ردود الفعل ازاء اخذ معاوية البيعة ليزيد
قال: و شاع الخبر في الناس بأن معاوية يريد [أن] يأخذ البيعة ليزيد، و كان الناس في أمر يزيد علي فرقتين من بين راض [1] و ساكت أو قائل منكر. قال: فكان عقيبة الأسدي [2] شاعر أهل البصرة ممن يكره بيعة يزيد و يبغضه، فأنشأ في ذلك يقول:
معاوي اننا بشر فأسجح
فلسنا بالجبال و لا الحديد
أكلتم أرضنا فجردتموها
فهل من قائم أو من حصيد
أتطمع في الخود اذا هلكنا
و ليس لنا و لا لك من خلود
فهبها أمة هلكت ضياعا
يزيد يسوسها و أبويزيد
دعوا حق الامارة و استقيموا
و تأميل الأراذل و العبيد
و أعطونا السوية لا تزركم
جنود مردفات بالجنود
قال: فبلغ ذلك معاوية، فأرسل اليه بعشرة آلاف درهم لكيف لسانه، فأنشأ عقيبة [3] يقول:
اذا المنبر الغربي حل مكانة
فان أميرالمؤمنين يزيد
علي الطائر الميمون و الجد صاعد
لكل أناس طائر و جدود
فلا زلت أعلي الناس كعبا و لم تزل
وفود يساميها اليك وفود
ألا ليت شعري ما يقول ابن عامر
لمروان أم ماذا يقول سعيد
بني خلفاء الله مهلا فانما
ينوء بها الرحمن حيث يريد
قال: فأرسل اليه معاوية ببدرة أخري. و بلغ ذلك عبدالله بن همام السلولي شاعر أهل الكوفة و كان أيضا ممن يبغض يزيد، فأنشأ يقول:
[4] [فان باتوا برملة أو بهند
يبايعه [5] أميرة مؤمنينا
و كل بنيك ترضاهم و ان
شئتم بعمهم المنتمينا
اذا ما مات كسري قام كسري
بعد ثلاثة متنا سفينا
يورثها أكابرهم بنيهم
كما ورث القمامسة القطينا
فيا لهفي لو أن لنا أنوفا
و لكن لا نعود كما عنينا
اذا لضربتم حتي تعودوا
بمكة تلطعون بها السخينا
حثينا الخيط حتي لو سقينا
دماء بني أمية ما روينا
ضعوا [6] كلبا علي الأعناق منا
و سرحكم أصاغر ورثونا
هبونا لا نريدكم بسوء
و لا نعصيكم ما تأمرونا
فأولوا بالسداد فقد بقينا
لحلفكم عنادا مفترينا
بنيت ملككم [7] فاذا أردتم
بنا الضلعاء قلتم محسنينا
لقد ضاعت رعيتكم و أنتم
تصيدون الأرانب غافلينا]
فبلغ ذلك معاوية، فقال: ما ترك [8] ابن همام شيئا، ذكر الحرم و عيرنا بالسخينة، ما له الا [9] يخرجنا من جنتنا [10] قال: ثم وجه اليه معاوية ببدرة. فلما وصلت اليه شكرها لمعاوية، ثم كتب اليه بهذه الأبيات:
[11] [أتاني كتاب الله و الدين قائم
و بالشام أن لا فيه حكم [ولا] عدل
أريد أميرالمؤمنين فانه
علي كل أحوال الزمان له الفضل
فهاتيكم الأنصار يرجون فضله
و هلاك أعراب أضر بها المحل
و من بعدها كنا عباديد شردا
أقمت قناة الدين و اجتمع الشمل
فأي أناس أثقلتهم جناية
فما أنفك عن أعناقهم ذلك الثقل
أبوخالد أخلق به أن يصيبنا
بسجل من المعروف يتبعه سجل
هو اليوم ذو عهد، و فينا خليفة
اذا فارق الدنيا خليفتنا الكهل]
قال: و لم يزل معاوية يروض الناس علي بيعة يزيد، و يعطي المقارب و يداني المتباعد، حتي مال اليه أكثر الناس، و أجابوه الي ذلك.
ابن أعثم، الفتوح، 228 - 225 / 4.
پاورقي
[1] ليس في د.
[2] في الأصل و دو بر: عقبة. و التصحيح من سمط اللالي 149 / 1 هو عقيبة بن هبيرة الأسدي شاعر جاهلي اسلامي.
[3] في النسخ: عقبة.
[4] الأبيات المحجوزة من د و بر، و في الأصل موضعها: شعرا.
[5] في بر: يبايعها. [لعل الصحيح: «نبايعها].
[6] من بر، و في د: طغوا.
[7] من بر، و في د: ملکهم.
[8] زيد في د و بر: لنا.
[9] في د: لا.
[10] في د و بر: حسناء.
[11] ما بين الحاجزين من د و بر، و مکانه في الأصل: يقول شعرا.