بازگشت

زيارة منصور النمري


و أخبرني من رأي منصور النمري [1] علي قبر الحسين بن علي (رض) ينشد قصيدته، التي يقول فيها:



فما وجدت علي الاكتاف منهم

و لا الأقفاء آثار النصول



ولكن الوجوه بها كلوم

و فوق حجورهم مجري السيول



اريق دم الحسين و لم يراعوا

و في الاحياء أموات العقول



فدت نفسي جبينك من جبين

جري دمه علي خد أسيل



أيخلوا قلب ذي ورع و دين

من الأحزان و الألم الطويل



و قد رشقت رماح بني زياد

بري من دماء بني الرسول



بيثرب كربلاء لهم ديار

نيام الأهل دارسة الطلول



بأوصال الحسين ببطن قاع

ملاعب للدبور و للقبول



تحيات و مغفرة و روح

علي تلك المحلة و الحلول



برئنا يا رسول الله ممن

أصابك بالأذية و الذحول [2] .



ذكر الخطيب في تاريخ بغداد (ج 3 ص 68) عن محمد البيذق، و كان أحسن الناس انشادا، و كان انشاده أحسن من الغناء. قال: دعاني الرشيد في عشي يوم و بين يديه طبق و هو يأكل مما فيه و معه الفضل بن الربيع،


فقال الفضل: يا محمد انشد أميرالمؤمنين ما يستحسن من مديحه فأنشدته (للنمري)، فلما بلغت الي هذا الموضع:



أي امرء بات من هارون في سخط

فليس بالصلوات الخمس ينتفع



ان المكارم و المعروف أودية

أحلك الله منها حيث تجتمع



اذا رفعت امرءا فالله رافعه

و من وضعت من الأقوام متضع



نفسي فداؤك و الابطال معلمة

يوم الوغا و المنايا بينهم قرع



قال: فأمر فرفع الطعام و صاح و قال هذا و الله أطيب من أكل الطعام و من كل شي ء. و أجاز النمري بجائزة سنية. قال محمد البيذق: فأتيت النمري فعرفته اني كنت سبب الجائزة، فلم يعطني شيئا، و شخص الي رأس عين. فأحفظني و أغاظني، ثم دعاني الرشيد يوما آخرا، فقال انشدني يا محمد، فأنشدته:



شاء من الناس راتع هامل

يعللون النفس بالباطل



فلما بلغت الي قوله:



الا مساعير يغضبون لها

بسلة البيض و القنا الذابل



قال: أراه يحرض علي، ابعثوا اليه من يجيئني برأسه، فكلمه الفضل بن الربيع فلم يغن كلامه شيئا، فوجه الرسول اليه فوافاه في اليوم الذي مات فيه، و قد دفن. فأراد نشره و صلبه، فكلم في ذلك، فأمسك عنه. (ثم ذكر في سبب غضب الرشيد عليه وجه آخر).



پاورقي

[1] ترجمته في نسمة السحر في ذکر من تشيع و شعر لضياء الدين يوسف الصنعاني المتوفي سنة 1121 ه (ص 162، ج 2. مخطوط في خزانة کتب المؤلف).

[2] زهر الآداب للحصري، هامش العقد الفريد ج 2 ص 272.