بازگشت

مواجهة حادة


بعكس ما كان يقصده ويهدفه يزيد من دخول السبايا الي مجلسه بأن يستعرض قوته، ويؤكد انتصاره، ويوجه لأهل البيت ضربات جديدة من الأذلال والهوان.

فقد انعكس الأمر، وتحول المجلس الي ساحة محاكمة لجرائمه، وميدان معركة تكبد فيها هزيمة نكراء.. وفوجئ يزيد بحصول مالم يكن يتوقع، وفقد السيطرة علي نفسه، ولم يعد يدري كيف يواجه الموقف، بينما استمرت العقيلة زينب توجه له ضربات التحدي، وسهام التبكيت والاحتقار.

ونظر رجل من أهل الشام ومن القريبين من يزيد الي السيدة فاطمة بنت الامام علي ـ وحسب روايات أخري بنت الامام الحسين ـ فقال مخاطباً يزيد: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية لتكون خادمة عندي!!.

فاسودت الدنيا في عين السيدة فاطمة، وانتابها الرعب والقلق، فلاذت بزعيمة الركب العقيلة زينب، فطمأنتها زينب وهدأت روعتها حيث رفعت صوتها لتسمع يزيد قائلة للرجل:

ـ كذبت ولؤمت ما ذلك لك ولا لأميرك.

واستشاط يزيد غضباً لهذه الضربة القاصمة لصرح هيبته الزائفة ومقامه الباطل


فرد بانفعال: كذبت ولله، إن ذلك لي، ولو شئت أن أفعله لفعلت.

فعاجلته السيدة زينب بضربة أكثر وقعاً وصرامة حين قالت:

«كلا والله ما جعل الله لك ذلك الا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا».

وطفح الكيل في نفس يزيد وما عاد يتحمل ما يسمع من كلمات التحدي والتحقير وفي مقر حكمه وبين أنصاره وجمهوره فصاح غاضباً:

ـ إياي تستقبلين بهذا؟ انما خرج من الدين أخوك وأبوك!.

وإذا كان يزيد منفعلاً قد فقد السيطرة علي نفسه فإن السيدة زينب كانت في قمة الأطمئنان والثبات، لذلك أجابته واثقة:

ـ بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدي اهتديت أنت وأبوك وجدك إن كنت مسلماً!!.

وما عسي أن يكون جواب يزيد أو موقفه تجاه هذا التحدي الصارخ، فهو يتربع علي عرش خلافة المسلمين لكن السيدة زينب تجعل اسلامه موضع شك، وتعلن علي رؤوس الأشهاد فضل أسرتها عليه وعلي أسرته بهديهم للاسلام.. لذك لم يحر يزيد جواباً ولم يجد رداً فلجأ الي الشتم، بحنق وغيظ، حيث خاطب زينب قائلاً: كذبت يا عدوة الله!!.

لكن غضب يزيد وانفعاله وشتمه لم يسكت العقيلة زينب ولم يضع حداً لهجومها عليه وتحديها له، بل أوضحت أمام الجمع أن دافع يزيد الي الشتم هو سوء استخدامه لموقعه باعتباره حاكماً يمارس الظلم والقهر، قالت (عليها السلام):

ـ أنت أمير مسلط، تشتم ظالماً، وتقهر بسلطانك.

فسكت يزيد وأفحم واعترف بخسارته المعركة، حيث إن الرجل الشامي كررعليه الطلب وكأنه يريد أن يعرف النتيجة، وينتزع من يزيد الاعتراف بالهزيمة أمام تحدي السيدة زينب له، فقال الشامي:


ـ يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية!.

فصب يزيد عليه جام غضبه قائلاً له:

ـ اعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً [1] .



پاورقي

[1] (حياة الإمام الحسين) القرشي ج 3 ص 381.