بازگشت

مكافأة الحرس


بعدما لاحظ يزيد أن الحالة المأساوية لسبايا أهل البيت أثارت عليه النقمة والغضب وردات الفعل العنيفة من قبل الناس، عمد أخيراً الي تحسين أوضاع العائلة الحسينية واستجاب لرغبتهم في الرجوع الي المدينة وأمر النعمان بن بشير أن يجهزهم بما يصلحهم، ويسير معهم رجلاً أميناً من الشام ومعه خيل يسير بهم الي المدينة.

وخلافاً للمعاملة الخشنة التي عانت معها قافلة السبايا في مسيرهم الي الشام فقد كان هذا المكلف بركبهم في عودتهم الي المدينة لبقاً في التعامل ليناً في أخلاقه معهم، فكان يسايرهم ليلاً فيكونون أمامه بحيث لا يفوتون طرفه، فاذا نزلوا تنحي عنهم هو وأصحابه، فكانوا حولهم كهيئة الحرس، وكان يسألهم عن حاجتهم ويلطف بهم.

فلما وصلوا الي المدينة أرادت العقيلة زينب مكافاته علي حسن تعامله وجميل صنعه، ولم يكن لديها مال تقدمه اليه لكنها عمدت الي بعض ما تبقي من حلي ولدي أختها فاطمة وقدمته إليه معتذرة قائلة:

«هذا جزاؤك بصحبتك ايانا بالحسن من الفعل».

فتأثر الرجل من مبادرة السيدة زينب واعتذر عن قبولها قائلاً:

لو كان الذي صنعت انما هو للدنيا كان في حليكن هذا ما يرضيني دونه،


ولكن والله ما فعلته الا لله ولقرابتكم من رسول الله (صلي الله عليه وآله) [1] .

تجدر الأشارة الي أن النعمان بن بشير هو الذي رافق موكب العائلة الي المدينة، وهو أنصاري مدني يكن مشاعر الإحترام لأهل البيت، وهو كان والياً علي الكوفة حينما دخلها سفير الحسين مسلم بن عقيل، ولم يتخذ ضد مسلم اجراءات قمعية كما كان يرغب الأمويون، فعزله يزيد عن ولاية الكوفة وولي عبيدالله بن زياد مكانه، وحينما سمع النعمان مقالة الأمويين عنه أنه ضعيف أو متضعف، قال: لأن أكون ضعيفاً وأنا في طاعة الله أحب اليّ من أن أكون قوياً في معصيته [2] .



پاورقي

[1] (تاريخ الأمم والملوک) الطبري ج 6، ص 266.

[2] (زينب عقيلة بني هاشم) عبد العزيز سيد الأهل ص 100.