بازگشت

مع ابيها علي


طبيعي أن تنشد البنت لأبيها وتتعلق به، وخاصة اذا ما فقدت البنت أمها فسيصبح أبوها حينئذٍ هو المنبع الوحيد للعاطفة والحنان والرعاية تجاهها.

وفي علاقة السيدة زينب بأبيها علي بن أبي طالب هناك عامل اضافي يتمثل في الصفات والسمات النفسية والأخلاقية التي يتمتع بها الإمام علي والتي تفرض حبّه وعشقه واكباره علي كل من التقي به أو عاشره أو سمع عنه.

بل إن أي واحدة من سوابقه ومناقبه لحرية باخضاع النفوس والقلوب لمكانته وجلالته كما يقول أبو الطفيل:

قال بعض أصحاب النبي: لقد كان لعلي من السوابق مالو أن سابقه منها بين الخلائق لو سعتهم خيراً [1] .

ومن عرف علياً أو تعرف عليه فلم يهيمن حب علي علي قلبه فذلك دلالة علي انحراف في طبعه وخلل في ذاته.


وهل يكره الخير عاقل؟! أو هل يبغض النور سويّ؟ لذلك قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) للإمام علي: «لا يحبّك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق» [2] .

وقال أبو سعيد الخدري: كنا نعرف المنافقين ـ نحن معاشر الأنصار ـ ببغضهم علي بن أبي طالب [3] .

وحتي ألدّ خصومه وأعدائه معاوية بن أبي سفيان لم يستطع كتمان اعجابه بشخصيته (عليه السلام) حيث قال لما بلغه قتله:

ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب.

فقال له اخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام؟.

فقال له: دعني عنك [4] .

وحينما وصف ضرار بن ضمرة شخصية الإمام علي بمحضر معاوية بعد وفاة الإمام بكي معاوية ووكفت دموعه علي لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمّه، وقد اختنق القوم بالبكاء، وقال معاوية:

رحم الله أبا الحسن والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح ولدها بحجرها فهي لا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها [5] .

واذا كانت شخصية علي تأسر حتي قلوب أعدائه فضلاً عن أصحابه وأتباعه فما هو مدي تأثير شخصيته علي ابنته القريبة منه والمتعلقة به؟.


نحاول في السطور التالية أن نقتطف من ذاكرة التاريخ ما سجلته من صور ولقطات عن تلك العلاقة الإيمانية الانسانية الحميمة بين السيدة زينب وابيها الإمام (عليهما السلام)، لنري كيف عاشت السيدة زينب في ظل أبيها:


پاورقي

[1] (أسد الغابة في معرفة الصحابة) ابن الاثير ج 3، ص 598.

[2] المصدر السابق ص 602.

[3] المصدر السابق ص 607.

[4] (أئمتنا) علي دخيّل ج 1، ص 91.

[5] المصدر السابق ص 92.