بازگشت

تري الامام ينعي نفسه


الحسين في نظر السيدة زينب ليس مجرد أخ عزيز، ومكانته في نفسها لا تتحدد في كونه الإمام القائد والمفترض الطاعة فقط، بل فوق ذلك كله انه يجسد ويمثل شخصية جدها رسول الله، وأبيها الإمام علي، وأمها فاطمة الزهراء، وأخيها الإمام الحسن، انه البقية والامتداد للبيت النبوي العظيم..

لذلك حينما رأته ينعي بنفسه وينتظر الشهادة أدركت مدي الخسارة التي تحل بها وبالوجود عند فقده..

فقد رأت الحسين ليلة العاشر من المحرم، وهو يعالج سيفه ويصلحه في خيمته ويقول:



يا دهر أفٍ لك من خليل

كم لك بالاشراق والأصيل



من صاحب وطالب قتيل

والـدهر لا يقنع بـالبديل



وانما الأمر الـي الجليل

وكل حـي سالك سـبيل



فلما سمعت السيدة زينب هذه الأبيات أحسّت أن شقيقها عازم علي الموت ومصمم علي الشهادة، فأعولت قائلة:

«واثكلاه! واحزناه! ليت الموت أعدمني الحياة، يا حسيناه، يا سيداه، يا بقية أهل بيتاه، استسلمت، ويئست من الحياة، اليوم مات جدي رسول الله، وأمي فاطمة الزهراء، وأبي علي، وأخي الحسن، يا بقية الماضين، وثمال الباقين».

فقال لها الإمام: «يا أخيه لا يذهبن بحلمك الشيطان»..

فأجابته بأسي وإلتياع: «أتغتصب نفسك اغتصاباً، فذاك أطول لحزني، وأشجي لقلبي» [1] .

وقد أرادت السيدة زينب في هذا الموقف أن تبين خطورة الجريمة التي عزم الجيش الأموي علي ارتكابها، انها تستهدف رسول الله وابنته الزهراء وأخاه علياً وسبطه الحسن عبر قتل من يمثلهم ويجسدهم جميعاً آنذاك وهو الإمام الحسين (عليه السلام)..


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 172.