بازگشت

وصف الحائر الحسيني


ان الذي يجلب المسلمين الي كربلاء هو وجود قبر الحسين بن بنت رسول الله (ص) و اخيه العباس بن علي (ع) و قبور اصحابه و اعوانه الذين استشهدوا معه في واقعة الطف أو يوم عاشوراء سنة 61 هجرية (أو 650 ميلادية). و بذلك أصبحت كربلاء مقدسة الشيعة و مزارهم. فيأتي اليها كل سنة لزيارة التربتين تربة الحسين و تربة العباس عليهماالسلام من كل حدب و صوب زرافات و جماعات جماعات قادمين اليها من ديار قاصية و ربوع نائية، كديار العجم و ربوع الهند و آسيا الوسطي حيث يكثر الشيعيون و لهذا تري كربلاء لا تخلو من غرباء يعدون بالآلاف للغرض نفسه.

و ها نحن نصف للقراء ما في جامع الحسين (ع) من المساجد العجيبة الرائقة البديعة الصنع الفائقة الحسن و من الابنية الضخمة و التزيينات الفاخرة التي هي من أفخر ما يجود به تقي الشيعة و تدينهم و حبهم لآل البيت مستغنين به عن وصف جامع العباس [1] (ع) لقرب المشابهة بين


الجامعين ان وضعا و ان زخرفا، و هو من أعظم مساجد العراق و اتقنها هندسة و صناعة و ابدعها حسنا و بهجة.

و هو علي شكل مستطيل طوله قرابة سبعين مترا في عرض يقارب (55) مترا و للمسجد (7) أبواب ضخمة جميلة الوضع و علي كل باب طاق مرتفع بالحجر المعقود بالحجر القاشاني.

و كل باب ينتهي بك الي حي من أحياء المدينة. و فناء المسجد كله فضاء واسع فسيح الارجاء مفروشة أرضه بالرخام الابيض الناصع و كذلك جدرانه. فان وجه أسفله منشي ء بالرخام الي طول مترين و ما فوق مبني بالقاشاني الجميل القطع و النحت. و يحيط بفناء الصحن جدار يحصنه قد اقيم عليه كلفتان.

و في الطبقة السفلي قرابة (65) غرفة جميلة أمام كل غرفة ايوان ذو سقف معقود بالقاشاني.

و في وسط فناء الصحن الروضة المقدسة و هو من اعجب المباني و اتقنها و ابدعها شكلا و اوفرها حظا بالمحاسن.

أخذت من كل بديعة بطرف يدخل اليها من عدة أبواب لا مجال لذكرها. و اشهر أبوابها باب القبلة و يطلق لفظ باب القبلة علي باب الصحن الشريف، اما باب الروضة يطلق عليها باب ايوان الذهب. و هو من الفضة الفنية الصياغة و في جوانبه سهوات محكمة البناء بديعة الشكل علي هيئة التجاريب مرصعة بقطع من المرايا تأخذ بمجامع القلوب.

امامه صفة مفروشة، أرضها بالرخام، و كذلك جدارها الادني فانه


مؤزر بالرخام الي مترين، رصع كله بالزجاج ترصيعا هندسيا يقل نظيره. و سقف هذه الصفه قائم علي دعائم محكمة من الساج. و هذا الباب ينتهي من الداخل الي رواق يحيط بالحرم (الروضة) من جميع جهاتها و عن يسارك تجد قبر حبيب بن مظاهر الأسدي و عليه مشبك من الشبه. فتدخل باستقامة الي باب آخر من الفضة الناصعة العجيبة الصياغة الي مقام محكم الصنع عظيم يأخذ بتلابيب الافهام و تدهشك الزخارف البديعة و المرايا المتلألئة و هو الروضة أو الحرم الذي يضم قبر الحسين (ع) و طوله (10) أمتار و 40 سنتيمترا و عرضه (9) م و 15 سنتيمترا و في داخله أنواع التزاويق.

لم اعرف في أي تاريخ كان قدوم هذا الكاتب [2] الذي وصف ما شاهده اذ ليس الأمر اليوم كما ذكر. و ذلك منشأ بالذهب الوهاج فهي تتلألأ نورا و تلمع لمعان البرق يحار بصر متأملها في محاسنها، و يقصر لسان رائيها عن تمثيلها.

و مما زادها بهجة و زخرفة وجود الجواهر النفيسة و قناديل الذهب و الفضة و غير ذلك من المعلقات الغالية الثمن علي القبر الشريف التي أهداها اليه ملوك الفرس و سلاطين الهند في عصور مختلفة ما يعجز قلم البليغ من وصفها و الاحاطة بكل ما هنالك من نفائس المجوهرات و نوادر الآثار.


و في وسط الحرم الشبكة المباركة و داخلها رمم الامام و التدوين يشاهد من وراء مشبك من الفضة الناصعة و هو ذو أربعة أركان و في جانب الطول 5 شبابيك و في العرض 4 شبابيك. و عرض كل شباك 80 سنتيمترا. و يتفرع من وسط الجانب الشرقي منه مشبك صغير من الفضة أيضا علي ضريح ابنه علي الاكبر الذي قتل معه و هو غير علي زين العابدين (ع) الذي قيد مع الاسري الي الشام - و طول مشبك الحسين (ع (5 أمتار و نصف متر و عرضه 4 أمتار و نصف مترا و ارتفاعه 3 أمتار و نصف مترا. و في أعلي مشبك الحسين 16 آنية مستطيلة الشكل مطلاة بالذهب الابريز و في كل ركن من المشبكين رمانة من الذهب يبلغ طولها قرابة نصف متر و سماء ذلك الحرم مغشاة بقطع من المرايا تأخذ بمجامع القلوب علي شكل لا يتمكن من ان يصفه واصف.

و في الزاوية الجنوبية من الحرم قبر الشهداء (ع) و هم ملحدون في ضريح واحد و هذا الضريح وضع علامة لمكان قبورهم و هم في التربة التي فيها قبر الحسين (ع).

وجه تلك الزاوية مشبك من الفضة الناصعة طوله أربعة أمتار و 80 سنتيمترا و هو عبارة عن 5 شبابيك عرض كل واحد منهم 75 سنتمترا. و ارتفاعه مترا و 70 سنتمترا. و يغطي الحرم كله قبة شاهقة مغشاة من أسفلها الي أعلاها بالذهب الابريز. و في محيطها من الاسفل 12 شباكا عرض كل شباك مترا واحد من الداخل و نصف متر من الخارج. و يبلغ ارتفاع القبة من أسفلها أي من سطح الحرم الي أعلاها قرابة 15 مترا. و في هذا الجامع ثلاث مآذن كبيرة يناطحن السحاب بارتفاعهن صعدا في الهواء.

اثنان منهما مطليتان بالذهب الوهاج. و هما حول الحرم. و الثالثة


مبنية بالقاشاني، و هي ملتصقة بالسور الخارجي من الجانب الشرقي [3] . و هناك أيضا ساعة كبيرة مبنية علي برج شاهق يراها الرائي من كل مكان قصي.

و صفوة القول ان الكاتب مهما اوتي من البلاغة و الفصاحة و الاجادة في الوصف لا يمكنه ان يصف كل ما في هذا المسجد الضخم من الابنية و التزيينات و ان ما كتبناه ليس الا ذرة من جبل أو نقطة من بحر زاخر.



پاورقي

[1] ان المؤلف لم يتعرض لتاريخ بناء الصحن العباسي و وصفه. لان تاريخ بناء الصحن العباسي ملازم لتاريخ بناء الحائر في مختلف العصور فان معظم من حظوا بشرف تعمير و زخرفة الحائر الحسيني. قد قاموا بنفس تلک التعميرات في حرم اخيه العباس. فأول بناء اقيم علي القبر المطهر هو عمارة عضد الدولة فنا خسروا البويهي. و قد جدد عمارته الشاه طهماسب الصفوي (قمر بن هاشم ص 126). و قد جاء في رحلة (ناصرالدين شاه الي کربلا ص 137) ان أمين الدولة صدر الأصفهاني هو الذي شيد القبة العالية علي الحضرة العباسية و غطاها بالکاشاني النفيس. و في سنة 1249 ه أمر فتح علي شاه القاجاري بصنع ضريح من الفضة الخالصة الي مرقد العباس (ع) و بذل لذلک (6000 تومان) من ماله الخاص. و قد تعاون لانجاز الضريح کل من الميرزا هدايت نوري المستوفي و الميرزا تقي نوري المستوفي. و قد توفي فتح علي شاه سنة 1250 قبل أن يتم الضريح (مجلد القاجاريه من ناسخ التواريخ ص 275). و قد اکمل الضريح و نصبه في محله علي الروضة المطهرة خلفه محمد شاه والد ناصرالدين شاه (نفس المصدر ص 480). لزيادة التفصيل راجع (قمر بني هاشم ص 126).

(عادل).

[2] لعله عباس المدني صاحب نزهة الجليس و منية الاديب الانيس. و کان قدومه الي عام 1131 هجرية راجع ج 1 ص 94 و ما بعدها يقول في وصف الحضرة الحسينية و اما ضريح سيدي الحسين، و فيه جملة قناديل من الورق المرصع، و العين ما يبهت العين. و من أنواع الجواهر الثمينة ما يساوي خراج مدينه. و اغلب ذلک من ملوک العجم و علي رأسه الشريف قنديل من الذهب الاحمر يبلغ وزنه منين بل أکثر.

و قد عقد عليه قبة رفيعة السماک متصلة بالافلاک. و بنائها عجيب، صنعة حکيم لبيب.

[3] و هي المأذنة المعروفة بمنارة العبد نسبة الي بانيها مرجان ألجياتي سنة 767. و في عام 982 رممت و ارخ ذلک بکلمة انکشتيار - أي خنصر المحب - (کلشن خلفاء لنظمي زاده. ص 103 وجه. مخطوط في خزانة المؤلف). و في سنة 1357 هجرية حصل فيها تصدع فأوفدت الحکومة آنذاک اقدر المهندسين و کشفوا عليها. فبان لهم ميلانها جهة الغرب، حيث کانت خطره علي الحرم الشريف و القبة. و بعد المداولة بين المهندسين. فرؤ ان لا مناص من هدمها حفظا للقبة الشريفة، و عليه فهدمت. (عادل)