بازگشت

في مجلس يزيد


لقد فضح الأمويون أنفسهم، حينما دفعهم حقدهم علي أهل البيت حماقتهم الي تسيير نساء الحسين وعيالاته سبايا بتلك الحالة الفظيعة.. فموكب السبايا كان تظاهرة اعلامية تؤجج المشاعر وتلهب العواطف ضد السلطة الظالمة، والعقيلة زينب لم تترك فرصة ولا مناسبة أثناء رحلتها الشاقة المؤلمة الي الكوفة ومنها الي الشام مروراً بسائر البلدان والمناطق.. الا واستثمرتها في اعلان مظلوميتهم، وتبيين عمق المأساة التي حلت بهم.

وحتي في مجلس يزيد بن معاوية والذي قد خطط ليكون دخول السبايا الي مجلسه مهرجاناً يحتفل فيه بانتصاره علي الحسين، فأحضر كبار قادة جيشه وزعماء الشام، وأحاط نفسه بأجواء من الهيبة المصطنعة.

لكن العقيلة زينب أفسدت عليه كل ما صنع وأفشلت مهرجانه الضخم حين نظرت الي رأس أخيها الحسين بين يدي يزيد، فانتصبت قائمة وأجهشت بالبكاء، وأهوت الي جيبها فشقته، ونادت بصوت حزين يقرح القلوب: «يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يا ابن مكة ومني، يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء، يا ابن بنت المصطفي».

قال الراوي: فأبكت والله كل من كان في المجلس ويزيد ساكت [1] .

وجميل ما قالته الأديبة بنت الشاطئ حول هذا الدور الزينبي حيث كتبت تقول: لم تمض زينب الا بعد أن أفسدت علي ابن زياد، ويزيد، وبني أمية، لذة النصر، وسكبت قطرات من السم الزعاف في كؤوس الظافرين!.

فكانت فرحة لم تطل وكان نصراً مؤقتاً، لم يلبث أن أفضي الي هزيمة قضت


آخر الأمر علي دولة بني أمية.

فلم تكد زينب تخرج من عند يزيد حتي أحس أن سروره بمقتل الحسين قد شابه كدر خفي، ظل يزداد حتي استحال الي ندم، كدر صفو الأعوام الثلاثة الأخيرة من حياته [2] .


پاورقي

[1] (زينب الکبري) النقدي ص 114.

[2] (السيدة زينب) عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ ص 158.