بازگشت

نظرة وداع


بعد ظهر اليوم الحادي عشر من المحرم عزم الجيش الأموي علي مغادرة أرض كربلاء، وقد حملوا معهم نساء الحسين وأهل بيته وصبيتهم، ومروا بقافلة الأرامل المثكولات والأيتام المفجوعين علي أرض المعركة وحيث تشرق علي ساحتها جثث الشهداء وأجسام القتلي من أهل البيت..

وكان منظراً مذهلاً للنساء والأطفال: فالأجساد بلا رؤوس.. والأشلاء موزعة.. والدماء تصبغ البسيطة..

ويبدو أن قيادة الجيش الأموي أرادت أن تدخل الرعب والفزع الي نفوس العائلة الحسينية، وأن تحدث الهزمية والانهيار التام في نفوس أفرادها، حتي يدخلوا الكوفة وهم في منتهي الاذلال والهوان..

وتأملت العقيلة زينب ذلك الموقف الرهيب: حيث تري أرض الشهادة ترتسم علي ربوعها أفظع مأساة، وتنظر الي النساء والأطفال وقد علتهن الكآبة والدهشة.. ومن جانب آخر تري الجيش الأموي يبالغ في اظهار نشوة انتصاره الزائف، ويستعرض قوته وقدرته الغاشمة..

فمزقت العقيلة زينب أجواء الرهبة والألم، واندفعت تشهر سلاح المظلومية لتصوبه تجاه المتغطرسين المغرورين، ولتثبت لهم أنهم ضعفاء مهزومون وإن توهموا النصر.. فأطلقت صوتها الشجاع المدوي قائلة: ـ «يا محمداه هذا حسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة»


يقول الرواة: فأبكت كل عدو وصديق حتي جرت دموع الخيل علي حوافرها [1] .


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 307.