بازگشت

التحاق آخر المؤمنين المجاهد


يبدو أن عملية التخلص و الخروج من بين صفوف كتائب الجيش الأموي، ليست سهلة يسيرة فالذين التحقوا من المعسكر الي نصرة الامام قد حالفهم الحظ بالنجاة و السلامة، و الا فالخطر الرهيب لم يزل ككابوس جاثم.. الأمر الذي يفسر تأخر عدد من رجال الاسلام ذوي الايمان و الجهاد، و بقائهم بين صفوف العدو الي وقت متأخر.. الي حين الساعات الأخيرة..

هؤلاء رأوا أن لا يجازفوا بحياتهم دون طائل أو جدوي، طالما لم يبلغ الموقف أوجه، و لم يبدأ اشتباك مسلح بين الطرفين.. ثم رأوا أن يميلوا بقوة فدائية كبري الي مخيمات الحسين عقيب تضميم الجيش علي الاعتداء الاجرامي الفعلي..

ففي اليوم التاسع من شهر محرم وقت العصر، بدأت القوات العسكرية بالتحرك، فزحفت بأجمعها نحو مخيمات آل الرسول وصحبهم.. و كان هذا ايذانا بحتمية محاربة سبط الرسول وقتله، و انذارا لمن تبقي من أهل البصائر.. فعزم كل منهم علي الانتقال مهما بلغت الأخطار و توالت الخطوب.. لأن تأخره بين صفوف الجيش الأموي و عدم انسلاله و التحاقه بالامام معناه وقوعه بحبائل الخذلان و الجبن و الاثم و العدوان، و أخيرا فليس المتأخر عن نصرة الحسين الا محاربا للحسين، و الفرصة أصبحت من الضيق بشكل يأخذ بالخناق، و لا مناص للمرء الا أن يكون مع الحق الذي أنزله الرحمن، أو عبدا و مطية للشيطان!!!


و بينما كانت القوات العسكرية العدوانية تزحف بجحافل و حشود جرارة، و قيل الاقتراب من المخيمات و وقوع المناوشات، كان الامام سلام الله عليه، قد أمر بتأجيل اللقاء الي الغد، فقال لأخيه العباس (ع): الذي كان قد نهض و وقف في وجه طلائع جيش العدوان وسأله عما يريد، و عاد ليخبر الامام فقال:

«يا أخي ارجع اليهم، فان استطعت أن تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم عنا هذه العشية، لعلنا نصلي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار..» [1] .

و رجع المجاهد العملاق أبوالفضل العباس اليهم، فرضي عمر بن سعد بالأمر بعد توقف و تردد، و بعد استشارة من من معه خشية أن يعارضة أمثال شمر بن ذي الجوشن أحد كبار عملاء الأموية أو غيره.. فعاد الجيش الزاحف من حيث أتي، و رابط قبالة المخيمات و علي شواطي ء نهر الفرات، انتظارا للصبح اذا أسفر..

و حينئذ، و في ليلة العاشر من المحرم تم للبعض أن يلحقوا بجبهة الرسالة الخالدة فقد كانت الساعات ساعات محرجة و عسيرة لامناص من اغتنامها، و الا فكل الحياة تؤول الي الخسران المبين.. و هكذا التحق: (عمرو بن ضبعة الضبعي) و (المرقع بن ثمامة الأسدي الصيداوي) ثم التحق (جوين بن مالك التميمي) و قيل كان معه ستة أو سبعة من عشيرته [2] .. و عدد آخر ممن أغفلناهم.. «و يبدو أن السلطة كانت تخشي أن يتسامع الناس بما يحدث في كربلاء فيوذي ذلك الي تدفق الأنصار علي الحسين، و لذا استعجلت انهاء المعركة و القضاء علي الحسين و آله و صحبه.» [3] بينما أخذ الأنصار يلتحقون من بين المعسكر نفسه، و هذا ما خشيته السلطة الغاشمة أيضا.. و هكذا التحق


الأبطال رغم الساعات الرهيبة، فابتغوا الي الله الوسيلة و سلكوا سبيله سبيل الحق...


پاورقي

[1] اللهوف لابن طاووس ص 34 و الارشاد ص 230 و أشار الطبري لذلک ج 4 ص 316.

[2] وسيلة الدارين ص 116.

[3] أنصار الحسين ص 54.