بازگشت

المعركة في منظار القيم والمبادئ


فالأمويون وان كانوا يتظاهرون بالأسلام، ويحكمون باسمه، الا أنهم يتعاملون مع الحياة، وينظرون للأمور حسب المعادلات المادية، وضمن دائرة المصالح الدنيوية العاجلة بعيداً عن القيم والمبادئ.

ويريدون لجمهور الأمة أن ينظر الي واقعة كربلاء من منظارهم المادي الجاهلي، حيث يصرح يزيد بأنه قد قام بأخذ ثارات بدر ومعارك الإسلام الأولي ضد أسلافه المشركين، والمسألة في نظر الأمويين لا تعدو أن تكون دفاعاً عن عرش السلطة وكرسي الحكم، وهو أمر مشروع بالعقلية المصلحية.

ويري الأمويون أن القوة التي بأيديهم، والأنتصارات التي أحرزوها، تكفي


دليلاً علي أحقيتهم وشرعيتهم كواقع يفرض نفسه.

وفي مواجهة هذا المنطق الأموي المادي الأنتهازي كانت السيدة زينب في خطابها تؤكد علي الرجوع الي القيم والمبادئ الدينية والأحتكام اليها في تقويم الواقع وتفسير أحداثه، فلابد من محاكمة ما يجري علي ضوء كتاب الله، والنظر الي المعركة من خلال الرؤية الدينية التي يريد الأمويون تغييبها والغاءها في واقع حياة المسلمين.

لذلك تذكر يزيد بن معاوية بأن لا ينظر الي نفسه من خلال ما يملك من قوة وسلطة: «أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء». فليس في ذلك دلالة علي الأحقية والمشروعية والرضا الآلهي، فقد يفسح الله المجال واسعاً أمام الكافرين لتتضاعف قوتهم وامكانياتهم دون أن يعني ذلك أحقيتهم أو رضا الله عنهم، بل يكون ذلك سبباً لزيادة انحطاطهم وعذابهم عند الله.

والحسين وأهل بيته ليسوا مهزومين مغلوبين قد خسروا الحياة وابتلعهم الموت بل هم وفق مقياس المبادئ الآلهية شهداء خالدون وأحياء عند ربهم، لأنهم قتلوا في سبيل الله.

واذا كانت المآسي قد حلت بأهل البيت فانهم يحتسبونها عند الله، حيث لم تحدث لهم في سياق صراع دنيوي مصلحي وإنما لأنهم يحملون رسالة الله ويدافعون عن دينه، وحسب المبادئ والقيم فهناك عدالة آلهية، وهناك دار أخري تكون فيها النتائج الحاسمة: «وحسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً ولتردن علي رسول الله».

والصراع بين أهل البيت والأمويين في نظر السيدة زينب ليس صراعاً قبلياً علي الزعامة، بل هو مظهر وامتداد للصراع الأبدي الدائم بين الخير والشر، بين حزب الله وحزب الشيطان.