بازگشت

الجن و استشهاد الامام الحسين


لم يكن لاستشهاد الامام الحسين و آل البيت الطاهرين أثره الواضح في المسلمين عامة، و في بني هاشم و أنصارهم خاصة، و في سيدنا و مولانا رسول الله صلي الله عليه و سلم علي الأخص، و انما كان له كذلك أثره العظيم في الجن كذلك، ذلك لأن مقتل الامام الحسين و آل البيت و أنصارهم علي أيدي اللئام من جنود آل أبي سفيان، انما كان من أقسي و أشد الأحداث الأليمة في تاريخ البشرية بأسرها نكرا، ان لم يكن أقساها و أشدها نكرا، فهو من المآسي الأليمة التي تكاد السموات يتفطرن منه، و تنشق الأرض و تخر الجبال، هدا، و قد روي أبوالجناب الكلبي أن أهل كربلاء كانوا يسمعون أصوات الجن، و هن يبكين الامام الحسين، سيد شباب أهل الجنة، و ينحن عليه و يقلن:



مسح الرسول جبينه

فله بريق الخدود



أبواه من علياء قريش

جده خير الجدود



و أخرج الامام أحمد في المسند، و أحمد بن منيع في مسنده، و الطبراني


عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار، قال: «سمعت أم سلمة، زوج النبي صلي الله عليه و سلم قالت: سمعت الجن يبكين علي حسين، قال و قالت: سمعت الجن تنوح علي الحسين، رضي الله عنه، و روي الحسين بن ادريس بسنده عن أم سلمة، رضي الله عنها، قالت: سمعت الجن ينحن علي الحسين و هن يقلن:



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب و التنكيل



كل أهل السماء يدعو عليكم

و نبي و مرسل و قبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داود

و موسي و صاحب الانجيل



و قد روي، فيما يري ابن كثير، من طريق آخر عن أم سلمة بشعر غير هذا، فالله أعلم».

و روي الحاكم في المستدرك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «أوحي الله تعالي الي محمد، اني قتلت بيحيي بن زكريا سبعين ألفا، و أنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا و سبعين ألفا»، و روي ابن لهيعة عن ابن قبيل المعافري أن الشمس كسفت يومئذ حتي بدت النجوم وقت الظهر، و أن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الامارة جعلت الحيطان تسيل دما، و صارت السماء كأنها علقة، و أن الكواكب ضربت بعضها بعضا، و أمطرت السماء دما أحمر، و أن الأرض أظلمت ثلاثة أيام، و لم يرفع حجر من حجارة البيت المقدس الا ظهر تحته دم عبيط، و أن الابل التي غنموها من ابل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم»، و روي أبونعيم في دلائل النبوة أنه مما ظهر يوم قتله «أي الامام الحسين» من الآيات، «أن السماوات اسودت اسودادا عظيما، حتي رويت النجوم نهارا»، و يروي ابن حجر الهيثمي في صواعقه عن ابن عيينة عن جدته أن السماء احمرت لمقتله، و أن الشمس انكسفت، حتي بدت الكواكب نصف النهار، و ظن الناس أن القيامة قد قامت، و نقل ابن الجوزي عن ابن سيرين: «أن الدنيا أظلمت ثلاثة أيام، ثم ظهرت الحمرة في السماء»، و روي عبدالوهاب الشعراني في الطبقات أنه لما قتل الحسين رضي الله عنه احتزوا رأسه


و قعدوا في أول مرحلة يشربون فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب عليه سطرا:



أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب



روي ابن عبد ربه في العقد الفريد عن يسار بن عبدالحكم قال: «انتهبت عسكر الحسين فوجد فيه طيبا، فما تطيبت به امرأة الا برصت»، و قال شرف علي بن عبد الولي في رياض ذكر الباري عن المنصور بن عمار، أنه رأي رجلا بالشام و وجهه خنزير، فسأله أنه حضر مع من قتل الحسين، عليه السلام، و روي الامام الطبري في تاريخه أنه لما قتل الحسين، عليه السلام، و سرح عمر بن سعد برأسه مع خولي بن يزيد، أقبل به خولي فأراد القصر فوجد بابه مغلقا، فأتي منزله، فوضعه تحت اجانة، و غضبت امرأة خولي لما أخبرها بأنه جاءها برأس الحسين و تركته و قامت من فراشها، فخرجت الي الدار، قالت: فما زلت أنظر الي نور يسطع مثل العمود من والي الاجانة، و رأيت طيرا بيضاء ترفرف حولها، و قيل لم تر هذه الحمرة في السماء، الا بعد قتل الحسين عليه السلام، و روي الأستاذ محمد محمود عبدالعليم في كتابه «سيدنا الامام الحسين» أنه روي في أثناء طواف الأعداء بالرأس الشريف في شوارع دمشق، كان يسير أمامه أحد قراء القرآن الكريم يقرأ سورة الكهف، و حينما وصل الي قوله تعالي (أم حسبت أن أصحاب الكهف و الرقيم كانوا من آياتنا عجبا)، ردت الرأس الشريف «و ان قتلي أعجب من ذلك».