بازگشت

معاوية يجدد البيعة ليزيد


فلما كان من غد يوم الأربعاء، دعا معاوية بوزرائه، و قواده، و خاصته، و أهل بيته، فأحضرهم مجلسه، ثم أمر الحاجب أن لا يحجب عنه الناس. قال: فجعل الناس يدخلون و يسلمون فينظرون اليه ثقيلا مدنفا، فيخرجون الي الضحاك بن قيس الفهري، و هو صاحب شرطته، فيقولون: ذهب و الله أميرالمؤمنين، و كأن البيعة من بعده تخرج [1] من آل أبي سفيان الي آل أبي تراب، لا و الله لا / نرضي بذلك أبدا.

قال: ثم اجتمع الناس الي الضحاك بن قيس [2] ، و مسلم بن عقبة المري، فقالوا [3] : انما أنتما صاحبا [4] أميرالمؤمنين، و قد حضره من الأمر ما قد علمتما [5] ، ادخلا اليه، و لقناه و أسألاه، أن يوصي الي ابنه يزيد، فانه لنا رضي.

قال: فعندها بادر الضحاك، و مسلم [6] بن عقبة [7] ، فسألاه عن نفسه، فقال معاوية: أصبحت و الله ثقيل الوزر، عظيم الذنب، أرجو ربا رحيما، و أخشي عذابا أليما. فقال له الضحاك: يا أميرالمؤمنين! ان الناس قد اضطربوا، و ضجوا، و اختلفوا شرعة [8] هذه و أنت حي، فكيف و ان حدث بك أمر. فماذا تري أن يكون حال الناس؟ قال: ثم تكلم مسلم ابن عقبة، فقال: يا أميرالمؤمنين! انا نري الناس و نسمع كلامهم، و نري أن الأمر في يزيد، و هو أهم له، و هو لهم رضي، فبادر الي بيعته [9] من قبل أن يعتقل لسانك. فقال: صدقت يا مسلم! انه لم يزل رأيي من يزيد، و هل تستقيم الناس لغير يزيد، ليتها في ولدي و ذريتي


الي يوم الدين، و أن لا تعلو ذرية أبي تراب علي ذرية آل أبي سفيان! و لكن أخروا لي هذا الأمر الي غد، فهذا يوم الأربعاء [10] و هو [يوم ثقيل و [11] ] يوم نحس، لا يبرم فيه أمر الا كان عاقبته شرا. فقال الضحاك: يا أميرالمؤمنين! ان الناس مجتمعون بالباب، و ليس يجوز أن ينصرفوا دون أن تعقد البيعة ليزيد. قال معاوية: فأدخلا الي اذا الناس.

قال: فخرجا و اختارا [12] سبعين رجلا من صناديد قريش و أهل الشام، فلما دخلوا علي معاوية سلموا فرد عليهم السلام ردا ضعيفا، ثم قال: يا أهل الشام! كيف رضاكم عني؟ فقالوا: خير الرضي يا أميرالمؤمنين! لقد كنت لنا أبا رؤوفا و كهفا منيعا. و أخذ كل منهم [13] يقرضه، و أثني [14] عليه خيرا؛ ثم انهم سبوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، و قالوا فيه القبيح، و قالوا: انه سار الينا من العراق فقتل سراتنا، و أباد حضارانا [15] ، و لسنا نحب أن تصير الخلافة الي ولده، فاجعلها في ولدك يزيد، فانه لنا رضي و لجميع المسلمين، و من مال عنه برأسه في بيعته ملنا عليه بسيوفنا، / هكذا وجدنا بأنفسنا دون نفسه.

قال: فسر معاوية بما سمع من كلام أهل الشام، و نشط لذلك، ثم استوي جالسا، و أمر بجميع من علي الباب من الناس بالدخول عليه، فدخلوا حتي غصت الدار بهم، فأقبل عليهم معاوية بوجهه، ثم قال: أيها الناس! انكم قد علمتم أن كل شي ء في هذه الدنيا فالي [16] زوال، و قد حضرني من القضاء المحتوم ما ترون، فسلوني من تحبون أن أولي عليكم! فقالوا بكلمة واحدد: انا قد رضينا بابنك يزيد، فوله عهدك فهو الرضي لنا. فقال معاوية: اني قد سمعت اذا كلامكم غير أني قادم علي رب رحيم، لا يتعاظمه [17] ذنب أن


يغفره، و انه [18] يسألني عن الصغير و الكبير، فسلوني ما تحبون أن أولي عليكم! قال: فضج [19] الناس بأجمعهم و قالوا [20] : نريد أن تولي علينا يزيد، فنعم الخلف و المستخلف.

قال: فعندها [21] ، قال معاوية للضحاك [22] : بايع ليزيد؛ فبايع الضحاك و بايع مسلم بن عقبة، و أمر [23] الناس بالبيعة حتي بايع الناس أجمعون. ثم خرجوا و أمر معاوية لابنه يزيد أن يلبس ثياب الخلافة، ويخرج الي الناس، فيصعد المنبر، و يخطب.

قال: فخرج يزيد [و] [24] علي رأسه عمامة معاوية و معه سيفه و خاتمه، و قد لبس قميص عثمان الذي قتل عثمان فيه ملطخا [25] بالدم، حتي صعد المنبر، فلم يزل يخطب و يتكلم الي أن [26] انتصف النهار؛ ثم نزل عن المنبر، و قد بايعه الصغير و الكبير، فدخل علي أبيه معاوية و معاوية [27] في غشيانه، و كربه، لا يعقل يومه ذلك شئيا من أمره [28] ، حتي مضي من الليل ما مضي، [فلما] [29] أفاق من غشوته، و فتح عينيه، و نظر الي ولده يزيد [30] عند رأسه، فقال له: ما صنعت؟ فقال: يا أميرالمؤمنين [31] ! قد بايعني الناس، و دخلوا في طاعتي فرحين مسرورين.

ابن أعثم، الفتوح، 256 - 252 / 4



پاورقي

[1] في د: تخرج من بعده.

[2] ليس في د.

[3] في النسخ: فقالا.

[4] في النسخ: صاحباي.

[5] في النسخ: علمتم.

[6] ليس في د.

[7] ليس في د.

[8] في د و بر: سرعة - کذا.

[9] [عن ط بيروت وفي ط العثمانية: «سمعته»].

[10] بهامش الأصل: «ما قاله معاوية في يوم الأربعاء».

[11] من د و بر.

[12] في د: اختار.

[13] [في المطبوع: «بفرضه و أثني»] في د: يثني، و في الأصل: بفرضه (بلا نقط) و أثني، في بر: (بنقطة ضاد فقط) و أثني.

[14] [في المطبوع: «بفرضه و أثني»] في د: يثني، و في الأصل: بفرضه (بلا نقط) و أثني، في بر: (بنقطة ضاد فقط) و أثني.

[15] في الأصل و بر: حضرانا، و في د: حظرانا - کذا.

[16] في د: الي.

[17] في د: يتعاظمه.

[18] في د: فانه.

[19] في د: فضجت.

[20] في د: فقالوا:

[21] بهامش الأصل: «مبايعة معاوية لابنه يزيد بالخلافة».

[22] ليس في د.

[23] من د، و في الأصل و بر: بايع.

[24] من د و بر.

[25] في د: و هو ملخ - کذا.

[26] في د: حتي.

[27] في د: هو.

[28] ليس في د،.

[29] من د.

[30] زيد في د: فرآه.

[31] في د: أبتي.