بازگشت

قصر بني مقاتل


في بعض الكتب القديمة، عن الشيخ المفيد رحمه الله، قال: لما رحلوا بالسبايا والرؤوس الي دمشق، و عدل بهم بطريق، [1] الي قصر بني مقاتل، و كان ذلك اليوم يوما شديد الحر، و كانت القربة التي معهم نزفت و اريق مائها، فاشتد بهم العطش، و أمر ابن سعد لعنه الله عدة من قومه في طلب الماء، و أمر بفسطاط، فضرب علي أربعين ذراعا، فجلس هو و أصحابه لعنهم الله، ورموا بالسبايا و الأطفال علي وجه الأرض تصهرهم الشمس، فأتت زينب عليهاالسلام الي ظل جمل هناك، وفي حضنها علي بن الحسين عليهماالسلام، و قد أشرف علي الهلاك من شدة العطش، و بيدها مروحة تروحه بها من الحر، و هي تقول: يعز علي أن أراك بهذا الحال يا ابن أخي.

ثم ذهبت سكينة الي شجرة هناك، و عملت لها و سادة من التراب، و نامت عليها، فما كان الا قليل و اذا القوم قد رحلوا.

قال: و كان عديلتها علي الجمل اختها فاطمة الصغري، فقالت للحادي: أين اختي سكينة؟ والله لا أركب حتي تأتي باختي. فقال لها: و أين هي؟ قالت: لا أدري أين ذهبت. فصاح السائق اللعين بأعلي صوته: هلمي و اركبي مع النساء يا سكينة!.

فلم تنتبه من التعب، و بقيت نائمة، فلما أضر بها الحر انتبهت و جعلت تمشي خلفهم، و تصيح: أخية يا فاطمة! ألست عديلتك في المحمل و أنت علي الجمل و أنا حافية. فعطفت عليها أختها، و قالت للحادي: والله لئن لم تأتني بأختي لأرم [2] بنفسي عن هذا الجمل و أطالبك بدمي عند جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم القيامة. فقال لها: من تكون أختك؟ قالت: سكينة التي كان يحبها الحسين عليه السلام حبا شديدا. قال: التي كان يقول فيها [3] .




لعمرك انني لأحب دارا

تحل [4] بها سكينة والرباب



قالت: نعم.

فرق لها الحادي و أركبها مع اختها:



رق لها الشامت مما بها

ما حال من رق لها الشامت



البهبهاني، الدمعة الساكبة، 76 - 75/5 مساوي عنه: المازندراني، معالي السبطين، 136 - 135/2

أقول: قد عثرت علي رواية في كتاب مصباح الحرمين، فأحببت ايراده و هي هذه: أن ليلة من الليالي بينما القوم يسيرون في دجي الليل أخذت سكينة بالبكاء لأنها ذكرت أيام أبيها و ما عليه من العز والاكرام. ثم رأت نفسها ذليلة بعد أن كانت أيام أبيها عزيزة، [و] اشتد بكاؤها. فقال لها الحادي: اسكتي يا جارية! فقد أذيتني ببكائك.

فما سكتت بل غلب عليها الحزن والبكاء، و أنت أنه موجعة، و زفرت زفرة كادت روحها أن تطلع. فقال الحادي: اسكتي يا بنت الخارجي! فقالت سكينة: وا أسفاه عليك! يا أباه قتلوك ظلما و عدوانا، و سموك بالخارجي.

فغضب اللعين من قولها، و أخذ بيدها، و جذبها و رمي بها علي الأرض فلما سقطت غشي عليها. فما أفاقت الا والقوم قد مضوا. فقامت و جعلت تمشي حافية في سواد الليل تارة تقوم، و تارة تقعد، و تارة تستغيث بالله، و تارة بأبيها، و اخري تنادي عمتها، و تقول: أبتاه! مضيت عني، و خلفتني وحيدة غريبة، فالي من ألتجي، و بمن ألوذ، في ظلمة هذه الليلة في هذه البيداء؟ فركضت ساعة من الليل في غاية الوحشة، فلم تر أثرا من القافلة.

فخرجت مغشية، فعند ذلك اقتلع الرمح الذي كان عليه رأس الحسين عليه السلام من يد حامله، و انشقت الأرض، و نزل الرمح في الأرض الي نصفه، و ثبت فيها كالمسمار في الحائط، و كلما اجتهد الحامل أن يقلع الرمح، و يخرجه من الأرض لم يتمكن، و لم يستطع،


و اجتمع خلق كثير. و كلما اجتهدوا لم يستطيعوا. فأخبروا بذلك عمر بن سعد (لعنه الله)، فقال: أسألوا علي بن الحسين عن ذلك، و ارجعوا اليه. فلما سألوا الامام قال عليه السلام: قولوا لعمتي زينب تتفقد الأطفال، فلربما قد ضاع منهم طفل. فلما قيل لزينب الكبري عليهاالسلام عليهاالسلام جعلت تتفقد الأطفال و تنادي كل واحد منهم باسمه، فلما نادت: بنية سكينة، فلم تجبها،فرمت زينب بنفسها من علي ظهر الناقة، و جعلت تنادي: وا غربتاه! وا ضيعتاه!وا رجالاه! وا حسيناه، بنيه سكينة، في أي أرض طرحوك، و في أي واد ضيعوك!

فرجعت الي وراء القافلة، و هي تعدو في البراري حافية والشوك تدخل في رجليها، و تصرخ، و تنادي: و اذا بسواد قد ظهر، فمشت نحوه لتأسله، فاذا هي امرأة جالسة، و في حجرها رأس اليتيمة، و هي تبكي. فقالت الحوراء زينب: يا هذي! من أنت التي تتعطفين علي اليتامي. قالت: بنية زينب! أنا امك فاطمة الزهراء أظننت اني أغفل عن أيتام ولدي!

المازندراني، معالي السبطين، 137 - 136/2



پاورقي

[1] [المعالي: «الطريق»].

[2] [المعالي: «لأرمين»].

[3] [زاد في المعالي: «الحسين عليه‏السلام»].

[4] [المعالي: «تکون»].