بازگشت

السيد أحمد الثاني


(يقال عنه انه كان ناظر رأس العين)

قال ابن عتبه الداودي في العمدة ص 308: (كان السيد شمس الدين حسين بن السيد تاج الدين هو المتولي لنقابة العراق و فيه ظلم و تغلب فأحقد


سادات العراق بأفعاله. فتوصل الرشيد الطبيب [1] و استمال جماعة من السادات و أوقعوا في خاطر السلطان من السيد تاج الدين و أولاده حكايات ردية. فلما كثر علي السلطان استشار الرشيد الطبيب في أمره و كان به حفيا، فأشار عليه أن يدفعه الي العلويين. و أوهمه أنه اذا سلمه اليهم لم يبق لهم طريق في الشكاية و التشنيع، و ليس علي السيد تاج الدين من ذلك كثير ضرر. فطلب الرشيد الطاهر جلال الدين الفقيه،ذ و كان سفاكا جريا علي الدماء، و قرر معه أن يقتل السيد تاج الدين و ولديه، و يكون له حكم العراق نقابة و قضاء و صدارة. فأمتنع السيد جلال الدين من ذلك و قال اني لا أقتل علويا قط، ثم توجه من ليلته الي الحلة. فطلب الرشيد (السيد بن أبي الفائز الموسوي الحائري) و أطعمه في نقابة العراق علي أن يقتل السيد تاج الدين و ولديه فأمتنع من ذلك و هرب الي الحائر من ليلته).

أقول: اقتصر بالتعبير عنه بلفظ السيد مشددا دون التسمية يعرب


عن بعد صيت قيم و شهرة فائقة لابن أبي الفائز.

يضاف الي جملة اسمه في المشجرات و المبسوطات التذكارية التي عند آله و سلالته (ناظر رأس العين) و يزعمون ان الضريح المشيد المشهور بأحمد بن هاشم في الشمال الغربي من شفاثا بمقربة من الرحالية قبره - و ابن هاشم عزوة لعمرو العلي هاشم بن عبد مناف جد الرسول (صلي الله عليه و آله) و ليس بأسم لابيه - و يعنون برأس العين عين ماء شفاثا، و لفظ رأس العين علي سبيل العلمية لم يطلق علي هذا العين كما تحكيه المعاجم الجغرافية العربية [2] . و ان ذكروا رأس العين أرادوا به عين الوردة الواقع بين جسر منبج و بلد خلف الموصل.

في أواخر العقد الخامس من القرن الرابع عشر الهجري قصدت زيارة أحمد بن هاشم - و له مكانة عظيمة في نفوس البدو، يقدمون له النذور - و بحثت جهد المستطاع علي درك أي أثر أتوصل به الي كشف هويته، مع شديد الأسف لم أقع علي أي طائل رغما عن شدة التحري الذي بذلته. فقط أرشدوني علي بعض أمتار علي قبة مبنية علي رمس أخبروني قوامه انه قبر أخيه. و انتهي الداودي عند ذكره لهذه السلالة من آل المجاب الي جملة (آل أبي الفائز محمد بالحائر) و لم يذكر من عقبه سوي السيد عند ذكره لخبر السيد تاج الدين. و لم يذكر له أخ أو أخوة ليتسني علي ضوئه طريقا للاستدلال - ما يشفي الغليل - علي أثر هذا الضريح الذي علي مقربة منه. أما ناظر رأس العين ان اعتمدناه فلابد انه ولي النظر بشؤون ولاية عين الخابور في الدولة المغولية و لأوانئذ كان لهذا


العين و توابعه من العمران شأن من قيمة و تقدير ما لا يستهان به. و عندما هوت الخلافة العباسية من شاهق عزها و أصبح الحكم لملوك بني بويه في القرن الرابع الهجري، أخذ الطالبيون يشغلون جانبا من وظائف الدولة فضلا عن النقابة علي آلهم و امارة الحج و النظر في المظالم و القضاء.

و في القرن الخامس احيل لابي تميم معد الموسوي مع النظر في نقابة الطالبيين الاشراف علي المخزن - وزير المالية - مع ما كان له من مكانة رفيعة عند أبي العباس أحمد الناصر لدين الله، و لداره [3] الذي كان يقيم فيه ببغداد في المقتدرية قيمة أن اتخذه الخلفاء بعده محلا للوافدين من الملوك الي سدة الخلافة. و أبوتميم معد بن الحسين بن معد الموسوي هو الذي قام بأمر الناصر الي تجديد معالم سرداب سامراء و علي باب صفة السرداب أعلام مباشرته و انجازه في سنة ست و ستمائة. و من اشراف آل المختار نقباء الغري منهم تاج الدين الحسن كان عارض الجيش [4] في الدور المستنصري. و تاج الدين محمد بن صلايا العلوي - صدر أربل [5] للدور المستعصمي حتي أن اتصل بالدور المغولي. و لم ينفكوا من اشغال المناصب في الدولة المغولية. و أشغل عز الدين ابن الموسوي العلوي نيابة رئاسة الشرطة و تاج الدين الطقطقي صدرية الحلة [6] سنة 667 ه. و نقف عند اسم السيد أبوجعفر محمد الثالث الملقب بخير العمال. و في


التسلسل بين ناظر رأس العين و تاج الدين المجاب لفظ خير العمال، من الممكن اطلاق هذه اللفظة علي أثر اشغاله لنظارة أو صدارة أو اشراف أو ما قاربهما.


پاورقي

[1] هو فضل الله رشيد الدين، وزير الجياتوخان المغولي. ولد في همدان سنة 638 ه و توفي سنة 718 ه. و قد اشتغل رشيد الدين في بادي‏ء أمره بالطب و اشتهر به. و هو مؤلف کتاب (جامع التواريخ) بالفارسية. أما بشأن هذه الواقعة التي يرويها صاحب العمدة فقد شکک بها (کاترمير) بل اعتبرها مختلقة و ملفقة و ذلک في مقدمته القيمة لکتاب رشيد الدين - جامع التواريخ ج 2 ص 34 من الترجمة العربية - و يدعم رأيه هذا بحجج غاية في القوة و الاقناع، ولکن مع تقديرنا لهذا الرأي نري اننا مدفوعين بعدم التسليم بصحته تسليما کليا، لان کاترمير ليس لديه دليل مادي يدعم به رأيه سوي ما يمليه عليه التحقيق العلمي الذي لا يسلم بالنصوص التاريخية المخالفة للعقل و المنطق السليم. و من المعلوم ان هذا وحده لا يکفي لتکذيب واقعة تاريخية و تفنيدها. ثم أننا لا نري سببا معقولا يدفع مؤرخ کأبن مهنا الداودي الي ادانة رشيد الدين وزجه في هذه الحادثة ما لم تکن صحيحة. فرشيدالدين کان معروفا بتشيعه و اخلاصه لآل علي، فلذلک و لما تقدم لا نستطيع أن نفند کل ما جاء في العمدة و نسلم برأي کاترمير. (عادل)

[2] راجع معجم البلدان للحموي. و مختصر کتاب البلدان لابن الفقيه الهمداني ص 134 ط ليدن. و أحسن التقاسيم للمقدسي ص 137، و صور الأقاليم للبلخي ص 93 مخطوط، و رحلة ابن‏جبير ص 221 ط سنة 1908 القاهرة.

[3] راجع الحوادث الجامعة ص 165.

[4] انظر الحوادث الجامعة لابن‏الفوطي ص 133. و قد جاء في مجالس المؤمنين ص 69 ما ترجمته (سادات بني المختار کانت لهم في عهد بني‏العباس أمارة الحج، و تولية المشهدين المقدسين في کربلاء و النجف کانت بعهدتهم. و بعد ذلک رحلوا الي سبزوار. و کانوا هناک دائما مرجعا و مآبا لأهالي خراسان).

[5] الحوادث الجامعة ص 337.

[6] الحوادث الجامعة ص 362.