بازگشت

الامام الحسين و الصديق


لا ريب في أن الخلفاء الراشدين كانوا أقرب الناس الي رسول الله صلي الله عليه و سلم و أقوامهم ايمانا، و أكثرهم حبا و وفاء، و أعظمهم تعلقا بما كان يتعلق به صلي الله عليه و سلم، و من هنا كانوا أعظم الناس حبا لآل بيت النبي صلي الله عليه و سلم، بل انهم كانوا يحبونهم أكثر من حبهم لأنفسهم و لأبنائهم، امتدادا لحبهم للنبي صلي الله عليه و سلم، و وفاء منهم لما كان يحبهم المصطفي صلي الله عليه و سلم، و في مقدمتهم الامام الحسين، فضلا عن أن حب آل البيت الطاهرين انما كان استجابة لما دعا اليه القرآن الكريم في قوله (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي)، و قد سأل بعض الصحابة رسول الله صلي الله عليه و سلم عن قرابته الذين و جبت محبتهم، فقال «علي و فاطمة و أبناهما» روي الامام أحمد و الطبراني و ابن أبي حاتم و الحاكم و الواحدي عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الآية «الشوري آية 23» قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين و جبت علينا مودتهم، قال: «علي و فاطمة و ابناهما» «أي الحسن و الحسين»، و قد عرفنا من قبل، كيف كان الامام الحسين مل ء السمع و البصر و الفؤاد من جده المصطفي صلي الله عليه و سلم، و كان كذلك عند الصحابة، و علي رأسهم الخلفاء الأربعة، أبوبكر و عمر و عثمان و علي، و رغم بعض الظلال التي أحاطت بالموقف بعد انتقال الرسول الأعظم الي الرفيق الأعلي، بين بيت النبوة و بين


الصديق، و رغم أن الامام الحسين بدأ يحس الي حد ما أنه يعيش بين ظهراني مجتمع جديد، غير الذي الفه علي أيام جده صلي الله عليه و سلم، و مكانة غير التي كانت له علي أيام النبي صلي الله عليه و سلم، و زاد من حيرته ظهور حرب الردة، فبدأ يري أوضاعا متقلبة، و حروبا دائمة، و أمة خاصمة مخصوصة، و وسطا لا عهد له به فيه اجلاب ما تعود سماعه من قبل، رغم ذلك كله، فان المسلمين، و قد شاهدوا مبلغ حب النبي صلي الله عليه و سلم لسبطه الحسين، و مبلغ حرصه عليه و رعايته له، و من ثم فقد كانوا جميعا يجلونه، و أخاه الحسن، أعظم الاجلال لمقامهما من النبي صلي الله عليه و سلم و لما يسطع فيهما من أنوار النبوة، و لما يرونه فيهما من مخايل النجابة و مميزات الرجولة.

و لا ريب في أن الخليفة الأول أبابكر الصديق، رضي الله عنه و أرضاه، انما كان علي رأس المسلمين الذين أحبوا الامام الحسن و الامام الحسين، و أنزلوهما المنزلة اللائقة بهما كسبطي النبي صلي الله عليه و سلم، فكان الصديق علي يقين من فضل الامام الحسين، يعرف منزلته و يحدب عليه، و يقلد النبي صلي الله عليه و سلم في الحنين اليه، حتي أنه كان يخطب الناس و يحضهم علي احترامه و اجلاله، و احترام ذويه من آل النبي صلي الله عليه و سلم، روي البخاري بسنده أن أبابكر الصديق كان يقول «أرقبوا محمدا صلي الله عليه و سلم في أهل بيته، و الذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلي الله عليه و سلم أحب الي من قرابتي»، و روي البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي عن عائشة رضي الله عنها عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال «و الذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلي الله عليه و سلم أحب الي أن أصل من قرابتي»، و هكذا كان لقرابة رسول الله صلي الله عليه و سلم عند الصديق، الخليفة الأول، من التعظيم و الاكبار ما لم يكن لأحد غيرهم، فالصديق يقسم بالله، و هو صادق، أن قرابة رسول الله صلي الله عليه و سلم أحب اليه من قرابته، و أنه يحب أن يصلهم أكثر مما يحب أن يصل قرابته، و بدهي أن الحسن و الحسين انما كانا علي رأس قرابة النبي صلي الله عليه و سلم.