بازگشت

الامام الحسين في خلافة أبيه الامام علي


كان الامام الحسين قد نيف علي الثلاثين عندما بويع أبوه الامام علي بن أبي طالب بخلافة المسلمين في يوم الجمعة الخامس و العشرين من ذي الحجة عام 35 ه (24 يونيه 656 م) و من ثم فقد استوي الامام الحسين رجلا ناضجا مل ء برديه، استبسالا و عزيمة و تعلقا بالاصلاح و مضاء في حركة التطهير التي يتطلبها الوضع الجديد، و كان الامام علي حريصا أشد الحرص علي غرس الفضائل السامية و الخصال الشريفة في نفوس أبنائه، و خاصة الحسن و الحسين، فكان يقوم بتربيتهما علي الفروسية و النجدة و الشهامة و الكرم و الجود و البلاغة و الحكمة و مكارم الأخلاق، و في نفس الوقت كان الامام الحسين متعلقا بأبيه أشد التعلق، يكاد لا يفارقه، فقد كان يري فيه الأسوة الحسنة و التجسيد الحي


لمبادي ء جده النبي الأعظم صلوات الله و سلامه عليه، و من ثم فقد أخذ من خبرته و علمه الكثير، كما أخذ عنه فروسيته و شجاعته و نجدته.

هذا و قد شهد الامام الحسين الاضظرابات التي سادت أخريات أيام عثمان رضي الله عنه و ما بعدها، و رأي من أطماع الناس و أهوائهم و أنانيتهم التي بلغت حدا كبيرا، فراعه ما رأي و ما سمع، لم يكن يظن فيما حوله الا الخير، و لكن الناس فجئوه بسرائرهم و مطويات نفوسهم، فلم ير فيها الا سوادا و دكنة قاتمة، و من ثم فقد أدركه الأسي من مصير الناس، لكنه سرعان ما تحول الي عامل بعث، و ليس يأسا، و كان الامام كأبيه يعتقد أن المجتمع لن يصلح الا اذا لقح بعصارة جديدة، و بترت منه الزوائد، و كانت هذه عقيدة أنصاره أيضا.

و كان الامام علي قد ربي الحسين علي الشجاعة و النجدة، و مجابهة الشدائد، و من ثم فكان يستعين به عند كل نازلة، فعندما اضطر الي الدخول في معركة الجمل، كان الحسن علي ميمنته، و الحسين علي مسيرته، و كان أخوهما محمد بن الحنفية حامل رايته العظمي، فلما التقي الجمعان و حمي و طيس القتال، زحف علي بنفسه نحو الجمل، في كتبته الخضراء من المهاجرين و الأنصار، و حوله بنوه، الحسن و الحسين و محمد عليهم السلام، كما صاحب الامام الحسين، و أخواه، أباهما في صفين، و قد أحاط به الثلاثة، يقيه كل منهم بنفسه، فيكره الامام علي ذلك و يأبي الا أن يتقدم عليهم ليحول بينهم و بين أهل الشام، ذلك لأن الامام علي، رغم حرصه الشديد علي تنشئة أولاده علي البطولة و الفداء، فلقد كان دائما يضن بالحسن و الحسين علي الخطر، مخافة أن يصيبهما شر فتنقطع ذرية رسول الله صلي الله عليه و سلم، فكان يقيهما بنفسه و بأخيهما محمد، حتي أنه كان يشتد علي محمد، و يعنف به، ان رأي منه في الحرب أناة أو تقصيرا، حتي كلمه بعض أصحابه، و حتي أن محمدا سئل: لم يغرر بك أبوك في الحرب، و لا يغرر بأخويك، فأجاب: «انهما عيناه، و أنا يمينه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه» و هكذا كان الامام علي أشد الناس ايثار للحسن و الحسين،


لمكانهما من النبي صلي الله عليه و سلم و كان أصحابه يصنعون صنيعه في ذلك، فيؤثرونهما بالخير و البر.