بازگشت

هيبته و وقاره


أخذ الامام الحسين نفسه بسمت الوقار في رعاية أسرته و رعاية الناس عامة، و كانت حلقات درسه في المسجد النبوي الشريف غاية في الجلال و المهابة، فهابه الناس و عرف معاوية عنه هذه المهابة، فوصفه لرجل من قريش ذاهب الي المدينة فقال، فيما يروي ابن عساكر، «اذا دخلت مسجد رسول الله صلي الله عليه و سلم، فرأيت حلقة فيها قوم كأن علي رؤوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبدالله، مؤتزرا الي أنصاف ساقيه».

هذا و كان من عظمة هيبة مولانا الامام الحسين و مكانته في نفوس المسلمين، ما رواه البلاذري، من أنه ما اجتاز هو و أخوه الامام الحسين علي ركب في حال سفرهما الي بيت الله الحرام ماشين، الا ترجل ذلك الركب تعظيما و اكبارا لهما، حتي ثقل المشي علي جماهير الحجاج، فكلموا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في ذلك فبادر الي الامام الحسن و قال يا أبا محمد: «ان المشي قد ثقل علي الحجاج لأنه اذا رأوكما لم تطلب نفوسهم بالركوب، فلو ركبتما رحمة لهم، فأجابه الامام: لانركب فقد عاهدنا الله أن نؤم بيته ماشين، و لكن نتنكب الطريق»، و كان الامامان الحسن و الحسين: اذا طافا بالبيت الحرام يكاد الناس يحطمونهما مما يزدحمون عليهما للسلام عليهما، رغم طغيان الأمويين و عقاب كل من يحب آل البيت الطاهرين، و كان عبدالله بن عمر يجلس ذات يوم في ظل الكعبة فدخل الامام الحسين المسجد الحرام، فقال ابن عمر لم حضر، و هو يشير الي الحسين: «هذا أحب أهل الأرض اليوم الي


أهل السماء»، و أخيرا فلقد كان الامام الحسين نورا علي نور، يحبه كل من يراه، و يهابه في آن واحد، لما يسطع فيه من نور جده المصطفي صلي الله عليه و سلم و هيبته، و لما كان عليه من شبه عظيم به في خلقه و خلقه، و من ثم فقد كان لشخصيته العظيمة جاذبية آسرة للأفئدة التي كانت به و توفره و تتقرب اليه، و كان يفرض سلطانه علي كل القلوب المحبة لرسول الله صلي الله عليه و سلم و آل بيته الكرام البررة.