمودة العدو خروج عن ولاية الولي، و اذا بطلت المودة لم يبق الا البراءة؛ لأنه لا يجوز أن يكون الانسان في درجة متوسطة مع أعداء الله تعالي و عصاته بألا يودهم و لا يبرأ منهم باجماع المسلمين علي نفي هذه الواسطة.

و أما قوله: «لو جعل عوض اللعنة أستغفر الله لكان خيرا له»، فانه لو استغفر من غير أن يلعن أو يعتقد وجوب اللعن لما نفعه استغفاره و لا قبل منه،لأنه يكون عاصيا لله تعالي، مخالفا أمره في امساكه عمن أوجب الله تعالي عليه البراءة منه، و اظهار البراءة، و المصر علي بعض المعاصي لا تقبل توبته و استغفاره عن البعض الآخر، و أما من يعيش عمره و لا يلعن ابليس، فان كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر، و ان كان يعتقد وجوب لعنه و لا يلعنه فهو مخطئ؛ علي أن الفرق بينه و بين ترك لعنه رؤوس الضلال في هذه الأمة كمعاوية و المغيرة و أمثالهما، أن أحدا من المسلمين لا يورث عنده الامساك عن لعن ابليس شبهة في أمر ابليس، و الامساك عن لعن هؤلاء و أضرابهم يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم، و تجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب، فلهذا لم يكن الامساك عن لعن ابليس نظيرا للامساك عن أمر هؤلاء.

قال: ثم يقال لمخالفين: أرأيتم لو قال قائل: قد غاب عنا أمر يزيد بن معاوية و الحجاج بن يوسف، فليس ينبغي أن نخوض في قصتهما، و لا أن نلعنهما و نعاديهما. و نبرأ منهما؛ هل كان هذا الا كقولكم: قد غاب عنا أمر معاوية و المغيرة بن شعبة و أضرابهما، فليس لخوضنا في قصتهم معني!

و بعد، فكيف أدخلتم أيها العامة و الحشوية و أهل الحديث أنفسكم في أمر عثمان


و خضتم فيه، و قد غاب منكم! و برئتم من قتلته، و لعنتموهم! و كيف لم تحفظوا أبابكر الصديق في محمد ابنه فانكم لعنتموه و فسقتموه، ولا حفظتم عائشة أم المؤمنين في أخيها محمد المذكور، و منعتمونا أن نخوض و ندخل أنفسنا في أمر علي و الحسن و الحسين و معاوية الظالم له و لهما، المتغلب علي حقه و حقوقهما! و كيف صار لعن ظالم عثمان من السنة عندكم، و لعن ظالم علي و الحسن و الحسين تكلفا! و كيف أدخلت العامة أنفسها في أمر عائشة و برئت ممن نظر اليها، و من القائل لها: يا حميراء، أو انما هي حميراء، و لعنته بكشفه سترها، و منعتنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة و ماجري لها بعد وفاة أبيها.

فان قلتم: ان بيت فاطمة انما دخل، و سترها انما كشف، حفظا لنظام الاسلام، و كيلا ينتشر الأمر و يخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة [218] الطاعة و لزوم الجماعة.

قيل لكم: و كذلك ستر عائشة انما كشف، وهودجها انما هتك، لأنها نشرت [219] حبل الطاعة، و شقت عصا المسلمين، و أراقت دماء المسلمين من قبل وصول علي بن أبي طالب عليه السلام الي البصرة، و جري لها مع عثمان بن حنيف و حكيم بن جبلة و من كان معهما من المسلمين الصالحين من القتل و سفك الدماء ما تنطق به كتب التواريخ و السير؛ فاذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عائشة علي ما قد وقع و تحقق، فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار،و البراءة من فاعله، و من أوكد عرا الايمان، و صار كشف بيت فاطمة و الدخول عليها منزلها و جمع حطب ببابها، و تهددها بالتحريق من أوكد عرا الدين، و أثبت دعائم الاسلام؛ و مما أعز الله به المسلمين و أطفأ به نار الفتنة؛ و الحرمتان واحدة، و الستران واحد. و ما نحب أن نقول لكم: ان حرمة فاطمة أعظم، و مكانها أرفع و صيانتها لأجل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أولي، فانها بضعة منه، و جزء من لحمه و دمه، و ليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها و بين الزوج، و انما هي وصلة مستعارة، و عقد يجري مجري اجازة المنفعة، و كما يملك


رق الأمة بالبيع والشراء، و لهذا قال الفرضيون: أسباب التوارث ثلاثة: سبب، و نسب، و ولاء؛ و فالنسب القرابة، و السبب النكاح، و الولاء: ولاء العتق؛ فجعلوا النكاح خارجا عن النسب؛ و لو كانت الزوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثلاثة قسمين.

و كيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة، و قد أجمع المسلمون كلهم، من يحبها و من لا يحبها منهم، أنها سيدة نساء العالمين!

قال: و كيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في زوجته، و حفظ أم حبيبة في أخيها، و لم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أهل بيته، و لا ألزمت الصحابة أنفسها حفظ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في صهره وابن عمه عثمان بن عفان، و قد قتلوهم و لعنوهم؛ و لقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان و هو خليفة؛ منهم عائشة كانت تقول: اقتلوا نعثلا؛ لعن الله نعثلا؛ و منهم عبدالله بن مسعود؛و قد لعن معاوية علي بن أبي طالب و ابنيه حسنا و حسينا و هم أحياء يرزقون بالعراق، و هو يلعنهم بالشام علي المنابر، و يقنت عليهم في الصلوات، و قد لعن أبوبكر و عمر سعد بن عبادة و هو حي، و برئا منه، و أخرجاه من المدينة الي الشام، و لعن عمر خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة، و ما زال اللعن فاشيا في المسلمين اذا عرفوا من الانسان معصية تقتضي اللعن و البراءة.

قال: ولو كان هذا أمرا معتبرا و هو أن يحفظ زيد لأجل عمرو فلا يلعن، لوجب أن تحفظ الصحابة في أولادهم، فلا يلعنوا لأجل آبائهم، فكان يجب أن يحفظ سعد بن أبي وقاص فلا يلعن ابنه عمر بن سعد قاتل الحسين، و أن يحفظ معاوية فلا يلعن يزيد صاحب وقعة الحرة و قاتل الحسين، و مخيف المسجد الحرام بمكة، و أن يحفظ عمر بن الخطاب في عبيدالله ابنه قاتل الهرمزان، و المحارب عليا عليه السلام في صفين.

قال: علي أنه لو كان الامساك عن عداوة من عادي الله من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من حفظ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أصحابه و رعاية عهده و عقده لم نعادهم و لو ضربت رقابنا بالسيوف، ولكن محبة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأصحابه ليست كمحبة الجهال الذين يضع أحدهم محبته لصاحبه موضع العصبية، و انما أوجب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم محبة أصحابه لطاعتهم لله، فاذا عصوا الله و تركوا ما أوجب محبتهم؛ فليس عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم محاباة


في ترك لزوم ما كان عليه من محبتهم، و لا تغطرس في العدول عن التمسك بموالاتهم، فلقد كان صلي الله عليه و آله و سلم يحب أن يعادي أعداء الله و لو كانوا عترته، كما يحب أن يوالي أولياء الله ولو كانوا أبعد الخلق نسبا منه؛ و الشاهد علي ذلك اجماع الأمة علي أن الله تعالي قد أوجب عداوة من ارتد بعد الاسلام، و عداوة من نافق و ان كان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم هو الذي أمر بذلك و دعا اليه، و ذلك أنه صلي الله عليه و آله و سلم قد أوجب قطع السارق و ضرب القاذف، و جلد البكر اذا زني، و ان كان من المهاجرين أو الأنصار؛ ألا تري أنه قال: لو سرقت فاطمة لقطعتها؛ فذه ابنته، الجارية مجري نفسه، و لم يحابها في دين الله، و لا راقبها في حدود الله، و قد جلد أصحاب الافك، و منهم مسطح بن أثاثة، و كان من أهل بدر. قال: و بعد، فلو كان محل أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم محل من لا يعادي اذا عصي الله سبحانه و لا يذكر بالقبيح، بل يجب أن يراقب لأجل اسم الصحبة، و يغضي عن عيوبه و ذنوبه، لكان كذلك صاحب موسي المسطور ثناؤه في القرآن لما اتبع هواه، فانسلخ مما أوتي من الآيات و غوي، قال سبحانه: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) [220] ، و لكان ينبغي أن يكون محل عبدة العجل من أصحاب موسي هذا المحل، لأن هؤلاء كلهم قد صحبوا رسولا جليلا من رسل الله سبحانه. قال: ولو كانت الصحابة عند أنفسها بهذه المنزلة؛ لعلمت ذلك من حال أنفسها، لأنهم أعرف بمحلهم من عوام أهل دهرنا، و اذا قدرت أفعال بعضهم ببعض دلتك علي أن القصة كانت علي خلاف ما قد سبق الي قلوب الناس اليوم؛ هذا علي و عمار، و أبوالهيثم بن التيهان، و خزيمة بن ثابت، و جميع من كان مع علي عليه السلام من المهاجرين و الأنصار، لم يروا أن يتغافلوا عن طلحة و الزبير حتي فعلوا بهما و بمن معهما ما يفعل بالشراة في عصرنا، و هذا طلحة و الزبير و عائشة و من كان معهم و في جانبهم لو يروا أن يمسكوا عن


علي؛ حتي قصدوا له كما يقصد للمتغلبين في زماننا، و هذا معاوية و عمرو لم يريا عليا بالعين التي يري بها العامي صديقه أو جاره، و لم يقصرا دون ضرب وجهه بالسيف، و لعنه و لعن أولاده و كل من كان حيا من أهله، و قتل أصحابه، و قد لعنهما هو أيضا في الصلوات المفروضات، و لعن معهما أبا الأعور السلمي، و أباموسي الأشعري، و كلاهما من الصحابة، هذا سعد بن أبي وقاص، و محمد بن مسلمة، و أسامة بن زيد، و سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل، و عبدالله بن عمر، و حسان بن ثبت، و أنس بن مالك، لم يروا أن يقلدوا عليا في حرب طلحة، و لا طلحة في حرب علي، و طلحة و الزبير باجماع المسلمين أفضل من هؤلاء المعدودين، لأنهم زعموا أنهم قد خافوا أن يكون علي قد غلط و زل في حربهما، و خافوا أن يكونا قد غلطا و زلا في حرب علي؛ و هذا عثمان قد نفي أباذر الي الربذة كما يفعل بأهل الخنا و الريب، و هذا عمار و ابن مسعود تلقيا عثمان بما تلقياه به لما ظهر لهما - بزعمهما - منه ما و عظاه لأجله، ثم فعل بهما عثمان ما تناهي اليكم، ثم فعل القوم بعثمان ما قد علمتم و علم الناس كلهم، و هذا عمر يقول في قصة الزبير بن العوام لما استأذنه في الغزو: ها اني ممسك بباب هذا الشعب أن يتفرق أصحاب محمد في الناس فيضلوهم، و زعم أنه و أبوبكر كانا يقولان: ان عليا و العباس في قصة الميراث زعماهما كاذبين ظالمين فاجرين؛ و ما رأينا عليا و العباس اعتذرا و لا تنصلا، و لا نقل أحد من أصحاب الحديث ذلك، و لا رأينا أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنكروا عليهما ما حكاه عمر عنما، و نسبه اليهما، و لا أنكروا أيضا علي عمر قوله في أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: انهم يريدون اضلال الناس و يهمون به، و لا أنكروا علي عثمان دوس بطن عمار، و لا كسر ضلع ابن مسعود، و لا علي عمار و ابن مسعود ما تلقيا به عثمان، كانكار العامة اليوم الخوض في حديث الصحابة، و لا اعتقدت الصحابة في أنفسها ما يعتقده العامة فيها؛ اللهم الا أن يزعموا أنهم أعرف بحق القوم منهم. و هذا علي و فاطمة و العباس ما زالوا علي كلمة واحدة يكذبون الرواية: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث»، و يقولون؛ انها مختلقة. قالوا: و كيف كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم يعرف هذا الحكم غيرنا و يكتمه عنا و نحن الورثة؛ و نحن أولي الناس بأن يؤدي هذا الحكم اليه، و هذا عمر بن الخطاب يشهد لأهل الشوري


أنهم النفر الذين توفي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو عنهم راض، ثم يأمر بضرب أعناقهم ان أخروا فصل حال الامامة، هذا بعد أن ثلبهم، و قال في حقهم مالو سمعته العامة اليوم من قائل لوضعت ثوبه في عنقه سحبا الي السلطان، ثم شهدت عليه بالرفض و استحلت دمه، فان كان الطعن علي بعض الصحابة رفضا فعمر بن الخطاب أرفض الناس و امام الروافض كلهم. ثم ما شاع و اشتهر من قول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقي الله شرها؛ فمن عاد الي مثلها فاقتلوه؛ هذا طعن في العقد، و قدح فيالبيعة الأصلية. ثم ما نقل عنه من ذكر أبي بكر في صلاته، و قوله عن عبدالرحمان ابنه: دويبة سوء و لهو خير من أبيه. ثم عمر القائل في سعد بن عبادة، و هو رئيس الأنصار و سيدها: اقتلوا سعدا، قتل الله سعدا، اقتلوه فانه منافق. و قد شتم أباهريرة و طعن في روايته، و شتم خالد بن الوليد و طعن في دينه، و حكم بفسقه و بوجوب قتله، و خون عمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان و نسبهما الي سرقة مال الفي ء و اقتطاعه، و كان سريعا الي المساءة، كثير الجبه و الشتم و السب لكل أحد، و قل أن يكون في الصحابة من سلم من معرة لسانه أو يده، و لذلك أبغضوه و ملوا أيامه مع كثرة الفتوح فيها، فهلا احترم عمر الصحابة كما تحترمهم العامة! اما أن يكون عمر مخطئا، و اما أن تكون العامة علي الخطأ! فان قالوا: عمر ما شتم و لا ضرب، و لا أساء الا الي عاص مستحق لذلك، قيل لهم: فكأنا نحن نقول: انا نريد أن نبرأ و نعادي من لا يستحق البراءة و المعاداة، كلا ما قلنا هذا، و لا يقول هذا مسلم و لا عاقل. و انما غرضنا الذي اليه نجري بكلامنا هذا أن نوضح أن الصحابة قوم من الناس لهم ما للناس، و عليهم ما عليهم، من أساء منهم ذممناه، و من أحسن منهم حمدناه، و ليس لهم علي غيرهم من المسلمين كبير فضل الا بمشاهدة الرسول و معاصرته لا غير، بل ربما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم، لأنهم شاهدوا الأعلام و المعجزات، فقربت اعتقاداتهم من الضرورة، و نحن لم نشاهد ذلك، فكانت عقائدنا محض النظر و الفكر، و بعرضية الشبه و الشكوك، فمعاصينا أخف لأنا أعذر. ثم نعود الي ما كنا فيه فنقول: و هذه عائشة أم المؤمنين؛ خرجت بقميص رسول الله


صلي الله عليه و آله و سلم فقالت للناس: هذا قميص رسول الله لم يبل، و عثمان قد أبلي سنته؛ ثم تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا، ثم لم ترض بذلك حتي قالت: أشهد أن عثمان جيفة علي الصراط غدا. فمن الناس من يقول: روت في ذلك خبرا، و من الناس من يقول: هو موقوف عليها؛ و بدن هذا لو قاله انسان اليوم يكون عند العامة زنديقا. ثم قد حصر عثمان؛ حصرته أعيان الصحابة، فما كان أحد ينكر ذلك، و لا يعظمه و لا يسعي في ازالته، و انما أنكروا علي من أنكر علي المحاصرين له، و هو رجل كما علمتم من وجوه أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ثم من أشرافهم، ثم هو أقرب اليه من أبي بكر و عمر؛ و هو مع ذلك امام المسلمين، و المختار منهم للخلافة، و للامام حق علي رعيته عظيم، فان كان القوم قد أصابوا فاذن ليست الصحابة في الموضع الذي وضعتها به العامة، و ان كانوا ما أصابوا فهذا هو الذي نقول؛ من أن الخطأ جائز علي آحاد الصحابة؛ كما يجوز علي آحادنا اليوم. و لسنا نقدح في الاجماع، و لا ندعي اجماعا حقيقيا علي قتل عثمان، و انما نقول: ان كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك و الخصم يسلم أن ذلك كان خطأ و معصية، فقد سلم أن الصحابي يجوز أن يخطئ و يعصي، و هو المطلوب. و هذا المغيرة بن شعبة و هو من الصحابة، ادعي عليه الزنا، و شهد عليه قوم بذلك، فلم ينكر ذلك عمر، و لا قال: هذا محال و باطل، لأن هذا صحابي من صحابة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لا يجوز عليه الزنا. و هلا أنكر عمر علي الشهود و قال لهم: و يحكم هلا تغافلتم عنه لما رأيتموه يفعل ذلك، فان الله تعالي قد أوجب الامساك عن مساوئ أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أوجب الستر عليهم! و هلا تركتموه لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في قوله: «دعوا لي أصحابي»، ما رأينا عمر الا قد انتصب لسماع الدعوي، و اقامة الشهادة، و أقبل يقول للمغيرة: يا مغيرة، ذهب ربعك، يا مغيرة ذهب نصفك، يا مغيرة، ذهب ثلاثة أرباعك، حتي اضطرب الرابع، فجلد الثلاثة. و هلا قال المغيرة لعمر: كيف تسمع في قول هؤلاء، و ليسوا من الصحابة، و أنا من الصحابة، و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد قال: «أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم»! ما رأيناه قال ذلك، بل استسلم لحكم الله تعالي. و هاهنا من هو أمثل من المغيرة و أفضل، قدامة بن مظعون، لما شرب الخمر في أيام عمر، فأقام عليه


الحد، و هو رجل من علية الصحابة و من أهل بدر، و المشهود لهم بالجنة، فلم يرد عمر الشهادة، و لا درأ عنه الحد لعلة أنه بدري، و لا قال: قد نهي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن ذكر مساوئ الصحابة. و قد ضرب عمر أيضا ابنه حدا فمات، و كان ممن عاصر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لم تمنعه معاصرته له من اقامة الحد عليه. و هذا علي عليه السلام يقول: ما حدثني أحد بحديث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الا استحلفته عليه؛ أليس هذا اتهاما لهم بالكذب! و ما استثني أحدا من المسلمين الا أبابكر علي ما ورد في الخبر، و قد صرح غير مرة بتكذيب أبي هريرة، و قال: لا أحد أكذب من هذا الدوسي علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و قال أبوبكر في مرضه الذي مات فيه: وددت أني لم أكشف بيت فاطمة ولو كان أغلق علي حرب فندم، والندم لا يكون الا عن ذنب. ثم ينبغي للعاقل أن يفكر في تأخر علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر ستة أشهر الي أن ماتت فاطمة، فان كان مصيبا فأبوبكر علي الخطأ في انتصابه في الخلافة، و ان كان أبوبكر مصيبا فعلي علي الخطأ في تأخره عن البيعة و حضور المسجد؛ ثم قال أبوبكر في مرض موته أيضا للصحابة: فلما استخلفت عليكم خيركم في نفسي - يعني عمر - فكلكم ورم لذلك أنفه، يريد أن يكون الأمر له، لما رأيتم الدنيا قد جاءت، أما والله لتتخذن ستائر الديباج و نضائد الحرير [221] ؛ أليس هذا طعنا في الصحابة، و تصريحا بأنه قد نسبهم الي الحسد لعمر، لما نص عليه بالعهد! و لقد قال له طلحة لما ذكر عمر للأمر: ماذا تقول لربك اذا سألك عن عباده، و قد وليت عليهم فظا غليظا! فقال أبوبكر: أجلسوني أجلسوني، بالله تخوفني! ذا سألني قلت: و ليت عليهم خير أهلك؛ ثم شتمه بكلام كثير منقول؛ فهل قول طلحة الا طعن في عمر، و هل قول ابي بكر الا طعن في طلحة. ثم الذي كان بين أبي بن كعب و عبدالله بن مسعود من السباب حتي نفي كل واحد منهما الآخر عن أبيه و كلمة أبي بن كعب مشهورة منقولة: ما زالت هذه الأمة مكبوبة علي وجهها منذ فقدوا نبيهم، و قوله: ألا هلك أهل العقيدة، والله ما آسي عليهم انما آسي


علي من يضلون من الناس. ثم قول عبدالرحمان بن عوف: ما كنت أري أن أعيش حتي يقول لي عثمان: يا منافق؛ و قوله: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما وليت عثمان شسع نعلي [222] ؛ و قوله: اللهم ان عثمان قد أبي أن يقيم كتابك فافعل به وافعل. و قال عثمان لعلي عليه السلام في كلام دار بينهما: أبوبكر و عمر خير منك. فقال علي: كذبت، أنا خير منك و منهما، عبدت الله قبلهما، و عبدته بعدهما. وروي سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: كنت عند عروة بن الزبير، فتذاكرنا كم أقام النبي بمكة بعد الوحي؟ فقال عروة: أقام عشرا. فقلت: كان ابن عباس يقول: ثلاث عشرة، فقال: كذب ابن عباس. و قال ابن عباس: المتعة [223] حلال؛ فقال له جبير بن مطعم: كان عمر ينهي عنها، فقال: يا عدي نفسه، من هاهنا ضللتم، أحدثكم عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و تحدثني عن عمر! و جاء في الخبر عن علي عليه السلام: لولا ما فعل عمر بن الخطاب في المتعة ما زني الا شقي؛ و قيل: ما زني الا شفا، أي قليلا. فأما سب بعضهم بعضا و قدح بعضهم في بعض في المسائل الفقهية فأكثر من أن يحصي، مثل قول ابن عباس و هو يرد علي زيد مذهبه القول في الفرائض: ان شاء - أو قال: من شاء - باهلته [224] ان الذي أحصي رمل عالج [225] عددا أعدل من أن يجعل في مال نصفا و نصفا و ثلثا، هذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث! و مثل قول أبي بن كعب في القرآن: لقد قرأت القرآن و زيد هذا غلام ذو ذؤابتين يلعب بين صبيان اليهود في المكتب.


و قال علي عليه السلام في أمهات الأولاد و هو علي المنبر: كان رأيي و رأي عمر ألا يبعن، و أنا أري الآن بيعهن، فقام اليه عبيدة السلماني، فقال: رأيك في الجماعة [226] أحب الينا من رأيك في الفرقة. و كان أبوبكر يري التسوية في قسم الغنائم، و خالفه عمر و أنكر فعله. و أنكرت عائشة علي أبي سلمة بن عبدالرحمان خلافه علي ابن عباس في عدة المتوفي عنها زوجها و هي حامل؛ و قالت: فروج بصقع [227] مع الديكة. و أنكرت الصحابة علي ابن عباس قوله في الصرف، و سفهوا رأيه حتي قيل: انه تاب من ذلك عند موته. و اختلفوا في حد شارب الخمر حتي خطأ بعضهم بعضا. وروي بعض الصحابة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: الشؤم في ثلاثة: المرأة، و الدار، و الفرس، فأنكرت عائشة ذلك، و كذبت الراوي و قالت: انه انما قال عليه السلام ذلك حكاية عن غيره. وروي بعض الصحابة عنه عليه السلام أنه قال: التاجر فاجر، فأنكرت عائشة ذلك، و كذبت الراوي و قالت: انما قاله عليه السلام في تاجر دلس. و أنكر قوم من الأنصار رواية أبي بكر: «الأئمة من قريش» و نسبوه الي افتعال هذه الكلمة. و كان أبوبكر يقضي بالقضاء فينقضه عليه أصاغر الصحابة كبلال و صهيب و نحوهما. قد روي ذلك في عدة قضايا. و قيل لابن عباس: ان عبدالله بن الزبير يزعم أن موسي صاحب الخضر ليس موسي بني اسرائيل؛ فقال: كذب عدو الله! أخبرني أبي بن كعب، قال: خطبنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ذكر كذا؛ بكلام يدل علي أن موسي صاحب الخضر هو موسي بني اسرائيل.


و باع معاوية أواني ذهب و فضة بأكثر من وزنها، فقال له أبوالدرداء: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ينهي عن ذلك، فقال معاوية: أما أنا فلا أري به بأسا. فقال أبوالدرداء: من عذيري من معاوية! أخبره عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و هو يخبرني عن رأيه! والله لا أساكنك بأرض أبدا. و طعن ابن عباس في أبي هريرة، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «اذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخلن يده في الاناء حتي يتوضأ»، و قال: فما نصنع بالمهراس [228] ! و قال علي عليه السلام لعمر و قد أفتاه الصحابة في مسألة و أجمعوا عليها: ان كانوا راقبوك فقد غشوك، و ان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا. و قال ابن عباس: ألا يتقي الله زيد بن ثابت، يجعل ابن الابن ابنا، و لا يجعل أب الأب أبا! و قالت عائشة: أخبروا زيد بن أرقم أنه قد أحبط جهاده مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و أنكرت الصحابة علي أبي موسي قوله: ان النوم لا ينقض الوضوء، و نسبته الي الغفلة و قلة التحصيل، و كذلك أنكرت علي أبي طلحة الأنصاري قوله: ان أكل البرد لا يفطر الصائم، و هزئت به و نسبته الي الجهل. و سمع عمر عبدالله بن مسعود و أبي بن كعب يختلفان في صلاة الرجل في الثوب الواحد، فصعد المنبر و قال: اذا اختلف اثنان من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فعن أي فتياكم يصدر المسملون! لا أسمع رجلين يختلفان بعد مقامي هذا الا فعلت و صنعت. و قال جرير بن كليب: رأيت عمر ينهي عن المتعة، و علي عليه السلام يأمر بها، فقلت: ان بينكما لشرا. فقال علي عليه السلام: ليس بيننا الا الخير، ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين. قال هذا المتكلم: و كيف يصح أن يقول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»؛ لا شبهة أن هذا يوجب أن يكون أهل الشام في صفين علي هدي،


و أن يكون أهل العراق أيضا علي هدي؛ و أن يكون قاتل عمار بن ياسر مهتديا؛ و قد صح الخبر الصحيح أنه قال له: «تقتلك الفئة الباغية»، و قال في القرآن: (فقاتلوا التي تبغي حتي تفي ء الي أمر الله) [229] ؛ فدل علي أنها ما دامت موصوفة بالمقام علي البغي، مفارقة لأمر الله، و من يفارق أمر الله لا يكون مهتديا. و كان يجب أن يكون بسر بن أبي أرطاة الذي ذبح ولدي عبيدالله بن عباس الصغيرين مهتديا، لأن بسرا من الصحابة أيضا، و كان يجب أن يكون عمرو بن العاص و معاوية اللذان كانا يلعنان عليا أدبار الصلاة و ولديه مهتديين؛ و قد كان في الصحابة من يزني و من يشرب الخمر كأبي محجن الثقفي، و من يرتد عن الاسلام كطليحة بن خويلد، فيجب أن يكون كل من اقتدي بهؤلاء في أفعالهم مهتديا. قال: و انما هذا من موضوعات متعصبة الأموية، فان لهم من ينصرهم بلسانه، و بوضعه الأحاديث اذا عجز عن نصرهم بالسيف. و كذا القول في الحديث الآخر، و هو قوله: «القرن الذي أنا فيه»، و مما يدل علي بطلانه أن القرن الذي جاء بعده بخمسين سنة شر قرون الدنيا، و هو أحد القرون التي ذكرها في النص، و كان ذلك القرن هو القرن الذي قتل فيه الحسين، و أوقع بالمدينة، و حوصرت مكة، و نقضت الكعبة، و شربت خلفاؤه و القائمون مقامه و المنتصبون في منصب النبوة الخمور، و ارتكبوا الفجور، كما جري ليزيد بن معاوية و ليزيد بن عاتكة و للوليد بن يزيد، و أريقت الدماء الحرام، و قتل المسلمون، و سبي الحريم، واستعبد أبناء المهاجرين و الأنصار، و نقش علي أيديهم كما ينقش علي أيدي الروم، و ذلك في خلافة عبدالملك و امرة الحجاج. و اذا تأملت كتب التواريخ و جدت الخمسين الثانية شرا كلها لا خير فيها، و لا في رؤسائها و أمرائها، و الناس برؤسائهم و أمرائهم، والقرن خمسون سنة، فكيف يصح هذا الخبر.


قال: فأما ما ورد في القران من قوله تعالي: (لقد رضي الله عن المؤمنين) [230] . و قوله: (محمد رسول الله و الذين معه) [231] .

و قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ان الله اطلع علي أهل بدر؛ ان كان الخبر صحيحا فكله مشروط بسلامة العاقبة، و لا يجوز أن يخبر الحكيم مكلفا غير معصوم بأنه لا عقاب عليه، فليفعل ما شاء. قال هذا المتكلم: و من أنصف و تأمل أحوال الصحابة وجدهم مثلنا، يجوز عليهم ما يجوز علينا، و لا فرق بيننا و بينهم الا بالصحبة لا غير، فان لها منزلة و شرفا، ولكن لا الي حد يمتنع علي كل من رأي الرسول أو صحبه يما أو شهرا أو أكثر من ذلك أن يخطئ و يزل، و لو كان هذا صحيحا ما احتاجت عائشة الي نزول براءتها من السماء، بل كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من أول يوم يعلم كذب أهل الافك، لأنها زوجته، و صحبتها له آكد من صحبة غيرها. و صفوان بن المعطل أيضا كان من الصحابة، فكان ينبغي ألا يضيق صدر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و لا يحمل ذلك الهم و الغم الشديدين اللذين حملهما و يقول: صفوان من الصحابة، و عائشة من الصحابة، و المعصية عليهما ممتنعة. و أمثال هذا كثير، و أكثر من الكثير؛ لمن أراد أن يستقرئ أحوال القوم، و قد كان التابعون يسلكون بالصحابة هذا المسلك، و يقولون في العصاة منهم مثل هذا القول، و انما اتخذهم العامة أربابا بعد ذلك. قال: و من الذي يجترئ علي القول بأن أصحاب محمد لا تجوز البراءة من أحد منهم و ان أساؤوا و عصي بعد قول الله تعالي للذي شرفوا برؤيته: (لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين) [232] بعد قوله: (قل اني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم) [233] و بعد قوله: (فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله ان الذين


يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد) [234] ، الا من لا فهم له و لا نظر معه، و لا تمييز عنده. [235] .

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 30 - 12 / 20


و منها: أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان ذات يوم يخطب، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد، و خرج، و لم يسمع الخطبة. فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لعن الله القائد و المقود، أي يوم يكون لهذه الامة


من معاوية ذي الأستاه [236] ! و منها: أنه [معاوية] سب أميرالمؤمنين عليه السلام، مع الآيات التي نزلت في تعظيمه، و أمر الله تعالي النبي صلي الله عليه و آله و سلم بالاستعانة به علي الدعاء يوم المباهلة، و مواخاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و استمر سبه ثمانين سنة الي أن قطعه عمر بن عبدالعزيز، و فيه قال ابن سنان الخفاجي شعرا:



أعلي المنابر تعلنون بسبه

و بسيفه نصبت لكم أعوادها؟



نماذج أخري من نسب معاوية و أنسابه و هم الشجرة الملعونة: و منها: سم مولانا الحسن عليه السلام. و قتل ابنه يزيد مولانا الحسين عليه السلام، و سلب نساءه. و هدم الكعبة. و نهب المدينة، و أخافهم. و كسر أبوه ثنية النبي صلي الله عليه و آله و سلم. و أكلت امه كبد الحمزة. فما أدري: كيف يكون العقل الذي قاد الي من أحاطت به هذه الرذائل، و الي متابعته؟ الحلي، نهج الحق، / 311 - 310 يزيد بن معاوية [...] عقد له أبوه بولاية العهد من بعده، فتسلم الملك / عند موت أبيه في رجب سنة ستين، و له ثلاث و ثلاثون سنة. فكانت دولته أقل من أربع سنين، ولم يمهله الله علي فعله بأهل المدينة لما خلعوه. فقام بعده ولده نحوا من أربعين يوما، ومات. و هو أبوليلي معاوية. عاش عشرين سنة، و كان خيرا من أبيه، و بويع ابن الزبير بالحجاز و العراق و المشرق.


[و يزيد ممن لا نسبه و لا نحبه، و له نظراء من خلفاء الدولتين، و كذلك في ملوك النواحي]، بل فيهم من هو شر منه [237] ، و انما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم بتسع و أربعين سنة، و العهد قريب، و الصحابة موجودون، كان [ابن] عمر الذي كان أولي بالأمر منه و من أبيه و جده.

قيل: ان معاوية تزوج ميسون بنت بحدل الكلبية، فطلقها و هي حامل بيزيد، فرأت كأن قمرا خرج منها. فقيل: تلدين خليفة.

و كان يزيد، لما هلك أبوه، بناحية حمص، فتلقوه الي الثنية [238] و هو بين أخواله علي بختي [239] ليس عليه عمامة و لا سيف. و كان ضخما كثير الشعر، شديد الأدمة، بوجهه أثر جدري. فقال الناس: هذا الأعرابي الذي ولي أمر الأمة فدخل علي باب توما، و سار الي باب الصغير، فنزل الي قبر معاوية، فوقف عليه و صفنا خلفه و كبر أربعا، ثم اتي ببغلة، فأتي الخضراء [240] ، و أتي الناس لصلاة الظهر، فخرج و قد تغسل و لبس ثيابا نقية، فصلي و جلس علي المنبر، و خطب و قال: ان أبي كان يغزيكم البحر، و لست حاملكم في البحر، و انه كان يشتيكم بأرض الروم، فلست أشتي المسلمين في أرض العدو، و كان يخرج العطاء أثلاثا و اني أجمعه لكم. فافترقوا يثنون عليه.

و عن عمرو بن قيس. سمع يزيد يقول علي المنبر: ان الله لا يؤاخذ عامة بخاصة الا أن يظهر منكر فلا يغير، فيؤاخذ الكل، و قيل: قام اليه ابن همام فقال: أجرك الله يا أميرالمؤمنين علي الرزية، و بارك لك في العطية، و أعانك علي الرعية، فقد رزئت عظيما، و أعطيت جزيلا، فاصبر واشكر، فقد أصبحت ترعي الأمة، والله يرعاك.


و عن زياد الحارثي قال: سقاني يزيد شرابا ما ذقت مثله، فقلت: يا أميرالمؤمنين! لم أسلسل مثل هذا. قال: هذا رمان حلوان، بعسل أصبهان، بسكر الأهواز، بزبيب الطائف، بماء بردي.

و عن محمد بن أحمد بن مسمع، قال: سكر يزيد، فقام يرقص، فسقط علي رأسه فانشق و بدا دماغه.

قلت: كان قويا شجاعا، ذا رأي و حزم، و فطنة، و فصاحة، و له شعر جيد و كان ناصبيا، فظا، غليظا، جلفا، يتناول المسكر، و يفعل المنكر. افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس. و لم يبارك في عمره. و خرج عليه غير واحد بعد الحسين، كأهل المدينة قاموا لله، و كمرداس بن ادية الحنظلي البصري، و نافع ابن الأزرق، و طواف بن معلي السدوسي، و ابن الزبير بمكة. [...]

وروي يعلي بن عطاء، عن عمه، قال: كنت مع عبدالله بن عمرو حين بعثه يزيد الي ابن الزبير، فسمعته يقول له: اني أجد في الكتب: انك ستعني و نعني، و تدعي الخلافة و لست بخليفة، و اني أجد الخليفة يزيد.

و عن الحسن، أن المغيرة بن شعبة أشار علي معاوية ببيعة ابنه ففعل. فقيل له: ما وراءك؟ قال: وضعت رجل معاوية في غرز غي لا يزال فيه الي يوم القيامة، قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء أولادهم، ولولا ذلك لكانت شوري.

وروي: أن معاوية كان يعطي عبدالله بن جعفر في العام ألف ألف. فلما وفد علي يزيد أعطاه ألفي ألف و قال: والله لا أجمعهما لغيرك.

روي الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أبي عبيدة مرفوعا: «لا يزل أمر أمتي قائما حتي يثلمه رجل من بني امية يقال له: يزيد».

أخرجه أبويعلي في «مسنده»، و يرويه صدقة السمين - و ليس بحجة - عن هشام،عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة مرفوعا. [...]


وروي محمد بن أبي السري العسقلاني، حدثنا يحيي بن عبدالملك بن أبي غنية، عن نوفل بن أبي الفرات، قال: كنت عند عمر بن عبد / العزيز فقال رجل: قال أميرالمؤمنين يزيد، فأمر به فضرب عشرين سوطا.

الذهبي، سير أعلام النبلاء، 84 - 81 / 5 (ط دارالفكر)

يزيد بن معاوية [...] مقدوح في عدالته، ليس بأهل أن يروي عنه، و قال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يروي عنه.

الذهبي، ميزان الاعتدال، 42 / 4 (ط دارالفكر)

أحمد بن عبدالله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي القرطبي أبوالوليد، أثني عليه ابن بسام في «الذخيرة» وابن خاقان في «قلائد العقيان» و كان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة، برع أدبه و جاد شعره و علا شأنه، وانطلق لسانه، ثم انتقل عن قرطبة الي المعتضد عباد صاحب اشبيلية سنة احدي و أربعين و أربع مائة، فجعله من خواصه يجالسه في خلوته، و يركن الي اشاراته و كان معه في صورة وزير. و كان أولا قد انقطع الي ابن جهور أحد ملوك الطوائف المغلبين بالأندلس فخف عليه و تمكن منه و اعتمد عليه في السفارة بينه و بين ملوك الأندلس، فأعجب به القوم و تمنوا ميله اليهم لبراعته و حسن سيرته؛ فاتفق أن نقم عليه ابن جهور فحبسه و استعطفه ابن زيدون بفنون النظم و النثر، من ذلك رسالته التي أولها: يا مولاي و سيدي الذي ودادي له و اعتمادي عليه و اعتدادي به. و منها: ان سلبتني - أعزك الله - لباس انعامك، و عطلتني من حلي ايناسك، و أظمأتني الي برد اسعافك، و غضضت عني طرف حمايتك، بعد أن نظر الأعمي الي تأميلي فيك، و أحس الجماد باستحمادي لك، و سمع الأصم ثنائي عليك، و لا غرو [241] ، فقد يغص بالماء شاربه، و يقتل الدواء المستشفي به، و يؤتي الحذر من مأمنه، و تكون منية المتمني في أمنيته، و الحين قد يسبق جهد الحريص.



كل المصائب قد تمر علي الفتي

و تهون غير شماتة الحساد



اني لأتجلد، و اري الحاسدين [242] أني لا أتضعضع، و أقول: هل أنا الا يد أدماها سوارها،


و جبين عض به اكليله، و مشرفي ألصقه بالأرض صاقله، و سمهري عرضه علي النار مثقفه، و عبد ذهب فيه سيده مذهب الذي يقول:



فقسا ليزجره و من يك حازما

فليقس أحيانا علي من يرحم



منها: حنانيك بلغ السيل الزبي، و نالني ما حسبي به و كفي؛ و ما أراني الا لو أمرت بالسجود لآدم فأبيت و استكبرت. و قال لي نوح: (اركب معنا) فقلت: (سآوي الي جبل يعصمني من الماء) [243] و أمرت ببناء الصرح لعلي أطلع الي اله موسي، و عكفت علي العجل، و اعتديت في السبت، و تعاطيت فعقرت الناقة، و شربت من النهر الذي ابتلي به جنود طالوت، و قدمت الفيل لأبرهة [244] ، و عاهدت قريشا علي ما في الصحيفة، و تأولت في بيعة العقبة، و نفرت الي العير ببدر، و اعتزلت بثلث الناس يوم احد، و تخلفت عن صلاة العصر في بني قريظة، و جئت بالافك علي عائشة، و أنفت من امارة اسامة، و زعمت أن امارة أبي بكر فلتة، و رويت رمحي من كتيبة خالد، و مزقت الأديم الذي بارك الله فيه [245] ، و ضحيت بالأشمط الذي عنوان السجود به [246] .



، و بذلت لقطام:



ثلاثة آلاف و عبدا و قينة

و ضرب علي بالحسام المسمم



و كتبت الي عمر بن سعد [247] أن جعجع بالحسين، و تمثلت عندما بلغني من وقعة الحرة:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



و رجمت الكعبة، و صلبت العائذ بها علي الثنية، لكان فيما جري علي ما يحتمل أن يسمي نكالا و يدعي ولو علي المجاز عقابا:




و حسبك من حادث بامرئ

تري حاسديه له راحمينا



هذا جزء منها و كلها في غاية الحسن من هذا النمط؛ و ختمها بقصيدة أولها:



الهوي في طلوع تلك النجوم

والمني في هبوب ذاك النسيم



سرنا عيشنا الرقيق الحواشي

لو يدوم السرور للمستديم



و قد أثبت هذه الرسالة بكمالها مع القصيدة ابن ظافر [248] في «نفائس الذخيرة». و ما أجدت هذه الرسالة عليه شيئا، فلما أعياه الخطب هرب من الوضوء.

الصفدي، الوافي بالوفيات، 90 - 87 / 13

يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبدمناف، أميرالمؤمنين أبوخالد؛ ولد سنة خمس أو سنة ست و عشرين للهجرة، بويع له بدمشق في شهر رجب سنة ستين للهجرة، و توفي بدمشق لأربع عشرة [249] ليلة دخلت من ربيع الأول سنة أربع و ستين، و كان مدة ملكه ثلاث سنين و ثمانية أشهر و اثنين و عشرين يوما، و صلي عليه ابنه معاوية، و سنه ثماني و ثلاثون [250] سنة.

و كان ضخما آدم [251] سمينا مجدورا، و له ديوان لا يصح عنه منه الا القليل، و قد جمع ديوانه [252] الصاحب جمال الدين علي بن يوسف القفطي و أضاف اليه كل من اسمه يزيد.

و قال الشيخ شمس الدين الذهبي: لما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل، و قتل الحسين رضي الله عنه و اخوته، و أكثر من شرب الخمر و ارتكب أشياء منكرة أبغضه الناس و خرج عليه غير واحد و لم يبارك الله تعالي في عمره.


سئل الكيا الهراسي [253] عن يزيد بن معاوية فقال: انه لم يكن من الصحابة لأنه ولد في زمن عمر بن الخطاب؛ و أما قول السلف ففيه قولان: تلويح و تصريح، و لنا قول واحد: التصريح دون التلويح [254] ، و كيف لا يكون كذلك و هو اللاعب بالشطرنج و النرد و المتصيد بالفهود و مدمن الخمر؟!

قيل: ان معاوية في بعض الليالي أنهي اليه أن يزيد ولده يشرب، فأتي اليه ليوقع به فوجده يقول:



ألا ان أهنا العيش ما سمحت به

صروف الليالي و الحوادث نوم



فقال معاوية: والله لا كنت عليه في هذه الليلة من الحوادث، ثم رجع من حيث أتي.

رجعنا الي الأصل: و كتب الكيا فصلا طويلا ثم قلب الورقة و كتب: [لو] مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل، و كتب فلان ابن فلان.

و قد أفتي الغزالي رحمه الله بخلاف ذلك، فانه سئل عمن صرح بلعن يزيد: هل يحكم بفسقه؟ فأجاب: لا يجوز لعن المسلم أصلا، و من لعن مسلما فهو الملعون،و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «المسلم ليس بلعان»، و كيف يجوز لعن المسلم و لا يجوز لعن البهائم، و قد ورد النهي عن ذلك، و حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلي الله عليه و آله و سلم؛ و يزيد صح اسلامه، و ما صح قتله الحسين رضي الله عنه و لا أمره و لا رضاه بذلك،و مهما لم يصح ذلك منه لا يجوز أن يظن ذلك به، فان اساءة الظن بالمسلم حرام، و قد قال الله تعالي: (اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم) (الحجرات: 12) و قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ان الله حرم من المسلم دمه و ماله و عرضه و أن يظن به ظن السوء. و من زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به فينبغي أن يعلم غاية حمقه [255] ، فان من كان في عصره من الأكابر و الوزراء و السلاطين لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله أو رضي به أو كرهه لم يقدر علي


ذلك، و ان كان قد قتل في جواره و زمانه و هو يشاهده، فكيف لو كان في بلد بعيد و زمن بعيد و قد انقضي، فكيف نعلم ذلك في ما انقضي عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد؟ و قد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث، فهذا أمر لا تعرف حقيقته أصلا، و اذا لم تعرف وجب احسان الظن بكل مسلم، و مع هذا فلو ثبت علي مسلم أنه قتل مسلما فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر، و القتل ليس بكفر بل هو معصية، فاذا مات القاتل ربما مات بعد التوبة، و الكافر لو تاب من كفره لم تجز لعنته، فكيف بمن تاب عن قتل؟ و كيف نعرف أن قاتل الحسين رضي الله عنه مات قبل التوبة، (و هو الذي يقبل التوبة عن عباده) (الشوري: 25) فاذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين، و من لعنه كان فاسقا عاصيا لله عزوجل، و لو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصيا بالاجماع، بل لو لم يلعن ابليس طول عمره لا يقال له في القيامة، لم لم تلعن ابليس، و يقال للاعن: لم لعنت؟ و من أين عرفت أنه ملعون مطرود؟ و الملعون هو المبعود من الله عزوجل، و ذلك عيب و لا يعرف الا في من مات كافرا، فان ذلك علم بالشرع، و أما الترحم عليه فهو جائز، بل هو مستحب، بل هو داخل في قولنا كل صلاة: اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات، فانه كان مؤمنا، والله أعلم، كتبه الغزالي.

وحكي ابن القفطي أن يزيد كان له قرد يجعله بين يديه و يكنيه أباقيس، و يقول: هذا شيخ من بني اسرائيل أصاب خطيئة فمسخ، و كان يسقيه النبيذ و يضحك منه، و كان يحمله علي أتان، فحمله يوما و جعل يقول:



تمسك أباقيس بفضل عنانها

فليس عليها ان هلكت ضمان



فقد سبقت خيل الجماعة كلها

و خيل أميرالمؤمنين أتان



و جاء أباقيس في ذلك اليوم ريح فمال ميتا و الأتان، فحزن عليه و أمر بدفنه بعد أن كفنه، و أمر أهل الشام أن يعزوه فيه و أنشأ يقول:



لم يبق قرم [256] كريم ذو محافظة

الا أتانا يعزي في أبي قيس






شيخ العشيرة أمضاها و أحملها

له المساعي مع القربوس و الديس



لا يبعد الله قبرا أنت ساكنه

فيه الجمال و فيه لحية التيس



و من شعره:



شربت علي الجوزاء كأسا روية

و أخري اذا الشعري العبور استهلت



معتقة كانت قريش تعافها

فلما استحلوا دم عثمان حلت



و منه:



أقول لصحب ضمت الكاس شملهم

وداعي صبابات الهوي يترنم



خذوا بنصيب من نعيم و لذة

فكل و ان طال المدي يتصرم



و لا تتركوا يوم السرور الي غد

فرب غد يأتي بما ليس يعلم



ألا ان أهنا العيش ما سمحت به

صروف الليالي و الحوادث نوم



لقد كادت الدنيا تقول لأهلها

خذوا لذة، لو أنها تتكلم



و سيارة ضلوا [257] عن القصد بعدما

تداركهم جنح من الليل مظلم



أناخوا علي قوم و نحن عصابة

و فينا فتي من سكره يترنم



أضاءت لهم منا علي البعد قهوة

كأن سناها ضوء نار تضرم



اذا ما حسوناها أناخوا مطيهم

و ان مزجت حثوا الركاب و يمموا



و قال أيضا:



و لقد طعنت الليل في أعجازه

بالكاس بين غطارف كالأنجم



يتمايلون علي النعيم كأنهم

قضب من الهندي لم تتثلم



و لقد شربناها بخاتم ربها

بكرا و ليس البكر مثل الأيم



و لها سكون في الاناء و دونه

شغب يطوح بالكمي المعلم




و قال أيضا:



و لي و لها اذا الكاسات دارت

رقي سحر يحل عري الهموم



محادثة ألذ من الأماني

و بث جوي أرق من النسيم



و قال أيضا:



و ساق أتاني و الثريا كأنها

قلائص قد أعنقن خلف فنيق



و ناولني كأسا كأن بنانه

مخلقة من نورها بخلوق



و قال اغتنم من دهرنا غفلاته

فعقد و داد الدهر غير وثيق



و اني من لذات دهري لقانع

بحلو حديث أم بمر عتيق



هما ما هما لم يبق شي ء سواهما

حديث صديق أم عتيق رحيق



اذا شجها الساقي حسبت حبابها

نجوما [258] تبدت في سماء عقيق



و يقال: انه لما أتي برأس الحسين رضي الله عنه، صاح بنات معاوية و عيالهم و سمعهم يزيد فذرفت عيناه و قال:



يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون الموت علي النوائح



ثم قال: اذا قضي الله أمرا كان مفعولا، كنا نرضي من أهل العراق بدون قتل الحسين، و عرض عليه في من عرض علي بن الحسين رضي الله عنهما فأراد قتله و الأمن من غائلته ثم كف و ارعوي و قال:



هممت بنفسي همة لو فعلتها

لكان قليلا بعدها ما ألومها



ولكنني من عصبة أموية

اذا هي زلت أدركتها حلومها



و لما تحقق معاوية أن يزيد يشرب الخمر عز عليه ذلك و أنكر عليه و قال: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: من ابتلي بشي ء من هذه القاذورات فليستتر، و انك تقدر علي بلوغ لذتك في ستر؛ فتماسك عن الشرب ثم دعته نفسه لما اعتاده، فجلس علي شرابه، فلما استخفه


الخمر و داخله الطرب، قال يشير الي أبيه:



أمن شربة من ماء كرم شربتها

غضبت علي؟! الآن طاب لي السكر



سأشرب فاغضب لا رضيت، كلاهما

حبيب الي قلبي: عقوقك و الخمر



ابن شاكر، فوات الوفيات، 333 - 327 / 4

و قد كان يزيد فيه خصال محمودة من الكرم و الحلم و الفصاحة و الشعر و الشجاعة و حسن الرأي في الملك [!] و كان ذا جمال حسن المعاشرة، و كان فيه أيضا اقبال علي الشهوات و ترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، و اماتتها في غالب الأوقات. [...]

وروي الزبير بن بكار، عن عبدالرحمان بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال في يزيد بن معاوية:



لست منا و ليس خالك منا

يا مضيع الصلوات للشهوات



قال: وزعم بعض الناس أن هذا الشعر لموسي بن يسار، و يعرف بموسي شهوات، وروي عن عبدالله بن الزبير أنه سمع جارية له تغني بهذا البيت فضربها و قال قولي:



أنت منا و ليس خالك منا

يا مضيع الصلوات للشهوات



و قال الحافظ أبويعلي: حدثنا الحكم بن موسي، ثنا يحيي بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة: أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «لايزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد». و هذا منقطع بين مكحول و أبي عبيدة بل معضل. و قد رواه ابن عساكر من طريق صدقة بن عبدالله الدمشقي، عن هشام ابن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: ابن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «لا يزال أمر هذه الامة قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني امية يقال له يزيد». ثم قال و هو منقطع أيضا بين مكحول و أبي ثعلبة. و قال أبو يعلي: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف، عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية، قال: كنا مع أبي ذر بالشام، فقال أبوذر: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول:


«أول من يغير سنتي رجل من بني أمية» و رواه ابن خزيمة، عن بندار، عن عبدالوهاب ابن عبدالمجيد، عن عوف: حدثنا مهاجر بن أبي مخلد، حدثني أبوالعالية، حدثني أبومسلم، عن أبي ذر، فذكر نحوه، و فيه قصة، و هي أن أباذر كان في غزاة عليهم يزيد ابن أبي سفيان فاغتصب يزيد من رجل جارية، فاستعان الرجل بأبي ذر علي يزيد أن يردها عليه، فأمره أبوذر أن يردها عليه،فتلكأ فذكر أبوذر له الحديث فردها، و قال يزيد لأبي ذر: نشدتك بالله أهوأنا؟ قال: لا. و كذا رواه البخاري في التاريخ و أبويعلي، عن محمد بن المثني، عن عبدالوهاب. ثم قال البخاري: والحديث معلول و لا نعرف أن أباذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب. قال: و قد مات يزيد بن أبي سفيان زمن عمر فولي مكانه أخاه معاوية. و قال عباس الدوري: سألت ابن معين: أسمع أبوالعالية من أبي ذر؟ قال: لا، انما يروي عن أبي مسلم عنه، قلت: فمن أبومسلم هذا؟ قال: لا أدري.

و قد أورد ابن عساكر أحاديث في ذم يزيد بن معاوية كلها موضوعة لا يصح شي ء منها، و أجود ما ورد ذكرناه علي ضعف أسانيده و انقطاع بعضه والله أعلم. قال الحارث ابن مسكين، عن سفيان، عن شبيب، عن عرقدة بن المستظل، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد علمت و رب الكعبة متي تهلك العرب، اذا ساسهم من لم يدرك الجاهلية و لم يكن له قدم في الاسلام. قلت: يزيد بن معاوية أكثر ما نقم عليه في عمله شرب الخمر و اتيان بعض الفواحش، فأما قتل الحسين فانه كما قال جده أبوسفيان يوم احد: لم يأمر بذلك و لم يسؤه. و قد قدمنا أنه قال: لو كنت أنا لم أفعل معه ما فعله ابن مرجانة - يعني عبيدالله بن زياد - و قال للرسل الذين جاؤوا برأسه: قد كان يكفيكم من الطاعة دون هذا، و لم يعطهم شيئا، و أكرم آل بيت الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم و أضعافه، وردهم الي المدينة في محامل و أهبة عظيمة، و قد ناح أهله في منزله علي الحسين حين كان أهل الحسين عندهم ثلاثة أيام، و قيل ان يزيد فرح بقتل الحسين أول ما بلغه ثم ندم علي ذلك، فقال أبوعبيدة معمر بن المثني: ان يونس بن حبيب الجرمي حدثه قال: لما قتل ابن زياد الحسين و من معه بعث برؤوسهم الي يزيد، فسر بقتله أولا


و حسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثم لم يلبث الا قليلا حتي ندم! [...]

و لما خرج أهل المدينة عن طاعته و خلعوه و ولوا عليهم ابن مطيع و ابن حنظلة، لم يذكروا عنه - و هم أشد الناس عداوة له - الا ما ذكروه عنه من شرب الخمر و اتيانه بعض القاذورات، لم يتهموه بزندقة كما يقذفه بذلك بعض الروافض، بل قد كان فاسقا و الفاسق لا يجوز خلعه لأجل ما يثور بسبب ذلك من الفتنة و وقوع الهرج كما وقع زمن الحرة، فانه بعث اليهم من يردهم الي الطاعة و أنظرهم ثلاثة أيام، فلما رجعوا قاتلهم و غير ذلك، و قد كان في قتال أهل الحرة كفاية، ولكن تجاوز الحد باباحة المدينة ثلاثة أيام، فوقع بسبب ذلك شر عظيم كما قدمنا، و قد كان عبدالله بن عمر بن الخطاب و جماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد. و لا بايع أحدا بعد بيعته ليزيد. كما قال الامام أحمد: حدثنا اسماعيل بن علية، حدثني صخر بن جويرية، عن نافع، قال: لما خلع الناس يزيد ابن معاوية جمع ابن عمر بنيه و أهله ثم تشهد، ثم قال: أما بعد فانا بايعنا هذا الرجل علي بيع الله و رسوله، و أني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «ان الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان، و ان من أعظم الغدر الا أن يكون الا شراك بالله، أن يبايع رجل رجلا علي بيع الله و رسوله ثم ينكث بيعته». فلا يخلعن أحد منكم يزيد و لا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون الفيصل بيني و بينه. و قد رواه مسلم و الترمذي من حديث صخر بن جويرية، و قال الترمذي: حسن صحيح. و قد رواه أبوالحسن علي بن محمد ابن عبدالله بن أبي سيف المدائني، عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله.

و لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشي عبدالله بن مطيع و أصحابه الي محمد ابن الحنفية فأرادوه علي خلع يزيد فأبي عليهم، فقال ابن مطيع: ان يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدي حكم الكتاب. [259] [...]

و قال أبوالقاسم البغوي: حدثنا مصعب الزبيري، ثنا ابن أبي حازم، عن هشام، عن


زيد بن أسلم، عن أبيه: أن ابن عمر دخل و هو معه علي ابن مطيع، فلما دخل عليه. قال: مرحبا بأبي عبدالرحمان ضعوا له وسادة، فقال: انما جئتك لأحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «من نزع يدا من طاعة، فانه يأتي يوم القيامة لا حجة له، و من مات مفارق الجماعة، فانه يموت موتة جاهلية». و هكذا رواه مسلم من حديث هشام ابن سعد، عن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر به، و تابعه اسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة،عن زيد بن أسلم، عن أبيه. و قد رواه الليث، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر فذكره. و قال أبوجعفر الباقر: لم يخرج أحد من آل أبي طالب و لا من بني عبدالمطلب أيام الحرة، و لما قدم مسلم بن عقبة المدينة، أكرمه و أدني مجلسه و أعطاه كتاب أمان.

وروي المدائني: أن مسلم بن عقبة بعث روح بن زنباع الي يزيد ببشارة الحرة، فلما أخبره با وقع قال: وا قوماه! ثم دعا الضحاك بن قيس الفهري، فقال له: تري ما لقي أهل المدينة؟ فما الذي يجبرهم؟ قال: الطعام و الأعطية، فأمر بحمل الطعام اليهم و أفاض عليهم أعطيته. و هذا خلاف ما ذكره كذبة الروافض عنه من أنه شمت بهم، واشتفي بقتلهم [260] ، و أنه أنشد ذكرا و أثرا شعر ابن الزبعري المتقدم ذكره. و قال أبوبكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام: حدثني محمد بن القاسم سمعت الأصمعي يقول: سمعت هارون الرشيد ينشد ليزيد بن معاوية:



انها بين عامر بن لؤي

حين تمني و بين عبد مناف



و لها في الطيبين جدود

ثم نالت مكارم الأخلاف



بنت عم النبي أكرم من

يمشي بنعل علي التراب و حافي



لن تراها علي التبدل و الغل

ظة الا كدرة الأصداف



و قال الزبير بن بكار: أنشدني عمي مصعب ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان:




آب هذا الهم فاكتنفا

ثم مرا لنوم فامتنعا



راعيا للنجم أرقبه

فاذا ما كوكب طلعا



حام حتي أنني لأري

أنه بالغور قد وقعا



و لها بالمطارون اذا

أكل النمل الذي جمعا



نزهه حتي اذا بلغت

نزلت من خلق تبعا



في قباب وسط دسكرة

حولها الزيتون قد ينعا



و من شعره:



و قائلة لي حين شبهت وجهها

ببدر الدجي يوما و قد ضاق منهجي



تشبهني بالبدر هذا تناقص

بقدري ولكن لست أول من هجي



ألم تر أن البدر عند كماله

اذا بلغ التشبيه عاد كدملجي



فلا فخر ان شبهت بالبدر مبسمي

و بالسحر أجفاني و بالليل مدعجي



قد ذكره الزبير بن بكار، عن أبي محمد الجزري قال: كانت بالمدينة جارية مغنية يقال لها سلامة، من أحسن النساء وجها، و أحسنهن عقلا و أحسنهن قدا، قد قرأت القرآن. وروت الشعر و قالته، و كان عبدالرحمان بن حسان و الأحوص بن محمد يجلسان اليها. فعلقت الأحوص فصدت عن عبدالرحمان، فرحل ابن حسان الي يزيد بن معاوية الي الشام فامتدحه و دله علي سلامة و جمالها و حسنها و فصاحتها. و قال: لا تصلح الا لك يا أميرالمؤمنين، و أن تكون من سمارك، فأرسل يزيد فاشتريت له و حملت اليه، فوقعت منه موقعا عظيما، و فضلها علي جميع من عنده، و رجع عبدالرحمان الي المدينة، فمر بالأحوص فوجده مهموما، فأراد أن يزيده الي ما به من الهم هما فقال:



يا مبتلي بالحب مقروحا

لاقي من الحب تباريحا



أفحمه الحب فما ينثني

الا بكاس الحب مصبوحا



و صار ما يعجبه مغلقا

عنه و ما يكره مفتوحا



قد حازها من أصبحت عنده

ينال منها لشم و الريحا






خليفة الله فسل الهوي

و عز قلبا منك مجروحا



قال: فأمسك الأحوص عن جوابه ثم غلبه وجده عليها، فسار الي يزيد فامتدحه فأكرمه يزيد و حظي عنده، فدست اليه سلامة خادما و أعطته مالا علي أن يدخله اليها، فأخبر الخادم يزيد بذلك، فقال: امض لرسالتها، ففعل و أدخل الأحوص عليها، و جلس يزيد في مكان يراهما و لا يريانه، فلما بصرت الجارية بالأحوص بكت اليه و بكي اليها، و أمرت، فألقي له كرسي فقعد عليه، و جعل كل واحد منهما يشكو الي صاحبه شدة شوقه اليه فلم يزالا يتحدثان الي السحر، و يزيد يسمع كلامهما من غير أن يكون بينهما ريبة، حتي اذا هم الأحوص بالخروج قال:



أمسي فؤادي في هم و بلبال

من حب من لم أزل منه علي بال



فقالت:



صحا المحبون بعد الناي اذا يئسوا

و قد يئست و ما أضحوا علي حال



فقال:



من كان يسلو بيأس عن أخي ثقة

فعنك سلام ما أمسيت بالسالي



فقالت:



والله والله لا أنساك ياشجني

حتي تفارق مني الروح أوصالي



فقال:



والله ما خاب من أمسي و أنت له

يا قرة العين في أهل و في مال



قال: ثم ودعها و خرج، فأخذه يزيد و دعا بها فقال: أخبراني عما كان في ليلتكما و أصدقاني، فأخبراه و أنشداه ما قالا: فلم يحرفا منه حرفا و لا غيرا شيئا مما سمعه، فقال لها يزيد: أتحبينه؟ قالت: اي والله يا أميرالمؤمنين



حبا شديدا جري كالروح في جسدي

فهل يفرق بين الروح و الجسد؟



فقال له: أتحبها؟ فقال: اي والله يا أميرالمؤمنين



حبا شديدا تليدا غير مطرف

بين الجوانح مثل النار يضطرم




فقال يزيد: انكما لتصفان حبا شديدا، خذها يا أحوص فهي لك، و وصله صلة سنية. فرجع بها الأحوص الي الحجاز و هو قرير العين. و قد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف و شرب الخمر و الغنا و الصيد و اتخاذ الغلمان و القيان و الكلاب و النطاح بين الكباش و الدباب و القرود، و ما من يوم الا يصبح فيه مخمورا، و كان يشد القرد علي فرس مسرجة بحبال و يسوق به، و يلبس القرد قلانس الذهب، و كذلك الغلمان، و كان يسابق بين الخيل، و كان اذا مات القرد حزن عليه. و قيل: ان سبب موته أنه حمل قردة و جعل ينقزها فعضته. و ذكروا عنه غير ذلك و الله أعلم بصحة ذلك.

و قال عبدالرحمان بن أبي مدعور: حدثني بعض أهل العلم قال: آخر ما تكلك به يزيد بن معاوية: اللهم لاتؤاخذني بما لم أحبه، و لم أرده، واحكم بيني و بين عبيدالله بن زياد. و كان نقش خاتمه آمنت بالله العظيم.

مات يزيد بحوارين من قري دمشق في رابع عشر ربيع الأول، و قيل يوم الخميس للنصف منه، سنة أربع و ستين. و كانت ولايته بعد موت أبيه في منتصف رجب سنة ستين، و كان مولده في سنة خمس، و قيل سنة ست، و قيل سبع و عشرين. و مع هذا فقد اختلف في سنه و مبلغ أيامه في الامارة علي أقوال كثيرة، و اذا تأملت ما ذكرته لك من هذه التحديدات انزاح عنك الأشكال من هذا الخلاف، فان منهم من قال: جاوز الأربعين حين مات فالله أعلم. ثم حمل بعد موته الي دمشق و صلي عليه ابنه معاوية بن يزيد أميرالمؤمنين يومئذ، و دفن بمقابر باب الصغير، و في أيامه وسع النهر المسمي بيزيد في ذيل جبل قاسيون، و كان جدولا صغيرا، فوسعه.ضعاف ما كان يجري فيه من الماء. [261] .

ابن كثير، البداية و النهاية، 236 - 230/8


(القصيري) مقصورا مصغرا ضرب من الأفاعي (القط) السنور و الأنثي قطة و الجمع قطاط و قططة قال ابن دريد: لا أحسبها عربية صحيحة (قلت) و هو محجوج بقوله صلي الله عليه و آله و سلم عرضت علي جهنم فرأيت فيها المرأة الحميرية صاحبة القط الذي ربطته فلم تطعمه و لم


تسرحه كذا رواه الربيع الجيزي فيمن ورد مصر من الصحابة (رضي الله تعالي عنهم)، و لما اتصلت ميسون بنت بحدل الكلبية ام يزيد بن معاويد بمعاوية و كانت ذات جمال باهر، و حسن غامر، أعجب بها معاوية، وهيأ لها قصرا مشرفا علي الغوطة و زينه، بأنواع الزخارف، و وضع فيه من أواني الفضة و الذهب ما يضاهيه و نقل اليه من الديباج الرومي الملون و الموشي ما هو لائق به، ثم أسكنها مع وصائف لها كأمثال الحور العين فلبست يوما أفخر ثيابها، و تزينت و تطيبت بما أعد لها من الحلي و الجوهر الذي لايوجد مثله، ثم جلست في روشنها و حولها الوصائف، فنظرت الي الغوطة و أشجارها، و سمعت تجاوبالطير في أوكارها و شمت نسيم الأزهار و روائح الرياحين و النوار، فتذكرت نجدا و حنت الي أترابها و أناسها، و تذكرت مسقط رأسها، فبكت و تنهدت، فقالت لها بعض حظاياها: ما يبكيك و أنت في ملك يضاهي ملك بلقيس، فتنفست الصعداء، ثم أنشدت:



لبيت تخفق الأرواح فيه

أحب الي من قصر منيف



و لبس عباءة و تقر عيني

أحب الي من لبس الشفوف



و.كل كسيرة في كسر بيتي

أحب الي من أكل الرغيف



و أصوات الرياح بكل فجذ

أحب الي من نقر الدفوف



و كلب ينبح الطراق دوني

أحب الي من قط ألوف



و بكر يتبع الأظعان صعب

أحب الي من بغل زفوف



و خرق من بني عمي نحيف

أحب الي من علج عنوف



فلما دخل معاوية عرفته الحظية بما قالت، و قيل: انه سمعها و هي تنشد ذلك، فقال: ما رضيت ابنة بحدل حتي جعلتني علجا عنوفا، هي طالق ثلاثا، مروها فلتأخذ جميع ما في القصر فهو لها، ثم سيرها الي أهلها بنجد، و كانت حاملا بيزيد فولدته بالبادية و أرضعته سنتين، ثم أخذه معاوية منها بعد ذلك، و الأرواح جمع ريح قال ذو الرمة:



اذا هبت الأرواح من نحو جانب

به أهل حبي هاج قلبي هبوبها



هوي تذرف العينان منه و انما

هوي كل نفس حيث حل حبيبها




فقد أبدع و أحسن، فمن قال هبت الأرياح فقد أخطأ ووهم، والصواب هبت الأرواح كما قال ذو الرمة، و قد تقدم عن ميسون، و العلة في ذلك أن أصل ريح روح لاشتقاقها من الروح، وروي هذا الخبر علي غير هذا الوجه، فأوردته لتحصل منه الفائدة و هو: قيل لما اتصلت ميسون بنت بحدل بمعاوية، و نقلها من البدو الي الشام كانت تكثير الحنين الي أناسها و التذكر لمسقط رأسها، فاستمع عليها معاوية ذات يوم و هي تنشد الأبيات المتقدمة، فلما سمع معاوية الأبيات قال: ما رضيت ابنة بحدل حتي جعلتني علجا عنوفا، هي طالق.

الدميري، حياة الحيوان، 252 - 251/2 (ط دارالفكر)

(الفهد) واحد الفهود و فهد الرجل أشبه الفهد في كثرة نومه و تمرده، و في حديث أم زرع: ان دخل فهد، و زعم أرسطو أنه يتولد بين نمر و أسد، و مزاجه كمزاج النمر، و في طبعه مشابهة لطبع الكلب، في أدوائه و دوائه و يقال: ان الفهدة اذا أثقلت بالحمل حن عليها كل ذكر يراها من الفهود و يواسيها من صيده، فاذا أرادت الولادة هربت الي موضع قد أعدته لذلك، و يضرب بالفهد المثل في كثرة النوم و هو يقيل الجثة يحطم ظهر الحيوان في ركوبه، و من خلقه الغضب و ذلك أنه اذا و ب علي فريسة لايتنفس حتي ينالها، فيحمي لذلك تمتلي رئته من الهواء الذي حبسه فاذا أخطأ صيده رجع مغضبا و ربما قتل سائسه.

قال ابن الجوزي: ان الفهد يصاد بالصوت الحسن قال: و متي و ثب علي الصيد ثلاث مرات و لم يدركه غضب، و من خلقه أنه يأنس لمن يحسن اليه و كبار الفهود أقبل للتأديب من صغارها، و أول من اصطاد به كليب بن وائل و أول من حمله علي الخيل يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان، و أكثر م اشتهر باللعب بها أبومسلم الخراساني (فائدة) سئل الكيا الهراسي الفقيه الشافعي عن يزيد بن معاوية هل هو من الصحابة أم لا وهل يجوز لعنه أم لا؟ فأجاب: انه لم يكن من الصحابة لأنه ولد في أيام عثمان و أما قول السلف ففيه لكل واحد من أبي نيفة و مالك و أحمد قولان تصريح و تلويح و لنا قول واحد التصريح دون التلويح، و كيف لايكون كلك و هو المتصيد بالفهد و اللاعب بالنرد، و مد من الخمر، و من شعره في الخمر قوله:




أقول لصحب ضمت الكأس شملهم

وداعي صبابات الهوي يترنم



خذوا بنصيب من نعيم ولذة

فكل و ان طال المدي يتصرم



و كتب فصلا طويلا أضربنا عن ذكره، ثم قلب الورقة و كتب، ولو مدتدت ببياض لأطلقت العنان، بسطت الكلام في مخازن هذا الرجل، و قد أفتي الغزالي في هذه المسألة بخلاف ذلك، فانه سئل عمن يصرح بلعن يزيد بن معاوية هل يحكم بفسقه أم يكون ذلك مرخصا فيه، و هل كان يريد قتل الحسين.م كان قصده الدفع، و هل يسوغ الترحم عليه أم السكوت عنه أفضل؟ فأجا: لايجوز لعن المسلم أصلا، و من لعن المسلم فهو الملعون، و قد قال عليه السلام: المسلم ليس بلعان، و كيف يجوز لعن المسلم و قد ورد النهي عن ذلك و حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص منه صلي الله عليه و آله و سلم، و يزيد صح اسلامه و ما صح قتله للحسين رضي الله عنه و لا أمره و لا رضاه بذلك، و مهما لم يصح ذلك عنه لم يجز أن يظن ذلك به، فان اساءة الظن أيضا بالمسلم حرام.

قال الله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم) [262] ، و قال صلي الله عليه و آله و سلم: ان الله حرم من المسلم دمه، و ماله، و عرضه، و أن يظن به ظن السوء، و من أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله لم يثدر علي ذلك و اذا لم يعلم وجب احسان الظن بكل مسلم يمكن احسان الظن به، و مع هذا لو ثبت علي مسلم أنه قتل مسلما فمذهب أهل الحق، أنه ليس بكافر، و القتل ليس بكفر، بل هو معصية، و اذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة و الكافر لو تاب من كفره لم يجز لعنه، فكيف من تاب من قتل. و لم يعرف أن قاتل الحسين مات قبل التوبة و هو الذي يقبل التوبة من عباده، فاذا لايجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين، و من لعن كان فاسقا عاصيا الله عزوجل و لو جاز لعنه فسكت، لم يكن عاصيا بالاجماع، بل لو لم يلعن ابليس طول عمره لايقال له في القيامة لم لم تلعن ابليس و يقال للاعن: لم لعنت و من أين عرفت أنه ملعون و الملعون هو المبعد من الله عزوجل و ذلك لا يعرف الا فيمن مات كافرا، فان ذلك علم بالشرع، و أما الترحم عليه


فجائز، بل مستحب، بل داخل في قولنا اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات فانه كان مؤمنا، انتهي.

والكيا الهراسي هو ابن الحسن عمادالدين علي بن محمد الطبري كان من رؤوس معيدي امام الحرمنين و ثاني الغزالي و توفي في المحرم سنة أربع و خمسمائة ببغداد و حضر دفنه الشريف أبوطالب الزينبي، و قاضي القضاء و أبوالحسن بن الدامغاني مقدما الطائفة الحنفية و كان بينهما و بينه في حال الحياة منافسة فوقف أحدهما عند رأسه، و الآخر عند رجليه.

الدميري، حياة الحيان، 226 - 225/2 (ط دارالفكر)



و قالوا يزيد مستحق توقفا

و رأس حسين عنده و الغلاصم



و هم جهلوا الرسي و هو مقدس

عن الجهل بحر الحكمة المتلاطم



و هم أنكروا اسناد يحيي و قاسم

و ما لهما في العالمين مقاسم



و قالوا لنا الهادي الي دين ربه

ملبس دين حظهم متفاقم



و هم عجبوا منه لاحداث مذهب

و ما ان له في الحق قالوا دعائم



الهادي بن ابراهيم الوزير، نهاية التنويه، /51

حكم يزيد: أما الركن الأول: فحكم يزيد الكفر علي الصحيح مما لخصه علماؤنا (رضي الله عنهم)، قال الديلمي رحمه الله: كان يزيد - لعنه الله تعالي - لايمسي الا سكرانا، و لا يصبح الا فخورا شيطانا.

و كان ابن الزبي يذكر ذلك في خطبته، فيقول: السكير الخمير، و كانت أيامه تسمي أيام الشؤم؛ لأنه أصيب فيها الحسين بن علي عليهماالسلام، الذي بكت عليه الأرض و السماء، و قطرت دما، كما رويناه بالاسناد الصحيح، و حمل أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و نساءهم الي الشام كالسبي المجلوب 7 و قتل من أولاد المهاجرين و الأنصار ستة آلاف، و أباح حرم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أوطيت الخيل حوالي قبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و حصر بيت الله الحرام و أهله، و حرقه بالنار، فأي حرمة لله لم تنقض في أيامه، و لما جي ء برأس الحسين عليه السلام مقطوعا نكت بالقضيب ثناياه، و تمثل بأبيات ابن الزبعري:




ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



فأهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لاشلل



لست من عتبة ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



و قد روي بالاسناد الصحيح؛ أن الحسين عليه السلام كان عند النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فأراد أن يخرج الي بيت امه فاطمة عليهاالسلام، و مطرت السماء، فدعاه النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و أمسكه، فأمسكت السماء حتي وصل الحسين الي أمه فاطمة عليهاالسلام، فكره النبي صلي الله عليه و آله و سلم أن تقع عليه قطر المطر، مع أنه رحمة للحسين عليه السلام، فكيف حاله لو رآه و قد وقعت عليه السهام، و طعن بالرماح، و قطع بالسيوف اربا اربا، و ركض علي جسده الشريف بالدواب، و حوافر الخيل، حتي كسرت عظامه، و ابين رأسه من جسده الشريف، فويل للكافرين من عذاب شديد، و قد قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «اللهم من أنكا حسينا فل تغفر له».

و في كتاب «الدولتين» عن الحسن البصري، قال: قتل مع الحسين بن علي عليهماالسلام ستة و عشرون من أهل بيته، والله ما علي وجه الأرض يومئذ أهل بيت يشبهون بهم، ولله القائل:



يا ويل من شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ



لابد أن ترد القيامة فاطم

و قميصها بدم الحسين ملطخ



قال الديلمي رحمه الله:

اعلم أن العلماء قد أجمعوا علي فسق معاوية و يزيد، و علي لعنه و شتمه، حتي الحشوية، و ان اختلفوا في كفره، فهل يقع شك في أن قتل ستة آلاف من أولاد المهاجرين و الأنصار، و نهب المدينة ثلاثة أيام، و ايطاء الخيل حوالي قبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، كفر ظاهر، و نفاق شاهر، و لا يختلف مسلمان في أن قتل حمامة أو عصفور حدثا، لقوله صلي الله عليه و آله و سلم في حديث طويل: «أو آوي محدثا فعليه لعنة الله، و الملائكة، و الناس أجمعين»، و كذلك حرق بيت الله، شرفه الله، و جلس في موضع ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم المنصوص علي امامته، و فضله، [و] في شأنه و بيانه و حياته عجب لمن يتفقد.


وروي السيد أبوالعباس رحمه الله عن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال: اشتد برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مرض الوفاة فحضره و هو يقول: «ما لي و ليزيد لا بارك الله فيه، اللهم العن يزيد»، ثم غشي عليه طويلا و أفاق، فجعل يقبل الحسين، و عيناه تذرفان، و يقول: «أما ان لي و لقاتلك مقاما بين يدي الله تعالي».

حكم من قال بالتوقف في يزيد: و أما الركن الثاني: و هو في حكم صاحب هذه المقالة، فهو مخط في طرف، و مصيب في طرف، فخطأه حيث قال لايجوز لعنه، و صوابه حيث أشار أنه لايجوز الترضية عنه، و هذا انما هو في مشتبهات الأمور، آخذا بقوله صلي الله عليه و آله و سلم: «المؤمنون و قافون عند المشتبهات»، و أما يزيد - لعنه الله -، فلا شبهة في كفره أو فسقه، فصاحب هذه المقالة متجاهل منكر لما علم ضرورة؛ لأن المعلوم من طريق التواتر قتل يزيد للحسين عليه السلام علما ضروريا، لاشك فيه و لا ريبة، كعلم أحدنا أنه كان في الدنيا يزيد بن معاوية، و هذا مما لاينتفي عن أحد بشبهة، و من سلم هذا العلم، لزمه تسليم ما هو مثله في الجلاء و الظهور، و هو قتل يزيد - لعنه الله - للحسين عليه السلام، و من أنكر أن يكون يزيد قاتلا للحسين عليه السلام، فقد أنكر الحقائق و تسفسط في مذهبه.

ما يلزم من الانكار علي القائل بالتوقف: و أما الركن الثالث: فالقائل بهذه المقالة، ان قصد بها انكار لعن يزيد - لعنه الله -، و أنه لايجوز لأحد من المسلمين لعنه، فقد أنكر علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعنه ليزيد - لعنه الله -، ورد في ذلك اجماع العترة النبوية، و قد تقدم حكم من خالف اجماع العترة عليهم السلام، و ان قصد بمقالته أنه لم يصح له قتل يزيد - لعنه الله - للحسين عليه السلام، فلو صح لفسقه و هلكه، و هذا هو العروف من مذهب رواة الحديث، و أهل التنسك في أمصار الشافعية، و قد سرت هذه المقالة الي متنسكين في زماننا، و مظهرين للتمسك بمذهب الأئمة الأطهار، و سمعت ذلك من بعضهم، و الأمر أهون، ولكن لايعد صاحب هذه المقالة من الزيدية؛ لأن الزيدية مجمعون علي تضليل يزيد - لعنه الله - و تهليكه، من دون توقف في شأنه، و جر علي نفسه بهذا التوقف البارد التهمة، بمحبة يزيد - لعنه الله -، و تحسين قبائحه، و مجانبة حبل العترة النبوية، و السلالة الفاطمية.


شبهة و جوابها: خيال: قالوا: لم يتعبدنا الله بلعن أحد من خلقه، فلو أن مسلما لقي الله و صحيفته خالية من لعن الشيطان، ما قيل له: لم لم تلعن الشيطان، بل قد كره ذلك، و جاء فيه عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «المؤمن لايكون لعانا»، و في كلام علي عليه السلام: «أكره لكم أن تكونوا سبابين».

قلنا: لاخلاف في صحة ما قلتم، ولكن تعدبنا الله بالبراءة من أعدائه، و علامة التبري لعن المتبرأ منه، و فيه اهانة لعدو الله، و دعاء عليه بالانتقام، و قد كان الرسول يلعن أقواما، منهم معاوية و يزيد في الرواية المتقدمة، و علي عليه السلام كان يقنت بلعن جماعة، منهم معاوية، و قد جاء في القرآن الكريم: (ألا لعنة الله علي الظالمين) [هود /18] و ابن الزبعري سب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في سبعين بيتا، فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «اللهم اني لا.حسن الشعر، ولكن العنه بكل بيت لعنة»، فلعنه الله سبعين لعنة، و النهي الوارد في ذلك أن يجعله الانسان ديدنا، و هجيرا، كما هو مذهب الامامية، لايحركون ألسنتهم بأكثر من اللعن و السب و الأذية، و هذا هو موضع الكراهة و متناولها.

فأما رأينا، فليس الا اظهارا لتبري من موالاة أعداء الله، فاذا ظهر من الانسان التبري، فهو المأخوذ عليه، و المتعبد به، فأما حين يتهم بموالاة أعداء الله، يزيد و أمثاله، فانه يجب عليه اظهار لعنه، و قد تقدمت الاشارة الي هذا في الرواية عن المنصور بالله عليه السلام، و التهويل بذكر الشيطان - نعوذ بالله من شره - لاطائل تحته؛ لأن المعلوم كراهة المسلمين لعدوهم، و هم عدوهم بنص الذكر الحكيم، و تعريف القرآن العظيم، فلو قدرت أن في الناس من يوالي الشيطان، كانت المسألة واحدة، فافهم و تأمل.

الهادي بن ابراهيم الوزير، نهاية التنويه، /216 - 209

يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حب بن أمية بن عبد شمس أبوخالد. ولد في خلافة عثمان و عهد اليه أبوه بالخلافة، فبويع سنه ستين و أبي البيعة عبدالله بن الزبير و لاذ بمكة و الحسين بن علي، و نهض الي الكوفة، و أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليبايع له بها، فقتله عبيدالله بن زياد، و أرسل الجيوش الي الحسين فقتل كما تقدم في ترجمته سنة احدي و ستين.


ثم خرج أهل المدينة علي يزيد، و خلعوه في سنة ثلاث و ستين، فأرس اليهم مسلم ابن عقبة المري و أمره أن يستبيح المدينة ثلاثة أيام و أن يبايعهم علي أنهم خول و عبيد ليزيد، فاذا فرغ منها نهض الي مكة لحرب ابن الزبير، ففعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة، و قتل بها خلقا من الصحابة و أبنائهم و خيال التابعين، و أفحش القضية الي الغاية، ثم توجه الي مكة، فأخذه الله تعالي قبل وصوله، و استخلف علي الجيش حصين بن نمير السكوني، فحاصروا ابن الزبير و نصبا علي الكعبة المنجنيق فأدي ذلك الي و هي أركانها، و وهي بنائها، ثم احرقت، و في أثناء أفعالهم القبيحد فجئهم الخبر بهلاك يزيد بن معاوية، فرجعوا و كفي الله المؤمنين القتال، و كان هلاكه في نصف ربيع الأول سنة أربع و ستين، و لم يكمل الأربعين، و أخباره مستوفاة في تاريخ دمشق لابن عساكر و ليست له رواية تعتمد.

و قال يحيي بن عبدالملك بن أبي غنية أحد الثقات: ثنا نوفل بن أبي عقرب ثقة، قال: كنت عند عمر بن عبدالعزيز، فذكر رجل يزيد بن معاوية فقال: قال أميرالمؤمنين يزيد. فقال عمر: تقول أميرالمؤمنين يزيد؟ و أمر به، فضرب عشرين سوطا، ذكرته للتمييز بينه و بني النخعي، ثم وجدت له رواية في مراسيل أبي داوود. و قد نبهت عليها في الاستدراك علي الأطراف.

ابن حجحر، تهذيب التهذيب، 361 - 360/11

و مما ينسب الي يزيد بن معاوية، أنه أنشد و الرأس بين يديه:



نعب الغراب [فقلت] قل أو لا تقل

فقد اقتضيت من الرسول ديوني



قال بعض أهل التاريخ: هذا كفر صريح لا يقوله مقر بنبوة محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

الباعوني، جواهر المطالب، 300/2

و قال ابن القفطي في تاريخه [263] : ان السبي لما ورد علي يزيد بن معاوية خرج لتلقيه، فلقي الأطفال و النساء من ذرية علي و الحسن و الحسين؛ و الرؤوس علي أسنة الرماح و قد


أشرفوا علي ثنية العقاب؛ فلما رآهم أنشد:



لما بدت تلك الحمول و أشرقت [264]

تلك الرؤوس علي ربا جيرون [265]



نعب الغراب فقلت: قل أو لا تقل

فقد اقتضيت من الرسول ديوني



يعني بذلك أنه قتل الحسين بمن قتله رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ثيوم بدر مثله عتبة جده و من مضي من أسلافه!! و قائل مثل هذا [القول] بري ء من الاسلام و لا يشك في كفره [266] .

و سئل الكيا الهراسي و هو من كبار الأئمة [267] عن لعنة يزيد بن معاوية؟ فقال: لم يك [يزيد من] الصحابة؛ ولد في زمان عمر بن الخطاب؛ و ركب العظائم المشهورة، [ثم] قال:

و أما قول السلف ففيه لأحد قولان: تلويح و تصريح؛ و لمالك أيضا قولان تصرحي و تلويح؛ و لنا قول واحد و هو التصريح دون التلويح؛ قال: و كيف لا و هو اللاعب بالنرد / المتصيد بالفهد؛ و التارك للصلوات؛ و المدمن للخمر؛ و القاتل لأهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم؛ و المصرح في شعره بالكفر الصريح.

الباعوني، جواهر المطالب، 302 - 300/2 عنه: المحمودي، العبرات، 270/2

و المشهور علي ما قاله سبط ابن الجوزي و غيره: انه جمع أهل الشام، و جعل ينكث رأس الحسين بالخيزران و ينشد.بيات ابن الزبعري:


ليت أشياخي ببدر شهدوا - الأبيات.

و زاد فيها بيتين مشتملين علي صريح الكفر. فان صح ذلك عنه، فلا ريبة في كفره، و أشار بعضهم الي أنه أظهر الأول و أخفي الثاني. فقد روي أنه استدعي بابن زياد، و قرب مجلسه، و رفع منزلته، و أدخله علي نسائه، فسكر معه، و أنشد في ذلك شعرا.

و قال ابن الجوزي فيما حكاه سبطه عنه: ليس العجب من قتال ابن زياد للحسين، و انما العجب من خذلان يزيد، و ضربه بالقضيب ثنايا الحسين، و حمل آل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سبيا علي أقتاب الجمال، و ذكر أشياء من قبيح ما اشتهر عنه، ورده الرأس الي المدينة، و قد تغيرت ريحه، ثم قال: و ما كان مقصوده الا الفضيحة و اظهار الرأس، أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج؟ أليس باجماع المسلمين أن الخوارج و البغاة يكفنون و يصلي عليهم، و يدفنون؟ ولو لم يكن في قلبه أحقاد جاهلية و أضغان بدرية، لاحترم الرأس لما وصل اليه، و كفنه و دفنه، و أحسن الي آل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - انتهي.

السمهودي، جواهر العقدين، /413 - 412

و قال الامام أبوالفرج ابن الجوزي في كتاب «الرد علي المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد»:

سألني سائل عن يزيد بن معاوية، فقلت له: يكفيه ما به. فقال: أيجوز لعنه؟ فقلت: قد أجازها العلماء الورعون، منهم أحمد بن حنبل، فانه ذكر في حق يزيد علي اللعنة.

ثم روي ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلي الفراء: أنه روي في كتابه «المعتمد في الاصول» باسناده الي صالح بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: ان قوما ينسبونا الي تولي يزيد. قال: يا بني! و هل يتولي يزيد.حد يؤمن بالله؟ فقلت: و لم لاتلعنه؟ فقال: و متي رأيتني لعنت شيئا؟ يا بني! و لم لانلعن من لعنه الله في كتابه؟ فقلت: و أين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقال في قوله: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم) [268] فهل يكون فساد أعظم


من القتل. وفي رواية فقال: يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟ فذكره.

قال ابن الجوزي: و صنف القاضي أبويعلي كتابا ذكر فيه بيان من يستحق اللعن، و ذكر منهم يزيد، ثم أورد حديث: من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، و لا خلاف أن يزيد غزا المدينة بجيش مسرف بن عقبة، و أخاف أهلها.

قلت: بل وقع من ذلك الجيش من القتل و الفساد، و السبي، و اباحد المدينة مشهور، و لم يرض مسرف الا بأن يبايعوه ليزيد علي أنهم خول له، ان شاء باع، و ان شاء عتق، فذكر له بعضهم البيعة علي كتاب الله وسنة رسوله، فضرب عنقه، و قتل بقايا الصحابة، و أبناءهم، و ذلك في وقعة الحرة، و قد ذكرتها في كتاب أخبار المدينة، ثم انصرف جيشه هذا الي مكة، لقتال ابن الزبير، فوقع منم رمي الكعبة بالمنجنيق، و احتراقها بالنار، فأي شي ء أعظم من هذه العظائم التي وقعت في زمنه، و هي مصداق ما رواه أبويعلي من حديث أبي عبيدة رضي الله عنه رفعه: لايزال أمر أمتي بالقسط حتي يتثلمه رجل من بني امية يقال ل يزيد. و رواه غير أبي يعلي بدون تسميته: لأنهم كانوا يخافون من تسميته.

و لهذا روي بن أبي شيبة و غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: اللهم لاتدركني [269] سنة ستين، و لا امرة الصبيان.

و كانت ولاية يزيد فيها: و قتل الحسين رضي الله عنه في التي تليها، و مات يزيد أوائل سنة أربع و ستين بتر عمره.

و ولي بعده ابنه معاوية رضي الله عنه أياما يسيرة، و كان صالحا، فصعد المنبر فقال: ان هذه الخلافة حبل الله، و ان جدي معاوية نازع الأمر أهله، و من هو أحق به منه علي بن أبي طالب، و ركب بكم ما تعلمون حتي أتته منيته، فصار في قبره رهينا بذنوبه، ثم قلد أبي الأمر، و كان غير أهل له، و نازع ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقصف عمره، و بتر عقبه، و صار في قبره رهينا بذنوبه، ثم بكلي، و قال: ان من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء


مصرعه، و بئس منقلبه، و قد قتل عترة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أباح الحرم، و خرب الكعبة، و لم أذق حلاوة الخلافة، فلا أتقلد مرارتها، و شأنكم أمركم، والله لان كانت الدنيا خيرا فلقد نلنا منها حظا، و لان كانت شرا فكفي ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها. ثم تغيب في منزله حتي مات بعد أربعين ليلة فرحمه الله تعالي حيث أنصف.

و لعمري لقد أنصف عمر بن عبدالعزيز رحمه الله و رضي عنه اذ سمع شخصا يصف يزيد بأميرالمومنين، فأمر بضربه عشرين سوطا.

و قد اختلف علماء الاسلام في جواز لعن يزيد بصوص اسمه، بناء علي أنه لم يثبت ما يقتضي كفره مع اختلافهم فيه كما أشار اليه الامام العلامة الكمال ابن الهمام محقق الحنفية في زمنه، و شيخ أهل عصره، و قد رأيته رحمه الله، لكن لم يتيسر لي الأخذ عنه، فقال في كتابه «المسايرة» الذي يساير به «الراسلة القدسية» للغزالي: و اختلف في اكفار يزيد، قيل: نعم. و قيل: لا، اذ لم يثبت لنا عنه تلك الأسباب الموجبة، و حقيقة الأمر التوقف فيه، و رجع الأمر فيه الي الله سبحانه انتهي.

قلت: و هذا هو الحق الذي أعتقده، و يجوز اتفاقا اللعن علي من قتل الحسين رضي الله عنه، أو أمر بقتله، أو أجازه، أو رضي به من غير تسمية ليزيد، كما يجوز لعن شارب الخمر و نحوه من غير تعيين.

و ما أحسن ما أنشده الرياشي، و قد تذاكروا في حلقته حديث بني أمية، و خاضوا فيه، و هو ساكت، ثم أنشد:



لعمري أن في ذنبي لشغلا

بنفسي عن ذنوب بني امية



ذنوبي كلها أخشي رداها

ولا أخشي ذنوبهم عليه



فليس بضائري ما قد أتوه

اذا ما الله أصلح ما لديه



علي ربي حسابهم اليه

تناهي علم ذلك لا اليه



السمهودي، جواهر العقدين، /427 - 424

و قال نوفل بن أبي الفرات: كنت عند عمر بن عبدالعزيز، فذكر رجل يزيد، فقال:


قال أميرالمؤمنين يزيد بن معاوية، فقال: تقول أميرالمؤمنين؟ و أمر به، فضرب عشرين سوطا.

و في سنة ثلاث و ستين بلغه أن أهل المدينة خرجوا عليه، و خلعوه، فأرسل اليهم جيشا كثيفا، و أمرهم بقتالهم، ثم المسير الي مكة لقتال ابن الزبير، فجاؤوا و كانت وقعة الحرة علي باب طيبة، و ما أدراك ما وقعة الحرة؟ ذكرها الحسن مرة فقال: والله ما كاد ينجو منهم أحد، قتل فيها خلق من الصحابة (رضي الله عنهم) و من غيرهم، و نهبت المدينة، و افتض فيها ألف عذراء، فانا لله و انا اليه راجعون! قال صلي الله عليه و آله و سلم: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله، و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين» رواه مسلم.

و كان سبب خلع أهل المدينة له أن يزيد أسرف في المعاصي، و أخرج الواقدي من طرق: أن عبدالله بن حنظلة بن الغسيل قال: والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء! انه رجل ينكح امهات الأولاد، و البنات، و الأخوات و يشرب الخمر، و يدع الصلاة.

قال الذهبي: و لما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل - مع شربه الخمر و اتيانه المنكرات - اشتد عليه الناس، و خرج عليه غير واحد، و لم يبارك الله في عمره، و سار جيش الحرة الي مكة لقتال ابن الزبير، فمات أمير الجيش بالطريق، فاستخلف عليهم أميرا، و أتوا مكة، فحاصروا ابن الزبير، و قاتلوه، و رموه بالمنجنيق، و ذلك في صفر سنة أربع و ستين، و احترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة و سقفها و قرنا الكبش الذي فدي الله به اسماعيل و كانا في السقف، و أهلك الله يزيد في نصف شهر ربيع الأول من هذا العام، فجاء الخبر بوفاته و القتال مستمر؛ فنادي ابن الزبير: يا أهل الشام! ان طاغيتكم قد هلك، فانفلوا و ذلوا و تخطفهم الناس، و دعا ابن الزبير الي بيعة نفسه، و تسمي بالخلافة، و أما أهل الشام فبايعوا معاوية بن يزيد، و لم تطل مدته كما سيأتي.

و من شعر يزيد:



آب هذا الهم فاكتنعا

و أمر النوم فامتنعا






راعيا للنجم أرقبه

فاذا ما كوكب طلعا



حام حتي انني لأري

أنه بالغور قد وقعا



و لها بالماطرون اذا

أكل النمل الذي جمعا



نزهة حتي اذا بلغت

نزلت من جلق بيعا



في قباب وسط دسكرة

حولها لازيتون قد ينعا [...]



و أخرج الواقدي، عن أبي جعفر [270] الباقر قال: أول من كسا الكعبة الديباج يزيد بن معاوية.

مات في أيام يزيد من الأعلام سوي الذين قتلوا مع الحسين، و في وقعة الحرة: [...] و عده المقتولين بالحرة من قريش و الأنصار ثلاثمائة و ستة رجال.

معاوية بن يزيد بن معاوية، أبو عبدالرحمان - و يقال له: أبو يزيد، و يقال أبو ليلي - استخلف بعهد من أبيه في ربيع الأول سنة أربع و ستين، و كان شابا صالحا، و لما استخلف كان مريضا، فاستمر مريضا الي أن مات، و لم يخرج الي الباب، و لا فعل شيئا من الأمور، و لا صلي بالناس، و كانت مدة خلافته أربعين يوما، و قيل: شهرين، و قيل: ثلاثة أشهر، و مات وله احدي و عشرون سنة، و قيل: عشرون سنة؛ و لما احتضر قيل له: ألا تستخلف؟ قال: ما أصب من حلاوتها فلم أتحمل مرارتها.

السيوطي، تاريخ الخلفاء، /211 - 209

قال العلامة السعد التفتازاني في آخر شرح العقائد للنسفي الحنفي: «واتفقوا علي جواز اللعن علي من قتله أو أمر به أو أجازه و رضي به. والحق أن رضا يزيد بقت الحسين رضي الله عنه، و استبشاره بذلك، و اهانته أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم، مما تواتر معناه، و ان كان تفاصيله (آحادا) فنحن لانتوقف في شأن يزيد، بل في ايمانه لعنة الله عليه و علي أنصاره و أعوانه. و قال الشيخ كمال الدين الدميري في منظومته:




و مقتل الحسين أمر عجب

اذ صار نصره علي الناس وجب



فلعنة الله علي من قتله

و من علي سوء الصنيع حمله



ابن طولون، قيد الشريد في أخبار يزيد، /55

(اعلم): ان النسة اختلفوا في تكفير يزيد بن معاوية و ولي عهده من بعده. فقالت طائفة: أنه كافر لقول سبط ابن الجوزي و غيره: المشهور أنه لما جاءه رأس الحسين رضي الله عنه جمع أهل الشام و جعل ينكت رأسه بالخيزران، و ينشد أبيات ابن الزبعري:

ليت أشياخي ببدر شهدوا

الأبيات المعروفة و زاد فيها بيتين مشتملين علي صريح الكفر و قال ابن الجوزي فيما حكاه سبطه عنه: ليس العجب من قتال ابن زياد للحسين و انما العجب من خذلان يزيد و ضربه بالقضيب ثنايا الحسين، و حمله آل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سبايا علي أقتاب الجمال، و ذكر أشياء من قبيح ما اشتهر عنه، ورده الرأس الي المدينة، و قد تغيرت ريحه، ثم قال: و ما كان مقصوده الا الفضيحة، و اظهار الرأس، فيجوز أن يفعل هذا بالخوارج و البغاة! يكفنن و يصلي عليهم و يدفنون، و لو لم يكن في قلبه أحقاد جاهلية، و أضغان بدرية لاحرتم الرأس لما وصل اليه و كفنه و دفنه و أحسن الي آل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، انتهي.

و قالت طائفة: ليس بكافر لأن الأسباب الموجبة للكفر لم يثبت عندنا منها شي ء و الأصل بقاؤه علي اسلامه حتي يعلم ما يخرجه عنه، و ما سبق أنه المشهور يعارضه ما حكي أن يزيد لما وصل اليه رأس الحسين قال: رحمك الله يا حسين لقد قتلك رجل لم يعرف حق الأرحام، و تنكر لابن زياد و قال: قد زرع لي العداوة في قلب البر و الفاجر، ورد نساء الحسين و من بقي من بنيه مع رأسه الي المدينة ليدفن الرأس بها، و أنت خبير بأنه لم يثبت موجب واحدة من المقالتين و الأصل أنه مسلم، فنأخذ بذلك الأصل حتي يثبت عندنا ما يوجب الاخراج عنه، و من ثم قال جماعة من المحققين: ان الطريقة الثابتة القويمة في شأنه التوقف فيه و تفويض أمره الي الله سبحانه، لأنه العالم بالخفيات و المطلع علي مكنونات السرائر، و هواجس الضمائر فل نتعرض لتكفيره أصلا لأن هذا هو


الأحري و الأسلم، و علي القول بأنه مسلم، فهو فاسق شرير، سكير جائر، كما أخبر به النبي صلي الله عليه و آله و سلم.

فقد أخرج أبويعلي في مسنده بسند لكنه ضعيف عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لايزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد.

[271] و أخرج الروياني في مسنده عن أبي الدرداء، قال: سمعت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقول: أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية، يقال له يزيد [272] . وفي هذين الحديثين دليل أي دليل لما قدمته أن معاويد كانت خلافته ليست كخلافة من بعده من بني أمية فانه صلي الله عليه و آله و سلم أخبر أن أول من يثلم أمر أمته و يبدل و هو كذلك لما مر أنه مجتهد و يؤيد ذلك ما فعله الامام المهدي كما عبر بن ابن سيرين و غيره عمر بن عبدالعزيز بأن رجلا نال من معاوية بحضرته، فضربه ثلاثة أسواط مع ضربه لمن سمي ابنه يزيد أميرالمؤمنين عشرين سوطا كما سيأتي، فتأمل فرقان ما بينهما و كان مع أبي هريرة رضي الله عنه علم من النبي صلي الله عليه و آله و سلم بما مر عنه صلي الله عليه و آله و سلم في يزيد، فانه كان يدعو: اللهم اني أعوذ بك من رأس الستين و امارة الصبيان، فاستجاب الله له، فتوفاه سنة تسع و أربعين، و كانت وفاة معاوية و ولاية ابنه سنة ستين، فعلم أبوهريرة بولاية يزيد في هذه السنة، فاستعاذ منها لما علمه من قبيح أحواله بواسطة اعلام الصادق المصدوق صلي الله عليه و آله و سلم بذلك.

و قال نوفل بن أبي الفرات: كنت عد عمر بن عبدالعزيز فذكر رجل يزيد، فقال: قال أميرالم ءمنين يزيد بن معاوية. فقال: تقول أميرالمؤمنين؟ فأمر به، فضرب عشرين سوطا.

ولاسرافه في المعاصي خلعه أهل المدينة، فقد [273] أخرج الواقدي من طرق: أن عبدالله ابن حنظلة بن الغسيل، قال: والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من


السماء، انه رجل ينكح امهات الأولاد و البنات و الأخوات، و يشرب الخمر، و يدع الصلاة.

و قال الذهبي: و لما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر و اتيانه المنكرات، اشتد عليه الناس، و خرج عليه غير واحد، و لم يبارك الله في عمره [274] ، و أشار بقوله ما فعل الي ما وقع منه سنة ثلاث و ستين فانه بلغه أن أهل المديند خرجوا عليه، و خلعوه، فأرسل اليهم جيشا عظيما و أمرهم بقتالهم، فجاؤوا اليهم و كانت وقعة الحرة علي باب طيبة، و ما أدرك ما وقعة الحرة ذكرها الحسن مرة، فقال: والله ما كاد ينجو منهم واحد قتل فيها خلق من الصحابة و من غيرهم، فانا لله و انا اليه راجعون، و بعد اتفاقهم علي فسقه اختلفوا في جواز لعنه بخصوص اسمه، فأجازه قوم منهم ابن الجوزي و نقل عن أحمد و غيره، فانه قال في كتابه المسمي بالرد علي المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد: سألني سائل عن يزيد بن معاوية فقلت له: يكفيه ما به. فقال: أيجوز لعنه؟ فقلت: قد أجازه العلماء الورعون، منهم أحمد بن حنبل فانه ذكر في حق يزيد عليه اللعنة، ثم روي ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلي الفراء أنه روي في كتابه المعتمد في الأصول باسناده الي صالح بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: ان قوما ينسبوننا الي تولي يزيد؟ فقال: يا بني! و هل يتولي يزيد أحد يؤمن بالله؟ و لم لايلعن من لعنه الله في كتابه. فقلت: و أين لعن الله يزيد في كتابه؟

فقال: في قوله تعالي: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم) [275] فهل يكون فساد أعظم من هذا القتل؟ و في رواية فقال: يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه، فذكره.

ژقال ابن الجوزي: و صنف القاضي أبويعلي كتابا ذكر فيه بيان من يستحق اللعن، و ذكر منهم يزيد، ثم ذكر حديث من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله، و عليه لعنة الله، و الملائكة، و الناس أجمعين، و لاخلاف أن يزيد غزا المدينة بجيش، و أخاف أهلها، انتهي.

و الحديث الذي ذكره رواه مسلم، و وقع من ذلك الجيش من القتل و الفساد العظيم،


و السبي و اباحدة المدينة ما هو مشهور، حتي فض نحو ثلاثمائة بكر، و قتل من الصحابة نحو ذلك و ممن قرأ القرآن نحو سبعمائة نفس و أيحت المدينة أياما، و بطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما و اختلفت أهل المدينة ظلما أخافه الله، و عليه لعنة الله، و الملائكة، و الناس أجمعين، و لا خلاف أن يزيد غزا المدينة بجيش، و أخاف أهلها، انتهي.

و الحديث الذي ذكره رواه مسلم، و وقع من ذلك الجيش من القتل و الفساد العظيم،


و السبي و اباحة المديند ما هو مشهور، حتي فض نحو ثلاثمائة بكر، و قتل من الصحابة نحو ذلك و من قرأ القرآن نحو سبعمائة نفس و أبيحت المدينة أياما، و بطلت الجماعة من المسد النبوي أياما و اختلفت أهل المدينة أياما فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتي دخلته الكلاب و الذئاب، و بالت علي منبره صلي الله عليه و آله و سلم، تصديقا لما أخبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و لم يرض أمير ذلك الجيش الا بأن يبايعوه ليزيد علي أنهم خول له ان شاء باع، و ان شاء أعتق.

فذكر له بعضهم البيعة علي كتاب الله و سنة رسوله، فضرب عنقه، و ذلك في وقعة الحرة السابقة، ثم صار جيشه هذا الي قتال ابن الزبير، فرموا الكعبة بالمنجنيق و أحرقوها بالنار، فأي شي ء أعظم من هذه القبائح التي وقعت في زمينه ناشئة عنه، و هي مصداق الحديث السابق: لايزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد، و قال آخرون: لايجوز لعنه اذ لم يثبت عندنا ما يقتضيه، و به أفتي الغزالي، و أطال في الانتصار له، و هذا هو اللائق بقواعد أئمتنا و بما صرحوا به من أنه لايجوز أن يلعن شخص بخصوصه الا أن علم موته علي الكفر كأبي جهل و أبي لهب و أما من لم يعلم فيه ذلك فلايجوز لعنه، حتي أن الكافر الحي المعين لايجوز لعنه لأن اللعن هو الطرد عن رحمة الله المستلزم لليأس منها، و ذلك انما يليق بمن علم موته علي الكفر، و أما من لم يعلم فيه ذلك فلا، و ان كان كافرا في الحالة الظاهرة لاحتمال أن يختم له بالحسني، فيموت علي الاسلام، و صرحوا أيضا بأنه لايجوز لعن فاسق مسلم معين، و اذا علمت أنهم صرحوا بذلك علمت أنهم مصرحون بأنه لايجوز لعن يزيد و ان كان فاسقا خبيثا، و لو سلمنا أنه أمر بقتل الحسين و سربه لأن ذلك خبث لم يكن عن استحلال أو كان عنه لكن بتأويل ولو باطلا فسق لاكفر، علي أن أمره بقتله و سروره به لم يثبت صدوره عنه من وجه صحيح، بل كما حكي عنه ذلك حكي عنه ضده كما قدمته، و أما ما استدل به أحمد علي جوازه لعنه من قوله: (أولئك الذين لعنهم الله) و ما استدل به غيره من قوله صلي الله عليه و آله و سلم في حديث مسلم: و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، فلا دلالة فيهما لجواز لعن يزيد بخصوص اسمه، و الكلام انما هو فيه و انما الذي دل عليه جواز لعنه لابذلك الخصوص و هذا جائز بلا نزاع و من. ثم حكي الاتفاق علي أنه يجوز لعن من قتل الحسين رضي الله عنه أو


أمر بقتله، أو أجازه، أو رضي به من غير تسمية ليزيد كما يجوز لعن شارب الخمر، و نحوه من غير تعيين، و هذا هو الذي في الآية، و الحديث اذ ليس فيهما تعرض للعن أحد بخصوص اسمه بل لمن قطع رحمه و من أخاف أهل المدينة فيجوز اتفاقا أن يقال لعن الله من قطع رحمه و من أخاف أهل المدينة ظلما و اذا جاز هذا اتفاقا لكونه ليس فيه تسمية أحد بخصوصه، فكيف يستدل به أحمد و غيره علي جواز لعن شخص معين بخصوصه مع وضوح الفرق بين المقامين، فاتضح أنه لايجوز لعنه بخصوصه، و أنه لا دلالة في الآية و الحديث للجواز، ثم رأيت ابن الصلاح من أكابر أئمتنا الفقهاء و المحدثين قال في فتاويه لما سئل عمن يلعنه لكونه أمر بقتل الحسين لم يصح عندنا أنه أمر بقتله رضي الله عنه، و المحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي الي قتله كرمه الله انما هو عبيدالله بن زياد و الي العراق اذ ذاك.

و أما سب يزيد و لعنه فليس شأن المؤمنين و ان صح أنه قتله أو أمر بقتله، و قد ورد في الحديث المحفوظ أن لعن المسلم كقتله و قتل الحسين رضي الهل عنه لايكفر بذلك و انما ارتكب اثما عظيما، و انما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء، و الناس في يزيد ثلاث فرق: فرقة تتولاه و تحبه، و فرقة تسبه و تلعنه، و فرقة متوسطة في ذلك لاتتولاه و لا تلعنه، و تسلك به مسلك سائر ملوك الاسلام و خلفائهم غير الراشدين في ذلك، و هذه الفرقة هي المصيبة و مذهبها، هو اللائق بمن يعرف سير الماضين، و يعلم قواعد الشريعة المطهرة جعلنا الله من أخيار أهلها آمين. انتهي لفظه بحروفه.

و هو نص فيما ذكرته، و في الأنوار من كتب أئمتنا المتأخرين: و الباغون ليسوا بفسقة و لا كفرد لكنهم مخطؤن فيما يفعلونه، و يذهبون اليه، و لا يجوز الطعن في معاوية لأنه من كبار الصحابة، و لا يجوز لعن يزيد و لا تكفيره، فانه من جملة المؤمنين، و أمره الي مشيئة الله ان شاء عذبه و ان شاء عفا عنه، قاله الغزالي و المتولي و غيرهما. قال الغزالي و غيره: و يحرم علي الواعظ و غيره رواية مقتل الحسن و الحسين و حكاياته و ما جري بين الصحابة من التشاجر و التخاصم فانه يهيج علي بغض الصحابة و الطعن فيهم، و هم أعلام الدين تلقي الأئمة الدين عنهم رواية، و نحن تلقيناه من الأئمة دراية، فالطاعن فيهم مطعون طاعن في نفسه و دينه، قال ابن الصلاح و النووي: الصحابة كلهم عدول و كان للنبي صلي الله عليه و آله و سلم


مائة ألف و أربعة عشر ألف صحابي عند موته صلي الله عليه و آله و سلم.

و القرآن و الأخبار مصرحان بعدالتهم و جلالتهم، و لما جري بينهم محامل لايحتمل ذكرها هذا الكتاب انتهي ملخصا و ما ذكر من حرمة رواية قتل الحسين و ما بعدها لاينافي ما ذكرته في هذا الكتاب، لأن هذا البيان الحق الذي يجب اعتقاده من جلالة الصحابة و براءتهم من كل نقص بخلاف ما يفعله الوعاظ الجهلة فانهم يأتون بالأخبار الكاذبة الموضوعة، و نحوها، و لايبينون المحامل و والحق الذي يجب اعتقاده، فيوقعون العامة في بغض الصحابة و تنقيصهم بخلاف ما ذكرناه فانه لغاية اجلالهم، و تنزيههم هذا، و قد بتر عمر يزيد لسوء ما فعله و استجابة لدعوة أبيه، فانه ليم علي عهده اليه فخطب و قال: اللهم ان كنت انما عهدت ليزيد لما رأيت من فعله فبلغه ما أملته و أعنه، و ان كنت انما حملني حب الوالد لولده، و انه ليس لما صنعت به أهلا، فأقبضه قبل أن يبلغ ذلك فكان كلك لأن ولايته كانت سنة ستين و [276] مات سنة أربع و ستين لكن عن ولد شاب صالح عهد اليه، فاستمر مريضا الي أن مات و لم يخرج الي الناس، و لا صلي بهم و لا أدخل نفسه في شي ء من الأمور، و كانت مدة خلافته أربعين يوما، و قيل شهرين، و قيل ثلاثة أشهر، و مات عن احدي و عشرين سنة، و قيل عشرين.

و من صلاحه الظاهر: أنه لما [277] ولي صعد المنب، فقال: ان هذه الخلافة حبل الله، و ان جدي معاوية نازع الأمر أهله، و من هو أحق به من علي بن أبي طالب، و ركب بكم ما تعلمون حتي أتته منيته، فصار في قبره رهينا بذنوبه، ثم قلد أبي الأمر، و كان غير أهل له، و نازع ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقصف عمره، و انبتر [278] عقبه، و صار في قبره رهينا بذنوبه، ثم بكي، و قال: ان [279] من أعظم الامور [280] من أعظم الامور [281] علينا علمنا بسوء مصرعه، و بئس منقلبه،


و قد قتل عترة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أباح الخمر، و خرب الكعبة و لم أذق حلاوة الخلافة، [282] فلا أتقلد مرارتها [283] ، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدنيا خيرا، فقد نلنا منها حظا و لئن كانت شرا، فكفي ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها.

ثم تغيب في منزله حتي مات بعد أربعين يوما [284] علي ما مر، فرحمه الله أنصف من أبيه، و عرف الأمر لأهله. [285] .

ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة، /134 - 131


و من الكتاب المذكور: سئل أبوالفرج ابن الجوزي: كيف ينسب قتل الحسين رضي الله عنه الي يزيد و هو بالشام، و الحسين رضي الله عنه بالعراق، فأنشد قول الرضي:



سهم أصاب و راميه بذي سلم

من بالعراق لقد أبعدت مرماكا



العاملي، الكشكول، 46/1

ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: لعن الله معاوية الطليق ابن الطليق، و قال: اذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه، و كان معاوية من المؤلفة قلوبهم و قد قاتل عليا. و علي عندهم أنه رابع الخلفاء، و هو امام حق، و كل من حارب اماما حقا فهو باغ و طاغ، و سموا معاوية كاتب الوحي و لم يكتب كلمة واحدة منه، و انما نقل أنه كان من كتاب الرسائل والذين كانوا يكتبون الوحي أربع عشرة نفسا أخصهم و أقربهم علي، و أما معاوية فلم يزل مشركا مدة كون النبي مبعوثا و كان يكذب بالوحي و يستهزي بالشرع، و كان في بلاد اليمن يوم فتح مكة، و كان يطعن علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كان يكتب الي أبيه صخر يعيره


باسلامه و يقول له: صبوت الي دين محمد بن عبدالله، بئس ما فعلت، و كان يراسله بالشعر قبل اسلامه و ينهاه عن ذلك، و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد فتح مكة في شهر رمضان لثمان سنين من قدومه الي المدينة، و معاوية يومئذ مقيم علي شركه هارب من النبي الي بلاد اليمن لأن النبي كان قد هدر دمه، فهرب علي وجهه، فلما لم يجد له مأوي صار الي النبي مضطرا و أظهر الاسلام و كان اسلامه قبل وفاة النبي بخمسة أشهر، و طرح نفسه علي العباس عم رسول الله فتشفع فيه رسول الله، فعفي عنه، ثم ان العباس تشفع لمعاوية عند الرسول أن يجعله من جملة كتاب الرسائل و كان النبي لا يحب مخالفة عمه العباس، فأجابه الي ذلك ولو سلم أنه كان من كتاب الوحي، فكم يستحق من الكتابة المتداولة بين أربع عشرة نفسا حتي استحق أن يوصف بذلك دون غيره. كيف و قد حكي عبدالله بن عمر قال: أتيت النبي و هو في مسجده، فسمعته يقول لجلسائه:الآن يطلع عليكم رجل رجل يموت علي غير سنتي. فما استتم كلامه اذ طلع معاوية و جلس معنا في المسجد. فقام النبي يخطب، فأخذ معاوية بيد ابنه [286] يزيد و خرج و لم يسمع الخطبة، فلما رآه النبي خارجا مع ابنه [287] قال: لعن الله القائد و المقود، ثم أن معاوية بعد وفاة الرسول بالغ في محاربة الامام علي. و قتل جمعا كثيرا من خيار الصحابة، و طال حربه معه، حتي هلك عالم كثير، ثم انه استمر مع قومه علي سب علي ثمانين سنة و لم يكفه ذلك حتي سم الحسن الزكي عليه السلام، و لما هلك معاوية تولي من بعده ولده يزيد (لعنه الله)، فنهض الي حرب الحسين عليه السلام، و جهز له العساكر و جيش له الجيوش، و أمر عليهم عبيدالله بن زياد و أمرهم بقتل الحسين و قتل رجاله و ذبح أطفاله و سبي عياله و نهب أمواله، و لم يقنعهم ذلك حتي أنهم بعد قتله رضوا أضلاعه و صدره بحوافر الخيول عادمي الرأي و العقول، و حملوا رؤوسهم علي القناء و حريمهم علي أقتاب الجمال في أشد العنا.

الطريحي، المنتخب، 15 - 14 / 1

و لنذكر في آخر هذا الجزء طرفا من أنساب ما يجري علي الحسين عليه السلام و ذراريه


و أصحابه و مواليه ليعلم الناظر أنه لا يفعل بهم ذلك كما جاء في الخبر عن سيد البشر الا من خبث مولده و كان مطعونا عليه في أصله و نسبه، أما يزيد عليه اللعنة فانه كان جبارا عنيدا خبيث الولادة (والذي خبث لا يخرج الا نكدا) [288] ، و قد مر قول الحسن عليه السلام فيه و في أبيه أنهما شركاء الشيطان، و أما عبيدالله بن زياد أمه مرجانة و أبوه زياد دعي لأبي سفيان و كان يسمي بين الناس زياد بن أبيه لأنه لا يعرف له أب، و كانت امه سوداء نتنة الرائحة يقال لها سمية و كانت عاهرة، ذات علم تعرف به وقد وطأها أبوسفيان و هو سكران، فعلقت منه بزياد علي فراش بعلها فادعاها أبوسفيان سرا، فلما آل الأمر الي معاوية قربه اليه و أدناه، و رفع منزلته و علاه، و استخلفه في بلاد الأهواز و أمره علي ثلاثمائة ألف فارس،و أمره بحرب الحسن عليه السلام و لم يزل يحاربه زمانا طويلا حتي دس اليه سما فقتله، فمات مسموما رحمة الله عليه، و لما آل الأمر الي يزيد بن معاوية لعنه الله تعالي جعل عبيدالله بن زياد أميرا علي الكوفة، و أمره بقتل الحسين عليه السلام، فجهز العساكر و الجنود و حالوا بينه و بين ماء الفرات،حتي أنهم قتلوه عطشانا مظلوما، و ذبحوا أطفاله و سبوا عياله، ففعل ابن زياد لعنه الله أضعاف ما فعل يزيد عليه اللعنة (والذي خبث لا يخرج الا نكدا) [289] ، و أما هند بنت عتبة و عتبة عليه اللعنة قتله حمزة عم رسول الله و كان عتبة أميرا في زمن الجاهلية و هو الذي حارب النبي في وقعة احد حربا عظيما، حتي أنه انكسر عسكر النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و شاع الخبر الي المدينة بقتل النبي، و رفع الصراخ بالمدينة، أنه قتل النبي، فانخشعت القلوب، و بكت العيون، و حزن الأقرباء، و بكت السماء و فرح الأعداء، و كانت هند جدة يزيد واقفة تضرب بالدف من شدة فرحها بقتل النبي صلي الله عليه و آله و سلم (و يأبي الله الا أن يتم نوره و لو كره الكافرون) [290] ، و كان عتبة لعنه الله تعالي و هو الذي رمي النبي بحجر، فسكر رباعيته، و شق شفتيه و شج رأسه الشريف، فوثب حمزة عم النبي فقتل عتبة، فجاءت هند بنت عتبة لوحشي: هبة علي أن يقتل لها رسول الله أو أن يقتل عليا أو حمزة. فقال لها وحشي: أما رسول الله فلا سبيل لي عليه لأن أصحابه


حافين من حوله، و أما علي بن أبي طالب فانه اذا حارب فهو أحذر من الذئب، و أروغ من الثعلب ولا طاقة لي به، و أما حمزة فاني أقدر عليه لأنه اذا حارب و هاج في الحرب لم يعد يبصر ما بين يديه و ما خلفه. [...]

فهل سمعتم أو رأيتم امرأة أكلت كبد انسان غير هند لعنها الله تعالي. و أما عمر بن سعد فهو الذي ولاه ابن زياد علي حرب الحسين عليه السلام و أمره علي سبعين ألف فارس و أمره بقتل الحسين و أصحابه و أطفاله و أهل بيته و سبي نسائه، ففعل ما أمره فجري كل واحد من هؤلاء الملاعين علي عرقه الخبيث (والذي خبث لا يخرج الا نكدا)، و لقد اختبروا قتلة الحسين عليه السلام فوجدوهم كلهم أولاد زنا لصحة قول النبي فيهم.

الطريحي، المنتخب، 221 - 220 / 1

(روي) ان هند أم معاوية جاءت الي دار الرسول صلي الله عليه و آله و سلم عند وقت الصبح، فدخلت و جلست الي جنب عائشة، و قالت لها: يا ابنة أبي بكر! رأيت رؤيا عجيبة و أريد أن أقصها عليك لتقصيها علي رسول الله - و ذلك قبل اسلام ولدها معاوية -. فقالت لها عائشة: خبريني بها حتي أخبر بها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فقالت: اني رأيت في نومي شمسا مشرقة علي الدنيا كلها، فولد من تلك الشمس قمر، فأشرق نوره علي الدنيا كلها، ثم ولد ذلك القمر نجمان زاهران قد أزهر من نورهما المشرق و المغرب، فبينما أنا كذلك اذ بدت سحابة سوداء مظلمة كأنها الليل المظلم، فولد من تلك السحابة السوداء حية رقطاء، فدبت الحية الي النجمين فابتلعتهما، فجعلوا الناس يبكون و يتأسفون علي ذينك النجمين.

قال: فجاءت عائشة الي النبي، و قصت الرؤيا عليه، فلما سمع النبي صلي الله عليه و آله و سلم كلامها تغير لونه، و استعبر، و بكي، فقال: يا عائشة! أما الشمس المشرقة فأنا، و أما القمر فهي فاطمة ابنتي، و أما النجمان فهما الحسن و الحسين عليهماالسلام، و أما السحابة السوداء فهي معاوية، و أما الحية الرقطاء فهي يزيد بن معاوية. و كان الأمر كما قال صلي الله عليه و آله و سلم، فانه لما توفي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم نهض معاوية الي حرب علي عليه السلام و لازم حربه ثمانين شهرا حتي هلك من الفريقين خلق كثير، ثم ان معاوية استمر مع قومه علي سب علي ثمانين شهرا، ثم لم


يكفه حتي توصل الي سم الحسن عليه السلام، و لما هلك معاوية تولي الأمر ولده يزيد لعنه الله تعالي، فنهض الي حرب الحسين عليه السلام، و بالغ في قتاله، و قتال رجاله و ذبح أطفاله و سبي عياله و نهب أمواله، ألا لعنة الله علي القوم الظالمين.

الطريحي، المنتخب، 262 / 2

و العلماء مجمعون علي تصويب قتال علي لمخالفيه لأنه الامام الحق، و نقل الاتفاق أيضا علي تحسين خروج الحسين علي يزيد، و خروج ابن الزبير و أهل الحرمين علي بني امية، و خروج ابن الأشعث و من معه من كبار التابعين و خيار المسلمين علي الحجاج، ثم الجمهور رأوا جواز الخروج علي من كان مثل يزيد و الحجاج، و منهم من جوز الخروج علي كل ظالم، وعد ابن حزم خروم الاسلام أربعة:قتل عثمان، و قتل الحسين، و يوم الحرة، و قتل ابن الزبير. و لعلماء السلف في يزيد و قتلة الحسين خلاف في اللعن و التوقف.

قال ابن الصلاح: و الناس في يزيد ثلاث فرق: فرقة تحبه و تتولاه، و فرقة تسبه و تلعنه، و فرقة متوسطة في ذلك لا تتولاه و لا تلعنه، قال: و هذه الفرقة هي المصيبة، و مذهبها هو اللائق لمن يعرف سير الماضين، و يعلم قواعد الشريعة الطاهرة، انتهي كلامه.

و لا أظن الفرقة الاولي توجد اليوم، و علي الجملة فما نقل عن قتلة الحسين و المتحاملين عليه، يدل علي الزندقة و انحلال الايمان من قلوبهم و تهاونهم بمنصب النبوة، و ما أعظم ذلك، فسبحان من حفظ الشريعة حينئذ و شيد أركانها حتي انقضت دولتهم، و علي فعل الأمويين و أمرائهم بأهل البيت حمل قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «هلاك امتي علي أيدي أغيلمة من قريش». قال أبوهريرة: لو شئت أن أقول بني فلان و بني فلان لفعلت، و مثل فعل يزيد فعل بشر ابن أرطأة العامري أمير معاوية في أهل البيت من القتل و التشريد، حتي خد لهم الأخاديد، و كانت له أخبار شنيعة في علي و قتل ولدي عبيدالله بن عباس و هما صغيران علي يدي امهما، ففقدت عقلها، و هامت علي وجهها، فدعا عليه علي أن يطيل الله عمره، و يذهب عقله، فكان كذلك خرف في آخر عمره، و لم تصح له صحبة. و قال الدارقطني: كانت له صحبة و لم تكن له استقامة بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم. و قال التفتازاني في شرح العقائد النسفية: اتفقوا علي جواز اللعن علي من قتل الحسين، أو أمر به، أو أجازه، أو رضي به، قال: والحق


أن رضا يزيد بقتل الحسين، و استبشاره بذلك و اهانته أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، مما تواتر معناه و ان كان تفصيله آحادا. قال: فنحن لا نتوقف في شأنه بل في كفره و ايمانه لعنة الله عليه و علي أنصاره و أعوانه. و قال الحافظ ابن عساكر: نسب الي يزيد قصيدة منها:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



لعبت هاشم بالملك بلا

ملك جاء و لا وحي نزل



فان صحت عنه، فهو كافر بلا ريب. انتهي بمعناه.

و قال الذهبي فيه: كان ناصبيا فظا غليظا يتناول المسكر، و يفعل المنكر، افتتح دولته بقتل الحسين، و ختمها بوقعة الحرة، فمقته الناس، و لم يبارك في عمره، و خرج عليه غير واحد بعد الحسين، و ذكر من خرج عليه، و قال فيه في الميزان: أنه مقدوح في عدالته، ليس بأهل أن يروي عنه، و قال رجل في حضرة عمر بن عبدالعزيز: أميرالمؤمنين يزيد. فضربه عمر عشرين سوطا. واستفتي الكيا الهراسي فيه، فذكر فصلا واسعا من مخازيه حتي نفدت الورقة، ثم قال: و لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل. و أشار الغزالي الي التوقف في شأنه و التنزه عن لعنه مع تقبيح فعله. و ذكر ابن عبدالبر و الذهبي و غيرهما مخازي مروان بأنه أول من شق عصا المسلمين بلا شبهة، و قتل النعمان ابن بشير أول مولود من الأنصار في الاسلام، و خرج علي ابن الزبير بعد أن بايعه علي الطاعة، و قتل طلحة بن عبيدالله يوم الجمل، و الي هؤلاء المذكورين، و الوليد بن عقبة و الحكم بن أبي العاص و نحوهم الاشارة بما ورد في حديث المحشر، و فيه: «فأقول يا رب أصحابي فيقال: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك». و لا يرد علي ذلك ما ذكره العلماء من الاجماع علي عدالة الصحابة، و ان المراد به الغالب و عدم الاعتداد بالنادر و الذين ساءت أحوالهم، و لا بسوا الفتن بغير تأويل و لا شبهة، و قال اليافعي، و أما حكم من قتل الحسين أو أمر بقتله ممن استحل ذلك، فهو كافر، و ان لم يستحل ففاسق، فاجر، والله أعلم.

ابن العماد، شذرات الذهب، / 69 - 68

و أما ما ذكره أبوحامد في هذا الباب من الكلام في لعن يزيد (لعنه الله)، فينبغي أنه يطوي و لا يروي.

الفيض الكاشاني، المحجة البيضاء، 223 / 5


قال: ثم ان يزيد (لعنه الله) بقي بعد الحسين عليه السلام أياما قليلة و خرج ذات يوم الي الصيد في عسكره فلاحت له ظبية، فطلبها و قال لأصحابه: لا يتبعني منكم أحد. فركض شديدا حتي وصل الي مكان لا يهتدي فيه طريقا، فلقيه أعرابي، و قال له: أضال فأرشدك، أم جائع فأطعمك، أم عطشان فأسقيك.

فقال يزيد: لو عرفتني لزدت كرامتي. فقال الأعرابي: من أنت؟ قال: يزيد (لعنه الله). فقال الأعرابي: لا مرحبا بك و لا أهلا ما أقبح طلعتك، و ما أشنع سمعتك والله لأقتلنك كما قتلت الحسين عليه السلام.

و جذب سيفه، و هم أن يعلوه، فذعرت فرس يزيد (لعنه الله) من بريق السيف،فطرحته تحتها و قطعت أمعائه و قال بعضهم، أنه هلك عطشا.

و قيل: ورد [291] علي قليب ماء و قلبه يلهب عطشا، و علي القليب طائر عظيم الجثة، فأراد أن يشرب [292] فابتلعه الطير [293] و طار به نحو السماء و رجع [294] الي ذلك الماء، فتقياه [295] خلقا سويا فهم أن يشرب ثانية، فأهوي اليه الطير، فقطعه بمنقاره [296] و لم يزل [297] يلتقمه و يتقياه [298] الي يوم القيامة، ثم الانتقام منه في جهنم فانها مقره لعنه الله و لعنة الله علي الظالمين.

مقتل أبي مخنف (المشهور)، / 144 - 143 عنه: البهبهاني، الدمعة الساكبة،181 / 5

قال مؤلف كتاب الزام النواصب و غيره: ان ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها عن [299] نفسها فحملت يزيد - لعنه الله -، و الي هذا أشار النسابة الكلبي بقوله:



فان يكن الزمان أتي علينا

بقتل الترك و الموت الوحي



فقد قتل الدعي و عبد كلب

بأرض الطف أولاد النبي




أراد بالدعي عبيدالله بن زياد (لعنه الله)، فان أباه يزيد بن سمية كانت أمه سمية مشهورة بالزنا، و ولد علي فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف فادعي معاوية أن أباسفيان زني بأم زياد فأولدها زيادا و أنه أخوه فصار اسمه الدعي، و كانت عائشة تسميه زياد بن أبيه لأنه ليس له أب معروف، و مراده بعبد كلب يزيد بن معاوية لأنه من عبد بجدل الكلبي.

و أما عمر بن سعد - لعنه الله - فقد نسبوا أباه سعدا الي غير أبيه، و انه من رجل من بني عذرة كان خدنا لامه، و يشهد بذلك قول معاوية حين قال سعد لمعاوية: أنا أحق بهذا الأمر منك، فقال له معاوية: يأبي عليك ذلك بنو عذرة، و ضرط له، روي ذلك النوفلي بن سليمان من علماء السنة، و يدل علي ذلك قول السيد الحميري:



قوما [300] تداعوا زنيما ثم سادهم

لولا خمول بني سعد لماسادوا



المجلسي، البحار، 309 / 44 عنه: البحراني، العوالم، 601 - 600 / 17 [301]

فان قيل: هل تجوز لعنة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن امية بن عبد شمس، كنيته أبوخالد، ولد في خلافة عثمان، و عهد اليه أبوه بالخلافة، فبويع له ببيت المقدس في يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين، و شخص الي دمشق مسرعا


و لم يشهد وفاة أبيه و لا صلي عليه، لمقامه في ذلك الوقت ببيت المقدس، و أبي البيعة عبدالله ابن الزبير، و لاذ بمكة، و الحسين بن علي، و نهض الي الكوفة، لأنه قتل الحسين بن علي رضي الله عنه أو آمر به أي بالقتل، قلنا:هذا لم يثبت أصلا. أما كونه لم يقتله بنفسه فهو ظاهر، و أما كونه لم يأمر بقتله، فهذا فيه الاختلاف الشائع، و غاية ما ذكر فيه: ان يزيد لما قلد عبيدالله بن زياد الكوفة، مضافا الي ما تقلده من أمر البصرة، و سار اليها مسرعا متنكرا حتي نزل قصر الامارة، بها كتب اليه يزيد: قد ابتلي شأنك بالحسين، وابتلي بلدك من بين البلدان، و أنت من بين العمال، و في هذا ما يعتق أو يعوب عبد، اننا يريد أن الحسين رضي الله عنه ان ملك ردك الي نسبك،ورد مقال معاوية الي ادعاء أبيك. فكان هذا القول ما حرضه علي الحسين رضي الله عنه، و هذا لا يدل علي أنه أمره بقتله كما هو ظاهر، و يؤيد ذلك أن في سنة اثنين و ستين بعد قتل الامام الحسين رضي الله عنه، وفد أبوالقاسم محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية، علي يزيد باستدعاء منه، فلما صار اليه، اعتذر مما جري علي الحسين رضي الله عنه، و قال: لو كنت حاضرا لما جري ما جري، فقال له محمد بن علي: لا أحب أن أسمع في أخي الا خيرا و لا أشك في أنك لو وليت أمره لما جري ما جري، ولكن لكل أجل كتاب.

و قصة قتله رضي الله عنه مشهورة، و حاصلها أن في سنة احدي و ستين، أنفذ عبيدالله بن زياد شبث بن ربعي ليلقي الحسين و حربه من طريق خفان في اثني عشر ألفا، و عمر بن سعد بن أبي وقاص من طريق الفرات ليأخذ عليه الطريقين في جيش آخر، و قال لعمر مرة: أن يرجع الي المدينة، أو الي مكة، أو يسير الي يزيد فان أبي فاستأسره، فان أبي فقاتله. فأبي الحسين أن يرجع أو يستأسر، فقاتلوه، فقتل رضي الله عنه سعيدا شهيدا حميدا بمكان يقال له الطف. واختلف في قاتله، فقيل سنان بن أنس النخعي، و قيل شمر بن ذي الجوشن الضبابي، و كان سنه اذ ذاك رضي الله عنه ستا و خمسين سنة و خمسة أشهر، و حمل رأسه الي عبيدالله بن زياد علي خشبة، و هو أول رأس حمل علي خشبة، و دفن جسده الشريف بكربلاء.

و بالجملة فانه لا يجوز أن يقال أنه قتله أو أمر بقتله ما لم يثبت من طرق صحيحة كما


نقله ابن عبدالبر في التمهيد عن بعضهم أن يزيد لم يأمرهم بقتله، و انما أمرهم بطلبه، أو بأخذه، و حمله اليه، فهم قتلوه من غير حكمه. و قد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية في كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان، ما حاصله أن جميع ما يذكر في ذلك لم يثبت و ان قتله انما كان عن رأي عبيدالله بن زياد، فضلا عن اللعنة، لأنه لا تجوز نسبة مسلم الي كبيرة، كالقتل و غيره، من غير تحقيق أو بصيرة، فحيث لم يثبت ما يقتضي اللعن، لا يجوز لعنه، و به أفتي المصنف.

قال ابن حجر المكي و هو الأليق بقواعد المذهب، فلايجوز لعنه و ان كان فاسقا خبيثا، قال: وفي كلام ابن الصلاح ما يشهد لذلك، فلا توله و لا تلعنه، و بالجملة فالرجل من أهل القبلة ليس بكافر، لأن الأسباب الموجبة للكفر لم يثبت منها شي، و الأصل بقاؤه علي اسلامه حتي يعلم بخروجه عنه. و قد نهي النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن لعن أهل القبلة و مقترف الذنوب و المعاصي لا يكفر، و هو مذهب أهل السنة.

و قد ذكره الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب و قال فيه أنه ليس أهلا لأن يروي عنه و ليست له رواية تعتمد، ثم اعتذر عن ذكره فقال: انما ذكرته للتمييز بينه و بين يزيد ابن معاوية النخعي الكوفي العابد. قال: ثم وجدت له رواية في مراسيل أبي داود، و قد نبهت عليها في الاستدراك علي الأطراف، و منهم من أثبت مع فسقه كفره، نظرا الي ما فعل بآل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الاهنة و الاذاية و استباحته المدينة في وقعة الحرة، و بما حكي عنه أنه لما طلب المبايعة من الحسين رضي الله عنه فأبي، و أراد أن يأمر بقتله، تفاؤل بالمصحف، فخرج في أول سطر: و خاب كل جبار عنيد، فمزق المصحف، و نقل عنه أنه لما بعث عبيدالله برأس الحسين رضي الله عنه اليه و معه علي بن الحسين و أختاه سكينة و فاطمة، أمر بهم فغلوا في قيد، و أقبل علي ثناياه بمخصرة معه و قال:



نفلق هاما من رجال أعزة

علينا و كانوا هم أعق و أظلما



و نقل عنه أيضا أنه قال:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جرزع الخزرج من وقع الأسل



و هذا كما تري تمن أو لو وجد كفار قريش الذين قتلوا ببدر و رأوا اهانته بأهل


المدينة، و قتلهم، و استباحة أعراضهم، و هو انتصار للكفر و الانتصار للكفر كفر، الي غير ذلك من المخزيات التي تنسب اليه، و قد شحنت كتب التواريخ بذلك، و أخباره مستوفاة في تاريخ دمشق لابن عساكر، و هو اختيار بعض العراقيين، و الي هذا ميل الشيخ سعدالدين التفتازاني، فانه ذكر في شرح العقائد بعد أن نقل ما يقتضيه المقام، و أما نحن فلا نتوقف في شأنه، فلعنة الله عليه و علي أنصاره، و أعوانه. انظر هذا الكلام من هذا المحقق مع أنه من كبار أئمة الشافعية و قواعد مذهبه، تقتضي عدم اللعن، ولكنه ربي في بلاد العجم، و قد امتلأت مسامعهم من الأخبار و الحكايات التي أكثرها لا يخلو من مجازفات، ثم انها لم تثبت من طرق تفيد اليقين و السكوت، فقال ما قال: و خالف مقتضي مذهبه، و لم يبال و الي مثله الاشارة بقول صاحب بدء الأمالي:



و لم يلعن يزيد بعد موت

سوي المكثار في الاغراء غالي



فالمكثار هو المبالغ في الكثرة، و الاغراء الافساد و التحريض عليه، و الغالي المبالغ في التعصب، فمن أجاز لعن يزيد، فهو موصوف بهذه الصفات الثلاث، فهذان قولان متقابلان، و هناك قول ثالث، و هو التوقف في ذلك، و تفويض أمره الي الله تعالي، لأنه العالم بالخفيات و المطلع علي مكنونات الضمائر و هواجس السرائر، فلا يتعرض لتكفيره و لعنه أصلا، و ان هذا هو الأحري و الأسلم. و مع القطع باسلامه، فانه فاسق شرير سكير جائر.

و قد أخرج الروياني في مسنده من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: أول من يبدل سنتي رجل من بني امية يقال له يزيد. و أخرج أبويعلي في المسند، و نعيم بن حماد في الفتن، وابن عساكر من حديث أبي عبيدة: لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني امية يقال له يزيد. و قد مال الي التوقف جماعة من العلماء العاملين، و قالوا: الاشتغال بذكر الله أولي من الاشتغال بلعنة، و هو اشتغال بما لا يعني. و قد قال صلي الله عليه و آله و سلم: من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. و قد ذكر حاصل ذلك الفاضل مصطفي بن ابراهيم التونسي الحنفي في كتابه اقتباس الأنوار و جلب الأخبار في آيات النبي المختار صلي الله عليه و آله و سلم، و هذا الكتاب كنت رأيته في سنة سبع و ستين و مائة و ألف، عام قدومي الي مصر، و كان


مصنفه اذ ذاك حيا بتونس رحمه الله، و سبقه الي ذلك الامام الحافظ شرف الدين قاسم بن قطلوبغا البكتمري الحنفي، فذكر في شرحه علي بدء الأمالي خلاصة ما أشرت اليه، ثم بعد نقله هذه الأقوال حسبما يقتضيه المقام، قال: و أما نحن فبريئون من أعداء الله و رسوله و أهل بيته، و ممن عادي فردا من أفراد عوام المسلمين، لكونه مسلما أو لكونه ينسب الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم، ولو بأدني نسبة، ا ه. و لا بأس بهذا الكلام علي عمومه، فنحن كلنا براء ممن يحاد الله و رسوله أو يؤذي من ينتسب الي ذلك المقام العلي ولو بأدني نسبة أو من ينتسب الي الاسلام، والله الموفق.

الزبيدي، اتحاف السادة المتقين بشرح احياء علوم الدين، 490 - 488 / 7

و أخرج أبويعلي، عن أبي عبيدة مرفوعا: «لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني امية يقال له يزيد»، و أخرج الروياني مرفوعا: «أول من يبدل سنتي رجل من بني امية يقال له يزيد»، و قد قال الامام أحمد بكفره، و ناهيك به ورعا و علما يقتضيان أنه لم يقل ذلك الا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك و وافقه علي ذلك جماعة كابن الجوزي و غيره.

و أما فسقه فقد أجمعوا عليه و أجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه و روي ذلك عن الامام أحمد قال ابن الجوزي: صنف القاضي أبويعلي كتابا فيمن كان يستحق اللعنة و ذكر منهم يزيد؛ و ذهب آخرون أنه لا يجوز اذ لم يثبت عندهم ما يقتضيه، اذ حقيقة اللعن الطرد من رحمة الله و هو لايكون الا لمن علم موته علي الكفر كأبي جهل و أضرابه؛ و أما جواز لعن من قتل الحسين أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به من غير تسمية فتفق عليه، كما يجوز لعن شارب الخمر و آكل الربا و نحوهما اجمالا لأن ذلك لعن علي الوصف و هو محمول علي الاهانة و الطرد عن مواطن الكرامة، لاعلي حقيقته من الطرد عن رحمة الله.

الصبان، اسعاف الراغبين، / 211 - 210

نعم، لهذا القاضي [أبوبكر بن العربي] حكم مشهور في أمر الحسين رضي الله عنه، و لعن من رضي بقتله، لا يرتضيه الا يزيد زاد الله عزوجل عليه عذابه الشديد.

الآلوسي، روح المعاني، 57 / 22


(أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم) [302] [...] و ذهب شيخ الاسلام السراج البلقيني الي جواز لعن العاصي المعين لحديث الصحيحين «اذا دعا الرجل امرأته الي فراشه فأبت أن تجي ء، فبات غضبان لعنتها الملائكة حتي تصبح» و في رواية: «اذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتي تصبح» و احتمال أن يكون لعن الملائكة عليهم السلام اياها ليس بالخصوص بل بالعموم بأن يقولوا: لعن الله من باتت مهاجرة فراش زوجها بعيد و ان بحث به معه ولده الجلال البلقيني.

و في الزواجر: لو استدل لذلك بخبر مسلم «أنه صلي الله تعالي عليه و سلم مر بحمار و سم في وجهه فقال: لعن الله من فعل هذا» لكان أظهر اذ الاشارة بهذا صريحة في لعن معين الا أن يؤول بأن المراد الجنس؟ و فيه ما فيه. انتهي.

و علي هذا القول لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة، و ارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه، و يكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة و مكة، فقد روي الطبراني بسند حسن «اللهم من ظلم أهل المدينة و أخافهم فأخفه، و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل منه صرف و لا عدل»، و الطامة الكبري ما فعله بأهل البيت، و رضاه بقتل الحسين علي جده و عليه الصلاة و السلام، و استبشاره بذلك، و اهانته لأهل بيته مما تواتر معناه و ان كانت تفاصيله آحادا، و في الحديث: «ستة لعنتهم [303] - و في رواية - لعنهم الله و كل نبي مجاب الدعوة: المحرف لكتاب الله - و في رواية - الزائد في كتاب الله، و المكذب بقدر الله، و المتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله، و يذل من أعز الله، و المستحل من عترتي، و التارك لسنتي»، و قد جزم بكفره و صرح بلعنه جماعة من العلماء منهم الحافظ ناصر السنة ابن الجوزي، و سبقه القاضي أبويعلي، و قال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه، بل في ايمانه لعنة الله تعالي عليه و علي أنصاره و أعوانه، [304] و ممن صرح بلعنه الجلال السيوطي عليه الرحمة [305] . و في تاريخ ابن الوردي و كتاب الوافي بالوفيات: أن


السبي لما ورد من العراق علي يزيد خرج فلقي الأطفال و النساء من ذرية علي، و الحسين رضي الله تعالي عنهما و الرؤوس علي أطراف الرماح، و قد أشرفوا علي ثنية جيرون، فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول:



لما بدت تلك الحمول و أشرفت

تلك الرؤوس علي شفا جيرون



نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل

فقد اقتضي من الرسول ديوني



يعني: أنه قتل بمن قتله رسول الله صلي الله تعالي عليه و سلم يوم بدر كجدة عتبة و خاله ولد عتبة و غيرهما و هذا كفر صريح، فاذا صح عنه فقد كفر به و مثله تمثله بقول عبدالله بن الزبعري قبل اسلامه.

ليت أشياخي... الأبيات، و أفتي الغزالي عفا الله عنه بحرمة لعنه و تعقب السفاريني من الحنابلة: نقل البرزنجي و الهيثمي السابق عن أحمد رحمه الله فقال: المحفوظ عن الامام أحمد خلاف ما نقلا، ففي الفروع ما نصه و من أصحابنا من أخرج الحجاج عن الاسلام، فيتوجه عليه يزيد و نحوه، و نص أحمد خلاف ذلك، و عليه الأصحاب، و لا يجوز التخصيص باللعنة خلافا لأبي الحسين، و ابن الجوزي، و غيرهما. و قال شيخ الاسلام: يعني والله تعالي أعلم ابن تيمية ظاهر كلام أحمد الكراهة، قلت: و المختار ما ذهب اليه ابن الجوزي، و أبوحسين القاضي،و من وافقهما. انتهي كلام السفاريني. و أبوبكر بن العربي المالكي تعالي عليه من الله تعالي ما يستحق [306] أعظم الفرية، فزعم أن الحسين قتل بسيف جده صلي الله تعالي عليه و سلم و له من الجهلة موافقون علي ذلك (كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون الا كذبا) [307] .

قال ابن الجوزي عليه الرحمة في كتابه السر المصون: من الاعتقادات العامة التي غلبت علي جماعة منتسبين الي السنة أن يقولوا: ان يزيد كان علي الصواب و أن الحسين رضي الله عنه أخطأ في الخروج عليه ولو نظروا في السير، لعلموا كيف عقدت له البيعة، و ألزم الناس


بها، و لقد فعل في ذلك كل قبيح، ثم لو قدرنا صحة عقد البيعة، فقد بدت منه بوادر، كلها توجب فسخ العقد، و لا يميل الي ذلك الا كل جاهل عامي المذهب، يظن أنه يغيظ بذلك الرافضة. هذا [308] و يعلم من جميع ما ذكره اختلاف النأس في أمره فمنهم من يقول: هو مسلم عاص بما صدر منه مع العترة الطاهرة لكن لا يجوز لعنه، و منهم من يقول: هو كذلك و يجوز لعنه مع الكراهة أو بدونها، و منهم من يقول: هو كافر ملعون، و منهم من يقول: انه لم يعص بذلك و لا يجوز لعنه، و قائل هذا ينبغي أن ينظم في سلسلة [309] أنصار يزيد. و أنا أقول: الذي يغلب علي ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلي الله تعالي عليه و سلم و أن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالي، و أهل حرم نبيه عليه الصلاة و السلام و عترته الطيبين الطاهرين في الحياة و بعد الممات، و ما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة علي عدم تصديقه من القاء ورقة من المصحف الشريف في قذر، و لا أظن أن أمره كان خافيا علي أجلة المسلمين اذ ذاك، ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم الا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولو سلم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط [310] به نطاق البيان، و أنا أذهب الي جواز لعن مثله علي التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، و الظاهر أنه لم يتب، و احتمال توبته أضعف من ايمانه، و يلحق به ابن زياد، و ابن سعد، و جماعة فلعنة الله عزوجل عليهم أجمعين، و علي أنصارهم و أعوانهم و شيعتهم و من مال اليهم الي يوم الدين، ما دمعت عين علي أبي عبدالله الحسين، و يعجبني قول شاعر العصر ذوالفضل الجلي عبدالباقي أفندي العمري الموصل [311] و قد سئل عن لعن يزيد اللعين:



يزيد علي لعني عريض جنابه

فأغدو به طول المدي ألعن اللعنا



و من كان يخشي القال و القيل من التصريح بلعن ذلك ذلك الضليل فليقل: لعن الله عزوجل من رضي بقتل الحسين و من آذي عترة النبي صلي الله تعالي عليه و سلم بغير حق و من


غصبهم حقهم، فانه يكون لاعنا له لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر، ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ، و نحوها سوي ابن العربي المار ذكره و موافقيه، فانهم علي ظاهر ما نقل عنهم لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله عنه، و ذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد علي ضلال يزيد.

الآلوسي، روح المعاني، 74 - 72 / 26 عنه: المحمودي، العبرات، 320- 317 / 2

و لتعرفنهم في لحن القول [...] فقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: ما كنا نعرف المنافقين علي عهد رسول الله صلي الله تعالي عليه و سلم الا ببغضهم علي بن أبي طالب. و أخرج هو و ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري ما يؤيده، و عندي أن بغضه رضي الله عنه من أقوي علامات النفاق، فان آمنت بذلك، فياليت شعري ماذا تقول في يزيد الطريد أكان يحب عليا كرم الله تعالي وجهه أم كان يبغضه، و لا أظنك في مرية من أنه عليه اللعنة كان يبغضه رضي الله عنه أشد البغض، و كذا يبغض ولديه الحسن و الحسين علي جدهما، و أبويهما و عليهماالصلاة و السلام كما تدل علي ذلك الآثار المتواترة معني، و حينئذ لامجال لك من القول بأن اللعين كان منافقا، و قد جاء في الأحاديث الصحيحة علامات للنفاق غير ما ذكر كقوله عليه الصلاة و السلام: «علامات المنافق ثلاث» الحديث لكن قال العلماء: هي علامات للنفاق العملي لا الايماني، و قيل: الحديث خارج مخرج التنفير عن اتصاف المؤمن المخلص بشي ء منها لما أنها كانت اذا ذاك من علامات المنافقين. و استدل بقوله تعالي: (و لتعرفنهم في لحن القول) من جعل التعريض بالقذف موجبا الحد، و لا يخفي حاله (والله يعلم أعمالكم).

الآلوسي، روح المعاني، 78 / 26

و أخرج أبويعلي عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لا يزال هذا الدين قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية.

و في رواية أخري له و للحافظ أبي عبدالله نعيم بن حماد الخزائي المروزي في كتاب الفتن عن أبي عمر مرفوعا: لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد.


و أخرج ابن أبي شيبة و أبويعلي و الروياني و الحافظ أبوبكر محمد بن اسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري، و البيهقي و ابن عساكر و الضياء عن أبي ذر أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية. زاد الروياني: يقال له يزيد.

الدربندي، أسرار الشهادة، / 93

فقد أخرج الواقدي من طرق: أن عبدالله بن حنظلة، هو غسيل الملائكة، قال: والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء، و خفنا أن رجلا ينكح الامهات و البنات و الأخوات و يشرب الخمر و يدع الصلاة.

و قال الذهبي: و لما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر و اتيانه المنكرات، اشتد علي الناس [و] خرج أهل المدينة [و لم يبارك الله في عمره].

و أشرا بقوله «ما فعل» الي ما وقع منه سنة ثلاث و ستين، فانه بلغه أن أهل المدينة خرجوا عليه [و خلعوه]، فأرسل عليهم جيشا عظيما، و أمرهم بقتلهم، فجاؤوا اليهم و كانت وقعة الحرة علي باب طيبة.

و بعد اتفاقهم علي فسقه اختلفوا في جواز لعنه بخصوص اسمه فأجازه قوم، منهم: ابن الجوزي، و نقله عن أحمد بن حنبل و غيره، فان ابن الجوزي قال في كتابه المسمي ب «الرد علي المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد»: سألني سائل عن يزيد بن معاوية.

فقلت [له]: يكفيه ما به.

فقال: أيجوز لعنه؟

قلت: قد أجازه العلماء الورعون، منهم أحمد بن حنبل، فانه ذكر في حق يزيد [عليه اللعنة] ما يزيد علي اللعنة.

ثم روي ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلي [الفراء] أنه روي في كتابه المعتمد في الاصول باسناده الي صالح بن أحمد بن حنبل رحمهما الله قال:

قلت لأبي: ان قوما ينسبوننا الي تولي يزيد!

فقال: يا بني! [و] هلي يتولي يزيد أحد يؤمن بالله، و لم لا يلعن من لعنه الله تعالي في


كتابه.

فقلت: في أي آية؟

قال: في قوله تعالي: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم) [312] ، فهل يكون فساد أعظم من [هذا] القتل؟...

قال ابن الجوزي: و صنف القاضي أبويعلي كتابا، ذكر فيه بين من يستحق اللعن و ذكر منهم يزيد، ثم ذكر حديث «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله و عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين»، و لا خلاف أن يزيد أغار المدينة المنورة [بجيش] و أخاف أهلها (انتهي).

و الحديث الذي [ذكره] رواه مسلم؛ أنه وقع من ذلك الجيش من القتل و الفساد العظيم و السبي و اباحة المدينة ما هو مشهور حتي فض نحو ثلاثمائة بكر، و قتل من الصحابة نحو ذلك، و من قراء القرآن نحو سبعمائة نفس، و أبيحت المدينة المنورة أياما، و بطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما، و اخيف أهل المدينة أياما، فلم يمكن لأحد أن يدخل المسجد حتي دخلتها الكلاب [و الذئاب] و بالت علي منبره صلي الله عليه و آله و سلم تصديقا لما أخبر به النبي صلي الله عليه و آله و سلم. و لم يرض أمير هذا الجيش الا بأن يبايعوه ليزيد علي أنهم عبيد له ان شاء باع و ان شاء أعتق، فذكر له بعضهم البيعة علي كتاب الله و سنة رسول الله، فضرب عنقه، و ذلك في قصة الحرة.

ثم سار جيشه [هذا] نحو مكة الي قتال ابن الزبير، فرموا الكعبة المكرمة بالمنجنيق، و أحرقوا كسوتها بالنار، فأي شي ء أعظم من هذه القبائح التي وقعت في زمنه، ناشئة عنه.

و كانت سلطنة يزيد سنة ستين، و مات في أول سنة أربع و ستين. و ان معاوية بن [313] .


[...] [314] .

سپهر، ناسخ التواريخ حضرت سجاد عليه السلام، 193 - 187 / 2)

القندوزي ينابيع المودة، 36 - 33 / 3


و عن كامل الزيارة بسنده عن عبدالرحمان الغنوي في حديث قال: فوالله لقد عوجل الملعون يزيد. [...]

و في أخبار الدول لأحمد بن يوسف القرماني: ولد يزيد سنة خمس أو ست و عشرين، و كان ضخما كثير اللحم كثير الشعر، و أمه ميسون بنت بجدل الكلبية - الي أن قال - قال نوفل بن أبي الفرات، كنت عند عمر بن عبدالعزيز، فذكر رجل يزيد، فقال: قال أميرالمؤمنين يزيد. فقال: تقول أميرالمؤمنين، و أمر به فضرب عشرين سوطا.

[أخرج الروياني في مسنده] [315] عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: أول من يبدل ستي رجل من بني أمية يقال له يزيد.

مات يزيد في شهر ربيع الأول سنة أربع و ستين بذات الجنب بحوران، و حمل الي دمشق، و صلي عليه أخوه خالد و قيل ابنه معاوية، و دفن بمقبرة باب الصغير،و قبره


الآن مزبلة، و قد بلغ سبعا و ثلاثين سنة، و كانت خلافته ثلاث سنين و تسع شهور [316] . [317] .

القمي، نفس المهموم، / 607 - 606

أقول: كذب ابن الفاعلة لو كان صادقا في مقاله لم يكن يفعل بالرأس الشريف ما فعل و ينبغي أن أذكر في هذا المقام كلاما لسبط بن الجوزي في كتاب الرد علي المتعصب العنيد في تصويب فعل يزيد [318] : ليس العجب من قتال ابن زياد اللعين الحسين، و تسليطه عمر بن سعد و الشمر علي قتله، و حمل الرؤوس اليه انما العجب من خذلان يزيد و مما فعل هو بنفسه و هو صب الخمر علي رأس الحسين عليه السلام، و ضربه بالقضيب ثناياه و حمل آل الرسول سبايا علي أقتاب المطايا، و عزمه علي أن يدفع فاطمة بنت الحسين الي الشامي و انشاده بأبيات ابن الزبعري:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل (الخ)



أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج ولو أنه احترم الرأس حين وصوله اليه لصلي عليه،


و دفنه، و أحسن الي آل الرسول و لم يترك الرأس في الطشت و لم يضربه بالقضيب، و لا صب عليه الخمر ما الذي كان يضره، و قد حصل مقصوده من القتل،ولكن أحقاد جاهلية، و أضغان بدرية، و دليلها ما تقدم من انشاده:

ليت أشياخي ببدر شهدوا الخ.

أقول: ثم لا بأس ان نشير الي كلمات بعض علماء العامة في كفر يزيد و وجوب اللعن عليه، قال ابن عقدة: و مما يدل علي كفره و زندقته فضلا عن سبه و لعنه أشعاره التي أفصح فيها بالالحاد و أبان عن خبث الضمير و الاعتقاد، منها قوله عليه السلام:



اذا ما نظرنا في أمور قديمة

وجدنا حلالا شربها متواليا



و ان مت يا ام الأحيمر فانكحي

ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا



فان الذي حدثت من يوم بعثنا

أحاديث طم تجعل القلب ساهيا



و له أيضا:



معشر الندمان قوموا

و أسمعوا صوت الأغاني



و أشربوا كاس مدام

واتركوا ذكر المعاني



شغلتني نغمة العيدان

عن صوت الأذان



و تعوضت عن الحور

خمورا في الدنان (انتهي)



و حكي القاضي أبويعلي عن الامام أحمد في كتاب الوجهين و الروايتين أنه قال: ان صح عن يزيد ذلك فقد كفر بالله و برسوله لأنه أسف علي كفار بدر، و لم يرض بقتلهم، و أنكر أمر الله فيهم و فعل الرسول في جهادهم، و أن قتل الحسين عليه السلام صواب و عاذله بالكفار و سوي بينهم والله سبحانه و تعالي يقول: (لا يستوي أصحاب النار و أصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) [319] ، و هل هذا الا ارتداد عن الدين، فلعنة الله علي الظالمين. الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها و بئس القرار. ثم ان يزيد (لعنه الله) زاد في القصيدة بقوله (لعنه الله):




لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل



قال مجاهد: و هذا نافق في الدين. و قال الزهري: لما جاءت الرؤوس كان يزيد (لعنه الله) علي منظرة جيرون، فأنشد يقول:



لما بدت تلك الرؤوس و أشرقت

تلك الشموس علي ربي جيرون



نعب الغراب فقمت صح أو لا تصح

فلقد قضيت من النبي ديوني



و هل أحد يشك في كفره بعد انشاده هذه الأبيات. و قال بعض آخر: صب الجرعة من الخمر علي رأس الحسين عليه السلام، و استهزائه بأن عليا ساق علي الحوض، و أن محمدا حرم الذهب و الفضة، و شعره في الانتقام من بني أحمد واترا عن شيوخه الكفرة المقتولين يوم بدر ان صح عنه ذلك فهو كافر، لأنه ما فعل ذلك الا و هو منكر لما جاء به النبي، و صح عنه من قوله في علي و أهل بيته عليهم السلام و بغضا لهم، و المنكر لما جاء به النبي صلي الله عليه و آله و سلم و عدم التصديق به كافر. و في التبر المذاب: كان اللعين بيده قضيب خيزران، فكشف عن شفتي أبي عبدالله و ثناياه، و نكتها بالقضيب، قال مجاهد:فوالله لم يبق أحد في الناس الا من عابه و سبه و تركه و خرجت جارية من قصر يزيد، و قالت: يا يزيد! قطع الله يديك و رجليك، أتنكت ثنايا طالما قبلها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟ فقال لها: ويلك ما هذا الكلام أردت أن تخجليني بين أهل مملكتي، فأمر بضرب عنقها.

المازندرني، معالي السبطين، 153 - 151 / 2

في المنتخب: كان يزيد (لعنه الله) جبارا عنيدا خبيث الولادة، و قيل: ولد من حرام لأن امه ميسون بنت بجدل الكلبي أمكنت عبد أبيها من نفسها، فحملت بيزيد و قيل، كانت عند معاوية بيزيد الكلب الرجس النجس، و قيل: ان معاوية ذات يوم يبول فلذعته عقرب في ذكره فزوجوه عجوزا ليجامعها و يشفي من دائها، فجامعها مرة و طلقها، فوقعت النطفة مختلطة بسم العقرب في رحم العجوز، فحصل منها يزيد هذا هو المشهور و كان فيه نزلت هذه الآية (والذي خبث لا يخرج الا نكدا) [320] ، و الحاصل كان (لعنه الله)


شر الناس من الأولين و الآخرين، لأنه صاحب طرب و لعب و منادمة علي الشراب و المغنين و في أيام ظهر الغناء بمكة و مدينة استعملت الملاهي، و أظهر الناس شرب الخمر، و شنايع أعماله أظهر من الشمس و لا تعد و لا تحصي منها كان يلعب بالكلاب و القردة و الخنازير و له جوارح و كلاب و فهود و قرود له قرد، يكني بأبي قيس، يحضره مجلس منادمته و يطرح له متكأ، و هو قرد خبيث يلبس قباء من حرير و يوضع علي رأسه تاج و قلنسوة ذات ألوان بشقايق و ذللت له أتان وحشية بسرج و لجام، فاذا كان يوم الحلبة يوضع علي الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش يلمع، فاذا ركب يزيد (لعنه الله) خرج القرد و ركب علي الاتان و يسابق الخيل في العدو حتي يأخذ القصبة و يرجع قبل الفرسان و الخيالة. و من شنايع أعماله أنه زنا بعمته (في الأنوار النعمانية): ان يزيد قد عشق عمته و كانت بكرا و استحيي أن يظهر لها الحال، فأراد أن يمتحنها فأتي معها الي بستان، فجلست في موضع، فأمر يزيد أن ينزي حصان علي فرس و عمته تنظر اليهما، فلما نزا عليها و هي تنظر، أتي يزيد اليها و أمرها بالقيام من مكانها، فلما قامت رأي في مكانها اراقة المني، فعلم بارادتها لذلك، فأتي اليها، فلما جامعها لم يجدها بكرا. فقال لها: أين بكارتك؟ فقالت له: أن أباك لم يترك بكرا، فظهر له أن معاوية قد خالطها، و ليس بعجب ممن كانت عقيدته فاسدة بل و أعجب الأعاجيب، و الأمر الغريب أن هؤلاء يزعمون أنهم خلفاء رسول الله و يدعون الناس الي الاقرار بالعبودية لهم.



فيا ذلة الاسلام من بعد عزه

اذا كان والي المسلمين يزيد



و أشباه يزيد الذين لم يؤمنوا بالله و رسوله طرفة عين و لا أظهروا الاسلام الا فرقا من السيف كثير.

قال ابن نما في كتاب أخذ الثار: مات يزيد بن معاويه يوم الخميس لأربع عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع و سين من الهجرة و عمره ثمان و ثلاثون سنة، و مدة خلافته ثلاث سنين و ثمانية أشهر، و خلف أحد عشر و علي رواية أخري أربعة عشر ولدا و أربع بنات و كان بين شهادة الحسين عليه السلام و هلاكه ثلاث سنين و شهران، و أربعة أيام.

و كيفية هلاكه علي ما روي أبومخنف: أنه خرج يزيد ذات يوم الي الصيد، فلاحت


له ظبية، فطلبها، و أركض فرسه في طلبها، و قال لأصحابه: لا يتبعني أحد. فركض شديدا حتي وصل الي مكان لا يهتدي فيه الطريق و قد بعد عن أصحابه و هو حائر، فلقيه رجل أعرابي متلثم، فقال له: أضال فأرشدك، أم جائع فأطعمك، أم عطشان فأسقيك؟ فقال يزيد (لعنه الله): لو عرفتني لزدت كرامتي، فقال الأعرابي: و من أنت؟ قال: أنا يزيد بن معاوية. فقال الأعرابي: لا مرحبا بما أتيت ولا أهلا بما أبديت، ما أقبح طلعتك ما أشنع سمعتك، والله لأقتلنك كما قتلت الحسين عليه السلام.

ثم ان الأعرابي جذب سيفه و هم أن يعلوه، فذعرت فرس يزيد من بريق السيف، فطرحت يزيد تحتها، و جعلت تخوض في بطنه، و قطعت أمعاءه، و هلك عطشانا، و أخذته زبانية جهنم.

و علي رواية أخري: بينما هو حائر لا يهتدي الطريق خرج اليه ملك من ملائكة الله الموكلين بجهنم و بيده سوط من النار، فضربه علي وجهه، و أهلكه، فلما أبطأ عن أصحابه اقتحموا الطريق الذي سلكه، فلم يروه، و لم يعرفوا له أثرا، فرجعوا الي دمشق، فعبد اليأس منه أقاموا له العزاء.

و في رواية أخري: لما ركض اللعين في طلب الصيد تعب و عطش عطشا شديدا، فورد علي قليب ماء و قلبه يتلهب عطشا، و علي القليب طائر منكر، عظيم الجثة، فأراد اللعين أن يشرب، فأهوي عليه الطير، وابتلعه، و طار به نحو السماء ثم رجع ذلك الطير الي ذلك الماء، فتقياه و اذا هو كان خلقا سويا، فهم أن يشرب الملعون ثانية، فأهوي اليه الطير، فقطعه بمنقاره اربا اربا، و التقمه و لم يزل يتقطعه، و يلتقمه، و يتقياه، ويفعل به هكذا الي يوم القيامة.

و لنا رواية أخري و هي هذه: قال في البحار: ان اللعين بات في فراشه سكرانا، و أصبح ميتا متغيرا كأنه مطلي بالقار، فدفنوه بحوارين من أراضي دمشق، و في ذلك يقول الشاعر:



يا أيها القبر بحوارينا

ضممت شر الناس أجمعينا



و لما زالت الخلافة عن بني أمية و استقرت في بني العباس بعث أبوالعباس السفاح


لنبش قبور بني أمية في دمشق، قال عمرو بن هانئ: فلما انتهينا الي قبر يزيد بن معاوية و نبشنا عن قبره فوجدناه محترقا في لحده، و صار رمادا، أحرقه الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة، و لنعم ما قال الراثي:



فقل ليزيد سود الله وجهه

أحظك من بعد الحسين يزيد



نسجت سرابيل الضلال بقتله

و مزقت ثوب الدين و هو جديد



سود الله وجهه في الدارين ما أعظم ما صنع و ما أجل ما ارتكب.

المازندراني، معالي السبطين، 264 - 261 / 2

في جواهر المطالب لأبي البركات شمس الدين محمد الباغندي كما في نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية المباركة ما لفظه: حكي ابن الفوطي في تاريخه قال: كان ليزيد قرد يجعله بين يديه فيكنيه بأبي قيس و يسقيه فضل كأسه و يقول هذا شيخ من بني اسرائيل أصابته خطيئة، فمسخ، و كان يحمله علي أتان وحشية قد ريضت له ويرسلها مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوما عليها فسبقت، فسر و أنشد:



تمسك أباقيس بفضل زمامها

فليس عليها ان سقطت ضمان



فقد سبقت خيل الجماعة كلها

و خيل أميرالمؤمنين أتان



و جاء يوما سابقا فطرحته الريح، فمات، فحزن عليه حزنا شديدا و أمر بتكفينه و دفنه، و أمر أهل الشام أن يعزوه فيه و أنشأ يقول:



ما شيخ قوم كرام ذو محافظة

الا أتانا يعزي في أبي قيس



شيخ العشيرة أمضاها و أجملها

الي المساعي علي القربوس و الريس



لا يبعد الله قبرا أنت ساكنه

فيه جمال و فيه لحية التيس [321]

الأمين، أعيان الشيعة، 618 / 1


و في المروج: كان ليزيد قرد يكني بأبي قيس يحضره مجلس المنادمة، و يطرح له متكأ و كان يحمله علي أتان وحشية قد ريضت و ذللت لذلك، بسرج و لجام، و يسابق بها الخيل يوم الحلبة. فجاء في بعض الأيام سابقا فتناول القصبة و دخل الحجرة قبل الخيل، و عليه قباء من الحرير الأحمر، و علي رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان، و علي الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش ملمع.

التستري، بهج الصباغة، 339 / 5

و في كشف المحدث النوري: (في كتاب القاضي ابن أبي يعلي)، قال ابن حنظلة غسيل الملائكة: والله ما خرجنا علي يزيد بن معاوية حتي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء أن رجلا ينكح الأمهات و البنات و الأخوات - ثم ذكر قذفه الكعبة بالمجانيق في محاصرة ابن الزبير، و احراقه البيت و احراق قرني الكبش الذي فدي الله به اسماعيل و كانا في السقف -.

و عن المدائني في كتاب الحرة، عن أبي هريرة، قال هشام بن حسان: ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج. قال: و رأيت في تاريخ عبدالملك العصامي أن رجلا من أهل الشام وقع علي امرأة في مسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و لم يجد خرقة ينظف بها، و وجد ورقة من القرآن فنظف بها.

و في معارف القتيبي: لما قال المسور بن مخرمة: ان يزيد يشرب الخمر، و بلغه ذلك كتب الي أمير المدينة أن يجلده الحد. فجلده. فقال المسور:



أيشربها صرفا بفك ختامها

أبوخالد و يجلد الحد مسور




و قال ابن عرادة في يزيد و قت موته:



طرقت منيته و عند و ساده

كوب وزق راعف مرثوم



و مرنة تبكي علي نشوانه

بالصنج تقعد تارة و تقوم



و في الطبري: قال من كان مع قحطبة: ما رأيت عسكرا قط ما جمع أهل الشام باصبهان من الخيل و السلاح و الرقيق كنا افتتحنا مدينة و أصبنا معهم مالا يحصي من البرابط و الطنابير و المزامير، و لقل بيت أو خبأ ندخل فيه الا أصبنا فيه زكرة أو زقا من الخمر. فقال بعضهم:



قرضبهم قحطبة القرضب

يدعون مروان كدعوي الرب



التستري، بهج الصباغة، 342 - 341 / 5

ميسون بنت حميد بن بجدل الكلبية: شاعرة من شواعر العرب تزوجها معاوية بن أبي سفيان و نقلها من البدو الي دمشق، و أسكنها قصرا من قصور الخلافة، فكانت تكثر الحنين والتذكير لمسقط رأسها. فأنصت عليها معاوية فسمعها تنشد الأبيات الآتية:



للبس عباءة و تقر عيني

أحب الي من لبس الشفوف



و بيت تخفق الأرياح فيه

أحب الي من قصر منيف



و بكر يتبع الأظعان صعب

أحب الي من بغل زفوف



و كلب ينبح الأضياف دوني

أحب الي من هز الدفوف



و خرق من بني عمي ثقيف

أحب الي من علج عنيف



فقال لها معاوية: ما رضيت ابنة بجدل حتي جعلتني علجا فالحقي بأهلك. فمضت الي كلب وابنها يزيد معها. [322] .

كحالة، أعلام النساء، 137 - 136 / 5


يقول الشارح ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: (ج 13 - ص 7 و ص 8): ان أباهريرة كان يمشي في السوق و يقول: اللهم لا تدركني سنة ستين و لا امارة الصبيان (قال الشارح): و في هذا اشارة الي أن أول الاغيلمة كان في سنة ستين، و هو كذلك فان يزيد بن معاوية استخلف فيها و بقي الي سنة 64 ه فمات ثم ولي ولده معاوية و مات بعد أشهر (و قال الشارح أيضا): ان أول هؤلاء الغلمان يزيد كما دل عليه قول أبي هريرة سنة ستين و امارة الصبيان (ثم قال الشارح): تنبيه، يتعجب من لعن مروان الغلمة المذكورين مع أن الظاهر انهم من ولده، فكأن الله تعالي أجري ذلك علي لسانه ليكون أشد في الحجة عليهم لعلهم يتعظون، و قد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان و ما ولد أخرجها الطبراني و غيره غالبها فيه مقال و بعضها جيد.

الفيروزآبادي، فضائل الخسمة، 388 - 387 / 3

معاوية بن أبي سفيان بن حرب: من مسلمة الفتح، و كان هو و أبوه من المؤلفة قلوبهم، رأس الفئة الباغية، الداعية الي النار، توفي في رجب سنة ستين.

قال الامام المؤيد بالله عليه السلام: معاوية عندنا لا يعمل بحديثه لسقوط عدالته. [...]


أخرج له أبوطالب و المرشد بالله و السيلقي و محمد بن منصور و الجماعة، ذكره الامام زيد بن علي في ذكر الخنثي المشكل، و ذكره الهادي في القنوت في الأحكام، و ذكر الامامين له للرواية عن علي عليه السلام بسبه.

مجدالدين، لوامع الأنوار، 165 / 3



پاورقي

[1] [تاريخ دمشق: «قرأت عي أبي‏غالب بن البناء، عن أبي‏محمد الجوهري، أنا أبوعمر بن حيويه، أنا أحمد بن معروف، أنا الحسين بن الفهم الفقيه، نا محمد بن سعد، أنا»].

[2] [تاريخ دمشق: «غيره»].

[3] [في فضائل الخمسة مکانه: «فروي عن غير واحد انهم قالوا...»].

[4] [فضائل الخمسة: «و خلافته»].

[5] [لم يرد في تاريخ دمشق].

[6] [قد جاء ذکر ما جناه يزيد باسهاب في جميع الکتب التاريخية و کتب الأنساب، و قد توخينا الاختصار و اکتفينا بذکر الملخص].

[7] [فضائل الخمسة: «عمر»].

[8] ابوهارون عبدي مي‏گويد: ابوسعيد خدري را با ريش سپيد ديدم که موهاي دو طرف آن ريخته و وسط آن باقي مانده بود. گفتم: «اي ابوسعيد! حال ريش تو چگونه است و بر سر آن چه آمده است؟»

گفت: «اين کار ستمگران شامي در جنگ حره است. به خانه‏ام درآمدند و آنچه در آن بود، حتي قدحي را که در آن آب مي‏آشاميدم، به غارت بردند و رفتند. پس از ايشان ده تن ديگر درآمدند و من به نماز ايستاده بودم. خانه را جست و جو کردند و چيزي در آن نيافتند. خشمگين شدند و مرا از جا نمازم بلند کردند و بر زمين کوفتند و هريک از ايشان هرچه از موهاي ريش من به دستش افتاد، کند. آنچه که مي‏بيني کم پشت و پراکنده است، جاهايي است که آنان کنده‏اند و آنچه بر پشت و انبوه مي‏بيني، جاهايي است که بر زمين بوده است و به آن دسترس پيدا نکرده‏اند و آن را همچنين که مي‏بيني، رها کرده‏ام تا با همين حال به محضر پروردگار خود بروم.»

دامغاني، ترجمه‏ي اخبار الطوال، / 314.

[9] أبوحمزة الخارجي، خرج علي مروان بن محمد، و دخل و أصحابه مکة في موسم الحج، ثم دخل المدينة، ثم لقيهم مروان و أوقع بهم فعادوا منهزمين الي المدينة فلقيهم أهل المدينة فقتلوهم.

[10] ولدت ألف امرأة من «وقعة الحرة» من غير أزواج، فلعنة الله و الملائکة و الناس أجمعين علي من استحل ذلک في حرم رسول الله صلي الله عليه و آله. اللهم العن المشير بهذه القتلة لعنا و بيلا و أصله بفعله جهنم و ساءت مصيرا. (عن هامش الأصل).

[11] يزيد، عثمان بن محمد بن ابي‏سفيان را والي مدينه کرد، پس ابن‏مينا عامل خالصجات معاويه نزد وي آمد و به او خبر داد که مي‏خواسته آن چه همه ساله گندم و خرما از آن خالصجات حمل مي‏کرده، حمل نمايد، ليکن مردم او را جلوگيري کرده‏اند. عثمان پي جماعتي از آنان فرستاد و سخني درشت به ايشان گفت، پس بر او و همراهاني که از بني‏اميه در مدينه داشت، تاختند و آنان را از مدينه بيرون رانده و از پشت سر سنگ بارانشان کردند. چون خبر به يزيد بن معاويه رسيد، مسلم بن عقبه را از فلسطين نزد خود فراخواند و او بيمار بود،پس او را به منزل خويش درآورد و سپس داستان را براي او نقل کرد. مسلم گفت:اي امير [مؤمنان] مرا بر سر ايشان بفرست، به خدا قسم که آن يعني مدينه‏ي پيامبر را زير و رو مي‏کنم. يزيد او را به فرماندهي پنج هزار به مدينه گسيل داشت و او هم واقعه‏ي حره را بر سر ايشان آورد و مردم مدينه را با او نبردي سخت کردند و پيرامون مدينه خندقي کندند، و خواست تا از کناري از کناره‏هاي خندق درآيد و او را ميسر نشد، ليکن مروان بعضي مردم مدينه را فريب داد و همراه صد سوار به شهر درآمد و سواران پشت سر او به مدينه درآمدند و کم‏تر کسي باقي ماند که کشته نشد و حرم پيامبر خدا را مباح گذاشت تا آن که دوشيزگان فرزند آوردند و شناخته نبود چه کسي آن‏ها را باردار کرده است؟

سپس مردم را گرفت که بيعت کنند بر آن که بندگان يزيد بن معاويه باشند، مردي از قريش را مي‏آوردند و به او گفته مي‏شد: بيعت کن، نشان آن که بنده‏ي خالص يزيدي. مي‏گفت: نه. پس او را گردن مي‏زدند.

آيتي، ترجمه‏ي تاريخ يعقوبي، 190 - 189 / 2.

[12] سعيد بن مسيب سال‏هاي يزيد بن معاويه را بد ميمنت مي‏ناميد، در سال اول حسين بن علي و اهل‏بيت پيامبر خدا را کشت؛ و در سال دوم حرم پيامبر خدا مباح شمرده شد و حرمت مدينه پامال گرديد؛ و در سال سوم خون‏ها در حرم خدا ريخته شد و کعبه را سوزاندند.

آيتي، ترجمه‏ي تاريخ يعقوبي، 194 / 2

[13] سپس معاويه بن يزيد بن معاويه که مادرش ام‏هاشم دختر ابوهاشم بن عتبة بن ربيعه بود، چهل روز و به قولي چهار ماه حکومت کرد و روشي نيکو داشت و براي مردم سخنراني کرد و گفت:

«پس از حمد و ثناي خداوند، اي مردم، ما به وسيله‏ي شما امتحان شديم و شما به وسيله‏ي ما، از آن که ما را خوش نداريد و از ما بدگوئي مي‏کنيد بي‏خبر نيستيم. همانا نياي من معاويه بن ابوسفيان با کسي در امر خلافت به نزاع پرداخت که در خويشاوندي با پيامبر خدا از او سزاوارتر و در اسلام از او شايسته‏تر بود، کسي که پيشرو مسلمانان بود و اول مؤمنان و پسرعموي پيامبر پروردگار جهانيان و پدر فرزندان خاتم پيمبران، جد من نسبت به شما گناهاني مرتکب شد که مي‏دانيد و شما هم با او چنان رفتار کرديد که انکار نداريد، تا مرگش فرارسيد و در گرو عمل خويش گرفتار آمد. سپس پدرم را عهده دار حکومت ساخت با اين که از او اميد خير نمي‏رفت، پس بر مرکب هوس نشست و گناه خود را نيکو شمرد و اميدش بسيار شد. ليکن آرزو به دستش نيامد و اجل دست او را کوتاه ساخت، نيرومندي او به انجام رسيد و مدت او سرآمد و در گورش گرو گناه و اسير بزهکاري خويش گرديد.»

سپس گريه کرد و گفت: «ناگوارترين چيزها بر ما آن است که بد مردن و به رسوائي بازگشتن او را مي‏دانيم، چه او عترت پيامبر را کشت و حرمت را از ميان برد و کعبه را سوزانيد و من آن نيم که امر شما را به عهده گيرم و مسئوليت‏هاي شما را تحمل کنم، اکنون خود دانيد و خلافت خود، به خدا قسم اگر دنيا غنيمت است، ما بهره‏اي از آن برديم، و اگر هم خسارت است آل ابوسفيان را همانچه از آن به دست آورده‏اند، بس است.»

مروان به حکم به او گفت: «به روش عمر خلافت را به شوري واگذار.»

گفت: «نه زنده و نه مرده کار شما را به عهده نمي‏گيرم، و کي پسر يزيد مانند عمر بوده است، و کجا مي‏توانم يک مرد مانند مردان عمر پيدا کنم؟»

آيتي، ترجمه‏ي تاريخ يعقوبي، 196 - 195 / 2

[14] [في ابن‏عساکر مکانه: «أخبرنا أبوالقاسم زاهر بن طاهر، و أبوبکر وجيه بن طاهر، و أبوالفتوح عبدالوهاب بن الشاه بن أحمد، قالوا: أخبرنا أبوحامد الأزهري، أخبرنا الحسن بن محمد المخلدي، أخبرنا أبوبکر الاسفرايني عبدالله بن محمد بن مسلم، حدثنا محمد بن غالب الأنطاکي، حدثنا محمد بن سليمان بن أبي‏داوود، حدثنا صدقة، عن...»].

[15] [أضاف في ابن‏عساکر: «عن أبي‏ثعلبة الخشني»].

[16] [الخوارزمي: «أخبرني شهردار بن شيرويه، أخبرني زاهر بن طاهر، أخبرني عبدالرحمان بن محمد، أخبرني أحمد بن محمد، أخبرني أبويعلي،عن»].

[17] [من هنا حکاه عنه في مجمع الزوائد و تاريخ الخلفاء].

[18] [مجمع الزوائد: «هذا أمر»].

[19] [أضاف في مجمع الزوائد: «رواه أبويعلي و البزاز، و رجال أبي‏يعلي رجال الصحيح، الا أن مکحول لم يدرک أباعبيدة»].

[20] س: «أسرار»].

[21] س: «و جعل»].

[22] س: «النصرة»].

[23] س: «رسالته»].

[24] سورة القصص 50.

[25] ب: «للموالاة».

[26] سورة آل عمران 74.

[27] ب، س: «و يقهرون»، و عاره: قاتله.

[28] س: «وحاز»].

[29] س: «البيت الذين».

[30] ب: «العدو».

[31] ب: «بالتخويف».

[32] [في بهج الصباغة مکانه: «و في الطبري أيضا و عزم المعتضد في سنة (284) علي لعن معاوية علي المنابر، و أمر بانشاء کتاب بذلک يقرء علي الناس - الي أن قال: و تقدم الي الشراب و الذين يسقون الماء ألا يترحموا علي معاوية، و لا يذکروه بخير. فذکر أن المعتضد أمر باخراج الکتاب الذي کان المأمون أمر بانشائه بلعن معاوية فأخرج له من الديوان الي أن قال في الکتاب: ان الله - عزوجل - لما ابتعث محمدا بدينه و أمره أن يصدع بأمره بدء بأهله و عشيرته. الي أن قال: و أول معاندي النبي صلي الله عليه و آله و مکذبيه في کل...»].

[33] ب: «مواطن الحروب».

[34] [بهج الصباغة: «أعلامهم»].

[35] س: «بالکفر».

[36] سورة الاسراء / 60.

[37] [لم يرد في بهج الصباغة].

[38] سورة المائدة / 78.

[39] سورة الاسراء / 60.

[40] [لم يرد في بهج الصباغة].

[41] [لم يرد في بهج الصباغة].

[42] [سورة القدر / 3.

[43] [بهج الصباغة: «أي»].

[44] في ط: «أنزل» تحريف.

[45] في ط: «أعيا»، تحريف.

[46] [بهج الصباغة: «الي أن قال»].

[47] س: «الغباء».

[48] [س: «العاجلة»].

[49] [بهج الصباغة: «الي أن قال»].

[50] [لم يرد في بهج الصباغة].

[51] [لم يرد في بهج الصباغة].

[52] [بهج الصباغة: «يکون»].

[53] سورة النساء / 93.

[54] [لم يرد في بهج الصباغة].

[55] [لم يرد في بهج الصباغة].

[56] سورة الأحزاب / 5.

[57] [بهج الصباغة: «وللعاهر الحجر»].

[58] [بهج الصباغة: «و للعاهر الحجر»].

[59] السکران: السکر.

[60] [بهج الصباغة: «غليله عنده نفسه»].

[61] العبد، بالفتح: الغضب.

[62] [بهج الصباغة: «غليله عند نفسه»].

[63] النوي هنا: الحاجة و الوجه الذي تنويه.

[64] [في المطبوع: «القوم»].

[65] [في المطبوع: «لا تسل»].

[66] [بهج الصباغة: «لعبت»].

[67] من أبيات في ابن‏هشام 97، 96:3.

[68] ب: «لحرمته».

[69] [لم يرد في بهج الصباغة].

[70] [الي هنا حکاه في بهج الصباغة و أضاف فيه: «و منا أسدالله، يعني عليه‏السلام به حمزة. قال الواقدي في تاريخه، و کاتبه في طبقاته و القمي في تفسيره، و المفيد في ارشاده: ان عتبة و شيبة و الوليد يوم بدر نادوا: يا محمد! اخرج الينا أکفائنا من قومنا. فأخرج لهم حمزة و عليا عليه‏السلام و عبيدة، فقال حمزة لما قالوا: عرف نفسک: أنا حمزة بن عبدالمطلب أسدالله و أسد رسوله»].

[71] سورة القصص / 5.

[72] سورة التوبة / 12.

[73] مردم گفتند: مکتوبي که معتضد دستور داده است درباره‏ي لعن معاويه بنويسند، پس از نماز جمعه بر منبر خوانده مي‏شود. وقتي مردم نماز جمعه را بکردند، به طرف اتاقک رفتند که خواندن مکتوب را بشنوند؛ اما خوانده نشد.

گويند: معتضد دستور داد مکتوبي را که مأمون دستور داده بود درباره‏ي لعن معاويه بنويسند، درآرند که از ديوان درآوردند و نسخه‏ي اين مکتوب را از روي آن گرفتند. به قولي اين مکتوب را براي معتضد انشا کردند: به نام خداي رحمان رحيم، ستايش خداي والاي بزرگ حليم حکيم عزيز رحيم را که در وحدانيت يگانه است و قدرتش عيان است و خلقتش به مشيت است و حکمت، که از مکنون دل‏ها واقف است و چيزي از او نهان نيست و هموزن موري در آسمان‏هاي برين و زمين‏هاي زيرين از او مخفي نمي‏ماند، علمش به همه چيز رساست و از شمار همه چيز واقف است و براي هر چيز مدتي نهاده که داناست و رازدان. سپاس خدايي را که خلق را براي پرستش خويش پديد آورد و بندگان را براي معرفت خويش خلق کرد و اطاعت مطيع و عصيان عصيانگر در علم سابق و فرمان پيشين وي مقرر بود و آنچه را بايد کرد و آنچه را نبايد کرد، برايشان بيان کرد. راه‏هاي نجات را براي آن‏ها مقرر داشت و از طرق هلاکت بر حذرشان داشت. حجت بر ايشان تمام کرد و جاي عذر نگذاشت. دين پسنديده خويش را براي آن‏ها برگزيد و بدان حرمتشان داد و پيروان آن را دوستان و مطيعان خويش شمرد و منحرفان و مخالفان آن را دشمنان و عصيانگران خويش دانست تا هرکه هلاک مي‏يابد، از روي برهان هلاک يا بدو هرکه حيات مي‏يابد، از روي برهان حيات يابد (ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة) سورة انفال (8) آيه (42). (که خدا شنوا و داناست).

سپاس خداي را که محمد پيمبر خويش را از همه مخلوق خويش برگزيد و او را براي رسالت خويش انتخاب کرد و با هدايت و دين پسنديده به همه بندگان خويش فرستاد و کتاب روشن و روشني بخش را بر او نازل کرد و او را از نصرت و غلبه خبر داد، به قدرت و برهان قوي تأييد کرد. هرکه را هدايت يافتني بود به سبب وي هدايت کرد و هرکه وي را اجابت کرد از کوري نجاتش بخشيد و هرکه را پشت کرد، به گمراهي برد تا خداي کار وي را غلبه داد و نصرت وي را مهيا کرد و مخالف وي را مقهور کرد و وعده‏ي خويش را که با وي کرده بود، محقق کرد و او را ختم فرستادگان خويش کرد و چون قرآن خدا را رسانيد و رسالت خويش را ابلاغ کرد و امت خويش را اندرز گفت، او را که پسنديده و هدايتگر بود، به بهترين جايگاه روندگان و والاترين منزلت پيمبران مرسل وبندگان رستگار خويش برد که بهتر و کامل‏تر و برتر و بزرگ‏تر و پاکيزه‏تر و پاک‏ترين درود خداي بر او باد و خاندان پاکيزه‏ي وي.

ستايش خداي را که اميرمؤمنان را با اسلاف هدايت يافته‏ي وي وارثان ختم پيمبران و سرور رسولان کرد که به پا دارندگان دينند و به استقامت آرندگان بندگان مؤمن وي و حافظان ودايع حکمت و ميراث‏هاي نبوت و خليفگان امت و منصوران به قدرت و مناعت و تأييد و غلبه تا خداي همه دين خويش را غلبه دهد و گرچه مشرکان نخواهند.

اميرمؤمنان از وضع گروهي از عامه خبر يافته که در دين خويش به شبهه افتاده‏اند و اعتقادشان تباهي گرفته و به غلبه‏ي هوس در عصبيتي افتاده‏اند که بي معرفت و تأمل از آن سخن کرده‏اند و بدون برهان و بصيرت از خاندان ضلالت تبعيت کرده‏اند و از سنت‏هاي متبع به هوس‏هاي مبتدع رفته‏اند که خداي عزوجل فرموده است: (و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله ان الله لا يهدي القوم الظالمين) (سوره‏ي قصص (28) آيه 50.).

يعني: ستمگرتر از آن که هوس خويش را بدون هدايت خدا پيروي کند، کيست که خدا گروه ستمکاران را هدايت نمي‏کند. از جماعت برون شده‏اند و سوي فتنه شتاب آورده‏اند و تفرقه و اختلاف را برگزيده‏اند و با کسي که خداي روشني را از او برگرفته و از عصمت خدا بريده و از دين برونش کرده و لعنت وي را واجب کرده [است]، دوستي آورده‏اند و يکي از بني‏اميه، شجره‏ي ملعون را که خدايش حقير شمرده و کارش را سست کرده و به زبوني انداخته [است]، بزرگ مي‏دارند و با کسي از خاندان برکت و رحمت که خدايشان به وسيله‏ي وي از هلاکت نجات داده و نعمتشان داده [است]، مخالفت آورده‏اند. خداي عزوجل فرموده [است]: (يختص برحمته من يشاء والله ذوالفضل العظيم) (سوره‏ي آل عمران (3) آيه 22.).

يعني: هرکه را خواهد، خاص رحمت خود کند و خدا داراي کرمي بزرگ است.

اميرمؤمنان آنچه را شنيده بود، سخت بزرگ دانست و چنان ديد که خودداري از انکار آن موجب حرج در دين است و تباهي مسلماناني که خداي کارشان را بدو سپرده و اهمال در تکليف مقرر خداي که به استقامت آوردن مخالفان است و روشن کردن جاهلان و اقامه‏ي حجت بر شلکان و جلوگيري از معاندان.

اي گروه مردم! اميرمؤمنان به شما مي‏گويد که خدا عزوجل وقتي محمد را با دين خويش برانگيخت و دستورش داد که کار خويش را آشکار کند، از کسان و قوم خويش آغاز کرد و آن‏ها را به پروردگار خويش خواند و بيمشان داد و بشارتشان رسانيد و اندرزشان گفت و ارشادشان کرد. آن‏ها که اجابت وي کردند و گفتارش را باور داشتند و دستورش را پيروي کردند، گروهي اندک بودند از اقوام نزديک وي که بعضيشان به آنچه از پروردگار خويش آورده بود، مؤمن شدند و بعضي ديگر اگرچه پيرو دين وي نشدند، ياري او مي‏کردند که وي را عزيز داشتند و مشفق وي بودند که در علم خداي گذشته بود که کساني از آن‏ها نخبه باشند و به مشيت وي خلافت خداي و ميراث پيمبر وي به آن‏ها سپرده شود. به رعايت قرابت پيمبر به ياري وي کوشش کردند و مخالفان وي را دفع مي‏کردند و معاندان وي را سرکوب مي‏دادند و از ياران و پشتيبانان وي اطمينان مي‏جستند و از کساني که به ياري وي مي‏شدند، بيعت مي‏گرفتند و اخبار دشمنان را مي‏جستند و در غياب نيز چون حضور براي وي تدبير مي‏کردند. (نويسنده‏ي مکتوب با اين عبارات اخير، کفر عباس را که تا جنگ بدر استمرار داشت، پرده پوشي مي‏کند و نقش اين رباخوار بزرگ برده‏ي طلا را که در خطبه‏ي حجة الوداع نام وي آمده [است] و معلوم مي‏دارد حتي به روزگار اسلام از معاملات ربا که جنگ با خدا بود دريغ نمي‏داشت، بزرگ مي‏دارد به اين عذر که وي در ايام اقامت مکه براي پيمبر جاسوسي مي‏کرده است. (م)

تا مدت به سر رفت و وقت هدايت رسيد که به دين خدا و اطاعت وي و تصديق پيمبر خدا و ايمان به او درآمدند با نصرت استوار و هدايت و رغبت نکو که خدا آن‏ها را اهل بيت رحمت و اهل‏بيت دين کرد و ناپاکي را از آن‏ها ببرد و پاکيزه‏شان کرد که معدن حکمت و وارثان نبوت و محل خلافت شدند و فضيلتشان را مقرر داشت و بندگان را به اطاعتشان ملزم داشت. بيشتر عشيره‏ي پيمبر به معاندت و مخالفت و تکذيب و مقابله‏ي وي پرداختند: وي را آزار و تهديد کردند، دشمني کردند، به نرد وي رفتند، کساني را که سوي او مي‏خواستند رفت بازمي‏داشتند، پيروان وي را شکنجه مي‏کردند. از آن جمله کسي که در دشمني و مخالفت از همه سخت‏تر و در هر نبردي پيشقدم بود و هر پرچمي بر ضد اسلام بالا مي‏رفت از آن وي بود و در همه نبردها از بدر و احد و خندق و فتح (مکه) سالار و سر بود، ابوسفيان بن حب بود و يارانش از بني‏اميه که در کتاب خداي لعنت شده‏اند، پس از آن نيز در چند محل و مورد بر زبان پيمبر خداي لعنت شده‏اند که نفاق و کفرشان در علم خداي مقرر شده بود.

ابوسفين نبرد کرد، مخالفت آورد، دشمني کرد تا وقتي که شمشير او را مقهور کرد و کار خدا غلبه يافت و آن‏ها خوشدل نبودند. پس به گفتار مسلمان شد، نه به دل؛ که در نهان کافر بود و از آن دل نکنده بود. پيمبر خداي صلي الله عليه و آله، او را بدين گونه مي‏شناخت و مسلمانان نيز. پيمبر او را جزو المؤلفة قلوبهم آورد و او را و پسرش را با علم به احوالشان پذيرفت. از جمله لعنت‏ها که خدايشان به زبان پيمبر خويش صلي الله عليه و آله کرد و در کتاب خويش آورد، اين بود که: (و الشجرة الملعونة في القرآن و نحوفهم فما يزيدهم الا طغيانا کبيرا) (سوره‏ي بني اسرائيل (17)، آيه 60.).

يعني:... با درخت ملعون که در قرآن هست (جز براي امتحان مردم) نکرده‏ايم، بيمشان مي‏دهيم؛ اما جز طغيان سخت نمي‏فزايدشان و هيچ کس اختلاف ندارد که از اين آيه بني‏اميه را منظور داشت.

هم از آن جمله گفتار پيمبر خداست که وقتي ابوسفيان را ديد که بر خري مي‏آيد و معاويه خر را مي‏کشد و يزيد پسرش آن را مي‏راند، فرمود: «خداي کشنده و سوار و راننده را لعنت کند.»

و هم از آن جمله روايتي است که از گفتار ابوسفيان آورده‏اند که: اي بني عبدمناف! خلافت را چون گوي دست به دست کنيد که نه بهشتي هست و نه جهنمي.

و اين کفر صريح است که به سبب آن لعنت خداي به او مي‏رسد؛ چنان که آن کسان از پسران اسرائيل که به کفر گراييدند، به زبان داوود و عيسي پسر مريم لعنت شدند؛ براي آن که عصيان ورزيدند و تعدي کردند (لعن الذين کفروا من بني اسرائيل علي لسان داود و عيسي بن مريم ذلک بما عصوا و کانوا يعتدون) سوره‏ي مائده (5) آيه‏ي 82.).

و هم از آن جمله اين روايت است که وقتي کور شده بود، بر بلندي احد ايستاد و به کسي که او را مي‏کشيد، گفت: اين جا بود که محمد و ياران وي را پس زديم و نيز آن رويا که پيمبر صلي الله عليه و آله ديد که به سبب آن غمين بود و پس از آن کسي وي را خندان نديد و خدا چنين نازل فرمود: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناک الا فتنة للناس) (سوره‏ي بني اسرائيل (17) آيه‏ي 62.).

يعني: و رويايي را که به تو نمودار کرديم، جز براي امتحان مردم نکرده‏ايم.که گويند: وي کساني از بني‏اميه را ديد که بر منبر وي مي‏جهند.

و هم از آن جمله اين بود که پيمبر خداي صلي الله عليه و آله حکم بن ابي‏العاص را که تقليد حرکت وي را مي‏کرده بود، تبعيد کرد و خداي به دعاي پيمبر نشاني دائم در او به جا گذاشت که وقتي پيمبر او را ديد که لرزش مي‏نمايد، به او گفت: «چنين باش» و همه عمر بر اين حال باقي ماند. بعلاوه، آنچه مروان کرد که نخستين فتنه را که در اسلام بود، پديد آورد که هرچه خون ناحق در اثناي فتنه يا پس از آن ريخته شد، نتيجه‏ي کار وي بود.

و نيز آنچه خداي بر پيمبر خويش نازل فرمود در سوره‏ي قدر که: (ليلة القدر خير من ألف شهر) (سوره‏ي قدر (97) آيه‏ي 3. (.

يعني: شب قدر از هزار ماه بهتر است که منظور ملک بني‏اميه است.

و هم از آن جمله اين بود که پيمبر معاويه را خواست که به دستور وي پيش روي وي چيز نويسد، اما فرمان وي را معطل نهاد و خوردن خويش را بهانه کرد و پيمبر فرمود: «خدا شکمش را سير نکند.»

و چنان شد که هرگز سير نمي‏شد و مي‏گفت: «به خدا به سبب سيري از غذا دست نمي‏کشم؛ بلکه خسته مي‏شوم.»

و هم از آن جمله اين که پيمبر خداي صلي الله عليه و آله فرمود: «از اين دره يکي از امت من مي‏آيد که بر غير دين من محشور مي‏شود.» و معاويه نمايان شد.

و هم از آن جمله اين که پيمبر خداي صلي الله عليه و آله فرمود: «وقتي معاويه را بر منبر من ديديد، او را بکشيد.»

و هم از آن جمله حديث مشهور منتسب به پيمبر است که فرمود: «معاويه در تابوتي آتشين است در طبقه‏ي پايين‏تر جهنم و بانگ مي‏زند: يا حنان! يا منان!اکنون که پيش از اين نافرماني آورده‏ام و از تباهکاران بوده‏ام.» (الآن قد عصيت قبل و کنت من المفسدين) سوره‏ي يونس (10) آيه‏ي 91.)

و هم از آن جمله اقدام وي به نبرد با علي بن ابيطالب بوده [است] که مقام وي در اسلام از همه مسلمانان برتر بود و در مسلماني از همه پيش‏تر بود و از همه مؤثرتر و بنام‏تر. و با باطل خويش درباره‏ي حق وي نزاع مي کرد و با ضلالت‏گران و ياغيان خويش با ياران وي پيکار مي‏کرد و چنان مي‏خواست که وي و پدرش پيوسته مي‏خواسته بودند که نور خدا را خاموش کنند و دين وي را انکار کنند و (خدا نمي‏خواهد جز آن نور خويش را آشکار کند؛ و گرچه کاران کراهت داشته باشند) (و يأبي الله الا أن يتم نوره و لو کره المشرکون) سوره‏ي توبه (9) آيه‏ي 32.) که با مکاري و سرکشي خويش مردم خرف را فريب مي‏داد و اهل جهالت را به خطا مي‏افکند؛ همان کسان که پيمبر خداي صلي الله عليه و آله از پيش، از آن‏ها خبر داده بود و به عمار گفته بود: «گروه سرکش تو را مي‏کشند. تو آن‏ها را به بهشت مي‏خواني و آن‏ها تو را به جهنم مي‏خوانند.»

از آن رو که حاضر را برگزيده بود و به آخرت کافر بود و از قيد اسلام به در رفته بود و خون ناحق را روا مي‏داشت؛ چندان که در فتنه‏ي خويش و راه ضلالت خويش گروهي بي‏شمار از نخبه‏ي مسلمانان را که از دين خداي دفاع مي‏کردند و حق وي را نصرت مي‏دادند و در راه خدا پيکار مي‏کردند و مي‏کوشيدند، بکشت تا خداي را عصيان کنند و اطاعت نکنند و احکام وي باطل ماند و به پاي نماند و با دين وي مخالفت کنند و آن را گردن ننهند که کلمه‏ي ضلالت بلا گيرد و دعوت باطل برتر شود؛ اما کلمه‏ي خدا برتر است و دين وي منصور است و حکم وي متبع و روان است و فرمان وي غالب و حيله‏ي مخالف آن مغلوب و درهم کوفته. و گناه اين پيکارها را با پيکارها که پس از آن بود، عهده کرد و آن خون‏ها را با خون‏ها که پس از آن ريخته شد، به گردن گرفت و روش‏هاي تباهي را پيش آورد که گناه آن و گناه همه عاملان آن تا به روز رستاخيز بر او بار است. محرمات را بر مرتکبان روا داشت و حقوق را از اهل آن بداشت. فرصت او را مغرور کرد و مهلت او را به گناه کشانيد؛ اما خداي در کمين وي بود.

و نيز از چيزها که موجب لعنت وي شد، آن بود که کساني از اخيار صحابه و تابعان و اهل فضيلت و ديانت را دست بسته کشت؛ چون عمرو بن حمق و حجر بن عدي با کسان ديگر امثال آن‏ها تا عزت و ملک و غلبه از آن وي شود؛ اما عزت و ملک و قدرت از آن خداست. خدا عزوجل مي‏فرمايد: (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزائه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما) (سوره‏ي نساء (4) آيه‏ي 93.).

يعني: هرکه مؤمني را به عمد بکشد، سزاي او جهنم است که جاودانه در آن باشد و خدا بر او غضب آرد و لعنتش کند و عذابي بزرگ براي او مهيا دارد.

از جمله چيزها که به سبب آن مستحق لعنت خداي و پيمبر وي شد، آن بود که به خداي جرأت آورد و دعوي نسب زياد بن سميه کرد. خداي تعالي مي‏فرمايد: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عندالله) (سوره‏ي احزاب (33) آيه‏ي 5.).

يعني پسرخواندگان را به نام پدرانشان بخوايند که اين به نزد خدا منصفانه‏تر است.

پيمبر خداي صلي الله عليه و آله مي‏فرمايد: هرکه جز پدر خويش را دعوي کند و جز به وابستگان خويش انتساب جويد، ملعون است. و هم او گويد: فرزند از آن پدر است و از آن زناکار سنگ.

وي آشکارا با حکم خداي عزوجل و سنت پيمبر وي صلي الله عليه و آله، مخالفت آورد و فرزند را جز براي بستر نهاد که زناکاري زناکار را، زيان نزند و با اين انتساب ام‏حبيبه همسر پيمبر صلي الله عليه و آله را، و غير او را به معرض محرمات خداي و محرمات پيمبر وي برد و روهايي را نمايان کرد که خداي حرام کرده بود و قرابتي را اثبات کرد که خدا آن را دور نهاده بود و چيزي را روا داشت که خدا ممنوع داشته بود و خللي همانند اين در اسلام نيفتاده بود و دين دستخوش تغييري همانند آن نشده بود.

از جمله آن بود که دين خدا را بازيچه کرد و بندگان خدا را سوي پسر خويش يزيد متکبر شرابخواره‏ي خروسباز يوزباز ميمون بازخواند و براي وي از اخيار مسلمانان با قهر و سطوت و تهديد و بيم دادن و هراس افکندن بيعت گرفت؛ درصورتي که سفاهت وي را مي‏دانست و از خبث وي خبر داشت و مستي و بدکاري و کفر وي را معاينه مي‏ديد. و چون قدرتي که براي يزيد فراهم آورده بود و به سبب آن عصيان خدا و پيمبر کرده بود، بر او راست شد، به انتقامجويي مشرکان از مسلمانان پرداخت و با اهل حره نبردي کرد که در اسلام شنيع‏تر و زشت‏تر از آن نبود که در اثناي آن پارسايان را از پاي درآورد و خشم خويش را فرونشانيد و پنداشت که از دوستان خداي انتقام گرفته و مقصود خويش را به سبب دشمنان خداي انجام داده [است] و به ابراز کفر و اظهار شرک گفت:

«اي کاش پيران من که به بدر بوده بودند

ديده بودند که خزرجيان

از ضربت شمشير مي‏نالند.

گروه سروران شما را کشتيم

و انحراف بدر را به اصلاح آورديم

که به اعتدال بازگشت

که از خرسندي غريو کردند

و گفتند: اي يزيد! آفرين.

از خندف نباشم اگر از فرزندان احمد

از کرده‏هاي وي انتقام نگيرم

که نه خبري آمد و نه وحيي نزول يافت

بلکه هاشميان به ملک دلبسته بودند.»

اين برون شدن از دين است و گفتار کسي که به خداي و دين وي و کتاب وي و پيمبر وي بازنمي‏گردد و به خدا و آنچه از نزد خدا آمده [است]، ايمان ندارد.

بدترين حرمتي که شکست و بزرگ‏تين خطايي که کرد، آن بود که خون حسين بن علي و پسر فاطمه دختر پيمبر خداي صلي الله عليه و آله را ريخت، با وجود مقام و منزلتي که به نزد پيمبر خداي و در دين و فضيلت داشته بود و پيمبر خدا صلي الله عليه و آله درباره‏ي وي و برادرش شهادت داده بود که سرور جوانان اهل بهشتند و اين را از روي جسارت با خداي و انکار دين و دشمني پيمبر خداي و مخالفت با خاندان وي و سبک گفتن حرمت وي کرد که گويي با کشتن حسين و خاندان وي، جمعي از کافران ترک و ديلم را مي‏کشت و از عذاب و سطوت خداي باک نداشت که خداي عمر وي را ببريد و اصل و فرعش را از ريشه درآورد و آنچه را به دست داشت، از وي گرفت و عذاب و عقوبتي را که به سبب نافرماني خداي درخور آن بود، برايش مهيا کرد.

اين همه بود به علاوه‏ي آنچه بني مروان کردند که کتاب خدا را تغيير دادند و احکام وي را معوق نهادند و مال خدا را خاص خويش کردند و خانه وي را ويران کردند و حرمت آن را روا شمردند و منجنيق‏ها مقابل آن نهادند و آتش به خانه افکندند و از سوختن و ويران کردن آن بازنماندند و از شکستن حرمت آن دريغ نکردند و پناهندگان خانه را کشتند و سرکوب کردند و کساني را که خدا به سبب آن ايمنشان داشته بود، بترسانيدند و براندند تا وقتي که عذاب برايشان مقرر شد و درخور انتقام خداي شدند و زمين را از جور و تعدي پر کردند و ستم و تجاوزشان بر بندگان خداي عام شد و مشمول غضب شدند و سطوت خداي بر آن‏ها فرود آمد. خداي کسي از خاندان پيمبر و ميراث بران وي را مهيا کرد که با خلافت وي بندگان را از آن‏ها نجات داد؛ چنان که خداوند گذشتگان مؤمن و نياکان مجاهدشان را براي قدماي کافر اينان مهيا کرده بود و به دست آن‏ها، خون‏هايشان را در حال ارتداد ريخت؛ چنان که به دست پدرانشان خون‏هاي پدران کافر مشرک را ريخته بود و خداي گروه ستمگران را نابود کرد و سپاس خدا را پروردگار جهانيان و زبونان را نيرو داد و حق را به مستحقانش پس داد؛ چنان که او جل شأنه فرمود: (و نريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض و لنجعلهم أئمة و لنجعلهم الوارثين) (سوره‏ي قصص (28) آيه‏ي 4.).

يعني: ولي ما مي‏خواستيم بر آن کسان که در آن سرزمين زبون به شمار رفته بودند، منت نهيم و پيشوايانشان کنيم و وارثانشان کنيم.

اي مردم! بدانيد که خدا عزوجل فرمان داده [است] که اطاعتش کنند و دستور داده [است] که به انجام برند و حکم کرده [است] که بپذيرند و سنت پيمبر خويش را صلي الله عليه و آله فرض فرموده [است] که پيروي کنند، اما بسياري از ضلالت پيشگان و منحرفان و بگشتگان اهل جهالت و سفاهت، جبران و راهبان خويش را به جاي خدا پروردگارها گرفته‏اند. خداي عزوجل فرموده [است]: (قاتلوا أئمة الکفر) (سوره‏ي توبه (9) آيه‏ي 12.).

يعني: با پيشوايان کفر نبرد کنيد.

اي گروه مردمان! از آنچه مايه‏ي خشم خداست، بس کنيد و بدانچه مايه‏ي رضاي اوست بازگرديد و به چيزي که خدا برايتان برگزيده [است]، رضايت دهيد و بدانچه فرمانتان داده [است] پاي بند باشيد و از آنچه منعتان کرده [است] دوري کنيد و از راه راست و حجت روشن و راه‏هاي عيان و اهل خاندان رحمت که خدا بدان‏ها هدايتتان فرموده و از جور و تعدي نجاتتان داده و درسايه‏ي دولتشان به آرامش و امان و صلاح دين و معاشتان رسانيده [است]، پيروي کنيد و کسي را که خداي و پيمبر وي لعنتش کرده [است]، لعن گوييد و از کسي که تقرب خداي جز به جدايي وي ميسرتان نيست، دوري کنيد.

خدايا! ابوسفيان بن حرب و معاويه پسرش و يزيد پسر معاويه و مروان بن حکم و پسرانش را لعنت کن. خدايا! پيشوايان کفر و رهبران ضلال و دشمنان دين و مخالفان پيمبر و تغييردهندگان احکام و تبديل‏کنندگان کتاب و ريزندگان خون حرام را لعنت کن. [...]

پاينده، ترجمه‏ي تاريخ طبري، 6686 - 6675 / 15.

[74] في الأصل وبر: فيقول، و في د: و قيل.)

[75] (في الأصل وبر: فيقول، وفي د: و قيل.)

[76] زيد في د:وآله.

[77] في ا: «فقد علقت بکم فتلقفوها».

[78] في ا: «لأربع عشرة ليلة خلت من صفر».

[79] في ب: «لعمري لقد ولي الي الخلد خالد».

[80] کذا في ا، و في ب: «و لا أخدع من صغير» و أحسب أن الأصل «و لا أخدع عن صغير».

[81] في ب: «ثم صل» و ما أثبتناه موافقا لما في ا هو الصحيح.

[82] في أ: «علي اذن من ابن‏الزبير».

[83] في ا «العسيل» محرفا، و حنظلة يقال له «غسيل الملائکة».

[84] في ا «ابنان لعبدالله بن جعفر بن أبي‏طالب، و لجعفر بن محمد - الخ».

[85] في ب «أباالعباس قوم من لؤي» محرفا عما أثبتناه موافقا لما في ا.

[86] في ا «فحالت دونه أيد منيعه».

[87] [راجع ج 8].

[88] في ا «و خالف رسوله».

[89] النضد: الأعمام و الأخوال المتقدمون في الشرف.

[90] أجا أصله أجأ بالهمزة فأبدل الهمزة فقلبها حرف علة للضرورة کما في قوله: مثل خناذيذ أجا و صخره. و أجأ أحد جبل طيي‏ء، و الآخر يقال له سلمي.

[91] کذا في جميع الأصول و هو جمع غطريف، و الغطريف: السيد الشريف السخي الکثير الخير. و في اللسان مادة ردف، و ياقوت في الکلام علي أجأ: «قلامسة» جمع قلمس و هو السيد العظيم، و يقال للداهية من الرجال.

[92] اسم فاعل من أردف بمعني تبع.

[93] سباطا جمع سبط و هو السمح، يقال: فلان سبط الکفين أي سمحهما، قال حسان:



رب خال لي لو أبصرته

سبط الکفين في اليوم الخصر.

[94] غيرمقرف أي غير مشوب بما يشينه.

[95] السيالة: أرض يطؤها طريق الحاج، قيل هي أول مرحلة لأهل المدينة اذا أرادوا مکة. قال ابن‏الکلبي: مر تبع بها بعد رجوعه من قتال أهل المدينة و واديها يسيل فسماها «السيالة». انظر معجم البلدان لياقوت في اسم السيالة.

[96] [في الأمالي: «أحمد بن أبي‏الحسن الکني قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن بابا الآذوني، حدثنا السيد المرشد بالله، أخبرنا أبوبکر محمد بن عبدالله بن أحمد بن ريذة، أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا»، و في الخوارزمي: «عن أبي‏العلاء هذا، أخبرنا محمد بن اسماعيل الصيرفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين، أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي، أخبرنا»].

[97] [في الأمالي و الخوارزمي و حول البکاء: «حيان»].

[98] [الأمالي: «محمد بن مجاشع»].

[99] في الحدائق الوردية مکانه: «روينا من أمالي السيد المرشد بالله [...] يرفعه الي عبدالله...»].

[100] [في مجمع الزوائد مکانه: «و عن معاذ بن جبل قال: «...»].

[101] [الخوارزمي: «مصفر»].

[102] [في المعجم، 20 / و الأمالي و الخوارزمي و الحدائق الوردية و مجمع الزوائد و حول البکاء: «أنا»، و في کنز العمال مکانه: «عن معاذ [عن النبي صلي الله عليه و آله]: أنا...»، و في فضائل الخمسة: «أنا...»].

[103] [في الأمالي و کنز العمال: «فواتح الکلم و خواتمه»، و في الخوارزمي: «جوامع الحکم فواتحها و خواتمها»].

[104] [في الأمالي و کنز العمال:«فواتح الکلم و خواتمه»، و في الخوارزمي: «جوامع الحکم فواتحها و خواتمها»].

[105] [فضائل الخمسة: «الي أن قال»].

[106] [فضائل الخمسة: «الي أن قال»].

[107] [في مجمع الزوائد و فضائل الخمسة: «خمسا»، و زاد في الخوارزمي: «بالاحصاء»].

[108] [في الأمالي و الخوارزمي و الحدائق الوردية و مجمع الزوائد و کنز العمال و فضائل الخمسة: «لا بارک»].

[109] [لم يرد في کنز العمال].

[110] [لم يرد في کنز العمال].

[111] [في الأمالي و الخوارزمي و الحدائق الوردية و کنز العمال: «الحسين»، و الي هنا حکاه عنه في فضائل الخمسة و أضاف: «و ذکره المناوي أيضا في فيض القدير باختصار، و قال في المتن، أخرجه ابن‏عساکر عن سلمة بن الأکوع، و قال في الشرح: ورواه عنه أبونعيم و الديلمي»].

[112] مجمع الزوائد: «لا يقتلوه»].

[113] [في الخوارزمي و الحدائق الوردية و مجمع الزوائد و کنز العمال: «لا يمنعونه»].

[114] [لم يرد في کنز العمال، و في مجمع الزوائد: «قال»].

[115] [لم يرد في کنز العمال، و في مجمع الزوائد: «قال»].

[116] [الخوارزمي: «آه»].

[117] [الي هنا حکاه عنه في حول البکاء].

[118] [في الأمالي و الخوارزمي و الحدائق الوردية و کنز العمال: «يبوأ بدمه رجل من أهل بيته، يسل (سل) الله»].

[119] [مجمع الزوائد: «بيته يسل الله بسيفه»].

[120] [في الأمالي و الخوارزمي و الحدائق الوردية و کنز العمال: «يبوأ بدمه رجل من أهل بيته، يسل (سل) الله»].

[121] [مجمع الزوائد: «بيته يسل الله بسيفه»].

[122] [الخوارزمي: «يختلف»].

[123] [فضائل الخمسة: «يکن موت سريع و قيل»].

[124] [فضائل الخمسة: «يکون موت سريع و قيل»].

[125] [في کنز العمال: «بني العباس»، و أضاف في مجمع الزوائد: «رواه الطبراني، و فيه: مجاشع بن عمرو، و هو کذاب»].

[126] [حکاه أيضا في شرح الأخبار، 139 / 3 و کنز العمال، 128 / 12 و أسرار الشهادة، / 82 باختصار کثير].

[127] [في الدمعة اساکبة و الأسرار: «سلمان»].

[128] [في البحار و العوالم و الدمعة الساکبة: «في ولده»].

[129] [لم يرد في البحار و الدمعة الساکبة].

[130] [في نفس المهموم مکانه: «و عن کامل الزيارة بسند عن عبدالرحمان الغنوي في حديث، قال: فوالله...»].

[131] [لم يرد في البحار والدمعة الساکبة و الأسرار و نفس المهموم].

[132] [لم يرد في البحار و الدمعة الساکبة و الأسرار و نفس المهموم].

[133] [لم يرد في نفس المهموم].

[134] وفي «ح»: و أن أبابکر.

[135] [وفي «ش»: الناس.

[136] [وفي «ح» و «ش» و وازره.

[137] انظر العقد الفريد لابن عبد ربه، و نقل هناک اعتراف يزيد بارتداده عن الاسلام، و من کلمة لست للشيخين يعلم مدي تعلقه و انتسابه عقيدة کيف ينسب نفسه لهما حقدا علي بني‏هاشم...

[138] أي الي يومنا هذا و يشمله الحديث: من سن سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها الي اليوم القيامة.

[139] [في فضائل الخمسة مکانه: «عن عثمان بن زياد الأشجعي، قال: کان..»].

[140] [من هنا حکاه عنه في التلخيص].

[141] [لم يرد في التلخيص].

[142] [لم يرد في التلخيص].

[143] [لم يرد في التلخيص].

[144] [لم يرد في التلخيص].

[145] [في التلخيص مکانه: «عن قتادة، عن شهر قال:...»].

[146] [التلخيص: «فقدمت»].

[147] [التلخيص: «فقدمت»].

[148] [لم يرد في التلخيص].

[149] [لم يرد في التلخيص].

[150] [التلخيص: «ناس»].

[151] [من هنا حکاه في التلخيص].

[152] [التلخيص: «عن أبي‏سعيد مرفوعا»].

[153] [في فضائل الخمسة مکانه: «عن أبي‏سعيد...»].

[154] [التلخيص: «عن أبي‏سعيد مرفوعا»].

[155] [لم يرد في التلخيص].

[156] [التلخيص: «صحيح. قلت: لا والله کيف و اسماعيل متروک، ثم لم يصح السند اليه»].

[157] [التلخيص: «صحيح. قلت: لا والله کيف و اسماعيل متروک، ثم لم يصح السند اليه»].

[158] [في تاريخ دمشق مکانه: «أخبرنا أبوعبدالله محمد بن الفضل، أنا أبوبکر البيهقي، ح: و أخبرنا أبوالقاسم هبة الله بن عبدالله، قال: أخبرنا - و أبومحمد عبدالکريم بن حمزة، قال: حدثنا - أبوبکر الخطيب، و أخبرنا أبوالقاسم بن السمرقندي، أنا أبوبکر بن الطبري، قالوا: أنا...»].

[159] [أضاف في تاريخ دمشق: «رواه غيره عن محمد بن سليمان، عن صدقة بن عبدالله، عن هشام بن الغاز، قرأت علي أبي‏محمد السلمي، عن أبي‏نصر بن ماکولا، قال: و أما غنيم بغين معجمة مضمومة و نون مفتوحة: ابن‏غنيم البعلبکي، روي عن هشام بن الغاز، حدث عنه محمد بن سليمان بن أبي‏داوود الحراني»].

[160] حديث «لا يرمي رجل رجلا بالکفر و لا يرميه بالفسق الا ارتدت عليه ان لم يکن صاحبه کذلک»، متفق عليه، و السياق للبخاري من حديث أبي‏ذر مع تقديم ذکر الفسق.

[161] حديث «ما شهد رجل علي رجل بالکفر الا أتي أحدهما ان کان کافرا فهو کما قال، و ان لم يکن کافرا فقد کفر بتکفيره اياه»، أخرجه أبومنصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي‏سعيد بسند ضعيف.

[162] حديث معاذ «أنهاک أن تشتم مسلما أو تعصي اماما عادلا»، أخرجه أبونعيم في الحلية في أثناء حديث له طويل.

[163] حديث عائشة «لا تسبوا الأموات، فانهم قد أفضوا الي ما قدموا»، أخرجه البخاري و ذکر المصنف في أوله قصة لعائشة و هو عند ابن‏المبارک في الزهد و الرقائق مع القصة.

[164] حديث «لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء»، أخرجه الترمذي من حديث المغيرة بن شعبة و رجاله ثقات، الا أن بعضهم أدخل بين المغيرة و بين زياد بن علاقة رجل لم يسم.

[165] حديث «أيها الناس احفظوني في أصحابي و اخواني و أصهاري و لا تسبوهم، أيها الناس اذا مات الميت فاذکروا منه خيرا»، أخرجه أبومنصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث عياض الأنصاري. «احفظوني في أصحابي و أصهاري»، و اسناده ضعيف و للشخصين من حديث أبي‏سعيد و أبي‏هريرة «لا تسبوا أصحابي»، و لأبي داود و الترمذي و قال غريب من حديث ابن‏عمر «اذکروا محاسن موتاکم و کفوا عن مساويهم» و للنسائي من حديث عائشة «لا تذکروا موتاکم الا بخير»، و اسناده جيد.

[166] سؤال: لعنت بر «يزيد» براي آن که کشنده‏ي «حسين» است يا فرماينده‏ي آن روا باشد يا نه؟

جواب: اين اصلا ثابت نشده است، زيرا که مسلمان را به کبيره نسبت نيابد کرد بي‏تحقيق، پس بي‏ثبوت روا نباشد که گوئي: «او کشت يا بفرمود»، تا کار به لعنت کردن رسد. آري، رواست که گوئي: ابن‏ملجم «علي» را - رضي الله عنه -بکشت و ابولؤلؤة «عمر» را؛ چه آن به تواتر ثابت شده است. پس روا نباشد که مسلماني را به فسق و کفر نسبت کرده آيد بي‏تحقيق.

و پيامبر - عليه‏السلام - گفت: لا يرمي رجل رجلا بالکفر و لا يرميه بالفسق الا ارتدت عليه ان لم يکن صاحبه کذلک. «اي، مردي مردي را به کفر و فسق دشنام نزند که آن دشنام به وي بازگردد، اگر صاحب او چنان نباشد.»

و گفت - عليه‏السلام -: ما شهد رجل علي رجل بالکفر الا بأن أحدهما ان کان کافرا فهو کان قال، و ان لم يکن کافرا فقد کفر بتکفيره اياه. «اي، مردي بر مردي به کفر گواهي ندهد که نه يکي از ايشان کافر بود، اگر آن کس که بر وي گواهي داده است کافر باشد، پس هم چنان است که گفت: و اگر نباشد گواهي دهنده به سبب تکفير او کافر شود.»

و معني اين حديث آن است که با آن چه داند که مسلمان است او را تکفير کند، و اگر پندارد که او کافر است به سبب بدعتي يا غير آن مخطي باشد نه کافر.

و معاذ روايت کرد که پيامبر - عليه‏السلام - مرا گفت: أنهاک أن تشتم مسلما أو تعصي اماما عادلا. «اي، بازمي‏دارم تو را که مسلماني را دشنام زني يا اميري عادل را بي‏فرماني کني. و تعرض مردگان صعب‏تر است.»

مسروق گفت: بر عايشه در رفتم، پرسيد که: «فلان - لعنه الله - کجاست؟» گفتم: «وفات کرد.» گفت: «رحم الله»، گفتم: «اين چگونه باشد؟» گفت: پيامبر - عليه‏السلام - گفته است: لا تسبوا الأموات فانهم قد أفضوا الي ما قدموا. «اي، مردگان را دشنام مزنيد که ايشان بدانچه پيش فرستادند رسيده‏اند.» و نيز گفت - عليه‏السلام -: لا تسبوا الأموات فتؤذوا به الأحياء. «اي، مردگان را دشنام مزنيد که زندگان را به آن برنجانيد.» و گفت - عليه‏السلم -: أيها الناس احفظوني في أصحابي واخواني و أصهاري، و لا تسبوهم. أيها الناس اذا مات الميت فاذکروا منه خيرا. «اي، اي مردمان مرا نگاه داريد در باب ياران و برادران من، و قرابتاني که مرا از طرف امهات المؤمنين باشند، و ايشان را دشنام مزنيد! اي مردمان چون مردي بمرد از او به نيکوئي ياد کنيد.»

مترجم مي‏گويد: مراد از آنچه گفت «مرا نگاه داريد» دو وجه احتمال دارد:

يکي: آنکه منزلت هرکس بدان اندازه نگاه داريد که من مرتب کرده‏ام.

دوم: آنکه رضاي مرا به دوستي ايشان نگاه داريد، و چون ايشان بهينه‏ي امت‏اند، به بهانه‏ي تهمت ايشان را بد مگوييد.

سؤال: آيا روا باشد که گويد: کشنده‏ي حسين، لعنه الله، يا فرماينده‏ي آن،لعنه الله؟

جواب: صواب آن است که گويد: کشنده‏ي حسين اگر پيش از توبه مرده است، لعنه الله. زيرا که محتمل است که پس از توبه مرده باشد. و وحشي که کشنده‏ي «حمزه» عم پيامبر است، در حال کفر وي را کشته، پس از آن توبه کرد - هم از کفر و هم از کشتن - و روا نباشد که وي را لعنت کنند. و کشتن کبيره است، و به حد کفر نرسد. و چون به توبه مقيد کرده نشود، و مطلق گفته آيد، خطر باشد. و در خاموشي خطر نبود، پس اين اولي. و اين براي آن ياد آورديم که مردمان لعنت کردن را آسان گرفته‏اند، و زبان را مطلق گردانيده بدان. و مؤمن، لعنت کننده نباشد. پس نبايد که زبان را به لعنت مطلق کند مگر در حق کسي که بر کفر ميرد، يا بر انواع مردمان که به صفت‏ها معروف باشند نه بر اشخاص معين. و مشسغولي به ذکر خداي اولي. و اگر اين باشد، در خاموشي سلامت است.

خوارزمي، ترجمه‏ي احياء علوم الدين، 340 - 338 / 1.

[167] [من هنا حکاه في المختصر].

[168] [المختصر: «قال له»].

[169] [في المطبوع: «علماء»].

[170] [نفس المهموم: «اغارته علي المدينة»].

[171] [نفس المهموم: «اغارته علي المدينة].

[172] [لم يرد في نفس المهموم].

[173] [لم يرد في نفس المهموم].

[174] [نفس المهموم: «أسبيهم، فأمر لا يقنع»]..

[175] [نفس المهموم: «أسبيهم، فأمر لا يقنع»].

[176] [نفس المهموم: «باللعنة»].

[177] هذا هو الظاهر، و في أصلي: «يقتتلون الرجال».

[178] کذا في الأصل، و کأن هاهنا وقع حذف و سقط.

[179] هذا هو الظاهر، و في أصلي: «لأن هذه تدل علي اشغال الانسان بنفسه عن ذکر غيره و الاولي علي جواز اللعنة کما قلنا...»].

[180] الظاهر أن هذا هو الصواب، و في أصلي: «أباعلي».

[181] لعل هذا هو الصواب، و في أصلي «أحمد بن البتري...».

[182] و هذا هو التقية التي تلتزم بها شيعة أهل البيت اتباعا للکتاب و السنة قولا و عملا، و تنکرها شيعة بني أمية قولا و تشنع علي الملتزمين بها، ولکنها تلتزم بها فطرة و تطبقها عملا.

[183] و اذا سبرت تاريخ السلف من المصادر الموثوق بها يتجلي لک عيانا أن - ما عدا زعماء أهل البيت - جميع من تأمر علي المسلمين کانت امارته بتشهي أفراد قليلة و اکراه الجم الغفير من المسلمين، و منه يعلم أن ايکال نصب الامام الي الرعية غلط و باطل و نقض للغرض.

[184] کذا.

[185] [محمد: 23 / 47 [.

[186] [حکاه عنه في نفس المهموم و المعالي و وسيلة الدارين].

[187] [في أعيان الشيعة مکانه:«استدعي يزيد ابن‏زياد...»].

[188] [لم يرد في وسيلة الدارين، و في نفس المهموم و المعالي: «بديها»].

[189] [في نفس المهموم و المعالي: «مشاشي»، و في وسيلة الدارين: «مشامي»].

[190] [المعالي: «البر»].

[191] [حکاه عنه في نفس المهموم و المعالي و وسيلة الدارين].

[192] [من هنا حکاه عنه في ينابيع المودة].

[193] [ينابيع المودة: «بالخمر»].

[194] يقال: احتقب فلان الاثم؛ اذا ارتکبه.

[195] سورة يونس 91.

[196] سورة التوبة 32.

[197] الربقة: الواحدة من العري التي في الحبل.

[198] صبرا، أي حبسا.

[199] سورة الأحزاب 5.

[200] لعبدالله بن الزبعري؛ من کلمته يوم أحد؛ سيرة ابن‏هشام 96 / 3 و بعده في الطبري:



قد قتلنا القوم من ساداتکم

و عدلنا ميل بدر فاعتدل‏



فأهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تسل‏



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحد ما کان فعل‏



لعنت هاشم بالملک فلا

خبر جاء و لا حي نزل.

[201] الطبري: «هذا هو المروق من الدين و قول من لا يرجع...»].

[202] سورة المجادلة 22.

[203] سورة المائدة 81.

[204] سورة الممتحنة 13.

[205] سورة لأحزاب 67.

[206] سورة البقرة 159.

[207] سورة البقرة 228.

[208] سورة المائدة 78.

[209] سورة الأحزاب 57.

[210] سورة الأحزاب 61.

[211] سورة ص 78.

[212] سورة الأحزاب 64.

[213] سورة النور 7.

[214] سورة النساء 93.

[215] سورة المائدة 60.

[216] سورة الأحزاب 68.

[217] سورة المائدة 64.

[218] ربقة الطاعة: عرقها.

[219] نشرت حبل الطاعة: أي قطعته.

[220] سورة الأعراف 175.

[221] الکامل للمبرد 7: 1.

[222] الشسع: قبال النعل.

[223] نکاح المتعة؛ هو أن يتزوج الرجل المرأة يستمتع بها أياما ثم يترکها.

[224] باهل القوم بعضهم بعضا وابتهلوا: تلاعنوا.

[225] عالج: موضع به رمل، معروف.

[226] ب: «لجماعة».

[227] صقع الديک صقعا: صاح.

[228] المهراس: اناء مستطيل منقور يتضأ فيه.

[229] [الحجرات: 9 / 49].

[230] سورة الفتح 18.

[231] سورة الفتح 29.

[232] سورة الزمر 65.

[233] سورة الزمر 13.

[234] سورة ص 26.

[235] در رساله‏ي حاويه آمد که رکن الاسلام خوارزمي گفت: چون سر امام حسين عليه‏السلام پيش يزيد لعين بنهادند، آن ناپاک پاي بر سر امام نهاد. زيد [بن] ارقم حاضر بود، گفت: لا تفعل ذلک يا يزيد فاني رأيت رسول الله يقبل ذلک الفم؛ مکن اين عمل اي يزيد به درستي که ديدم رسول خداي بوسه مي‏داد اين دهن را، و اما پيش ما چنين است که آن لعين تازيانه گرفته بود و بر لب و دندان حسين عليه‏السلام مي‏زد. و هم در حاويه گفت: آن لعين به حضور سر امام حسين عليه‏السلام شراب بخواست و بياشاميد. و علما گفتند: آن لعين مست شد. بعد از آن روزي بر بام رقص مي‏کرد و از بام بيفتاد و مست به دوزخ رسيد؛ چنان که پدرش مست بمرد و صليب رومي در گردن خود انداخته بود. و جمعي گويند که به صيد رفت با لشگر. آهويي به پيش او آمد. به عقب آن آهو رفت. حق تعالي خطاب به زمين کرد تا او را فروبرد؛ (فخسفنا به و بداره الأرض). و گويند: چون خلق برص او را معلوم کردند، غوغا کردند بر سر آن لعين. او گريخت و به چاه نجاست فروشد. مردمان سر آن چاه را بگرفتند و آن چاه در دمشق مشهور است؛ «و أنشد في مذمته و مدح علي و آله عليهم الصلوة و السلام»:



يهدي أساري کربلا الي الشام و البلا

قد انتعلن بالدماء ليس لهن باعل‏



الي يزيد الطاغية معدن کل داهية

من نحو نار حامية مجاهد و خاذل‏



حتي رأي بدر الدجي رأس الامام المرتجي

بين يدي شر الوري و اللعين القاتل‏



يظل في بنانه قضيب خيزرانه

ينکث في أسنانه قطعت الأنامل‏



أنامل لجاهد و حاقد مراصد

مکائد معاند في صدره طوائل‏



طوائل بدرية طوائل کفرية

شرها جاهلية ولت لها الأفاضل‏



و بعد از قتل مولانا حسين عليه‏السلام يزيد لعين لشگر به مدينه فرستاد و سه روز آن جا را غارت کردند تا به حدي که مقنعه از سر قرشيات مي‏کشيدند و اگر در خانه مي‏بستند، در را مي‏سوختند. ابوسعيد خدري گفت: «ما کنا نسمع الأذان الا من قبر النبي». و شش هزار آدمي را در مدينه بکشتند و از آن جا عزم مکه کردند و عراده و منجنيق بر مکه ساختند و خانه را خراب کردند و استار کعبه را بسوختند و شمشيري بر دوش گرفتند و قرآن را در پاي افکندند. دو نوبت کعبه را بدين صفت خراب کردند و مکه را بسوختند. و گويند که بعد از چند سال حجرالاسود را در يمن يافتند. بازآوردند و خانه را عمارت کردند. اين است سنت معاويه و يزيد و لشگر شام! زهي مسلماني! واي بر آن کس که اين طايفه را مسلمان داند. مقصود يزيد و حجاج، عبدالله زبير بود. او را بگرفتند و در مکه بر درخت کردند چون از درخت فروگرفتند، مرده بود. مادر او اسماء بنت ابي‏بکر ذات النطاقين کور شده بود و او در آن روز پير شده بود. چون بر سر پسر رفت، او را يافت؛ دست و پاي و لب بريده و شکم شکافته، و سنگ در شکم نهاده. اول فرزندي که از مهاجر آمد، او بود. حجاج لعين، عبدالله زبير را کشت و گفت: طهرت مکة. پس معاويه تمکين يزيد کرد تا اين افعال از او صادر شد. مدت چهل و هفت سال از روزگار عمر خطاب گذشته بود تا به روز مرگ يزيد لعين بعد از قتل حسين عليه‏السلام. عجب که مخالف گويد: «نهي النبي لعن المصلين، و معاوية و يزيد من المصلين». پيغمبر نهي کرد از لعن کردن نمازگزارندگان. يزيد و معاويه نمازگزارندگان بودند و با اين همه علماي معتزله، علماي شيعه را لعنت کنند و ناسزا بر اهل بيت رسول گويند و با آن که ايشان جمله نمازگزارند و معاويه و يزيد را رضوان الله فرستند. ان شاء الله که حشر ايشان با معاويه و يزيد باشد و چنين خواهد بود به موجب حديث «المرء مع من أحبه» و علماي شيعه را حشر کنند با اهل بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم. صاحب حاويه گويد که فاطمه عليهاالسلام روز قيامت به عرصه قيامت درآيد؛ جامه سبز بر دستي و جامه سرخ بر دستي فرياد برآورد که: «رب احکم بيني و بين قاتل ولدي». يعني: «حکم کن ميان من و کشندگان فرزند من که ايشان را به چه حجت کشتند؛ يکي را به زهر و ديگري را به شمشير». به اين عبارت: «ان فاطمة تجيئي يوم القيامة بيدها قميص أخضر، و بأخري قميص أحمر، فتقول: يا رب انتصف من قتلة ولدي، لم سم أحدهما و ذبح الآخر، فيحکم الله لها أولا يعني الحسن عليه‏السلام من معاوية و ثانيا من يزيد لعنه الله». عماد الدين طبري، کامل بهايي، 175 - 173 / 2 بدان که هرکه را در دين رسوخي هست و در اعتقاد ثباتي و از عقل حظي و به قيامت و جنت و جحيم تصديقي و به ثواب رجايي و از عقاب خوفي و به توحيد و عدل معرفتي و با خاندان طهارت ارادتي و از اسلام نصيبي و به مطالعه کتاب تواريخ و سير اصحاب تعمقي و از حضرت حق تعالي توفيقي و از طينت پاک خود انصافي داند که يزيد و معاويه به آن فعلات مستحق لعنت‏اند و از اسلام ايشان را هيچ بهره نباشد و عذاب ابدي و عقاب سرمدي مستقر و مأواي ايشان باشد و بر شيعه اين رخصت مندوب، بلکه از واجبات و فرائض چون صلوة و صيام مکتوب. اما بر اهل سنت اين فتوي متعذر است که يزيد خليفه و ولي معاويه بود و معاويه خليفه و نائب مناب و متولي و گماشته عمر و عثمان بود و از قبل ايشان و ممکن و مسلط بر خلق خدا. چنين گويند که ملکي از ملوک مازندران از علوي پرسيد: «يا سيد! حسين عليه‏السلام را با اصحاب و قرابات او کجا شهيد کردند؟» علوي گفت: «به کربلا.» ملک گفت: «يا سيد! حسين عليه‏السلام را روز سقيفه بني‏ساعده که با ابوبکر بيعت کردند، در آن جا شهيد کردند.» چنان که در کتاب مؤالف آمد از تصانيف جرير طبري: «ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: لثلمة في الاسلام مخالفة علي بن أبي‏طالب، رخنه در اسلام، مخالفت علي بن ابيطالب است.» لاشک چون شيوخ بر عترت رسول جرأت تقدم کردند و حقوق ايشان بر نهج مذکور غصب کردند، فساق و کفار را اين در نظر افتاد و اين عرصه بر منافقان فراخ شد و شبهه در ميان خلق بر قطب ضلالت بماند و ضعفاي اسلام گفتند که اگر اين نوع مجوز و مرخص نبودي، صحابه که صدر اول بودند، از مهاجر و انصار و صاحب عريش رسول بودند و مستمعان تأويل و تنزيل قرآن از رسول صلي الله عليه و آله و سلم در اين فعل ابتدا نکردندي. و ايشان قوت دفع شبهه نداشتندي و مهاربت آن نه و از قرآن ايشان را ثمره حظي و تصديقي نبوده [است]؛ و الا معلوم ايشان بودي که چون حکم ظلم از اولاد انبيا بر انبيا و اوليا واقع شد، چنان که قابيل ابن‏آدم برادر خود (من قبل الاب و الام) هابيل را بکشت، از حسد که بر وي داشت و اولاد يعقوب يوسف را در غيابت الجب انداختند و مره ثانيه به دراهم معدوده بفروختند و هم کنعان بن نوح و ساير بني اسرائيل بعضي بر بعضي ظلم کردند و زن نوح و لوط کافر شدند. و به ضرورت اين غدر و ظلم نه براي انسانيت يا به قرابت و اخوت بود: (أم يحسدون الناس علي ما آتيهم الله من فضله) (نساء 57). حسد مي‏بردند مردم را بر آنچه خداي داده ايشان را از فضل خود. پس اين غدر و ظلم و قتل از اولاد مشرکان که ايام ايشان به طاعت لات و عزي سال‏ها گذشته بود و شرک و کفر ايشان را چون عادتي و جبلتي شد امکن و اجوز و اولي و اجزي و خاصه که اظهار اسلام از براي رهبت شمشير اميرالمؤمنين بود. يا رغبت به خلافت و امامت چنان که در دنيا به مقصود رسيدند؛ (ذهبتم طيباتکم في حياتکم الدنيا)؛ ببريد خوشي‏هاي خود را در زندگي دنيا. و مورخان و جمعي که با ايشان مخالطه دارند، اين باب نيکو دانند الا آن که جماعتي در رتبه‏ي ضلالت نشو و نما يافته‏اند و حب اتباع طريقه آبا که (انا وجدنا آباءنا علي أمة) با تتبع سواد اعظم که آن علامتي است من الضلالة کما قال تعالي: (ولو أعجبک کثرة الخبيث) (مائده 100) و اگر تعجب آرد تو را بسياري خبيث. و قال تعالي: (ولکن أکثرکم للحق کارهون) (زخرف 78) وليکن اکثر ايشان مر حق را کارهانند. يا خذلان الهي دارند براي ترک استعمال عقل: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (عنکبوت 69) آنان که مجاهده کنند در راه ما هر آينه هدايت کنيم ايشان را به راه خود و قال تعالي: (انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي) (کهف 12) و آنان که ايمان آوردند به پروردگارشان و زياده کرديم برايشان هدايت را که ايشان مي‏دانند و مي‏خوانند و استماع مي‏کنند، ليکن توفيق اعتقاد ندارند بدان: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) (بقره 5) مساوي است بر ايشان اگر ايشان را بترساني يا نترساني که ايمان نياورند.عمادالدين طبري، کامل بهايي، 305 - 304 / 2.

[236] رواه الزمخشري في ربيع الأبرار، کما في احقاق الحق، الطبعة القديمة. ولکن ربما يقال: ان يزيدا لم يکن قد ولد بعد، فلعل المقصود هو قضية: أن معاوية کان يقود أباسفيان، و يزيد بن أبي‏سفيان کان يسوق به، فرآهم النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقال هذه الکلمة.

[237] «منه» تصحفت في الأصل الي: «منهم» و مابين حاصرتين زيادة من (م ب).

[238] هي ثنية العقاب. قال ياقوت في معجم البلدان: «و هي ثنية مشرفة علي غوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق الي حمص» قال: «و ثنية العقاب أيضا بالثغور الشامية قرب المصيصة».

[239] البختي: واحدة البخت، و هي الابل الخراسانية (المعجم الوسيط).

[240] الخضراء: هي دار الامارة بدمشق، بناها معاوية بالطوب ثم نقضها و بناها بالحجارة، و موقعها حذاء سوق الصفارين من الجنوب قبلي الجامع الأموي، و يقال انه کان لها باب يفضي الي المسجد مما يلي المقصورة.

[241] ولا غرو: سقطت من ت.

[242] ط: للحاسدين.

[243] هود: 43.

[244] الذخيرة: و قلدت لأبرهة الفيل.

[245] يعني أديم عمر، و الاشارة الي قول جزء أخي الشماخ:



جزي الله خيرا من أمير و بارکت

يدالله في ذاک الأديم الممزق.

[246] هو عثمان بن عفان، و ذلک من قول حسان:



ضحوا بأشمط عنوان السجود به

يقطع الليل تسبيحا و قرآنا.

[247] في ط: سعيد.

[248] هو علي بن ظافر الأزدي (613)، و معني ذلک أن ابن‏ظافر استخرج أحسن ما عده نفيسا من کتاب الذخيرة لابن بسام.

[249] ص: عشر.

[250] ص: ثمانية و ثلاثين.

[251] ص: آدما.

[252] ص: ديوان.

[253] تجد هذه الفتوي و فتوي الغزالي عند ابن‏خلکان 287: 3 و ما بعدها، و قد أوجز المؤلف في النقل.

[254] ص: التلويح دون التصريح.

[255] ابن‏خلکان: يعلم بن غاية حماقة.

[256] ص: قرما.

[257] ص: ظلوا.

[258] ص: نجوم.

[259] [راجع: 8 / [.

[260] [قد جاء ذکر ما جناه يزيد لا في کتب الشيعة فحسب، بل جاء عند غيرهم، و قد توخينا الاختصار و اکتفينا بذکر الملخص].

[261] يزيد را به لهو و شکار و شراب و زنان ميل عظيم بود و فصاحت و کرم داشت و شعر نيکو گفتي تا حدي که عرب گفتند: «ابتداي شعر پادشاهي کرد و به پادشاهي ديگر ختم شد» و مراد، امرؤ القيس بود و يزيد، و اين ابيات را به يزيد نسبت کنند؛ قبح الله وجهه:



جاءت بوجه کأن البدر برقعه

نورا علي مائس کالغصن معتدل‏



احدي يديها تعاطيني مشعشعة

کخدها عصفرته صبغة الخجل‏



ثم استقلت و قالت و هي عالمة

بما تقول و شمس الراح لم تفل‏



لترحلن فما أبقيت من جلدي

ما أستطيع به توديع مرتحل‏



و لا من النوم ما ألقي الخيال به

ولا من الدمع ما أبکي علي الطلل‏



و ايضا:



و سرب نساء من عقيل أرابني

وراء بيوت الحي مرتجزا شدوا



فشددن اخصاص البيوت بأعين

حکت قضبا في کل قلب لها غمد



و قلن غدا حلو الفکاهة مازح

و منشأها أما تهامة أو نجد



و في لفظها علوية من فصاحة

و قد کاد من أعطافها يقطر المجد



مادر يزيد ميسون بود، دختر بجدل کلبي. در بعضي تواريخ آمده است و العهدة علي الراوي که پيري از بصره گفت: «بني نمير تعدي و فساد زياد مي‏کردند.»

خير به واثق خليفه رسيد. يکي را از غلامان خويش با جماعتي ترکان به جنگ بني نميز فرستاد. ايشان از بني نميز خلقي بسيار بکشتند و بعضي را اسير کردند و به بصره آوردند و در ميان اسيران پيري بود متفکر و سر در پيش افکنده. با او گفتند: «چرا سخن نمي‏گويي؟»

گفت: «در چنين حالتي، چگونه سخن توان گفت؟»

گفتند: «شعري بگوي که وصف حال باشد.»

گفت:



لئن أخني الزمان علي نمير

بسيف الترک و القتل الوحي‏



فقد نال الدعي و عبد کلب

عظيم النيل من ال النبي‏



با او گفتند: «دعي را مي‏دانيم؛ يعني زياد بن ابيه؛ اما عبد کلب را نمي‏دانيم.»

گفت: «ميسون دختر بجدل که او را پيش معاويه بردند و او حامله بود از غلام پدر خويش سفاح و پيش معاويه وضع حمل کرد و آن مولود يزيد بود.

در مدت ولادت و خلافت او خلاف است؛ اصح اقوال آن است که يزيد دو سال و شش ماه ولايت راند و در هر سال حادثه‏ي عظيمي از او در وجود آمد: سال اول، حسين بن علي را بکشت و در سال دوم مدينه را غارت کرد و بعد از سه رز دست از آن غارت برداشت؛ تا گويند که چون مدنيني خواستي که دختر به شوهر دهد، گفتي ضامن بکارت او نيستم. چه در واقعه‏ي حره ممکن است که بکارت او زايل شده باشد و غارت مدينه را واقعه‏ي حره مي‏گفتند و در سال سيم غزو کعبه کرد.

هندوشاه، تجارب السلف، /67 - 66

[262] [الحجرات 12/49].

[263] قال الکاتب الحلبي في عنوان: «تاريخ» من کتاب کشف الظنون: ج 1، ص 301: [ابن القفطي] هو الوزير جمال الدين علي بن يوسف النحوي المتوفي [عام]» 646 «[و تاريخه] کبير [مرتب] علي [ترتيب] السنوات....

[264] [العبرات: «أشرفت»].

[265] و ليلاحظ خصوصيات جيرون في نفس هذه المادة من کتاب معجم البلدان: ج 2 ص 199.



قال ياقوت في عنوان «دمشق» من معجم البلدان: ج 2 ص 468 ط بيروت: قال: و قيل في ذم دمشق:



فما هي الا بلدة جاهلية

بها تکسد الخيرات و الفسق ينفق‏



فحسبهم جيرون فخرا و زينة

و رأس ابن بنت المصطفي فيه علقوا



و ما في المتن رواه أيضا سبط بن الجوزي في أواخر الباب التاسع من کتاب تذکرة الخواص.

و ذکر أيضا في ترجمة الامام الحسين عليه‏السلام من کتاب مرآة الزمان / الورق 17/ أ /.

[266] [الي هنا حکاه عنه في العبرات].

[267] و هو علي بن محمد بن علي المولود سنة» 450 «المتوفي عام:» 504 «عن أربع و خمسين عاما؛ و هو مترجم في مصادر کثيرة.

[268] محمد: 47.

[269] [في المطبوع: «لايدرکني»].

[270] کذا.

[271] [حکاه عنه الفيروزآبادي في فضائل الخمسة 389/3].

[272] [حکاه عنه الفيروزآبادي في فضائل الخمسة 389/3].

[273] [حکاه عنه الفيروزآبادي في فضائل الخمسة 389/3].

[274] [محمد: 23/47].

[275] [محمد: 23/47].

[276] [من هنا حکاه عنه الفيروزآبادي في فضائل الخمسة، 393 - 392/3].

[277] [في ينابيع المودة مکانه: «و ان معاوية بن يزيد لما...»].

[278] [ينابيع المودة: «أبتر»].

[279] [لم يرد في فضائل الخمسة].

[280] [زاد في ينابيع المودة: «خسارة»].

[281] [زاد في ينابيع المودة: «خسارة»].

[282] [ينابيع المودة: «فلا أذوق مرارتها و لا أتقلدها»].

[283] [ينابيع المودة: «فلا أذوق مرارتها و لا أتقلدها»].

[284] [الي هنا حکاه في ينابيع المودة، 36/3].

[285] بدان که اهل سنت و جماعت اختلاف کرده‏اند در کفر يزيد بن معاويه که وليعهد او بود، بعد از او. طائفه‏اي بر اين رفته‏اند که او کافر شد؛ به دليل آن که سبط ابن الجوزي و غير او گفته‏اند که روايت مشهور آن است که چون سر مبارک امام حسين عليه‏السلام را نزد او آوردند، در ميان نهاد و اهل شام را جمع کرد و عصا از چوب خيزران که در دست داشت، بر دندان آن مي‏کوفت و ابيات ابن زبعري - ليت أشيخي ببدر شهدوا - برخواند و دو بيت ديگر بر آن افزود که مشتمل بودند و بر صريح کفر او و گفت: ابن الجوزي در آن که حکايت کرد از او پسر او: عجيب نيست از کشتن ابن زياد امام حسين بن علي عليه‏السلام؛ بلکه عجب است از خذلان يزيد و چوب زدن او به ثناياي امام حسين عليه‏السلام و بار کردن اسيران بر شتران بي پالان و فرستادن سر حسين عليه‏السلام را در وقتي که متعفن شده بود به مدينه.

آن گاه گفت: از اين افعا هيچ مقصودي ديگر نداشت مگر ايشان را فضيحت کند و سر را شهرت دهد در ممالک و حال اين فعلي که از او صادر شده آن است که به ال پيغامبر صلي الله عليه و آله و سلم جايز نيست که نسبت به فعل آرند؛ بلکه اجماع اهل سنت بر اين شده است که خوارج و اهلبغي را کفن کنند و نماز گزارند بر ايشان و دفن کنند و اگر کينه قلبي با امام حسين عليه‏السلام نبودي، هر آينه تعظيم و احترام سر مبارک فرا داشتي و تکريم مي‏کردي و وقتي نزد وي مي‏آوردند، آن را تکفين کرده و دفن مي‏نمود و نسبت به آل پيغامبر صلي الله عليه و آله و سلم احسان به جا مي‏آورد. بعضي ديگر از علما گفته‏اند: که يزيد کافر نيست؛ زيرا اسباب موجب کفر نزد ما ظاهر نشد که موجب خروج از اسلام است و روايت مشهور که از او نقل کرديم، معارضه مي‏کند با آنچه از او حکايت کرده‏اند که چون سر حسين عليه‏السلام را نزد يزيد آوردند، گفت: «رحمک الله يا حسين! به درستي که تو را کشت کسي که رحم نداشت و نشناخت.» و انکار بر ابن زياد کرد و گفت: «عداوت مرا در دل بر وفاجر کاشتي.» و نساء و صبيان و سر مبارک امام حسين عليه‏السلام را دوباره به مدينه فرستاد و به عمال خود نوشت که سر را در آن جا دفن کنند.

هرچند علما در کفر و اسلام يزيد اختلاف کرده‏اند، اما محققان امر او را به خداي تعالي مفوض نموده‏اند، ليکن در فسق و شر و ظلم و تکبر سخني نيست و پيغمبر صلي الله عليه و آله و سلم ازآن خبر داده است.

به روايت ابويعلي درمسند خود به سندي ضعيف از ابوعبيده که گفت: پيغامبر صلي الله عليه و آله و سلم فرمود: «لايزال أمر امتي قائما بالقسط حتي يکون أول من يثلمه رجل من بني امية يقال له يزيد.»

يعني: هميشه امر امت من به پاي است به عدل و راستي تا آن که اول کسي که در اين حلقه رخنه کند، مردي باشد از بني‏اميه که خوانده شود او يزيد.

و روياني در مسند خود از ابودرداء روايت کرده [است] که گفت: از رسول صلي الله عليه و آله و سلم شنيدم که مي‏گفت: «اول من يبدل سنتي رجل من بني‏أمية يقال له يزيد.» يعني: اول کسي که تغير و تبدل کند سنت مرا، مردي از بني‏اميه باشد که او را يزيد گويند.

و ابوهريره چيزي شنيده بود در شأن يزيد که هميشه مي‏گفت: «أللهم اني أعوذ بک من رأس السين و امارة الصبيان» خداي تعالي دعاي او را مستجاب فرمود که در سال تسع و اربعين وفات يافت.

از اين دو حديث و دعاي ابوهريره دلالت تامه است که خلافت معاويه مثل خلافت بني‏اميه نيست؛ زيرا از دو حديث مذکور ظاهر است اول کسي که رخنه و تبدل در امر خلافت کند، زيزد است و معاويه اجتهاد نمد که مؤيد آن فعل عمر بن عبدالعزيز است. مردي در حضور عمر بن عبدالعزيز مذمت معاويه نمود. بنابراين، اين مرد را سه تازيانه زد و ديگري يزيد بن معاويه را اميرالمؤمنين گفت، او را بيست تازيانه زد و چنانچه بعد از اين خواهد آمد.

پس ملاحظه کن که فرق در ميان ايشان چند است.

نوفل ابن ابي فرات گويد که مردي نام يزيد برد نزد عمر بن عبدالعزيز، او گفت: اميرالمؤمنين! يزيد بن معاويه.

آن گاه عمر بن عبدالعزيز گفت: تو يزيد را اميرالمومنين مي‏گويي؟

و امر کرد که بيست تازيانه وي را بزدند.

به واسطه‏ي اسراف يزيد در معاصي، اهل مدينه او را عزل کردند و بيان اين است که چون از انواع هيچ مصيبتي فروگذاشت نمي‏کرد و اين امر بر اهل مدينه دشوار گشت، او را از امارت معزول کردند و بر وي خروج کردند.

واقدي از طرقي از عبدالله بن حنظله بن الغسيل الملائکه روايت کرد که گفت: «والله که ما بر يزيد خروج نکرديم، مگر آن که ترسيديم که از آسمان بر ما سنگباران شود به واسطه‏ي شامت او؛ چرا که او در نکاح، جمع بين الامهات و الاولاد و البنات و جمع بين الاخوات مي‏نمود و شراب خواب بود و تارک الصلوة.»

ذهبي گويد: «چون يزيد با اهل مدينه چنين کرد، مردم بر او خروج کردند و خداي تعالي از عمر او برکت برداشت.»

و اشاره کرد است به فعل يزيد به آنچه از او واقع شد. چون يزيد اين سخن شنيد، در سنه ثلاث و ستين لشکر عظيم متوجه گردانيد و امر به قتال اهل مدينه کرد. چون آن لشکر به مدينه آمد، با ايشان مقاتله کردند و نزديک به آن شد که اهل مدينه هيچ کس از دست آن ظلمه چاره نبرد و بسياري از صحابه در آن واقعه مقتول شدند. آن واقعه، حره بود در باب مدينه طيبه و تو چه مي‏داني که واقعه حره چه بود؟ ذکر کرده است آن را حسن بصري مرة و گفت که به خدا نزديک بود که هيچ کس از ايشان نجات نيابد. در اين واقعه عده‏ي کثيري از صحابه و غير صحابه کشته شدند؛ انا لله و انا اليه راجعون.

و علما بعد از اتفاق بر فسق او اختلاف کرده‏اند در جواز لعن مخصوص به اسم او. از جمله ابن جوزي است که از احمد و غيره. در کتاب خود مسمي به «الرد علي المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد» نقل کرده [است] که: سائلي از من سؤال کرد از حال يزيد. گفتم: «کافي است او را چيزي که با اوست؛ يعني از شامت وقبائح اعمال.»

گفت: «آيا لعن بر وي جايز است؟»

گفتم: «علماي متورع تجويز کرده‏اند، از آن جمله احمد بن حنبل است.»

باز روايت کرد ابن جوزي از قاضي ابي يعلي فراء به درستي که او روايت کرد از کتاب خود «المعتمد في الاصول» به اسناد خود به سوي صالح بن احمد.

احمد بن حنبل مي‏گويد: از پدر خود پرسيدم: «قومي ما را نسبت مي‏دهند به تولاي يزيد. اين کيفيت چيست؟»

پدرم گفت: «اي پسر! به تولاي کسي مرا نسبت مي‏کني که به خداي ايمان نداشته باشد و چرا لعن نکند بر کسي که خداي تعالي او را در کتاب خود لعنت کرد؟»

پرسيدم: «لعن يزيد کجاست در کتاب الله؟»

گفت: «در قول خداي تعالي (فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامکم أولئک الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم).

گفت: «در قول خداي تعالي (فهل عسيتم ان تويتم ان تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامکم أولئک الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمي أبصارهم).

آيا شايد و توقع است از شما اگر به خود بگيريد امر مردمان را؛ يعني حاکم خلق شويد آن که فساد کنيد در زمين از روي تکبر و تعظيم و قطع رحم نماييد بنابر ظلم و جرأت اولئک الذين لعنهم الله. آن گروه کساني‏اند که رانده است خداي تعالي ايشان را که کر گردانيد تا سخن نشنوند و کور ساخت ديدهاي ايشان را تا دلايل قدرت و غيرت نبينند.

احمد گويد: کدام فسادي از قتل کمتر هست؟

و در يک روايت آن که گفت: اي پسر! چه گويم در شأن کسي که خدا او را لعنت کرد در کتابش.

بعد از آن، بيان آيتي است که اشارت است به لعن وي؛ چندان که مذکور شد و ابن جوزي گويد: قاضي ابويعلي کتابي تضعيف کرده و در آن کتاب، يزيد را مستحق لعن گفته و اين حديث را روايت کرده است: «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله و عليه لعنة الله و الملائکة و الناس أجمعين»؛ هرکسي که بترساند مردم مدينه را به قتل و تاراج از روي ظلم، بترساند او را خداي تعالي. بر وي باد لعنت خداي و فرشتگان و جميع مردمان.

باز گفت: خلافي نيست که يزيد لشکر به مدينه فرستاد و قتل و سبي و فساد عظيم واقع شد و اباحت مدينه نمود. چنانچه مشهور است، سه صد دختر را بکارت بزدند و همين مقدار صحابه رسول صلي الله عليه و آله و سلم در آن جنگ کشته شدند و از قراء قرآن قريب هفتصد کس به قتل آوردند و چند روز جماعت مسجد نبوي برطرف شد و از خوف آن جماعت اهل مدينه بقيه السقفي که مانده بود، نتوانستند اقامت جمعه و جماعت نمايند و درمسجد درآيند تا آن که کلاب و ذئاب به مسجد درآمدند و در مقام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بول و شاشه کردند. بنابر تصديق حديث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و اميران لشکر راضي نشدند مگر آن که بيعت کنند با يزيد به اين طريق که مالک او باشد؛ اگر خواهد بفروشد و اگر خواهد آزاد کند و بعضي از اهل مدينه که گفتند: «ما بيعت مي‏کنيم به کتاب الله و سنت رسول الله!» ايشان را گردن زدند. جميع اين قبائح در واقعه‏ي حره سابقه به وقوع انجاميد. باز همان لشکر متوجه و مشرف مکه شد به قتال عبدالله بن زبير و منجنيق انداختند به کعبه و سوختند. پس نظر کن که قباحت از اين بزرگ‏تر چه چيز است که در زمان او واقع شد و از او صادر شد و اين مصداق حديث سابق است؛ يعني لايزال أمر أمتي قائما بالقسط حتي يثلمه رجل من بني امية يقال له يزيد اما بدان که مردم در باب يزيد سه فرقه‏اند: اول، او را دوست مي‏دارند و فرقه‏ي دوم، او را از قبيل ساير ملوک و خلفاي غير خلفاي راشدين مي‏دانند و اين فرقه مصاب‏اند و مذهب ايشان لايق است به حال آن کساني که عارضه به سيرت سلف و عالم به شريعت مطهره جعلنا الله من أخيار أهلها آمين.

تا اين جا، کلام ابن صلاح لفظا باللفظ تمام شد و کلام او نص است در آنچه ذکر و ايراد کرديم در انوار که يکي از کتب ائمه متأخرين از کتب شافعيه آورده که اهل بغي فاسق و کافر نيستند؛ ليکن جايز نيست لعن يزيد و تکفير او؛ زيرا او از جمله‏ي مومنان است و امر او مفوض مشيت خداي تعالي است اگر مي‏خواهد او را عذاب کند و اگر مي‏خواهد عفو کند و اين سخن از غزالي و متولي و غير ايشان مروي است.

ايضا بدان که د اين کتاب بيان حقي کرديم که واجب است آن را اعتقاد مثل جلالت و فضيلت اصحاب و برائت و پاکي ايشان از جميع عيوب و نقص به خلافت و آنچه واعظان جاهلان مي کنند که اخبار کاذبه و موضوعه روايت مي‏کنند و بيان محاملات و تأويلات و بيان حقي که اعتقاد به آن واجب است نمي‏کنند، از اين جهت عوامل الناس در مهلکه بغض و تنقيص اصحاب رضي الله عنهم مي‏افتند. بدان که انقطاع عمر بن عبدالعزيز از يزدي به واسطه بد فعل او بود و دعاي پدرش در حق او مستجاب گشت؛ زيرا در وقتي که معاويه يزيد را وليعهد خود ساخت، خطبه خواند و گفت: «بار خدايا! اگر من يزيد را ولي خود ساختم، به واسطه‏ي فضلي [است] که مشاهده کرده‏ام از وي. پس او را برسان به اميد که من از وي دارم و اعات وي کن و اگر محبتي که پدر با پسر مي‏دارد مرا بر اين داشت که او را وليعهد خود سازم و در حقيقت اهليت اين امر يزيد ندارد، پس روح او را قبض کن قبل از آن که اميد او حاصل شود.»

آخر چنان شد که پدرش دعا کرده بود که در سنه ستين به حکومت ننشست و در سنه اربع و ستين بمرد؛ وليکن از وي، ولدي که اسم او معاويه بود، بماند و او جواني صالح، متقي، منصف و محب اهل‏بيت بود. او را يزيد پليد وليعهد خود ساخت. او هميشه مريض بود و ملاقات مردم نمي‏نمود و نه نماز مي‏خواند با ايشان؛ يعني امامت مردم نکرد و در هيچ امر از امور ملکي دخل ننمود تا وقتي که مرد؛ رحمه الله تعالي.

مدت خلافت او چهل روز بود. بعضي گفته‏اند که دو ماه و بعضي گفته‏اند سه ماه. عمر او بيست و يک سال بود. بعضي بيست نيز گفته‏اند. از جمله صلاح ظاهر او آن بود که چون والي امر خلافت شد، بر منبر برآمد و گفت:

«امر خلافت، عهدي است از جانب خدا و رسول او. به اختيار احدي نيست. مگر خداي تعالي هرکه رالايق امر خلافت کرده است، پس او خليفه مي‏شود و نه اين است که اختيار مردمان باشد به هرکس مي‏خواهند خليفه نمايند و او را امام دين خوانند امامت و نبوت به يد قدرت او است؛ هرکه را خواهد، قابليت اين امر به اوست؛ چنان که اهليت مهتر داند، که داوود مي‏خواست بعد از خودش فرزندش پيغمبر شود. خداي تعالي فرمد که اي داوود! نبوت و امامت اختيار من است، نه تو و نه بر اهل‏بيت تو. فردا دو مرد نزد تو خواهند رسيد و دعوي بر يکديگر خواهند کرد و آن مقدمه بر پسران خود داري. هرکمه در آن حکم کند، نبوي است. حکم حضرت سليمان نمود و به درستي که جد من معاويه نزاع کرد در اين امر با کسي که از خدا و رسول خدا خليفه دين و دنيا احق و اولي بود از وي: علي بن ابيطالب و مرتکب امر گشت در حالي که لياقت براي او نداشت و با پسر دختر رسول منازعه نمود و سپس شکست عمر خود را و قطع نمود او را. و امروز در قبر به وبال و نکال گناهان خود گرفتار است.» بعد از آن گريه بسيار کرد. و گفت: «اعظم امور بر ما اين است که بدانيم مصرع او بد است و منقلب او بد است.

به درستي که قتل کرد عترت رسول صلي الله عليه و آله و سلم و اباحت مدينه نمود و کعبه را خراب کرد و جلالت و امارت و حکومت به من بخشيد. پس متقلد امر امارت نمي‏شوم. شما دانيد علاج کار خود بکنيد. والله اگر دنيا خير بود، ما حظ از آن يافتيم و اگر دنيا شر است، پس آنجه به ذريت ابوسفيان رسيد، ايشان را کافي است.»

آن گاه در منزل خود منزوي شد تا بعد از چهل روز وفات يافت. چنان که گذشت، رحمة الله عليه انصاف کرد و حق ظاهر کرد و مستحق خلافت از جانب خدا و رسول او اهل آن دانسته است.

جهرمي، ترجمه‏ي صواعق المحقه، /381 - 377

[286] [الصحيح: «أخيه»].

[287] [الصحيح: «أخيه»].

[288] [الأعراف: 58 / 7].

[289] [الأعراف: 58 / 7].

[290] [التوبة: 32 / 9].

[291] [في الدمعة الساکبة مکانه: «و قيل: انه ورد...»].

[292] [الدمعة الساکبة: «فأهوي عليه الطير فابتلعه»].

[293] [الدمعة الساکبة: «فأهوي عليه الطير فابتلعه»].

[294] [زاد في الدمعة الساکبة: «ذلک الطير»].

[295] [زاد في الدمعة الساکبة: «و اذا هو»].

[296] [الدمعة الساکبة: «اربا اربا و»].

[297] [الدمعة الساکبة: «اربا اربا و»].

[298] [زاد في الدمعة الساکبة: «و هکذا لم يزل يعذبه»].

[299] [العوالم: «من»].

[300] [في المطبوع: «قدما»].

[301] در کتب معتبره‏ي انساب و غير آن مذکور است که عبيدالله بن زياد ولد زنا بود و پدر او زياد ولد زنا بود و سميه مادر زياد مشهور به زنا بود. غلامي از قبيله‏ي ثقيف با او زنا کرد و زياد از او به هم رسيد. چون ابوسفيان نيز با مادر زياد زنا کرده بود، معاويه او را برادر خود خواند.

روايت کرده‏اند که عايشه زياد را مي‏گفت: «زياد ابن‏ابيه»؛ براي آن که پدرش معلوم نبود و يزيد بن معاويه از غلام بجدل کلبي به هم رسيده بود و فرزند زنا بود و عمر و پدرش سعد هر دو مشهور بودند که از زنا به هم رسيده‏اند و مشهور است مردي از بني عذره با مادر سعد زنا کرد و او به هم رسيد.

روزي سعد با معاويه گفت: «من احقم به خلافت از تو!»

معاويه گفت: «از بني عذره مي‏بايد پرسيد.»

و احاديث بسيار از ائمه‏ي اطهار وارد شده است که نمي‏کشند پيغمبران و اوصياي ايشان را و ذريت ايشان را و اراده‏ي قتل ايشان نمي‏نمايند مگر فرزندان زنا؛ فلعنة الله عليهم اجمعين الي يوم الدين.

مجلسي، جلاء العيون، / 579 - 578.

[302] [محمد: 23 / 47].

[303] قوله: «ستة لعنتهم» کذا في النسخ و المعدود فيها خمس سقط منها «و المستحل لحرم الله».

[304] [لم يرد في العبرات].

[305] [لم يرد في العبرات].

[306] [العبرات: «يستحقه»].

[307] [الکهف: 5 / 18].

[308] [لم يرد في العبرات].

[309] [لم يرد في العبرات].

[310] [العبرات: «لا يطيق»].

[311] [العبرات: «الموصلي»].

[312] [محمد:23 / 47].

[313] [انظر الصواعق].

[314] عبدالرحمان قنوي گويد: «از اين دعاي بد که رسول خدا در حق قاتل حسين عليه‏السلام فرمود: يزيد عليه اللعنة تمتعي از عصيان به دست نکرد و معجلا و سکرانا جان داد و جسد ناپاک چنان شد که گفتي به قير اندوده‏اند.»

عبوس منصوري در کتاب زبدة الفکره في تاريخ الهجرد که مخصوص به تاريخ بني‏اميه داشته رقم کمرده است: «يزيد عليه اللعنة در سال بيست و ششم هجري متولد شد، و کنيت او ابوخالد است و مادر او ميسون نام داشت، و او دختر بجدل بن انيف الکلابيه بود، و او را از باديه به نزد معاويه آوردند و به يزيد عليه اللعنة حامل گشت و در دمشق بار فروگذاشت و سالي چند اقامت داشت، آن گاه از توقف دمشق و مباعدت دوستان و خويشاوندان ضجرتي به دست کرد و سخت بناليد و اين اشعار انشاد نمود:



للبس عباءة و تقر عيني

أحب الي من لبس الشفوف (شفوف - جمع شف -: جامه‏ي نازک.)



و بيت تخفق الأرياح فيه

أحب الي من قصر منيف (ارياح - جمع ريح -: باد.)



و أصوات الرياح بکل فج

أحب الي من نقر الدفوف (دفوف - جمع دف -: ساز.)



و کلب ينبح الأضياف منه

أحب الي من هر ألوف (هر ألوف گربه‏ي مأنوس.)



و بکر يتبع الأضعان صعب

أحب الي من بغل زفوف (بغل زفوف: قاطر تندرو.)



و أکل الضب و اليربوع دأبي

أحب الي من أکل الرغيف (ضب: سوسمار. يربوع: يک نوع موش است که آن را کلاکموش گويند.)



و خرق من بني عمي نجيب

أحب الي من علج عنيف (خرق: جوانمرد.)



چون اين اشعار هجا گوش زد معاويه شد برنجيد و ميسون را طلاق داد و به وطن خويش بازفرستاد.

در کتاب تجارب السلف هندوشاه مسطور است که پدر ميسون بجدل را غلامي بود که سفاح نام داشت، ميسون را با او باب ناز و نياز فراز بود از وي حامل گشت و به سراي معاويه آمد، چون دوشيزگي نداشت و حملش هنوز آشکار نبود اين معني پوشيده بماند، تا گاهي که بار فرونهاد معاويه او را پسر خويش دانست، و به ناز يزيدش خواند، اين ببود تا اين هنگام که معاويه از ميسون برنجيد و او را طلاق گفت، او برفت و با اهل خويش پيوست و در حوارين اقامت جست، و يزيد که طبعا به شراب و شکار و ديگر منهيات و محظورات حرصي تمام داشت، بسيار وقت به حوارين مي‏شتافت و از ديدار مادر نيز خرسند مي‏گشت، چنان افتاد که هم در اين وقت که معاويه از جهان درگذشت يزيد در حوارين بود، پس ضحاک و مسلم چنان که مذکور شد پيکي (پيک: قاصد.) به سوي او گسيل (گسيل - به ضم گاف -: فرستادن.) کردند و او را از وفات پدر آگهي فرستادند، يزيد از ديدار بريد (بريد: قاصد.) فوت پدر را تفرس کرد و اين شعر بگفت:



جاء البريد بقرطاس يخب به

فأوجس القلب من قرطاسه فزعا (قرطاس: کاغذ.)



قلنا لک الويل ماذا في صحيفتکم

قال الخليفة أمسي مثبتا وجعا (صحيفه: نامه.)



فمادت الأرض کادت أن تميد بنا

کأن أغبر من أرکانها انقطعا (ارکان - جمع رکن -: پايه.)



ثم انبعثنا الي خوص مزممة

نرمي الفجاج بها لاناتلي سرعا (فجاج - جمع فج -: راه گشوده ميان دو کوه.)



فما نبالي اذا بلغن أرجلنا

ما مات منهن بالمزمار أو ضلعا (مزمار: ني.)



لما انتهينا و باب الدار منصفق

وصوت رملة راع القلب فانصدعا (منصفق: باز بودن درب خانه.)



أودي ابن‏هند فأودي المجد يتبعه

کانا جميعا فماتا قاطنين معا (قاطنين: ساکنين.)



أغر أبلج يستسقي الغمام به

لو قارع الناس عن أحسابهم قرعا (ابلج: نور دهنده.)



لا يرقع الناس ما أوهي ولو جهدوا

أن يرقعوه و لا يوهون ما رقعا (رقع: هجا کردن.)



اين شعرها انشاد کرد و شتاب زده خويش را بعد از سه روز در دمشق به مدفن معاويه رسانيد، و او را در باب صغير و به روايتي ميان باب صغير و باب جابيه به خاک سپرده بودند، و بر او دعا فرستاد و به سراي خويش در رفت، و سه روز در خانه ببود و روي به کس ننمود.

سپهر، ناسخ التواريخ سيدالشهدا عليه‏السلام، 372 - 370، 299 / 1

معلوم باد که اظهار ندامت يا اندوه يزيد از مصيبت آن حضرت نه از روي حقيقت بود؛ چه اندوه يا به سبب اعتقاد به آخرت و مکافات است، يا به سبب ملامت و نکوهش مردمان جهان.

يزيد ملعون بر هيچ يک بيمناک نبود، نه به آخرت و خداي و رسول معتقد بود و نه حسبي ارجمند و نه نسبي بلند داشت که از انتشار عيب و عوار (عوار: عيب،نقص.) خويش ملول گردد و نه به صلاح و صواب و سداد و رشاد کار مي‏کرد که از مذاکره‏ي فسق و فجورش پريشان گردد. هميشه با خمر و خمار و قمر و قمار و يوز و شکار روزگار مي‏برد؛ چنان که در تاريخ محمد نحوي مسطور است که عبدالرحمن بن برش را از عبيدالله بن زياد ظلمي و ستمي رسيد و براي عرض تظلم به سوي يزيد راه سپرد. يک سال به درگاه يزيد روز نهاد و به او دست نيافت. ناچار عزيمت بر مراجعت نهاد. مي‏گويد: چون آهنگ مراجعت نمودم، خيمه خويش را در بعضي بيابان‏هاي شام برپا کردم. ناگاه کلبي را با طوق زرين نگران شدم که به درون خيمه اندر شد و در همان حال مردي را بر دابه شتابان ديدم. چون با من بازخورد، گفت: «آيا احساس اين را نموده باشي؟»

گفتم: «آري، درون خيام است.»

پس به خيمه اندر شد و سگ را بگرفت. پس از آن با من گفت: «آيا آب داري؟»

من ظرفي پر آب به او حاضر ساختم و آن شخص سگ را آب بداد و آن ظرف را هفت مرتبه غسل داد و خود نيز آب بياشاميد. از آن پس با من گفت: «در اين جا چه مي‏کني؟»

گفتم: «اين فاجر عبيدالله بن زياد با من ظلم نموده بود و من براي دادخواهي به سوي اين فاسق يزيد روي آوردم. و يک سال بر باب او اقامت کردم و به او دست نيافتم. اينک با اين حالت مراجعت همي کنم.»

با من گفت: «آيا هيچ روا مي‏داري در سفارش تو مکتوبي به ابن‏زياد کنم؟ چه او با من دوست و صديق است.»

پس مکتوبي از بهر من بنگاشت و من راه برگرفتم و نزد ابن‏زياد شدم، و آن مکتوب را بدو دادم. ابن‏زياد آن مکتوب قرائت همي نمود. گاهي تبسم مي‏کرد و گاهي چهره درهم مي‏کشيد. آن‏گاه با من گفت: «هيچ مي‏داني اين کتاب را کدام کس از بهر تو نگاشت؟ همانا کاتب اين کتاب اميرالمؤمنين يزيد بن معاويه است و دانسته باش که يزيد مرا آگاهي داده است که تو او و مرا سب و شتم نمودي. و هم با من رمان کرده است که ظلم و ستمي را که بر تو فرود گرديده [است] چاره کنم و من چنان کردم.»

بالجمله، اندوه يزيد براي اين بود که مبادا در قضيه‏ي شهادت امام حسين عليه‏السلام و مصيبات اهل‏بيت سلام الله عليهم يک باره قلوب مردم شام ديگرگون و تخت و تاج اقبالش سرنگون گردد؛ بلکه به علاوه او و کسانش دستخوش شمشير آبدار و تير شرربار گردند. از اين بود که گاهي پاره‏اي حرکات که بر افسوس و پشيماني او دلالت داشت، اظهار مي‏کرد و چون حالت مردم را نه به آن درجه آشفته و متغير مي‏ديد، ديگر باره بغض و کين ديرين نمودار مي‏ساخت تا آن چند که اشعار کفرآميز بر زبان مي‏راند، گاهي فرزندان حيدر کرار مي‏کشت؛ و گاهي



خير البرية بعد أحمد حيدر

والناس أرض و الوصي سماء (علي عليه‏السلام بعد از پيغمبر بهترين مردمان است.«مردم» نيز به منزله زمين و «وصي» به منزله آسمان است.)



مي‏گفت؛ و گاهي از خوف کردگار جليل سقيم و عليل مي‏گشت؛ گاهي منکر وحي و تنزيل مي‏گرديد. اين جمله را همه نظر به اقتضاي وقت و زمان به پايان مي‏برد.اگر اين اندوه به حقيقت بود، پس از چه روي اهل‏بيت عصمت و طهارت را به آن خفت و ذلت از کوفه تا به دمشق درآورد و آن مجالس در منازل و مساجد با ايشان بگذرانيد و در پاسخ عبدالله بن عمر آن مکتوب نمود، که در متون تواريخ و سير مسطور است هيچ ندانم آيت ندامت و پشيماني او را آثار و علامت چيست؟

آيا حرکت دادن اهل‏بيت پيغمبر و علي بن الحسين را با آن حالت و هيأت از کوفه به شام است؟

يا درآوردن ذراري سيدالانام را به آن وضع و ذلت به شهر دمشق است؟ يا آوردن ايشان و سرهاي شهيدان را در مجلس او است؟ يا نهادن سر پسر فاطمه در تشت زر و اشاره به چوب خيزران با لب و دندان جگرگوشه ختم رسولان است؟ و يا درآوردن سر مبارک پسر بوتراب در محل قمار و شرب است؟ يا آن مکالمات و مخاطبات با سيدالساجدين و اهل‏بيت طاهرين است؟ يا منزل ساختن ايشان را در زندان و خرابه؟ يا سب آل رسول در مسجد دمشق است؟ يا آن مجاوبات حضرت زينب و ام‏کلثوم و سکينه است؟ يا ويراني کعبه و قتل مردم مدينه است؟ و شيوع غنا و ملاهي و فسق و فجور و ساز و طنبور و تجاهر (تجاهر: آشکار و ظاهر کردن.) عموم ناس در زمان او به معاصي و ملاهي در مکه و مدينه و ديگر بلاد است؟ يا آهنگ کشتن سيد سجاد، يا انکار وحي و نبوت رسول پروردگار عباد است؟ که آشکارا و واضح گفت:



لعبت هاشم بالملک فلا

خبر جاء و لا وحي نزل‏



يا اظهار کيد و کين با پيغمبر مختار صلي الله عليه و آله و سلم است؟ که همي گفت: «صاح الغراب فقلت صح أو لا تصح فلقد قضيت من النبي ديوني» (چون کلاغ صيحه برکشيد من گفتم خواهي ناله زن و خواهي ساکت باش که من از پيغمبر وامهاي خود را استيفا کردم (منظورش تلافي کشتگاه بدر است). يا اين که بعد از آن خطبه دختر اميرالمؤمنين که سنگ را آب کردي؛ و زمين و آسمان را بي‏تاب ساختي؛ او گفت:



يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون الموت علي النوائح (صيحه و ناله از زنان مصيبت‏زده پسنديده و رواست چه اندازه مرگ ديگران بر زنان نوحه‏گر آسان است.)



يا در آن غزليات کفر آيات او است؟ که بر دين عيسي بن مريم مريم رطاح مادم طلبد؛ يا از آن است که پس از اين اعمال نکوهيده در کفر و نفاق و معصيتي و گناه به خوف و خشيت يا پشيماني و ندامت رفت؟ مگر نه آن است که مانند ابن‏جوزي، متورخي از اهل سنت و جماعت مي‏نويسد که «واقدي و ابن‏الحق و هشام بن محمد روايت کرده‏اند که جماعتي از اهل مدينه در سال شصت و دوم هجري پس از شهادت امام حسين عليه‏السلام بر يزيد پليد وفود (وفود: وارد شدن.) نمودند و او را نگران شدند که شرب خمر و طنبور و کلاب (کلاب - جمع کلب -: سگ.)مي‏نمايد؛ لذا چون به مدينه مراجعت کردند، به سب و شتم او لب گشادند و او را از امارت خلع نمودند و عامل او عثمان ابن‏محمد بن ابي‏سفيان را بيرون کردند و گفتند: «ما از نزد مردي آمديم که او را دين و آيين نيست و هماره مست طافح (طافع: بسيار مست.) است و نماز نمي‏گزارد. پس با عبدالله بن حنظلة الغسيل (حنظلة الغسيل: حنظلة بن ابي‏عامر از اصحاب پيغمبر اکرم و در شبي که صبح آن مبارزه و زد و خورد در احد پيش آمد، عروسي کرده بود؛ لکن اخلاص و ايمان پاک او را به جبهه‏ي جنگ کشانيد و در همان روز شهيد کرد و جسد او را ملائکه غسل دادند و به اين جهت به غسيل الملائکة مشهور گرديد. عبدالله که در واقعه‏ي حره اميري انقلابيون مدينه را عليه يزيد به عهده داشت، فرزند اين حنظله است.) بيعت کردند و [عبدالله بن] حنظله هم گفت: «يا قوم! سوگند با خداي ما بر يزيد خروج نکرديم مگر وقتي که بيمناک شديم که به سبب معاصي او از آسمان بر ما سنگ فرود آيد. چه يزيد در ارتکاب محرمات به آن طور بي‏باک است که مادران و دختران و خواهران را تزويج مي‏نمايد و شرب خمر مي‏کند و نماز به پاي نمي‏دارد، و اولاد پيغمبران را مي‏کشد.)

چون اين اخبار گوشزد آن ظالم جبار شد، به قتل و سبي مردم مدينه و نهب اموال ايشان فرمان داد. با اين که از رسول خداي احاديث و اخبار در نکوهش آن کس که مردم مدينه را بيازارد رسيده است؛ مگر نه آن است که يزيد همان کس باشد که علماي بزرگ و رؤساي ملت اهل سنت و جماعت بر لعن و کفر او متفق هستند؟ پس نشايد بر پاره‏اي اعمال او يا رقت و بکاي او و لعن کردن او ابن‏زياد را، يا اين که به آهنگ قتل پسر زياد است؛ او را در باطن نادم و پشيمان دانست و اين نکرا و شيطنت و حيلتي است که در پدرش معاويه به طور اکمل موجود بود و با پسر نکوهيده سير موروث گشت؛ مگر نه آن بود که معاويه با اين که از اخلاق پسرش يزيد کاملا مطلع بود و براي تقرير ولايت چه تدابير به کار برد؛ و از مردم روزگار و رؤساي قبايل و هاني بن عروه با چه وعده و وعيدها و بخشش اموال از بهر او بيعت بگفت؛ و همي گفت: «من به دوستي و محبت يزيد به دوزخ مي‏شوم.» و امام حسن را براي انجام اين مهم مسموم و شهيد ساخت؛ آن وقت در کار امام حسين آن گونه وصيت نهاد؛ چنان که تحقيقي کافي در اين ماده تقرير يافت و تمام انديشه او و پسرش اين بود که برخلاف رأي پيغمبر کار کنند و دين حنيف را برافکنند؛ و اگر نه بس ضعيف گردانند و ذريه‏ي رسول را براندازند و دعاي پيغمبر را در برکت نسل حسين عليه‏السلام ديگرگون نمايند، اما کجا هستند تا هم اکنون بنگرند که از نسل خبيث بني‏اميه در جمله روزگار اثر و آثار نيست و ذريه‏ي رسول مختار در تمامت روي زمين به شماره بيرون از حد حصر و شمار و بر مراتب عزت و افتخار و حشمت و اعتبار پايدارند.

(والله متم نوره ولو کره الکافرون) (خداوند گرچه کافران را ناخوش باشد نور خود را تمام مي‏کند و ناقص نمي‏گذارد - الصف 9. ).

بالجمله به رشته آن خبر که اندريم، باز شويم شيخ طريح مي‏گويد: در آن هنگام رايات نمودار و بانگ تکبير صغير و کبير بلند گرديد و ناگاه صداي هاتفي را شنيدند و شخصش را نديدند که مي‏گفت:



جاؤوا برأسک يا ابن‏بنت محمد

مترملا بدمائه ترميلا



لا يوم أعظم حسرة من يومه

و أراه رهينا للمنون قتيلا



فکأنما بک يا ابن‏بنت محمد

قتلوا جهارا عاميدن رسولا



و يکبرون اذا قتلت و انما

قتلوا بک التکبير و التهليلا (اي پسر دختر پيغمبر! سر مقدس تو را در حالي که به خون آغشته بود آوردند هيچ روزي از حيث حسرت و ندامت بزرگ‏تر از روز کشتن او نيست.



و کشته او را گروگان مرگ‏ها و کشته‏هاي ديگران مي‏بينيم اي پسر پيغمبر گويا به کشتن تو آشکارا قصد کشتن پيغمبر داشتند به هنگام کشتن تو لب به تکبير مي‏گشايند با اين که با قتل تو اساس تکبير و ذکر خدا را ريشه کن و نابود کردند.)

و معلوم باد که اين اشعار به ديک الجن عبدالسلام شاعر نسبت داده‏اند و در سال يکصد و شصت و يکم متولد گرديد و در زمان متوکل وفات کرده است و در بعضي کتب اخبار اين اشعار را به خالد بن سعدان منسوب داشته‏اند که در مرثيه امام حسين عليه‏السلام گفته است و هم مواقع قرائت اين اشعار را مختلف نوشته‏اند؛ گاهي به روايت صاحب عوالم در نيمه شبي در بصره از هاتفي مرقوم داشته، و در نگارش اشعار به اختلاف رفته؛ گاهي در ورود اهل‏بيت از هاتفي مسطور داشته‏اند،چنان که مسطور شد؛ و گاهي بيش و کم در ديگر مقامات براي استشهاد به اعمال قبيحه‏ي مردم کوفه و شام از ديک الجن ياد کرده‏اند و نيز نسبت قرائت اين ابيات را چنان که از اين پس اشارت رود، به غير از هاتف نيز داده‏اند و سيد عليه الرحمه مرقوم نموده است که: يکي از فضلاي تابعين چون در شام مشاهده‏ي رأس شريف امام حسين عليه‏السلام را نمود، يک ماه خويشتن را از تمامت اصحاب خود مخفي داشت؛ چون بعد از آن مدت او را بازديدند، از سبب آن کار پرسش نمودند. گفت: مگر نديديد چه بليتي و مصيبتي برپا کرديد؟! آن وقت اشعار مذکور را خواند. اي عجب که بر اين اختلاف رفته‏اند و اشارت نکرده‏اند.

«اللهم الا أن يقال» ديک الجن يا خالد بن معدان اين شعر را تضمين نموده باشند، يا اينکه مقصود علماي خبر و احاديث از نسبت دادن اين اشعار را به قرائت آن روزگاران زبان حال ايشان باشد؛ و گرنه خود چگونه در يک جاي از زبان هاتف در هيجان آن مصيبات مسطور و به ديگري جاي استشهادا کساير الابيات به ديک الجن و ديگر شعراء منسوب مي‏دارند؛ الله تعالي اعلم.

[315] مابين المعقوفتين ليس في المصدر المطبوع فراجع.

[316] أخبار الدول 131 - 130.

[317] در «کامل الزياره» به سند خود از عبدالرحمان غنوي روايت کرده است، در ضمن حديثي که به خدا يزيد ملعون زود گرفتار شد و پس از قتل حسين عليه‏السلام بهره‏اي نبرد و ناگهاني مرد، شب مست خوابيد و صبح مرده‏ي او چون قير سياه شده بود و با تأسف دريافت شد و کسي نماند که در قتل آن حضرت پيروي از او کرد و با آن حضرت جنگيد جز آن که ديوانه شد يا مبتلا به خوره يا برص شد و در نسل او ارثي شد.

در «اخبار الدول» يوسف قرماني گويد: يزيد سال بيست و پنج يا بيست و شش متولد شد؛ تنومند و پرگوشت و پر مو بود. مادرش ميسون، دختر بجدل کلبي بود.

تا آن که گفته است: نوفل بن ابي‏الفرات مي‏گفت: من نزد عمر بن عبدالعزيز بودم. مردي، نام يزيد را با لقب؛ اميرالمؤمنين» برد. عمر به او گفت: «او را اميرالمؤمنين مي‏خواني؟!!»

و دستور داد بيست تازيانه به او زدند.

روياني در مسند خود از ابي‏دردا روايت کرده است که: شنيدم رسول خدا صلي الله عليه و آله و سلم مي‏فرمود: اول کسي که سنت مرا تغيير دهد، مردي است از بني‏اميه به نام يزيد. يزيد در ماه ربيع الاول سال شصت و چهار به مرض ذات الجنب در حوران مرد و جنازه‏اش را به دمشق آوردند و برادرش خالد و گفته‏اند پسرش معاويه بر او نماز خواند و در گورستان باب الصغير دفن شد و گورش اکنون زباله داني است. سي و هفت سال عمر و سه سال و نه ماه خلافت کرد.

کمره‏اي، ترجمه‏ي نفس المهموم، / 317.

[318] [ليس الکتاب للسبط و انما هو لجده ابن‏الجوزي].

[319] [الحشر: 20 / 59].

[320] [الأعراف: 58 / 7 [.

[321] در کتاب «جواهر المطالب» نوشته‏ي ابوالبرکات شمس الدين محمد الباغندي که نسخه‏ي خطي آن در کتابخانه‏ي آستان قدس رضوي موجود است، چنين مي‏خوانيم: ابن‏الفوطي در تاريخش مي‏نويسد: «يزيد را ميموني بود که آن را «ابوقيس» ناميده بود. اين ميمون را هميشه در کنار خود مي‏گذاشت و از زيادي کاسه‏ي شراب خود به او مي‏نوشانيد و مي‏گفت: «اين ميمون يکي از پيرمردان بني اسرائيل است که در اثر گناه مسخ شده است.»

او اين ميمون را بر گرده‏ي خر ماده‏اي که جهت مسابقه اسب دواني تربيت شده بود، سوار مي‏کرد و همراه اسب‏ها به اسب دواني و مسابقه مي‏فرستاد. يک روز اين ميمون در مسابقه پيش افتاد، يزيد شاد شد و شعري در تشويق آن حيوان سرود. شگفت‏آورتر آن که وقتي اين ميمون مرد، جاب پادشاه اموي سخت افسرده شد و دستور داد مردار ميمون را کفن و دفن کنند و مردم شام برايش عزاداري نمايند.»

اداره‏ي پژوهش و نگارش، ترجمه‏ي اعيان الشيعه، / 280 - 279

[322] چون يزيد با ابن‏زياد خوب نبود و بعد از مشاوره‏ي يزيد با سرجون و پيشنهاد وي که ولايت عراقين را به ابن‏زياد بدهد و به جنگ امام عليه‏السلام بفرستد آن عهدنامه را به يزيد نشان داد و او نيز قبول کرد؛ چنانچه شيخ مفيد رحمه الله در ارشاد و ديگران نقل کرده‏اند.

ارتباط روم با دربار بني‏اميه به جهت تمايل نژادي بني‏اميه به آن‏ها بوده و معاويه در زمان جنگ صفين با روم صلح کرد و عظمت اسلام را از نظر آن‏ها انداخت. براي تفصيل آن به کتاب «التدوين» مرحوم اعتماد السلطنة رجوع شود و اين که بني اميه از نژاد اصيل عربي نبودند، به جنة المأوي، ص 304 ط 1 - تبريز و ص 253 - 250 ط 2 تبريز رجوع شود.

و نيز از روايت استفاده مي‏شود که امام [سجاد] عليه‏السلام زبان رومي را به خوبي مي‏دانسته؛ چنانچه اعتقاد ما اماميه بر آن است که امام به تمامي لغات آشنا بوده و با آن‏ها تکلم مي‏کرده است. لغتي پيدا نمي‏شود که امام به آن جاهل بوده باشد؛ زيرا کسي که به لغتي و به چيزي جاهل باشد، او را امامت وخلافت الهيه نشايد که حجت خدا بر مردم باشد.

و از روايت مزبوره معلوم مي‏شود که يزيد در اول امر پس از ورود اهل‏بيت عليهم‏السلام به شام و زنداني کردن آن‏ها در دمشق در خيال کشتن و به کلي از بين بردن آن‏ها بوده [است]. چنانچه از گفت و گوي پاسبانان زندان ظاهر مي‏شود، ولي بعدا از آن خيال خبيث منصرف شده و جهت آن توجه افکار عمومي و بيدار شدن مردم و انقلاب و هيجان آن‏ها و انعکاس قتل سيدالشهداء عليه‏السلام در ميان مسلمين و بد نتيجه دادن آن بر يزيد است که باعث شده [است] از کشتن افراد خاندان رسالت صرف نظر نمايند؛ چنانچه از فرمايش‏هاي امام سجاد عليه‏السلام با يزيد نيز استفاده مي‏شود که فرمود: «اگر مرا خواهي کشت، کسي را وادار کن که اين زنان و اطفال را به وطن خودشان برساند.»

و يزيد پليد گفت: «از قتل شما گذشتم و آن‏ها را خود شما خواهيد برگردانيد.»

چنانچه در مقاتل نقل کرده‏اند، از ملاحظه‏ي تمامي اين‏ها معلوم مي‏شود که يزيد نمي‏توانست اهل‏بيت را در دمشق بيش‏تر نگه دارد.

يزيد بس رسوا شد. دست از قتل اهل‏بيت عليهم‏السلام برداشت و در اندک مدت از بين رفت و پسرش معاويه بن يزيد در بالاي منبر باز رسوايش کرد و چون کلمات معاويه بن يزيد داراي نکات چندي است، عين آن را از کتب معتبره‏ي اهل‏سنت در اين جا بياورم.

ابن‏تغري بردي در «النجوم الزاهرة» ج 1، ص 164 - 163 ط قاهرة، گويد: معاوية بن يزيد بن معاوية بويع بالخلافة بعد موت أبيه يزيد بعهد منه اليه و ذلک في شهر ربيع الأول من سنة أربع و ستين، کان مولده سنة ثلاث و أربعين فلم تطل مدته في الخلافة.

قال أبوحفص الفلاس: ملک أربعين ليلة ثم خلع نفسه، فانه کان رجلا صالحا...

ان معاوية هذا لما أراد خلع نفسه جمع الناس و قال: أيها الناس! ضعفت عن أمرکم فاختاروا من أحببتم، فقالوا: ول أخاک خالدا، فقال: والله ما ذقت حلاوة خلافتکم فلا أتقلد وزرها. ثم صعد المنبر فقال: أيها الناس! ان جدي معاوية نازع الأمر أهله و من هو أحق به منه لقرابته من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو علي بن أبي‏طالب، و رکب بکم ما تعلمون حتي أتته منيته، فصار في قبره رهينا بذنوبه و أسيرا بخطاياه.

ثم قلد أبي‏الأمر فکان غير أهل لذلک، و رکب هواه و أخلفه الأمل، و قصر عنه الأجل، و صار في قبره رهينا بذنوبه، و أسيرا بجرمه، ثم بکي حتي جرت دموعه علي خديه.

ثم قال: ان من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه و بئس منقلبه، و قد قتل عترة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أباح الحرم و خرب الکعبة، و ما أنا بالمتقلد و لا بالمتحمل تبعاتکم، فشأنکم أمرکم، والله لئن کانت الدنيا خيرا فقد نلنا منها حظا، و لئن کانت شرا فکفي ذرية أبي‏سفيان ما أصابوا منها، الا فليصل بالناس حسان بن مالک، و شاوروا في خلافتکم رحمکم الله.

ثم دخل منزله و تغيب حتي مات في سنته بعد أيام.

خواننده‏ي عزيز! با نظر عبرت بنگرد و معاويه و يزيد که خودشان را در شامات در اثر تبليغات شومشان «اقرباء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم» به خورد مردم داده بودند، چنانچه شواهد آن گذشت، بعد از يزيد پسرش معاويه در بالاي منبر در ميان جماعت انبوه از مردم اقرار مي‏کند که احق بر خلافت و اقرباء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عبارت از علي اميرالمؤمنين عليه‏السلام و خداوند حقايق را به زبان او جاري کرده و در تاريخ به يادگار مانده [است]. فرزند يزيد را حق گويي و کنار گذاشتن تعصب جاهلي در صفحات تاريخ به نيک نفسي ياد مي‏کند؛ ولي ابن‏تيميه‏ي حراني ناصبي پس از ساليان دراز، کاسه‏ي از آش گرم‏تر شده از بني‏اميه بدتر گشته واضحات و ضروريات را انکار نموده و با بدنامي و ضلالت و گمراهي ياد مي‏شود؛ زيرا او را تعصب جاهلانه و خباثت ذاتي وادار به طرفداري از يزيد پليده کرده [است]. اما فرزند يزيد را کنار گذاشتن تعصب، وادار به اظهار حق کرده است.

قاضي طباطبايي، تحقيقي راجع به اول اربعين امام حسين عليه‏السلام، / 657 - 654.