بازگشت

حملها بالنبي


فلمّا حملت آمنة بنت وهب بالنبيّ الكريم محمّد (صلي الله عليه وآله)كان السحرة والكهنة والشياطين والمردة من الجان والمردة من أهل الكتاب يظهرون العجائب، ويأتون بالغرائب من السحر، ويحدّثون الناس بما يخفون من السرائر، ويكتمون في الضمائر، وينطق السحرة والكهنة علي ألسنتهم، بما يسترقون السمع من الملائكة، وما كانت السماء لتحجبهم حينذاك، إلي أن ولد خاتم الأنبياء (صلي الله عليه وآله) فلمّا حملت به السيّدة آمنة بنت وهب (عليها السلام) لم يبقَ ساحر، ولا كاهن، ولا مارد من الجنّ، ولا من مردة أهل الكتاب إلاّ واُخبر وعَلِم بواسطة شياطينهم والجان المسخّرين لهم بقرب ولادة الرسول العظيم (صلي الله عليه وآله).

منهم الكاهنان اللذان فاقا أهل زمانهما في الكهانة والسحر، وهما: ربيعة بن مازن الغسّاني المعروف بـ (سطيح) والآخر (وشق) بن هالة اليماني.

فكتب سطيح إلي وشق يخبره الحال، ويشرح له المقال، فردّ عليه الجواب: قد ظهر عندي بعض الذي ذكرت، وسيظهر النور الذي وصفت، غير أ نّي لا عِلم لي به.

كما كتب سطيح إلي زرقاء اليمامة، التي ملكت اليمن بسحرها وشعوذتها، فكانت من أعظم السحرة والكهنة، وكانت حادّة البصر، عظيمة الخطر، تنظر من مسيرة ثلاثة أيام، كما ينظر الإنسان الذي بين يديه.

وإذا أراد أعدائها الخروج إلي بلدها تخبر قومها بذلك، وتقول لهم: احذروا العدوّ فقد جاءكم من الجهة الفلانية، فيجهّزون إليه فيجدون الأمر كما ذكرت.

وقد جرت بينهما رسائل عديدة بهذا الشأن لسنا بصددها.

ومن آيات ولادة النبيّ الكريم (صلي الله عليه وآله)، أن منعت السماء صعود مردة الجنّ إليها لاستراق السمع، كما في (سورة الجن) وقد مات الكاهنان (سطيح ووشق) ليلة ولادته (صلي الله عليه وآله) وخرّت الأصنام علي وجوهها، وارتجّ إيوان كسري، ووقع منه أربعة عشر شرفة، فلمّا أصبح كسري وقد هاله ما رأي، فدعا بوزرائه وقال لهم: ما هذا الذي حدث في البلاد، فهل عندكم علم؟

قال الموبذان، وهو كاهن المعبد: أ يّها الملك العظيم، لقد رأيت ليلة أمس إبلا صعاب تقودها خيل عِراب، قد حطّت في الوادي، وانتشرت في البلاد، وما ذاك إلاّ لأمر عظيم.