بازگشت

يزيد بن معاوية حاكما


واستكمالاً لمشروع الردة الي الجاهلية ختم معاوية بن أبي سفيان حياته باستخلاف ولده يزيد علي الأمة، ليبدأ بذلك عهد الملك العضوض والحكم الوراثي العائلي، خلافاً لما أقره الإسلام وتعود عليه المسلمون.

ولم تكن لدي يزيد أدني مؤهلات الحكم والخلافة، فقد كان كلفاً بالصيد لاهياً به، وكان يلبس كلاب الصيد الأساور من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكل كلب عبداً يخدمه [1] ، كما كان ولعاً بالقرود وله قرد يجعله بين يديه ويكنيه


بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه [2] كما كان مدمناً علي شرب الخمر [3] .

يقول الحسن البصري ضمن تعداده لموبقات معاوية:

واستخلاف ابنه بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب الطنابير [4] .

وقد اعترض كبار الصحابة علي معاوية حينما أراد مبايعة ولده يزيد بولاية العهد، وعقد مجلساً في المدينة المنورة ضم نخبة من أفاضل الصحابة ليخبرهم برغبته في تعيين ولده يزيد ولياً لعهده، فانبري له عبدالله بن جعفر بن أبي طالب زوج السيدة زينب قائلاً بعد حمد الله والثناء عليه:

«أما بعد: فإن هذه الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن فأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله، وإن اُخذ فيها بسنة رسول الله فأولوا رسول الله، وإن أخذ فيها بسنة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول؟ وأيم الله لو ولوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه لحقه وصدقه، ولاُطيع الرحمن، وعُصي الشيطان، وما اختلف في الأمة سيفان، فاتق الله يا معاوية فانك قد صرت راعياً ونحن رعية فانظر لرعيتك فانك مسؤول عنها غداً» [5] .

واندفع عبدالله بن عمر فقال بعد حمد الله والصلاة علي نبيه:

«أما بعد: فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية ولا قيصرية، ولا كسروية، يتوارثها الأبناء عن الآباء، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي، فوالله ما أدخلني مع الستة من أصحاب الشوري، الا أن الخلافة ليست شرطاً مشروطاً، وإنما هي في قريش خاصة لمن كان لها أهلاً ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ممن كان أتقي وأرضي» [6] .


وبنفس المضمون تكلم عبدالله بن عباس، وعبدالله بن الزبير، الا أن معارضة هؤلاء الصحابة وغيرهم من أعيان الأمة لم تؤثر في عزم معاوية علي فرض ولده حاكماً من بعده، بل شهر سلاح التهديد أمام المعارضين، وقال ناطق بإسم معاوية في حضوره وهو يزيد بن المقفع: أمير المؤمنين هذا ـ وأشار الي معاوية ـ فان هلك فهذا ـ وأشار الي يزيد ـ ومن أبي فهذا ـ واشار الي السيف ـ [7] .

ومات معاوية في شهر رجب سنة: (60 هـ) وأصبح ولده يزيد خليفة وحاكماً علي المسلمين.


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 181.

[2] المصدر السابق ص 182.

[3] المصدر السابق ص 183.

[4] المصدر السابق ص 184.

[5] (حياة الإمام الحسين) القرشي ج 2، ص 205.

[6] المصدر السابق ص 207.

[7] المصدر السابق ص 203.