بازگشت

البحث عن مرقدها و فضل زيارتها


استناداً علي ما ذكره الشيخ محمّد حسنين السابقي في كتابه مرقد العقيلة زينب (عليها السلام) ملخّصاً مع بعض التغيير في العبارات دون المساس بالمعني.

فضل زيارتها:

عن النبيّ (صلي الله عليه وآله) قوله لعليّ (عليه السلام) يا أبا الحسن إنّ الله تعالي جعل قبرك وقبور ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة وعرصة من عرصاتها، وإنّ الله جعل قلوب النجباء من خلقه وصفوة عباده تحنّ إليكم وتحتمل الأذي والمذلّة فيعمرون قبوركم ويكثرون في زيارتها تقرّباً إلي الله ومودّة منهم لرسول الله، اُولئك يا عليّ المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي وهم زوّاري غداً في الجنّة، يا عليّ، من عمّر قبوركم وتعاهدها فإنّما أعان سليمان ابن داود علي بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عَدل ذلك ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام [1] .

السياحون وقبر السيّدة زينب (عليها السلام) في مصر:

إنّ الرحالين المسلمين الذين جابوا أنحاء واسعة في مختلف البلدان الإسلامية في القرون الوسطي ضبطوا ما شاهدوه من الآثار الإسلامية من جوامع ومقابر ومدارس وغيرها من التراث الذي لا يفوت ذكره أيّ رحّالة متتبّع، ودوّنوا مشاهداتهم في الكتب المخصّصة التي تعطينا وثوقاً كاملا لشهرة تلك الآثار في عصورهم.

ودخل المشاهير منهم مصر كابن جبير، وابن بطوطة، وابن شاهين، وذكروا ما شاهدوه من القبور المعروفة المقصودة للزيارات في عهدهم، غير أ نّنا لم نجد أحداً منهم يذكر للسيّدة زينب الكبري (عليها السلام) قبراً في مصر، منهم:

1 - السائح الهروي، أبو الحسن عليّ بن أبي بكر الهروي المتوفّي سنة 611 هـ.

2 - ابن جبير الأندلسي، أبو الحسين محمّد بن أحمد ابن جبير الكناني الغرناطي المتوفّي سنة 614 هـ بمصر.

3 - ابن بطوطة، أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن بطوطة المغربي المتوفّي سنة 777 هـ، دخل مصر وذكر جملة من مشاهد مصر المعروفة كمشهد السيّدة نفيسة، ومشهد رأس الحسين (عليه السلام)، وتربة الشافعي ولم يذكر في مشاهداته قبراً للسيّدة زينب (عليه السلام) لا عيناً ولا أثراً.

4 - ياقوت الحموي البغدادي المتوفّي 624 هـ، الجغرافي المعروف، دخل مصر وذكر عدّة مزارات معروفة للعلويات ولم يذكر للعقيلة زينب مشهداً لها.

هذا ملخّص ما ذكره الشيخ محمّد حسنين السابقي في كتابه (مرقد العقيلة زينب (عليها السلام)) نقلناه مع بعض التصرّف في العبارة دون المساس بالمعني، ويقول: ضع يدك علي أيّ كتاب رحّالة دخل مصر في القرون الاُولي والوسطي لا تجد فيه ذكراً لمشهد العقيلة زينب بنت الإمام عليّ (عليه السلام).

هذا ولو كان لها مرقداً معروفاً لذكره أهل مصر وافتخروا به، ومن أجلي البراهين علي عدم وجود مرقد لها هو عدم ذكر الحكّام الفاطميين في عداد المزارات التي كانت معروفة لديهم بمصر، وقد طال أمد حكمهم وهم المعروفون بالولاء والانتماء إلي السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وبنوها.

ويروي أنّ مرقد العقيلة زينب الحالي المقصود هو غير العقيلة زينب الكبري بنت الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، والله العالم.

نعم، هناك روايات بعض المؤرّخين أمثال العبيدلي ومسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية ويزيد، وغيرهم.

وذكر النسّابة العبيدلي في أخبار الزينبيّات أنّ العقيلة زينب الكبري بعد رجوعها من أسر بني اُميّة إلي المدينة، أخذت تؤلّب الناس علي زيد، فخاف عمرو بن سعيد الأشدق والي المدينة انتقاض الأمر، فكتب إلي يزيد بالحال، فأتاه جواب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها وبين الناس، فأمر الوالي بإخراجها من المدينة إلي حيث شاءت، فأبت الخروج، ثمّ اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام، فاختارت مصر، وخرج معها من نساء بني هاشم فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) وسكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذي الحجّة سنة 61 فاستقبلها الوالي مسلمة بن مخلّد الأنصاري في جماعة معه فأنزلها داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وتوفّيت عشيّة الأحد لخمسة عشر يوماً من شهر رجب سنة اثنتين وستيّن هجرية [2] .

وفي رواية اُخري: قال الشريف أبو عبد الله القرشي: قال سمعت هند بنت أبي رافع... الفهري تقول توفّيت زينب بنت عليّ (عليه السلام) عشيّة يوم الأحد لخمس عشر يوماً مضت من رجب سنة 62 هـ وشهدت جنازتها ودفنت بمخدعها بدار مسلمة بالحمراء القصوي. فقد فنّدها المؤلّف محمّد حسنين السابقي بكتابه مرقد العقيلة زينب (عليها السلام)، والله العالم.

وفي الروايات: تقول إنّها توفّيت ودفنت في المدينة المنوّرة، ولو صحّ هذا لبقي لعقيلة الطالبيين أثر خالد ومشهد يزار كما بقي أثر لمن دونها في المرتبة من بني هاشم، وحتّي لمن يمتّ إليهم بالولاء والصلة من رجالات الاُمّة، لأنّ قبور البقيع ذكرها المؤرّخون قديماً وحديثاً، ولم يذكر قبر لها فيه.

كما نقله صاحب الطراز، عن أنوار الشهادة وبحر المصائب بأنّ العقيلة ماتت ودفنت حوالي الشام أو في إحدي قري الشام، والله العالم.

مشهد العقيلة زينب بغوطة دمشق الشام:

هناك أقوال أو تساؤلات من دفنت بأرض الشام؟

لا خلاف في أن المدفونة بقرية راوية هي اُمّ كلثوم من أهل البيت (عليهم السلام)، وصرّح أكثر علماء السنّة والشيعة بذلك أ نّها السيّدة زينب المكنّاة باُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وعلي قبرها حجر قديم بخطّ كوفي شاهده العلاّمة السيّد محسن الأمين العاملي المتوفّي سنة 1371هـ كما ذكره في موسوعته أعيان الشيعة (33: 189)، وشاهد الصخرة العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم النجفي سنة 1353 هـ أراه إيّاه سادن الحرم الزينبي حينذاك السيّد عباس مرتضي، وقال رأيت فيه هذه العبارة: «هذا قبر السيّدة زينب المكنّاة باُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب» كما حدّثنا به.

فلتعدّد المسمّيات بزينب والمكنّيات باُمّ كلثوم من بنات أمير المؤمنين (عليه السلام) وتشعّب الآراء في هذا الباب، يمكن تقسيم القائلين بها أربعة طوائف، أعرضنا عن التفصيل روماً للاختصار ومن يريد التفصيل فليراجع المصدر.

وإذا نظرنا في الأقوال الأربعة بدقّة فلا يصعب علينا أن نجمع بين الآراء بأنّ المدفونة بقرية راوية، هي زينب المكنّاة باُمّ كلثوم بنت الإمام علي (عليه السلام) وإنّما الاختلاف في تعيّن المسمّاة بهذا الاسم والمكنّاة بهذه الكنية والذين ينكرون أن تكون البقعة للعقيلة زينب الكبري بنت الإمام عليّ (عليه السلام) فإنكارهم يبني علي إنكارهم كون العقيلة الحوراء مكنّاة باُمّ كلثوم، فإذا ثبت ذلك زال الشكّ.

ولقد ثبت لدي جماعة من المحقّقين أنّ العقيلة زينب الكبري تكنّي باُمّ كلثوم، لأنّ الأخبار تنبئنا أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله)هو الذي سمّي العقيلة زينب بهذا الاسم، وجاء في الأثر أنّ جبرائيل (عليه السلام) لمّا نزل بعد ولادة العقيلة (عليها السلام) علي النبيّ (صلي الله عليه وآله) يقرئه السلام من الله جلّ وعزّ وقال له سمِّ هذه المولودة زينب [3] .

وفي أثر آخر قال (صلي الله عليه وآله): اُوصي الشاهد والغائب من اُمّتي، وأخبروهم أن يكرّموا هذه الصبيّة لأ نّها تشبه خالتها اُمّ كلثوم [4] .

فالاحتمال القوي أنّ النبيّ (صلي الله عليه وآله) هو الذي كنّاها باُمّ كلثوم بل ثبت بحديث رواه ابن جبير، وابن بطوطة، فلذلك ورد في زيارة العقيلة (عليها السلام) السلام عليكِ يا زينب التقيّة، السلام عليكِ يا اُمّ كلثوم النقيّة [5] .

هذه لمحة سريعة اقتطفناها من كتاب مرقد العقيلة زينب للشيخ محمّد حسنين السابقي حيث ذكر ذلك مفصّلا والعهدة عليه ومن يريد التفصيل فليراجع المصدر، والله وليّ التوفيق.

المشهد الزينبي في مصر:

ذكر العلاّمة الشيخ جعفر النقدي في كتابه (زينب الكبري: 145) ما مضمونه موجزاً، ابتداءً من دخول الرحّالة أبو عبد الله محمّد الكوهيني الفاسي الأندلسي القاهرة في 14 محرّم سنة 369 هـ بالحرم الزينبي بالقاهرة، شاهد بأعلي الضريح قبّة عالية بنائها من الجصّ، وشاهد في صدر (الحجرة) الحرم ثلاث محاريب أطولها الذي في الوسط وعلي كلّ ذلك نقوش في غاية الإتقان، ويعلو باب الحجرة (زليجة) مكتوب فيها بعد البسملة «إنّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً» هذا ما أمر به... عبد الله ووليّه أبو تميم... أمر بعمارة هذا المشهد علي مقام السيّدة الطاهرة بنت الزهراء البتول زينب بنت الإمام عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليها وعلي آبائها الطاهرين وأبنائهاالمكرّمين.

وفي القرن السادس الهجري أيام ملك سيف الدين بن أيوب أجري في هذا المشهد عمارة أمير مصر.

وفي القرن العاشر الهجري، وسع الحرم وشيّد له مسجداً يتّصل به من قبل سليمان بن سليم الفاتح وذلك في سنة 956 هـ وكذلك جرت علي الحرم توسّعات وتعديلات في سنة 1174 وسنة 1210، وسنة 1216، وفي سنة 1294 وهكذا توالت التجديدات والتوسّعات علي الحرم الزينبي المطهّر في القاهرة بمصر إلي يومنا هذا.

أقول: علي كلّ الأحوال إنّ تعدّد المراقد، باختلاف الروايات لا يضرّ من ناحية المبدأ، وربما يكون من الخير، لتعظيم الشعائر، وزيادة الأماكن المقدّسة وكثرة زوّار مراقد أهل البيت (عليهم السلام)، ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوي القلوب.

والله الهادي لما فيه الخير والصلاح.


پاورقي

[1] فرحة الغري: 77، تأليف النقيب غياث الدين عبد الکريم ابن طاووس المتوفّي سنة 693 هـ.

[2] أخبار الزينبيات: 20 ـ 22.

[3] زينب الکبري للشيخ جعفر تقوي: 17، الطبعة الرابعة.

[4] الطراز المذهّب: 36، الخصائص الزينبيّة: 20.

[5] الطراز المذهّب: 7.