بازگشت

الرأس الشريف في دمشق


تذهب الشيعة الاسماعيلية و كثير من أهل السنة أن الرأس الشريف انما دفن عند باب الفراديس بدمشق، و قد اعتمد هذا الرأي علي عدة روايات، منها ما رواه ابن كثير عن أبي الدنيا عن طريق عثمان بن عبدالرحمن عن محمد بن عمر بن صالح، و هما ضعيفان، أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتي توفي، فأخذ من خزانته فكفن و دفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق، و كان يعرف مكانه، علي أيام ابن كثير (القرن الثامن الهجري) بمسجد الرأس، داخل باب الفراديس الثاني، و منها ما رواه ابن


عساكر في تاريخه من أن يزيد حين وضع رأس الحسين بين يديه، نصبه بدمشق ثلاثة أيام، ثم وضع في خزائن السلاح، حتي كان زمن سليمان بن عبدالملك فجي ء به اليه، و قد بقي عظما أبيضا، فكفنه و طيبه و صلي عليه، و دفنه في مقبرة المسلمين فلما جاء المسودة، يعني بني العباس، نبشوه و أخذوه معهم، و منها ما رواه ياسين الفرضي في «المزارات المشهورة للصحابة بدمشق و نواحيها» من أن المشهور فيها بتربة باب الفراديس المسماة بمرج أبي الدحداح مسجد سمي مسجد الرأس داخل باب الفراديس في أصل جدار المحراب لهذا المسجد رأس الشهيد الملك الكامل، و غربي المحراب المذكور في الجدار طاقة علي الطريق يقال ان رأس الحسين دفن بها، و لذا يقال له مشهد الحسين، و منها ما وراه ابن فضل الله العمري و بان الطولوني من أن للامام الحسين مشهد معروف بدمشق داخل باب الفراديس و في خارجه مكان الرأس علي ما ذكروا، و منها ما رواه الذهبي عن أبي بكر قال: كنت في القوم الذين وثبوا علي الوليد بن يزيد، و كنت فيمن نهب خزنتهم بدمشق، فأخذت سفطا و قلت فيه غنائي فركتب فرسا و جعلته بين يدي و خرجت من باب توما ففتحته فادا بحريرة فيها رأس مكتوب عليه: هذا رأس الحسين، فحفرت له بسيفي و دفنته، و منها ما رواه محمد بن قاسم بن يعقوب بأن قبر الحسين بكربلاء، و رأسه بالشام في مسجد دمشق علي رأس اسطوانة.

و روي المقريزي أن الرأس مكث مصلوبا بدمشق أيام، ثم أنزل في خزائن السلاح، حتي ولي سليمان بن عبدالملك، فبعث اليه فجي ء به، و هو عظم أبيض، فجعله في سفط و طيبة، و جعل عليه ثوبا و دفنه في مقابر المسلمين فلما ولي عمر بن عبدالعزيز بعث الي خازن بيت السلاح أن وجه الي برأس الحسين بن علي، فكتب اليه أن سليمان أخذه و جعله في سفط و صلي عليه و دفنه، فلما دخل العباسيون دمشق سألوا عن موضع الرأس الكريم الشريف فنبشوه و أخذوه، و الله أعلم ما صنع به.

و تذهب الدكتورة سعاد ماهر الي أن القول بأن رأس الامام الحسين قد وضع


في أول الأمر في خزائن السلاح بدمشق قد يكون مقبولا، لأسباب منها أن مقتل الامام الحسين حدث خطير، و له ما بعده، و لو طيف بالرأس في البلاد بقصد التشفي لأدي ذلك الي فتنة، بل ربما أدي الي خلع يزيد نفسه، لأن الناس جميعا، حتي أولئك المناصرين ليزيد، طمعا في الكسب المادي، كانوا يحترمون الامام لحسين و يعظمونه في حياته، و يستعظمون ما حدث له و يأسفون علي تفريطهم في نصرته بعد وفاته، و منها أن من مصلحة يزيد أن يحرض علي اخماد فتنة قتل الحسين، و اقتضي حرسه أن يحتفظ برأسه في مكان أمين، و ليس هناك أكثر أمنا من خزانة السلاح، أما دفن الرأس في دمشق في عصر يزيد فلم يكن من الحكمة في شي ء، لأنه كان في امكادن الشيعة نبش القبر ليحصلوا علي الرأس الشريف، و منها أنه من المقبول أن الرأس الشريف قد ظل في خزائن السلاح بدمشق، حتي ولي سليمان بن عبدالملك عام 96 ه، فحمل الرأس و دفنه في مقابر المسلمين بعد أن هدأت الفتنة و مضي عليها أكثر من ثلاثين عاما.