بازگشت

شرفها و مجدها


الشرف في النسب: اتّصاله بعظيم من العظماء، وأشرفهم الذرّية الطاهرة من آل الرسول (صلي الله عليه وآله).

والمجد يطلق علي الشرف الباذخ، ويطلق علي الكرم والعزّ والجاه.

فإذا سمعت هذا فاستمع لما يوحي إليك، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): كلّ بني اُمّ ينتمون إلي عصبتهم، إلاّ ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وعصبتهم. [1] وقد روي هذا الحديث

بالإسناد إلي فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) عن فاطمة الكبري بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، ورواه الطبراني وغيره بأسانيدهم المختلفة، كما في شرف المؤبّد للنبهاني [2] عنه (صلي الله عليه وآله): إنّ الله عزّ وجلّ... وجعل ذريّة كلّ نبيّ في صلبه، وإنّ الله تعالي جعل ذرّيتي في صلب عليّ بن أبي طالب، والروايات بهذا المعني كثيرة.

وهذا الشرف الحاصل للسيّدة زينب (عليها السلام) شرف لا مزيد عليه، فإذا ضممنا إلي ذلك أنّ أباها عليّ المرتضي، واُمّها فاطمة الزهراء وجدّتها خديجة الكبري، وعمّها جعفر الطيّار في الجنّة، وعمّتها اُمّ هانئ، وأخواها سيّدا شباب أهل الجنّة، وأخوالها وخالاتها أبناء رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فماذا يكون بعد هذا الشرف، وإلي أين ينتهي شأوه ويبلغ مداه.

وإذا ضممنا إلي ذلك أيضاً علمها وفضلها وتقواها، وكمالها، وزهدها، وورعها، وعبادتها، وعمق معرفتها بالله تعالي، كان لشرفها شرفاً خاصّاً بها، وبأمثالها من أهل بيتها، ومجدها مجداً مؤثّلا لا يليق إلاّ بها وبهم صلوات الله عليهم.

وممّا زاد في شرفها أنّ الخمسة الطاهرة أهل الكساء (عليهم السلام) كانوا يحبّونها حبّاً جمّاً.

وحدّث يحيي المازني قال: جاورت أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في المدينة المنوّرة مدّة مديدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه السيّدة زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها (صلي الله عليه وآله) تخرج ليلا، الحسن عن يمينها والحسين عن شمالها، وأمير المؤمنين (عليه السلام) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف، سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الإمام الحسن (عليه السلام) مرّة عن ذلك،

فقال: أخشي أن ينظر أحدٌ إلي شخص اُختك زينب.

وروي: أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) لمّا وضع الطشت بين يديه وصار يقذف كبده من أثر السمّ، التي سمّته به زوجته جعدة بنت الأشعث بأمر معاوية لعنهم الله، سمع بقدوم اُخته السيّدة زينب أمر وهو بتلك الحالة، برفع الطشت، إشفاقاً عليها.

وجاء في بعض الأخبار، إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) إذا زارته اُخته زينب يقوم لها إجلالا ويجلسها في مكانه.

ولعمري إنّ هذه منزلة عظيمة للسيّدة زينب لدي أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) كما أ نّها كانت أمينة أبيها علي الهداية الإلهية.


پاورقي

[1] أورد النبهاني في الشرف المؤيّد، الصفحة 51، وقال الصباني في إسعاف الراغبين: هذه الخصوصية لأولاد فاطمة (عليها السلام) فقط دون أولاد بقيّة بناته (صلي الله عليه وآله).

[2] الصفحة 53، طبعة بيروت، سنة 1309 هـ.