بازگشت

حديث الناشي ء


كان الناشي ء [1] (علي بن عبدالله بن وصيف الحلاء) قليل البضاعة في الادب قئوما بالكلام و الجدل يعتقد الامامة و يناظر عليها بأجود عبارة، فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتي عرف بهم و أشعاره فيهم لا تحصي


كثرة. و مولده سنة 271 و مات لخمس خلون من صفر سنة 365 تتبع ابن بقية وزير بختيار بن معزالدولة الديملي جنازته ماشيا و أهل الدولة كلهم، و دفن في مقابر قريش، و قبره هناك معروف قال الناشي ء أدخلني ابن رائق علي الراضي بالله و قال لي: أنت الناشي ء الرافضي. فقلت: خادم أميرالمؤمنين الشيعي فقال: من أي الشيعة قلت: شيعة بني هاشم. فقال: هذا خبث، حيلة. فقلت: مع طهارة مولد. فقال هات ما معك. فأنشدته. فأمر أن يخلع علي عشر قطع ثيابا، و أعطي أربعة آلاف درهم فأخرج الي ذلك و تسلمته، وعدت الي حضرته و قبلت الارض و شكرته و قلت أنا ممن يلبس الطيلسان. فأمر لي به مع عمامة خز، فقال أنشدني من شعرك في بني هاشم فأنشدته:



بني العباس ان لكم دماء

أراقتها أمية بالذحول



فليس بها شمي من يوالي

أمية و اللعين أبازبيل



و كان يعمل الناشي ء الصفر و يخرمه و له فيه صنعة بديعة، قال و من عمله قنديل بالمشهد بمقابر قريش مربع غاية في حسنه. (الناشي ء) قال كنت بالكوفة في سنة 325 و أنا أملي شعري في المسجد الجامع بها و الناس يكتبونه عني و كان المتنبي اذ ذاك يحضر معهم و هو بعد لم يعرف و لم يلقب بالمتنبي فأمليت القصيدة التي أولها:



بآل محمد عرف الصواب

و في أبياتهم نزل الكتاب



و قلت فيها: -



كان سنان ذابله ضمير

فليس عن القلوب له ذهاب



و صارمه كبيعته بخم

مقاصدها من الخلق الرقاب



فلمحته يكتب هذين البيتين.

حدث الخالع.. قال كنت مع والدي في سنة 346 و أنا صبي في


مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الوراقين و الصاغة و هو غاص بالناس. و اذا رجل قد وافي و عليه مرقعة و في يده سطيحة، و ركوه و معه عكاز و هو شعث، فسلم علي الجماعة بصوت يرفعه. ثم قال أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها. فقالوا: مرحبا بك و أهلا و رفعوه فقال أتعرفون لي أحمد المزوق النائح. فقالوا ها هو جالس، فقال: رأيت مولاتنا عليها السلام في النوم فقالت لي امض الي بغداد و أطلبه و قل له نح علي ابني بشعر الناشي ء الذي يقول فيه:



بني أحمد قلبي لكم يتقطع

بمثل مصابي فيكم ليس يسمع



و كان الناشي ء حاضرا فلطم لطما عظيما علي وجهه و تبعه المزوق و الناس كلهم و كان أشد الناس في ذلك الناشي ء ثم المزوق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم الي أن صلي الناس الظهر و تقوض المجلس و جهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم. فقال: والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فأنني لا أري أن أكون رسول مولاتي عليهاالسلام ثم أخذ عن ذلك عوضا. و انصرف و لم يقبل شيئا. قال و من هذه القصيدة و هي بضعة عشر بينا:



عجبت لكم تفنون قتلا بسيفكم

و يسطو عليكم من لكم كان يخضع



كأن رسول الله أوصي بقتلكم

و أجسامكم في كل أرض توزع



و حدث الخالع قال: اجتزت بالناشي ء يوما و هو جالس في السراجين فقال لي قد عملت قصيدة و قد طلبت و أريد أن تكتبها بخطك حتي أخرجها فقلت أمضي في حاجة و أعود، و قصدت المكان الذي أردته و جلست فيه فحملتني عيني فرأيت في منامي أباالقاسم عبدالعزيز الشطرنجي النائح. فقال لي: أحب أن تقوم فتكتب قصيدة الناشي ء البائية فأتا قد نحنا بها البارحة بالمشهد و كان هذا الرجل قد توفي و هو عائد من الزيارة. فقمت و رجعت اليه، و قلت هات البائية حتي أكتبها فقال من أين


علمت أنها بائية و ما ذكرت بها أحدا فحدثته بالمنام فبكي و قال لا شك أن الوقت قد دنا فكتبتها، فكان أولها:



رجائي بعيد و الممات قريب

و يخطي ء ظني و المنون نصيب [2] .





پاورقي

[1] ذکره الشيخ الطوسي في رجاله (ص 89) بقوله: (کان متکلما شاعرا مجودا. و له کتب. و کان يتکلم علي مذهب أهل الظاهر، و في النقد). و ذکره النجاشي أيضا في رجاله.و ابن‏النديم.

[2] ارشاد الاريب لياقوت الحموي ج 5 ص 335.