بازگشت

وفاة فاطمة بنت أسد الهاشمية


اُمّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ومربّية الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) فاطمة بنت أسد الهاشمية، وأسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، تجتمع هي وأبو طالب في هاشم.

أسلمت وهاجرت مع النبيّ (صلي الله عليه وآله) وكانت من السابقات إلي الإيمان بمنزلة الاُمّ من النبيّ (صلي الله عليه وآله)، فلمّا ماتت بالمدينة كفّنها رسول الله (صلي الله عليه وآله) بقميصه وأمر اُسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وغيرهم، فحفروا قبرها، فلمّا بلغوا لحدها، حفره النبيّ (صلي الله عليه وآله) بيديه وأخرج ترابه فلمّا فرغ اضطجع فيه، وقال:

«الله الذي يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت، اللهمّ اغفر لاُمّي فاطمة بنت أسد ولقّنها حجّتها ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك محمّد والأنبياء الذين من قبلي فإنّك أرحم الراحمين».

فقيل: يا رسول الله، رأيناك صنعت شيئاً لم تكن صنعته بأحد قبلها.

فقال (صلي الله عليه وآله): «ألبتسها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة، واضطجعت في قبرها ليخفّف عنها من ضغطة القبر، إنّها كانت من أحسن خلق الله صنعاً إليَّ بعد عمّي أبي طالب رضي الله عنهما ورحمهما».

وقال (صلي الله عليه وآله): «جزاك الله من اُمّ خيراً».

وذكر العلاّمة ابن الصبّاغ المالكي في فصوله المهمّة - الفصل الأوّل - الصفحات 29 - 32 «في ذكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه» ننقله بتصرّف:

هو الإمام الأوّل واسم أبيه (عبد مناف) وكنيته أبو طالب، ويلقّب بأبي البطحاء، واسم أبيه عبد المطّلب شيبة الحمد وكنيته أبو الحارث، والحارث شقيق أبو طالب وعبد الله والد رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وعند عبد المطّلب يجتمع نسب النبيّ (صلي الله عليه وآله) بنسب عليّ (عليه السلام) لأ نّه جدّهما.

أمّا عبد الله فولده الوحيد هو - محمّد بن عبد الله - رسول الله (صلي الله عليه وآله).

وأمّا (أبو طالب) عبد مناف فأولاده أربعة وثلاث بنات، الكبير منهم طالب الذي كُنّي أبوه به، فكان عقيماً لا عقب له، ومن بعده عقيل، ثمّ جعفر، ثمّ علي، وكلّ واحد أسنّ من الآخر بعشر سنين، وأخواتهم اُمّ هانئ، واسمها فاختة، وجمانة، واُمّهم جميعاً فاطمة بنت أسد الهاشمية، هكذا ذكر ذلك ضياء الدين أبو المؤيّد موفّق بن أحمد الخوارزمي في كتابه المناقب مع بعض التصحيح.

أمّا طالب لم أعثر علي ترجمة له ولم يذكر التاريخ عنه شيئاً.

وأمّا عقيل فكان من أشراف قريش، ويعتبر الأوّل في أنساب العرب وقريش، خلّف أربعة أولاد أكبرهم مسلم ثمّ عبد الله ثمّ عبد الرحمن ثمّ جعفر، وقد بعث الإمام الحسين (عليه السلام) مسلماً سفيراً له إلي أهل الكوفة، فبويع له ثمّ خُذل واستشهد بعده بعض أصحابه قبل وصول الإمام الحسين (عليه السلام) إلي كربلاء في قصّة مفصّلة ذكرتها في الجزء الخامس من هذه السلسلة التي تخصّ حياة سيّد الشهداء الحسين (عليه السلام) ومقتل بقيّة إخوته في واقعة الطفّ بكربلاء.

أمّا جعفر بن أبي طالب، فقد هاجر إلي الحبشة ومعه بعض المؤمنين هاربين من مطاردة قريش حين طغيانهم وذلك بأمر من النبيّ (صلي الله عليه وآله)، عاد إلي المدينة المنوّرة في أوائل السنة السابعة للهجرة يوم فتح الله خيبر علي يد رسول الله بقيادة أخيه أمير المؤمنين (عليه السلام) واستقبله (صلي الله عليه وآله)بكلّ حفاوة وتقدير وقال: «والله ما أدري بأ يّهما أشدّ فرحاً بفتح خيبر أو بقدوم جعفر»، وأسهم له من غنائم خيبر، واستشهد جعفر في غزوة مؤتة مع من استشهد من قوّاد تلك الحملة وهم زيد بن الحارثة، وعبد الله بن رواحة وخلّف محمّداً الذي قتل بين يدي عمّه عليّ بن أبي طالب بمعركة صفّين، وأمّا عبد الله بن جعفر فقد تزوّج بالسيّدة الطاهرة زينب الكبري فأولدت له عوناً ومحمّداً وقد استشهدا بين يدي خالهم الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء بكربلاء.

ولد علي (عليه السلام) بمكّة المشرّفة، بداخل البيت الحرام، في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب الفرد سنة ثلاثين من عام الفيل، قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة، وقيل بخمس وعشرين سنة، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصّه الله تعالي بها إجلالا له، وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمه، وكان علي هاشمياً من هاشميين، وأوّل من ولده هاشم مرّتين.

وذكر الشاكري: [1] .

ولمّا ظهر أمره (صلي الله عليه وآله) عاداه أبو جهل، وجمع صبيان بني مخزوم وقال: أنا زعيمكم، وانعقد صبيان بني هاشم وبني عبد المطّلب علي النبيّ (صلي الله عليه وآله)، وقالوا: أنت أميرنا.

قالت فاطمة بنت أسد: وكان في داري شجرة (نخلة) قد يبست وخلست، ولها زمان يابسة، فأتي النبيّ (صلي الله عليه وآله)يوماً إلي الشجرة فمسّها (بيده) فصارت من وقتها وساعتها خضراء، وحملت الرطب فكنت كلّ يوم أجمع الرطب في دوخلة [2] ، فإذا كان وقت ضاحي النهار يدخل ويقول: يا اُمّاه اعطيني ديوان العسكر، وكان يأخذ الدوخلة ثمّ يخرج ويقسّم الرطب علي صبيان بني هاشم.

فلمّا كان بعض الأيام دخل وقال: يا اُمّاه، اعطيني ديوان العسكر، فقلت: يا ولدي، اعلم أنّ النخلة ما أعطتنا اليوم شيئاً، قال: - والحديث لا يزال للسيّدة فاطمة بنت أسد - فوحقّ نور وجهه، لقد رأيته يقدم نحو النخلة وأشار إليها وتكلّم بكلمات ما فهمتها، وإذا بالنخلة قد انحنت حتّي صار رأسها عنده فأخذ من الرطب ما أراد، ثمّ عادت النخلة إلي ما كانت، فمن ذلك اليوم دعوت الله تعالي وقلت: اللهمّ ربّ السماء، ارزقني ولداً ذكراً يكون أخاً لمحمّد (صلي الله عليه وآله)، ففي تلك الليلة واقعني زوجي أبو طالب فحملت بعليّ فرزقنيه، فما قرب من صنم، ولا سجد لوثن، كلّ ذلك ببركة محمّد رسول الله(صلي الله عليه وآله).

وقد مات جدّه عبد المطّلب وعمره ثمان سنين.

وجاء في كتاب أعلام النساء المؤمنات، الصفحات 489 - 491:

فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، اُمّها فاطمة بنت هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، تزوّجها أبو طالب بن عبد المطّلب بن هاشم فولدت له علياً وجعفراً وعقيلا وطالباً وهو أسنّهم، واُمّ هاني وجمانة وريطة بني أبي طالب.

وهي راوية من راويات الحديث روت عن النبيّ (صلي الله عليه وآله)، وكانت ذات صلاح ودين، وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يزورها ويقيل في بيتها ويحترمها احتراماً عظيماً، وهي أوّل امرأة هاجرت إلي الرسول (صلي الله عليه وآله) من مكّة إلي المدينة علي قدميها، وكانت من أبرّ الناس إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله).

روي الكليني في الكافي عن عليّ بن محمّد بن عبد الله، عن السيّاري، عن محمّد بن جمهور، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

«إنّ فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين كانت أوّل امرأة هاجرت إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله) من مكّة إلي المدينة علي قدميها، وكانت من أبرّ الناس برسول الله (صلي الله عليه وآله)، فسمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهو يقول: إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا، فقالت: وا سوأتاه، فقال لها رسول الله (صلي الله عليه وآله): فإنّي أسأل الله أن يبعثكِ كاسية، وسمعته يذكر ضغطة القبر، فقالت: وا ضعفاه، فقال لها رسول الله (صلي الله عليه وآله): فإنّي أسأل الله أن يكفيك ذلك».

وهي أوّل هاشمية تزوّجها هاشمي، وكانت لرسول الله (صلي الله عليه وآله) بمنزلة الاُمّ، رُبّي في حجرها، وكان شاكراً لبرّها يسمّيها اُمّي، وكانت تفضّله علي أولادها في البرّ، كان أولادها يصبحون شعثاً رمضاً ويصبح رسول الله (صلي الله عليه وآله)كحيلا دهيناً، وكانت بمحلّ عظيم من الإيمان، سبقت إلي الإسلام وهاجرت إلي المدينة، ولمّا توفّيت كفّنها رسول الله (صلي الله عليه وآله) في قميصه وأمر من يحفر قبرها فلمّا بلغوا لحدها حفره بيده، واضطجع فيه وقال:

«اللهمّ اغفر لاُمّي فاطمة بنت أسد» ولقّنها حجّتها ووسّع عليها مدخلها، فقيل: يا رسول الله، رأيناك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه بأحد قبلها، فقال: «ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة»، أو قال: «هو أمان لها من يوم القيامة»، أو قال: «ليدرأ عنها هوام الأرض»، واضطجعت في قبرها ليوسعه الله عليها وتأمن من ضغطة القبر، إنّها كانت من أحسن خلق الله صنعاً إليّ بعد أبي طالب».

وهي المرأة الوحيدة التي ولدت طفلها علي بن أبي طالب في الكعبة، قال الطبرسي في إعلام الوري: ولد عليّ سلام الله عليه في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة، ولم يولد قط في بيت الله تعالي مولود سواه لا قبله ولا بعده، وهذه فضيلة خصّه الله تعالي بها إجلالا لمحلّه ومنزلته وإعلاءً لقدره، واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.

وذكرها السيّد محسن الأمين في عدّة أبيات شعرية قال فيها:



له فاطم اُمّ وكانت لأحمد

ببرّ وإشفاق هي الاُمّ والظئر



فيغدوا دهيناً عندها مكتحلا

وأولادها شعث شعورهم غبر



به آمنت في مكّة ثمّ هاجرت

إلي يثرب ما شاب إيمانها نكر



وكفّنها خير الوري في قميصه

وفي قبرها قد نام من حفر القبر



ولقّنها القول السديد الذي به

لدي الحشر تنجو حين يجمعها الحشر



لخير أب ينمي وأكرم حرّة

بذاك سمت عدنان وافتخرت فهر



هما الهاشميان اللذان تفرّعا

علي خير فرع أصله هاشم عمرو



له نسب من شيبة الحمد باهر

جلي فمن ساماه أقعده البهر



نماه إلي العليا لؤي بن غالب

وعبد مناف قد مضي قبله النصر




پاورقي

[1] موسوعة المصطفي والعترة 1: 72 ـ 73.

[2] الدوخلة: طبق من عروق الشجر.