بازگشت

ام كلثوم


أم كلثوم: وهي البنت الوحيدة كما يبدوا للسيدة زينب، ولابد وأنها قد ورثت شمائل أمها، وتحلت بمكارم أخلاق أبيها، ولذلك تسابق الخاطبون لطلب يدها وكان من جملتهم معاوية بن أبي سفيان خطبها أيام سلطته لولده يزيد، وكلف واليه علي المدينة مروان بن الحكم أن يخطبها من أبيها ليزيد بن معاوية، فقال أبوها عبدالله بن جعفر.

إن أمرها ليس اليّ إنما هو الي سيدنا الحسين وهو خالها.

فأخبر الحسين بذلك، فقال: أستخير الله (تعالي) اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد.

فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله) أقبل مروان حتي جلس الي الحسين (عليه السلام) وقال:

إن أمير المؤمنين معاوية أمرني بذلك، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه، واعلم ان من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد وهو كفؤ من لا كفؤ له، وبوجهه يستسقي الغمام، فردّ خيراً يا أبا عبدالله.

فقال الحسين: الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا علي خلقه.

ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا.

أما قولك: مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله (صلي الله عليه وآله) في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو اثنتا عشرة أوقية يكون اربعمائة وثمانين درهماً.

وأما قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتي كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا؟.


وأما صلح ما بين هذين الحيّين، فإنا قوم عاديناكم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري لقد اعيا النسب فكيف السبب؟.

وأما قولك: والعجب كيف يستمهر يزيد؟ فقد استمهر من هو خير من يزيد، ومن أبي زيد، ومن جدّ يزيد!.

وأما قولك: إن يزيد كفؤ من لا كفؤ له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ما زادته امارته في الكفاءة شيئاً.

وأما قولك: وجهه يستسقي به الغمام: فإنما كان ذلك وجه رسول الله (صلي الله عليه وآله).

وأما قولك: من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا، فإنما يغبطنا به أهل الجهل ويغبطه بنا أهل العقل.

ثم قال (عليه السلام): فاشهدوا جميعاً إني قد زوجت أم كلثوم بنت عبدالله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر علي اربعمائة وثمانين درهماً وقد نحلتها ضيعتين بالمدينة ـ أو قال أرضي العقيق ـ وإن غلتها بالسنة ثمانية آلاف دينار ففيهما لهما غني إن شاء الله تعالي. فتغير وجه مروان، وقال:



أردنا صهركم لنجد وداً

قد أخلقه به حدث الزمان



فلما جئتكم فجبهتموني

وبحتم بالضمير من الشنان



فأجابه ذكوان مولي بني هاشم:



أماط الله عنهم كل رجس

وطهرهم بذلك في المثاني



فمالهم سواهم من نظير

ولا كفو هناك ولا مداني



أتجعل كل جبار عنيد

الي الأخيار من أهل الجنان [1] .




پاورقي

[1] (زينب الکبري) جعفر النقدي ص 129.