بازگشت

التسيير بالعنف و الارهاب


قد هدد ابن زياد و أزبد و أرعد.. ثم وعد بالسيف القاطع للرؤوس حزاءآ لكل من يتخلف عن الخروج لحرب الامام الحسين.. و قد أمر مرتزقته بالمناداة في شوارع الكوفة و سككها و أزقتها بهذا النداء:

«ألا برئت الذمة ممن وجد في الكوفة و لم يخرج لحرب الحسين!.» و يصادق علي هذا سجاياه و سياسته بالقبض و القتل علي الظنة و التهمة بلا محكمة و بلا القاء نظرة علي القضية... لذا فقد قبض جلاوزته علي رجل من أهل الشام، وصل الكوفة طالبا لدين له من رجل كوفي و قيل ميراث له [1] ، فسأله ابن زياد عما جاء به و لم لايحارب الحسين، فقال بأنه دائن جاء ليتقاضي الدين... لكن ابن زياد اغتنمه فريسة سائغة، اذ أمر بقتله: «اقتلوه ففي قتله تأديب لمن لم يخرج بعد.» [2] و قتل فعلا ثم ألقي «برأسه ليتدحرج علي الأرض أمام الناس الذين يفزعهم المشهد، فيقبلون علي طاعته كارهين و مكرهين..!» [3] .


و هكذا تمكن من اسناد قيادات متعددة دعما لعمر بن سعد بن أبي وقاص الذي أرسله كأول قائد يحارب الامام الحسين عليه السلام، ثم نتابعت الكتائب العسكرية، كما أصدر أوامره الي كل عريف و منكب - و هم شخصيات توظفهم الحكومه و في مسوولية كل واحد منهم عدد من الناس أوقات الحرب و السلم - جاء فيها: «فلا يبقين رجل من العرفاء و الماكب و التجار و السكان الا خرج فعسكر معي (يمنطقة النخيلة) فأيما رجل بصرناه بعد يومنا هذا متخلفا عن المعسكر برئت منه الذمة.» [4] .

.. و شاع هذا الانذار بين صفوف الكوفيين التخاذلين، علي لسان مجموعة من عملاء الحكم الأموي و مرتزقته، مثل محمد بن الأشعث، و كثير بن شهاب الحارثي، و القعقاع بن سويد بن عبدالرحمن المنقري. و أسماء بن خارجة و غيرهم ممن أخذ يتجول و يطوف آمرا الناس بطاعة الحكم الفاسد اللاشرعي، و محذرا من مغبة العصيان، ثم لحق أولئك العملاء بالمعسكر الأموي في النخليلة حيث كان ابن زياد يوجه و ينظم الصفوف و يقسم الكتائب و يبعث بها الي عمر بن سعد.

بينما كان الناس يخشون ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء بحق الله و حق سيد المرسلين فقد كن عبدالله بن يسار [5] يحث ببطولة علي ضرب الأموية و نصرة ابن رسول الله. فقد كان بن يسار هذا يخذل الناس عن مناصرة الحكم اللامشروع، فطورد و اختفي، و أخيرا قبض عليه و مضي ضحية الكلمة الحرة و القضية العادلة حيث قتل في السبخة - محلة كوفية -..

و في النخيلة حيث ابن زياد كان يهيمن علي الأوضاع، كانت ثمة محاولة لاغتياله و قتله و انهاء لمفاسد. اذ تربص به البطل الاسلامي (عمار بن أبي سلامة الدالاني) [6] ولكن ابن زياد كان قد أحاط نفسه بكثير من الجلاوزة و الحرس


والقوات الخاصة، و كثف حواليه السيوف و الرماح بما لا مجال لبطل و لا فرصة لمجاهد من أن ينال منه، و لما تحير عمار الدالاني و يئس من اغتيال امام الكفر و الفساد عطف واتجه نحو كربلاء لينضم في جبهة الحسينيين، ثم كان من شهداء الثورة العملاقة.

تلك لمحة عن أسلوب العنف و الارهاب الذي سير العدو فيه قطعان جيشه لحرب سيد شباب أهل الجنة سلام الله عليه. ولكن علي الرغم من أسلوبي الاغراء و الاكراه فقد أخفق الحكم في اخضاع كل الجمهور تماما، بل كان من يتظاهر بالخضوع لا يلبث أن يراه البعض متسللا قد اختار الرجوع..


پاورقي

[1] الأخبار الطوال، ص 266، و البلاذري، ج 3 ص 179.

[2] الوثائق الرسمية ص 106.

[3] أبناء الرسول في کربلاء ص 141 - 140.

[4] أنساب الأشراف للبلاذري ج 3 ص 178.

[5] أنساب الأشراف للبلاذري ج 3 ص 166.

[6] أنساب الأشراف للبلاذري ج 3 ص 180.