بازگشت

عاشوراء


زحفت القوات العسكرية الأموية لتحاصر الحسين وأصحابه في كربلاء، واختلف المؤرخون في عدد أفراد القوات الزاحفة نحو كربلاء، ولعل القول الأقرب والأصح هو ثلاثون ألف مقاتل [1] ، بينما كان عدد أفراد معسكر الحسين لا يزيد علي ثمانين رجلاً.

بينما فرضت السلطات الحصار علي الكوفة وحالة الطوارئ في داخلها حتي لا يتسلل منها أحد للالتحاق بالإمام الحسين.

وكانت قيادة الجيش الأموي بعهدة عمر بن سعد.

وتحدّث الإمام الحسين للجيش الأموي الزاحف لقتاله مراراً، ليعرفهم بنفسه


وليشرح لهم مبررات وأهداف موقفه المعارض للسطلة الأموية، وليوضح لهم سوء الواقع المعاش في ظل الأمويين، ومسؤولية الثورة والرفض لظلمهم وطغيانهم.

لكن خطابات الإمام لم تؤثر الا في عدد قليل محدود من أفراد الجيش كالحر بن يزيد الرياحي قائد الفرقة العسكرية التي واجهت الإمام في الطريق، فقد تأثر بموقف الإمام وخطاباته وتمرد علي معسكره والتحق بمعسكر الإمام الحسين.

وتشديداً للحصار علي الإمام الحسين وأصحابه فقد احتل الجيش الأموي شاطيء الفرات ومنعوا الحسين وأصحابه وعياله من الوصول الي الماء، منذ اليوم السابع من المحرم.

وفي صبيحة اليوم العاشر من المحرم بدأ الجيش الأموي هجومه علي معسكر الإمام الحسين فتبادر أصحاب الإمام ورجالات أسرته الهاشمية للدفاع عن وجود الإمام وعياله وعن أنفسهم، وسطروا من خلال معركة دفاعهم المقدس ملحمة خالدة من البطولة والفداء لم يعرف التاريخ لها نظيراً، وبعد ظهر اليوم العاشر من المحرم كان جميع الأصحاب والأنصار قد عانقوا الشهادة، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، بينما بقي الإمام الحسين يواجه القوم بمفرده وخلفه نساؤه وعياله قد أقضهم العطش والظمأ، وآلمهم الحزن والمصاب، وأصبحوا ينتظرون مستقبلاً مأساوياً بعد فقد رجالاتهم وحماتهم.

وتصدي الإمام لمواجهة القوم وقتالهم، غير آبه بكثرة جموعهم، ولا نالت المصائب والآلام من عزيمته وشجاعته، حتي أذن الله له بلقائه، فوقع صريعاً شهيداً علي بوغاء كربلاء، مضمخاً بدمائه الشريفة، شاهداً علي انحراف الأمة عن رسالة جده، راسماً لأجيال البشرية طريق الثورة والنضال دفاعاً عن المبدأ والكرامة.

ولم يكتف الجيش الأموي الظالم بقتل الإمام وأصاحبه جميعاً بل قتلوا حتي الأطفال الرضع كعبدالله الرضيع ابن الإمام الحسين وهو دون العام من عمره حيث ذبحوه علي صدر أبيه الحسين، ولم يسلم من رجالات معسكر الحسين الا ولده علي بن الحسين زين العابدين لأنه كان عليلاً مريضاً.


وأجهزوا علي الجثث الطاهرة للإمام الحسين واصحابه يحتزون رؤوسهم ثم وطأوا جسد الإمام بخيولهم، وأغاروا علي خيم نساء الحسين وأطفاله، واحرقوها بالنار، وسلبوا ما فيها من متاع، وما علي النساء والأطفال من حلي وحلل!!.

لقد ارتكب الجيش الأموي الباغي في كربلاء جرائم فظيعة، لا يصح ارتكابها حتي مع الأعداء الكافرين، فضلاً عن عترة رسول الله (صلي الله عليه وآله).

لذلك اصبحت كربلاء تمثل أفظع مأساة في تاريخ البشر، وفي ذات الوقت فهي أروع ملحمة في سجل البطولة والفداء والصمود.


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 122.