بازگشت

الحزن يوم عاشوراء سنة و جعله عيدا اقبح البدع


من السنة يوم عاشوراء إظهار الحزن و الجزع و البكاء و الجلوس لذلك، (أولا) لأن فيه مواساة لرسول الله صلي الله عليه و آله الذي لا شك في أنه حزين في ذلك اليوم جزعا علي ولده و فلذة كبده و من كان في حياته يحبه أشد الحب و يعزه و يكرمه و يلاعبه و يداعبه و يحمله علي كتفه و الذي كان بكاؤه يؤذيه و لم يرض من أم الفضل أن تناله بشي ء يبكيه و أي مسلم يرغب عن مواساة نبيه في حزنه علي حبيبه و ولده و فلذة كبده أم أي طاعة أعظم و أجل و أفضل عند الله تعالي و أحب إليه و أشد تقريبا لديه من مواساة أفضل رسله في حزنه علي ولده الذي بذل نفسه لإحياء دينه.

ثانيا أنه ثبت عن أئمة اهل البيت النبوي أنهم أقاموا المآتم في مثل هذا اليوم بل في كل وقت و حزنوا و بكوا لهذه الفاجعة و حثوا أتباعهم علي ذلك فقد ثبت عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يري ضاحكا و كانت الكآبة تغلب عليه حتي تمضي عشرة أيام منه فإذا كان العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته و حزنه و قد مر بكاء الصادق عليه السلام لما أنشده السيد الحميري حتي بكي حرمه من خلف الستر و مر بكاء زين العابدين بعد قتل أبيه عليه السلام طول حياته و احتجاجه لما ليم في ذلك بأن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبيا ابن نبي و قد بكي علي فراق ولده يوسف حتي ذهب بصره و احدودب ظهره و ابنه حي في دار الدنيا قال و أنا رأيت أبي و أخي و سبعة عشر رجلا من أهل بيتي صرعي مقتولين فكيف ينقضي حزني و يقل بكائي و تقدم بكاء سائر أئمة اهل البيت عليهم السلام لذلك و هم نعم القدوة و لنا بهم أحسن الأسوة.

أما اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد و فرح و سرور و إجراء مراسيم الأعياد فيه من طبخ الحبوب و شراء الألبان و الاكتحال و الزينة و التوسعة علي العيال فهي سنة أموية حجاجية و هي من أقبح البدع و أشنعها و إن كان قد اختلق فيها علماء السوء و أعوان الظلمة شيئا من الأحاديث فإنما ذاك في عهد الملك العضوض عداوة لرسول الله صلي الله عليه و آله و أهل بيته عليهم السلام و مراغمة لشيعتهم و محبيهم و تبعهم من تبعهم غفلة عن حقيقة الحال و كيف يرضي المسلم لنفسه أن يفرح في يوم قتل ابن بنت نبيه و في يوم يحزن فيه رسول الله صلي الله عليه و آله و أهل بيته كما مر في مطاوي ما تقدم و لم يكن جعل يوم عاشوراء عيدا معروفا في الديار المصرية و أول من أدخله إليها صلاح الدين الأيوبي كما حكاه المقريزي في خططه و الظاهر ان الباعث عليه كان أمرا سياسيا و هو مراغمة الفاطميين الذين سلبهم صلاح الدين ملكهم فقصد إلي محو كل أثر لهم.و من السنة في يوم عاشوراء ترك السعي في الحوائج و ترك ادخار شي ء فيه.