بازگشت

في بيت الزوجية


وتجاوزت زينب مرحلة الصبا، واكتمل نضجها الجسدي والنفسي، ومع شديد رغبتها في البقاء قرب أبيها، وفي توفير الرعاية والعناية لأخويها الحسنين، الا أنه كان لابد لها من الزواج، لما يعنيه الزواج من تكامل في الشخصية، واستجابة للسنة الآلهية التي جعلها الله (تعالي) في بني البشر بل في كافة المخلوقات كما يقول (تعالي): (ومن كل شيء خلقنا زوجين) [1] ، ولأن تعاليم الاسلام تحث علي الزواج وتحبذه، وتذم العزوبة وتنفر منها.

فعن رسول الله (صلي الله عليه وآله): «النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني» [2] .

وعنه (صلي الله عليه وآله) أنه قال لرجل يقال له عكاف: ألك زوجة؟.

قال: لا.


فقال (صلي الله عليه وآله): ألك جارية؟.

قال: لا يا رسول الله.

قال (صلي الله عليه وآله): أفأنت موسر؟.

قال: نعم.

قال (صلي الله عليه وآله): تزوج والا فأنت من المذنبين.

وفي رواية: تزوج والا فأنت من إخوان الشياطين [3] .

وعن النبي (صلي الله عليه وآله): «شراركم عزّابكم وأراذل موتاكم عزابكم» [4] .

ومهما كانت كفاءة البنت وفضلها فإن ذلك لا يغنيها عن نعمة الحياة الزوجية، ومخطئة جداً من تظن أن الشهادة الدراسية أو المنصب الوظيفي أو أي كفاءة علمية أو اجتماعية يمكن أن تصبح بديلاً عن الزواج أو أن تملأ الفراغ في حياة المرأة بدلاً عن الزواج.. إنه لو كان كذلك لاستغنت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عن الزواج وهي لا تداني في فضلها ومؤهلاتها، ولاستغنت ابنتها العقيلة زينب عن تحمل أعباء الحياة الزوجية لما لها من الفضل والكفاءة!.

لقد دخلت امرأة ذات يوم علي الامام الصادق (عليه السلام) وقالت: أصلحك الله إني متبتلة.

فسألها الامام: وما التبتل عندك؟.

قالت: لا أريد التزويج أبداً.

قال: ولم؟.


قالت: ألتمس في ذلك الفضل.

فقال: انصرفي فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمة (عليها السلام) أحق به منك، انه ليس أحد يسبقها الي الفضل [5] .

وجاء الخاطبون يتوافدون علي بيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) كل منهم يتمني أن يحظي بشرف الاقتران بالعقيلة زينب، رغبة في الاتصال بالنسب النبوي الشريف، ولما يعرفونه من كمال زينب وفضلها وأدبها، لكن أباهاً علياً كان يرد كل خاطب لأنه (عليه السلام) قد اختار لابنته الزوج المناسب والكفوء.

يقول السيد الهاشمي: إن العقيلة زينب بنت علي خطبها الأشراف من قريش والرؤساء من القبائل.. ويروي انه خطبها الأشعث بن قيس وكان من ملوك كندة [6] .

والعناية الآلهية التي أحاطت بالسيدة زينب (عليها السلام) ووجهت مسارات حياتها كان لابد وأن تتدخل في شأن هذا الأمر الخطير من حياة السيدة زينب، وهو اختيار القرين والزوج المناسب الكفوء لهذه المرأة العظيمة.. وهذا ما حصل بالفعل فقد شاء الله (تعالي) أن تقترن العقيلة زينب بواحد من أعظم وأنبل شباب الهاشميين وهو ابن عمها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.

واختيار الامام علي لعبدالله بن جعفر ليكون زوجاً لابنته زينب اختيار أكثر من موفق، فعلي يعرف مكانة أخيه جعفر، وعبدالله ربيب للامام علي حيث أصبح في رعايته بعد شهادة أبيه جعفر، وأمه اسماء بنت عميس وثيقة الصلة والعلاقة بالسيدة الزهراء أم العقيلة زينب، ثم هي قد أصبحت زوجاً للامام علي، اضافة لكل ذلك المؤهلات الشخصية التي كان يجدها الامام في ابن أخيه عبدالله بن


جعفر، وقد أصدق الامام ابنته زينب 480 درهماً من خالص ماله كصداق أمها فاطمة الزهراء (ع).

ولنسلط الأضواء الآن علي شخصية هذا الرجل العظيم:



پاورقي

[1] سورة الذاريات، الآية (49).

[2] (الفقه: کتاب النکاح) السيد محمد الشيرازي ج 62، ص 12.

[3] المصدر السابق، ص 16.

[4] (ميزان الحکمة) الري شهري ج 4، ص 275.

[5] (ميزان الحکمة) الري شهري ج 4، ص 274.

[6] (عقيلة بني هاشم) السيد علي الهاشمي ص 31.