بازگشت

بطلة كربلاء


يبدو أن كل ما سبق في حياة السيدة زينب كان بمثابة اعداد وتهيئة للدور الأكبر الذي ينتظرها في هذه الحياة.

فالسنوات الخمس الأولي من عمرها والتي عايشت فيها جدها المصطفي (صلي الله عليه وآله) وهو يقود معارك الجهاد لتثبيت أركان الإسلام ويتحمل هو وعائلته ظروف العناء والخطر.

والأشهر الثلاثة التي رافقت خلالها أمها الزهراء بعد وفاة رسول الله (صلي الله عليه وآله) ورأت أمها تدافع عن مقام الخلافة الشرعي، وتطالب بحقها المصادر، وتعترض علي ما حصل بعد الرسول من تطورات، وتصارع الحسرات والآلام التي أصابتها.

والفترة الحساسة الخطيرة التي عاصرت فيها حكم أبيها علي وخلافته وما حدث فيها من مشاكل وحروب.

ثم مواكبتها لمحنة أخيها الحسن وما تجرع فيها من غصص وآلام كل تلك المعايشة للأحداث والمعاصرة للتطورات.. كان لإعداد السيدة زينب لتؤدي امتحانها الصعب ودورها الخطير في ثورة أخيها الحسين بكربلاء.


وما كان للسيدة زينب أن تنجح في أداء ذلك الأمتحان، وممارسة ذلك الدور لو لم تكن تمتلك ذلك الرصيد الضخم من تجارب المقاومة والمعاناة، ولو لم يتوفر لها ذلك الارث الكبير من البصيرة والوعي.

وواقعة كربلاء تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم).

ففي واقعة كربلاء تجلي تيار الردة الي الجاهلية والأنقلاب علي الأعقاب ووصل الي قمته وذروته من خلال المعسكر الأموي.. كما تجسد وتبلور خط الرسالة والقيم الالهية في الموقف الحسيني العظيم.

وواقعة كربلاء شرعت للأمة مقاومة الظلم والطغيان، وشقت طريق الثورة والنضال أمام الطامحين للعدالة والحرية.

وكان للسيدة زينب دور أساسي رئيسي في هذه الثورة العظيمة.

فهي الشخصية الثانية علي مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الإمام الحسين (عليه السلام).

ومن يقرأ أحداث كربلاء ويقلب صفحات كتابها، يري السيدة زينب الي جانب الحسين في اغلب الفصول والمواقف، بل انها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد الإمام الحسين وأكملت حلقاتها.

ولولا كربلاء لما بلغت شخصية السيدة زينب هذه القمة من السمو والتألق والخلود.. ولولا السيدة زينب لما حققت كربلاء أهدافها ومعطياتها وآثارها في واقع الأمة والتاريخ.

لقد أظهرت كربلاء جوهر شخصية السيدة زينب، وكشفت عن عظيم كفاءاتها وملكاتها القيادية، كما أوضحت السيدة زينب للعالم حقيقة ثورة كربلاء، وأبعاد حوادثها.

وحقاً انها بطلة كربلاء وشريكة الحسين.